نواكشوط- «القدس العربي»: فاضت صفحات التواصل الاجتماعي بسيل من التدوينات لموريتانيين وهم يستذكرون بمرارة شديدة ذلك الانقلاب الذي نفذه الجيش الموريتاني صباح يوم العاشر يوليو/تموز 1978، وأنهى نظام الرئيس المؤسس المختار ولد داداه وأدخل البلد في دوامة الانقلابات العسكرية.
وأجمع الساسة والكتاب الذين نشروا تقييماتهم لذلك الحدث، على “أن السنوات الست والأربعين التي انقضت كانت كلها سنوات ضائعة من عمر الدولة الموريتانية”.
وعرض الكثيرون على صفحاتهم رواية الرئيس المؤسس المختار ولد داداه للانقلاب والتي تضمنتها مذكراته المنشورة في كتابه “موريتانيا على درب التحديات”.
فقد أكد ولد داداه “أن الملك الحسن الثاني أطلعه أثناء لقاء جمعهما في مراكش خلال شهر نوفمبر أو ديسمبر 1977 على معلومات وردت إليه تُفيد بأن انقلابا يتم الإعداد له في الجمهورية الإسلامية الموريتانية وأن الجيش الموريتاني يعد انقلابا للإطاحة به”، لكن القدر أعماه عن إحباط المحاولة الانقلابية في مهدها، فأهملها إلى أن نفذت ضده.
وقال الإعلامي أحمد محمد مصطفي رئيس تحرير وكالة “الأخبار” المستقلة “لقد أسقطوا مشروع الدولة: فقبل 46 عاما من يومنا هذا، تحرك ضباط من الجيش الموريتاني الناشئ لتنفيذ أول انقلاب في تاريخ موريتانيا، كان عنوان تحركهم وجيها، وهو إيقاف حرب كانت شرعيتها محل نقاش، ووسائلها غير مساعدة، وأفقها غامض، لكنهم في طريقهم لتحقيق هذا الهدف، أسقطوا مشروع الدولة الذي كان يتشكل، واستبدلوه بمشاريع متقلبة، قبلية، وجهوية، وأدخلوا البلاد في نفق مظلم ما زالت تتردى فيه إلى اليوم”.
وكتب الدكتور محمد ولد الراظي يقول: اعتبر ضباط العاشر يوليو أن هدفهم الأساس كان إخراج البلاد من حرب لم تعد قادرة على مواصلتها، وزادوا على ذلك بوعود إعادة السلطة للمدنيين وبناء مؤسسات ديمقراطية.. إلخ، وفوا بوعدهم في إخراج البلاد من الحرب…ولكن تلك الحرب ما كانت لتتوقف عملياتها القتالية بعد ذلك بقليل على الجبهات جميعها، دون أن يلحق ضرر بأي طرف آخر، مما يفقد الإنجاز الكثير من بريقه، وقد تأجل الباقي من الوعود حتى إعلان “لابول” الذي أنتج ديمقراطية مفصلة بمقاسات وأهداف خارجية”.
وزاد “خسرنا إقليما مهما من المناطق الصحراوية من حيث قيمته البشرية والاقتصادية والإستراتيجية ضمته المملكة المغربية بسرعة قياسية”.
وعلقت المدونة أمل أحمد على ذكرى الانقلاب قائلة “العاشر من يوليو… تاريخ الإطاحة بمؤسسي الدولة، وها نحن نحصد ثمرة ما بعد ذلك: تعليم فاسد، خريجون بلا مستقبل وظروف معيشية صعبة وصحة معدومة وأزمة أخلاقية غير مسبوقة، ومجتمع حائر، وصعود مخيف للخطاب القبلي والطبقي”.
وكتب الإعلامي محمد ولد الشيخ “العاشر من يوليو يمثل لحظة فاصلة نقلت بلدنا من دولة تتطور وتنمو وتبحث لها عن مكانة بين الدول إلى دولة تعاني في كل شيء وهي المعاناة التي لا زلنا نسير في فلكها حتى اليوم، حيث يسلمنا عسكري لزميله بطريقة متسلسلة ونحن نوافق على ذلك وابتسامة بلهاء “.
ويرى المحامي إبراهيم ولد أدي “أن 46 سنة مرت من عمر الدولة والنتيجة: ظروف معيشية صعبة، وتعليم فاسد وصحة معدومة، وأزمة أخلاقية غير مسبوقة، … وفشل في تنظيم أي استحقاق انتخابي خال من التزوير”.
وعلقت النائبة البرلمانية منى بنت الدي قائلة “العاشر من يوليو بداية التيه وفقد البوصلة”.
وكان تقييم المدون أوبك المعلوم على ذكرى الانقلاب قاسيا، فقد أكد أن
يوم العاشر من يوليو، 1978، كان يوم اختطاف البلد من طرف الثلة العسكرية،
وقال” ليسمعها الجميع يسقط.. يسقط حكم العسكر، لن يمر بعد الآن أي انقلاب عسكري … كفى عبثا”.
ومن بين التدوينات القليلة التي حاول كتابها تفهم انقلاب العاشر يوليو، ما كتبه المدون محمد الامين بلعمش الذي علق قائلا “لم يكن انقلاب العاشر من يوليو الحل الأنجع بكل تأكيد، لكنه برأيي، كان الحل الوحيد المتاح أمام الطامحين للتغيير بعد عشرين سنة من نظام الحزب الواحد”.