نواكشوط ـ «القدس العربي»: أثارت زيارة أداها الأربعاء والخميس لموريتانيا، أسامة حماد رئيس حكومة ليبيا المعينة من طرف برلمان طبرق، تساؤلات كبيرة لعدم الاعتراف الدولي بهذه الحكومة.
وانشغل محللون متابعون لهذا الشأن بخلفية ما حظي به حماد من حفاوة رسمية لدى الحكومة الموريتانية: فقد استقبله في المطار لام حسينو الوزير الأمين العام للحكومة الذي يحتل الرتبة الأولى في المرسوم الذي عينت فيه الحكومة، محاطاً بمستشارين في الرئاسة والوزارة الأولى.
وعكساً لما جرت به العادة بخصوص انتظار الوفود الحكومية الواصلة إلى موريتانيا في المساء، ففي صباح اليوم الموالي كان الرئيس الغزواني في انتظار الدكتور أسامة حماد، مباشرة بعد وصوله، وذلك بصفته رئيساً لموريتانيا ورئيساً دورياً للاتحاد الإفريقي.
وفيما لم ينشر الجانب الرسمي الموريتاني أي خبر عن مقابلة الرئيس الغزواني لأسامة حماد ولا عن وصوله إلى نواكشوط، لا على صفحة رئاسة الجمهورية على فيسبوك ولا على موقع الوكالة الرسمية الموريتانية للأنباء، نشر إعلام حكومة برلمان طبرق خبراً مفصلاً على صفحتها في فيسبوك، تضمن زيارة حماد لموريتانيا، واعتبرت حكومة طبرق حفاوة استقبال الحكومة الموريتانية له ولقاءه السريع مع الرئيس ولد الغزواني “حدثاً مهماً للغاية” من شأنه أن يعزز مكانتها.
وأكد إعلام طبرق “أن زيارة حماد لموريتانيا تأتي أسابيع بعد زيارته إلى مصر، واستقباله من طرف رئيس وزراء مصر”.
ونقلت صفحة حكومة برلمان طبرق عن الرئيس محمد ولد الغزواني “ترحيبه بزيارة حماد لنواكشوط، وتثمينه لها، وتوجيه التحية من خلاله للشعب الليبي الشقيق وتقديره للقائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية المشير خليفة حفتر”، متمنياً “للشقيقة ليبيا السلام والاستقرار والازدهار”، ومشيداً “بأصالة الشعب الليبي وعراقة أصوله وأنسابه وانتمائه العميق إلى أرضه وأمته ودينه وحضارته وجذوره”.
وأضافت صفحة حكومة برلمان طبرق “أن الرئيس ولد الغزواني شكر لرئيسها دعوته لزيارة بنغازي والالتقاء بالقيادة العامة للقوات المسلحة ومجلس النواب الليبي والحكومة الليبية، للحوار والتشاور والمساهمة مع الاتحاد الإفريقي في الوصول إلى الحل السياسي والمصالحة الوطنية الشاملة”.
ونشر إعلام حكومة برلمان طبرق على الصفحة الحكومية الرسمية صورة يهدي خلالها أسامة حماد للرئيس الغزواني درع التميز، تقديراً لما سمته الحكومة “جهود الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني المبذولة لتعزيز التعاون المشترك بين البلدين”.
وذهبت تحليلات المراقبين لخلفية هذه الزيارة إلى اتجاهين، أحدهما يؤكد أن زيارة حماد لموريتانيا تقف وراءها حكومة الإمارات الداعمة لحكومة طبرق مستغلة علاقاتها القوية مع موريتانيا، بينما يرى الاتجاه الآخر المقرب من الحكومة “أن رئاسة الغزواني الدورية للاتحاد الإفريقي وحرصه على أن يسجل خلال هذه الرئاسة إنجازاً في الملف الليبي المعقد، فرض على الرئيس الغزواني الموافقة على استقبال حماد، لكي يكون على صلة مباشرة بطرفي الصراع في ليبيا”.
وأكد محلل آخر “أن أسامة حماد جاء إلى موريتانيا ضيفاً، ولا يمكن لموريتانيا إلا أن تستقبله”.
غير أن المدون المعارض سيدي محمد اكماش، الذي يتابعه الآلاف، انتقد بشدة زيارة أسامة حماد لموريتانيا، واعتبرها “حماقة دبلوماسية”.
وقال: “استقبال الحكومة الموريتانية للسيد أسامة حماد رئيس حكومة حفتر غير المعترف بها دولياً، خطأ ديبلوماسي فادح، فالحكومة المعترف بها هي حكومة الدبيبة التي ابتعثنا اليها سفيراً ولدينا سفير لها في نواكشوط”.
وزاد: “بهذه الخطوة نكون قد دخلنا في صراع لا ناقة لنا فيه ولا جمل، ولم يعد في إمكاننا لعب دور الوسيط من خلال رئاستنا للاتحاد الإفريقي، ولتكتمل الصورة؛ فالرجل الذي استقبلناه هو حليف فاغنر التي تضمن له السيطرة على ثلثي التراب الليبي”.
يذكر أن الرئيس محمد ولد الشي، كان قد قابل منتصف آب /أغسطس الجاري موسى الكوني نائب المجلس الرئاسي الليبي، بصحبة وفد رفيع المستوى من حكومة ليبيا، وأجرى معه مباحثات بحضور الوزير المكلف بالديوان الرئاسي الناني ولد اشروقه، ووزير الخارجية والتعاون الإفريقي محمد سالم ولد مرزوك، ولم تنشر الجهات الرسمية الموريتانية تفصيلات عن ذلك اللقاء.