نواكشوط –«القدس العربي»: اشتد الجدل عبر وسائل الإعلام وشبكة التواصل حول تقييم أداء حكومة رئيس الوزراء الأول المختار ولد أجاي خلال المئة اليوم التي انصرمت على تسلمها مهامها، وسط انتقاد وتشاؤم كبيرين يطبعان المتداول من آراء المعارضة عبر حوارات القنوات التلفزية، ومن الصوتيات المتبادلة عبر مجموعات “واتساب” التي باتت المنبر المفضل لدى الساسة في الموالين والمعارضين ولدى غالبية السياسيين غير المصنفين.
وكان التقييم الأكثر تعبيراً عن فسطاط المعارضة هو ما نشره النائب عن دائرة أمريكا البرلماني المعارض يحيى ولد اللود، الذي أكد “أن الذي طبع مئة يوم من حكومة ولد أجاي هو تفشى الفساد، وتعطل المشاريع، ومواصلة الاستعراض المسرحي”.
وقال: “مرت مئة يوم على تعيين حكومة الوزیر الأول السید المختار ولد أجاي الذي وعد بمكافحة الفساد، وإنجاز قائمة طویلة من المشاریع الھامة قبل نھایة السنة الجاریة، والعمل على تحسین الخدمات وخفض أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية. وخلال الانتخابات الرئاسیة، كان رئیس الجمهوریة قد وعد بمأموریة للشباب وبالشباب، وبإقصاء كل من تمتد یده إلى المال العام؛ ورافق ذلك السیل المعتاد من الدعایة المبتذلة التي تعتقد أنھا بتكرار الأكاذیب تخلق حقائق على الأرض، والواقع أنها لا تخلق إلا زیادة في الغضب الشعبي، ومزيداً من فقدان الثقة في الحكومات، وتلافياً لمصداقية الدولة أمام الشعب وأمام الشركاء الدولیین”.
وأضاف النائب المعارض ولد اللود: “لا تبدو حصيلة المئة یوم من حكومة السید ولد أجاي مخیبة للآمال فحسب، إنھا تبعث على القلق العمیق على مستقبل الدولة، وعلى جھازھا، وعلى قیم الشفافیة والكفاءة واحترام المال العام”.
وزاد: “بالإضافة إلى آلیة منح الصفقات، فإن آلية متابعة المشاريع والإشراف عليها تعكس أيضاً روح الفساد والرشوة في أبهى تجلياتها. ومع كل أوجه الغش والتلاعب بصفقات الدولة، لم یتم سحب مشاریع كبرى من مقاولین لتلاعبھم بالآجال أو بالمعاییر، ولم تنشر قائمة سوداء بأسماء الشركات الوهمیة أو المتلاعبة تفرض إقصاءھا من صفقات الدولة مستقبلاً”.
وقال: “لإكمال الصورة، یتم منح ھذه الصفقات لعدد قلیل من “رجال الأعمال” أغلبهم ملاك بنوك، في حين يحرم القانون البنكي انخراط ملاك البنوك في الصفقات العمومیة أو في الأعمال التجاریة، لأن ذلك سیجعلھم في موقع الخصم والحكم؛ فھم من یقدمون الضمانات للمتقدمین لھذه الصفقات وللمستوردین، وفي هذه الحالة فإنهم یضمنون أنفسھم بأنفسھم، ویقصون غیرھم، ویتلاعبون بصفقاتنا في خرق صارخ للقانون”.
وتطرق النائب لمحور مكافحة الفساد الذي يعتبر من أبرز محاور برنامج الرئيس الغزواني، فأكد “أنه بعد الحدیث عن محاربة الفساد خلال أیام النشوة الأولى، تكشفت أمام الرأي العام حقيقة أن ما حدث منذ مطلع شھر أغشت الماضي لیس سوى عملیة اختطاف للدولة من طرف لوبي صغیر شق طریقه من خلال الفساد وبفضله، وما یزال غارقاً فيه حتى أذنيه”.
وأضاف: “هذه الحكومة تعتمد التطبيل الإعلامي بدیلاً للإنجازات، وتتذاكى على المواطن، بل تستغفل رئیس الدولة الذي عینھا، ومن أمثلة ذلك “مشروع عصرنة نواكشوط” الذي انقلب إلى “برنامج تدخل استعجالي”.
وقال: “إن النظام الحالي، بتمییعه للحیاة العامة وتحویله لجھاز الدولة إلى كعكة یتقاسمھا الفاسدون وعدیمو الكفاءة والتجربة، قد حكم على نفسه بالفشل، ویعرض مستقبل البلد بكامله لخطر حقیقي ومخیف؛ فكل ھذه العوامل لیست أكثر من سحب تتجمع لإعصار سیاسي لن یتحكم أحد في آثاره ولا في تداعیاته”.
وفي مقابل هذا التقييم المتشدد، جاء تقييم السياسي البارز محمد جميل منصور رئيس حزب جبهة المواطنة والعدالة، للمئة الأولى معبراً في الوقت نفسه عن يمين الموالاة ويسارها، حيث أكد “أن الأحكام المطلقة على الأمور والتقييم من وجهة النظر الداعمة أو المعارضة ليس موضوعياً؛ ويجب أن نقيم على أساس النسبية لنخرج من دائرة الحكم المطلق”.
وأوضح ولد منصور، في مداخلة خلال ندوة حوارية نظمتها قناة “تي. تي.في” حول حصيلة المئة يوم الأولى من حكومة المختار ولد أنجاي “أن المئة يوم الأولى كانت إيجابية بشكل عام، ويمكن تلخيص ذلك في ثلاث نقاط أساسية، هي: الوضوح في تحديد البرامج والديناميكية في تحريك الملفات، والاهتمام بالقضايا التي تمس الطبقات الهشة، والتدخلات في ذلك الجانب”.
وقال: “هنالك بعض الجوانب التي تحتاج للتصحيح والتسريع ويمكن تلخيصها في واقع التعليم غير المرضي، الذي لا يستجيب لتطلعات المدرسة الجمهورية، مثل استثناء بعض المدارس الخصوصية من تطبيق القوانين، والبطء في تجسيد مشروع المدرسة الجمهورية وتفعيله”.
وزاد: “هنالك عدم رضا لدى العامة من عدم الإسراع في تطبيق محاربة الفساد، ووجود شخصيات غير مهتمة أو ليست متحمسة في محاربة الفساد رغم أن هذا الملف يعتبر أولوية عند الرئيس الذي تحدث عنه أكثر من مرة، وهنالك ملف الكهرباء والماء الذي يحتاج ديناميكية أكثر، وواقعه الحالي لا يتماشى مع المطلوب والمأمول”.
وعن الحوار السياسي الذي هو مطلب للجميع، أكد ولد منصور “أن حديث الناطق باسم الحكومة مؤخراً عن الحوار مطمئن، ونتوقع أن يكون مبرمجاً، وأن يشمل كل النقاط؛ أما الحديث عن الحوارات الماضية فلا أفضله لأن عدم النجاح فيه قد يكون مشتركاً بين الأطراف”.
وأضاف: “إن تقييم المئة يوم يتم بتحديد المؤشرات والتوجهات؛ وهنالك ملفات تم تحريكها، وأخرى تم تسليمها، وبعض المشاريع استؤنف، وحصل تقدم كبير في إنجازه”.