نواكشوط – «القدس العربي»: مرة بعد أخرى، يثبت الموريتانيون أن موقفهم من الأوضاع في غزة موقف مبدئي ومصيري خالد بعمق في صلب عقيدتهم وشعور الديني، وأنه ليس موقفاً عابراً ولا ردة فعل مرتبطة بالأحداث صعوداً وهبوطاً، كما هو حال غالبية المواقف العربية.
فقد كان لغزة حضورها القوي الثابت في الخطاب الرسمي الموريتاني، وبلهجة تختلف عن نبرة الخطابات العربية الأخرى، فقد أكد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، في خطابه أمام القمة العربية الثالثة بعد الثلاثين “أن إصرار إسرائيل على القتل والتشريد في قطاع غزة، يضعف الثقة والأمل في المجتمع الدولي ومؤسساته ويرسخ القناعة بازدواجية معاييره”. وقال: “أمام هذا الوضع يتوجب على الدول العربية مضاعفة الجهود وتكثيف التنسيق مع جميع الأطراف الدولية من أجل وضع حد فوري لهذه الحرب الهمجية الظالمة”. وأشار إلى “أن استمرار هذا الوضع يعود إلى ضعف قدرتنا الجماعية على التأثير الفعال دولياً، على الرغم مما نتمتع به من قدرات تؤهلنا لنكون فاعلاً ناجعاً”.
وأكد “أن هذه القمة تنعقد في ظروف استثنائية وبالغة التعقيد والحساسية؛ وهو أمر نحسه جميعاً بمرارة وأسى، بسبب هذه الإبادة الجماعية والممنهجة التي نشاهدها”.
وأوضح “أن موقف موريتانيا ثابت في الدعوة الملحة لإيجاد حل دائم يضمن حق الفلسطينيين الأصيل في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية”. مضيفاً: “لا يوجد حل مستديم دون تطبيق هذا القرار الدولي”.
ولم تتخلف موريتانيا، هيئات رسمية وأهلية، عن المؤتمرات واللقاءات العربية والدولية المخصصة لمؤازرة الأهالي في غزة وللقضية الفلسطينية، حيث حضر البرلمان الموريتاني من خلال وفد تقوده الوزيرة السابقة ونائبة رئيسة الجمعية الوطنية الدكتورة فاطمة حبيب في أعمال المؤتمر الدولي للقيادات النسائية الخاص بدعم المرأة والطفل المنعقد، تحت شعار: “الأمان حقي” المنظم مؤخراً بالدوحة من طرف ائتلاف المرأة العالمي لنصرة القدس وفلسطين.
ودعت فاطمة حبيب في خطابها أمام المؤتمر “لتكاثف جهود النخب القيادية النسائية في العالم والعمل مجتمعة للخروج بمواقف ومشاريع تنفيذية حقيقية لوقف العدوان والانتهاكات التي تتعرض لها المرأة والطفل في غزة، مع دعم صمودهما والمساهمة في رعايتهما ودعمهما في كل الجوانب الإنسانية والنفسية والحقوقية أثناء العدوان وبعده”.
وشارك وفد من نساء الرباط الوطني الموريتاني لنصرة الشعب الفلسطيني قبل يومين في مؤتمر “نساء لأجل فلسطين” الذي استضافته العاصمة القطرية الدوحة.
وقدمت فاطمة الزهراء الميداح، ممثلة الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني وعضو الائتلاف العالمي لنصرة فلسطين، خلال المؤتمر، رؤية تدعو “لاستكناه أنجع السبل لدعم صمود المرأة الفلسطينية في مجابهة العدوان الصهيوني الفاشي على الأهالي في غزة”.
وفي سياق استمرار المناصرة والدعم، واصل نشطاء المبادرة الطلابية الموريتانية لمناهضة الاختراق الصهيوني وللدفاع عن القضايا العادلة أمس للشهر السابع، اعتصامهم الليلي المركز على واجهة السفارة الأمريكية بنواكشوط.
وأكدت المبادرة “أن تنظيم هذه الاعتصامات بشكل مستمر، يجري قياماً من الطلاب الناشطين في المبادرة بواجب النصرة، واستنكاراً لما يحدث في غزة، ولاقتحام رفح من قبل العدو الصهيوني الغاشم وداعميه”.
وهيأت المبادرة جميع المستلزمات الضامنة لاستمرار الاعتصام الضاغط على السفارة الأمريكية ومن خلالها على الحكومة الأمريكية، حيث فرشت الحصائر، وأعدت مكبرات الصوت ومنابر الخطابة، ووفرت ماء الشرب للمشاركين.
وعلى صعيد المؤازرة المادية، تابعت قبائل موريتانيا تقديمها السخي للأموال الموجهة للأهالي في غزة: فقد سلمت أمس قبيلة “تاكونانت”، للرباط الموريتاني لنصرة الشعب الفلسطيني، مبلغ 600 مليون أوقية موريتانيا قديمة (1 دولار=390 أوقية).
وسلمت قبيلة العلويين لممثل حركة “حماس” في موريتانيا تبرعها البالغ 50 مليون أوقية موريتانية قديمة؛ كما سلمت مسؤولة نساء الرباط الوطني في موريتانيا فاطمة بنت الميداح قبل يومين لمبادرة دعم أهل غزة، مبلغ 100 ألف دولار تبرعاً من الشعب الموريتاني للأهالي هناك.
وتسلم الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني الدفعة الثانية من تبرعات مجموعة أولاد إبراهيم وقبيلة “إديقب” الموجهة للأهالي في غزة، والمكملة لمبلغ التبرع الأصلي المعلن عنه من قبل، والبالغ 22 مليوناً و500 ألف أوقية قديمة.
كما سلمت المبادرة المجلسية لنصرة إخوتنا في غـزة تبرعها للشعب الفلسطيني بمبلغ 33 مليوناً و500 ألف أوقية قديمة، إلى ممثلية حركة “حماس” في موريتانيا.
وبهذا الحضور في الخطابات الرسمية، وبالحرص على المشاركة في المؤتمرات المنظمة لنصرة الشعب الفلسطيني، وباستمرار التبرع بالأموال للأهالي في غزة يكون الشعب الموريتاني قد تبوأ الصدارة بين القائمين ببعض الواجب لصالح شعب شقيق مظلوم يتعرض لأبشع حرب ولأقذر مؤامرة أمام صمت العالم وبتواطؤ الجيران وذوي القربي.