مونديال المكسيك 1970: برازيل بيليه الأعظم، صدّة القرن ونقل بالألوان

حجم الخط
0

الدوحة:  على وقع نزول الإنسان على سطح القمر وانتشار الأقمار الصناعية، نُقلت كأس العالم 1970 من المكسيك لأوّل مرة بالألوان، وشهدت محطات تاريخية أبرزها حفر برازيل الجوهرة بيليه اسمها بأحرف ذهبية، محتفظة بكأس جول ريميه إلى الأبد، بعد تتويج استعراضي لـ”أفضل منتخب في التاريخ”.

بعد سنتين من استضافتها الأولمبياد، حطّت النسخة التاسعة رحالها في المكسيك، على علو تراوح بين 1800 و2600 م فوق سطح البحر، بحرارة مرتفعة في مباريات الظهيرة وصعوبة في التنفس. لكن النقاد اجمعوا على أنها أروع البطولات واختيرت مباراة إيطاليا وألمانيا الغربية (4-3 بعد التمديد) في نصف النهائي الأجمل على الإطلاق.

بموازاة التطوّر التكنولوجي، سُمح بالتبديلات لأوّل مرة، اعتُمدت البطاقات الصفراء والحمراء دون أن ُيطرد أحد، بعد اختبارها في أولمبياد 1968، وأقيم أول مونديال خارج أوروبا وأمريكا الجنوبية.

المايسترو بيليه 

كان مونديال البرازيل بامتياز. لم تشارك في كوبا أمريكا 1967، لكنها تألقت في التصفيات مع وجوه جديدة مثل جيرسون وجايرزينيو وريفيلينو.

وَصَفَ بيليه فريقه بأنه “الأفضل في التاريخ”، بقيادة ماريو زاغالو الذي أصبح أوّل المتوّجين كلاعب ثم مدرب.

بقي اللقب العالمي الثالث الذي حققه بيليه مع البرازيل بمثابة تحفة فنية رائعة للـ”ملك” الذي أبهر عشاق الكرة المستديرة طوال البطولة، مدفوعًا بروح الانتقام من خيبة 1966.

أقسم حينها بيليه المكسور والذي بات عرضة للإصابات أنه لن يلعب في كأس العالم مجددًا، حيث لم يرتد القميص الأصفر لمدة عامين.

بعد أن رفض بداية استدعاءه من أجل التصفيات، بات إيمانه أكبر عندما وافق زاغالو الذي حقق معه الكأس عامي 1958 و1962 كلاعب، على تولي زمام القيادة على رأس الجهاز الفني.

استعاد بيليه لياقته البدنية وبدا عن 29 عامًا أفضل من أي وقت مضى لكتابة أجمل صفحات تاريخه، فرفع رصيده إلى 12 هدفاً في 14 مباراة خلال المونديال.

في خدعة غير مألوفة ضد تشيكوسلوفكيا (4-1) حاول إسقاط الكرة “لوب” من خط وسط الملعب فوق الحارس. وفي المباراة الثانية، قام الحارس الإنكليزي غوردون بانكس بما أطلق عليه “تصدّي القرن” عندما أبعد رأسية بيليه بشبه معجزة من على خط المرمى، فصرّح البرازيلي بروحه الفكاهية “لقد سجلت هدفًا ولكن بانكس أوقفه”.

في نصف النهائي، وفي أول مواجهة بين البرازيل والأوروغواي في 20 عامًا، استعادت الجماهير شبح “ماراكانازو” عندما سقطت البرازيل 1-2 على أرضها في الدور النهائي، لكن بيليه مسح دموع البرازيليين بمن فيهم والده الذي بكى في ذاك اليوم المشؤوم.

هدف غير مسجّل وكرة عمياء

خلال الثأر اللافت 3-1، فوّت بيليه مرّة أخرى فرصة تسجيل هدف تاريخي، عندما وصلته كرة بينية من توستاو، فخدع الحارس بذكاء وراوغه من دون أن يلمس الكرة، ثم سدّدها مرّت بجانب القائم ليبقى أحد “أجمل الأهداف غير المسجلّة” في تاريخ المونديال.

اقتربت ساعة الحقيقة والحسم في مواجهة إيطاليا في المباراة النهائية حيث كان مرة أخرى على الموعد، بعد أن افتتح التسجيل برأسية جسّدت قيمة وموهبة بيليه الاستثنائية، مسجلاً هدف البرازيل رقم 100 في كأس العالم. احتفل بالارتماء في أحضان جايرزينيو في مشهدية أيقونية.

مضى سيليساو وحقق الفوز 4-1 حيث ترك بصمته الأخيرة في هدف لا يزال يصفه الكثيرون حتى الآن كأحد أفضل الأهداف الجماعية في كرة القدم، وكرّس الاعتقاد بأن منتخب البرازيل 1970 هو أفضل من لعب الكرة على مرّ العصور. لعب بيليه كرة حاسمة “عمياء” للقائد كارلوس ألبرتو في الهدف الرابع، إثر سلسلة تمريرات رائعة بين عدة لاعبين.

حمله رفاقه على الأكتاف في نهاية المباراة، تمامًا قبل 12 عامًا حين سجل كمراهق هدفين في نهائي 1958، إلا أن هذه المرة بيليه لم يبك ووجد نفسه عارياً دون قميص، فكتب تاريخًا ذهبيًا وترك إرثًا لا يقدر بثمن.

بتتويجها مرّة ثالثة، حصلت البرازيل على كأس جول ريميه الى الأبد، لكن الكأس سُرقت لاحقاً عام 1983 ولم يُعثر عليها كما في 1966.

قال “الإعصار” جايرزينيو، خليفة غارينشا على الجناح الأيمن لفرانس برس “في 1970 كنا نملك عملياً 11 نجماً في أرض الملعب. كنا الفريق الوحيد في العالم الذي يضمّ خمسة لاعبين بمقدورهم اللعب في المركز الرقم 10”.

وبات جايرزينيو اللاعب الوحيد في تاريخ كؤوس العالم يسجّل هدفاً على الأقل في ست مباريات في نسخة واحدة (7 أهداف) ويحرز اللقب، فيما توّج الألماني غيرد مولر هدافاً برصيد 10 أهداف.

أوّل مشاركة مغربية

سبق المونديال مفاجآت بالتصفيات، فلم تتأهل الأرجنتين وفرنسا وإسبانيا والمجر بطلة اولمبيادي طوكيو ومكسيكو.

تراجعت حصة الأوروبيين من عشرة إلى تسعة مقاعد، بعد تثبيت حصة إفريقيا التي راحت للمغرب في باكورة مشاركاته، فيما مثّلت اسرائيل آسيا للمرة الأولى والأخيرة. كما تسبّبت مواجهات هندوراس مع السلفادور بـ”حرب كرة القدم” حصدت 3 آلاف قتيل.

وفي الاستعداد لكأس العالم، أوقف قائد إنكلترا حاملة اللقب بوبي مور في كولومبيا لأربعة أيام في قضية سرقة سوار. برغم تبرئته رسمياً بعد سنتين، بقي القائد التاريخي دون تكريم ملكي على الأرجح بسبب تلك الحادثة.

ودّعت إنكلترا من ربع النهائي برغم تقدّمها 2-0 على ألمانيا الغربية التي ثأرت من خسارتها نهائي النسخة الأخيرة بفوز في الوقت الممدّد 3-2.

جمع نصف النهائي أربعة منتخبات أحرزت اللقب سابقاً، فنفضت البرازيل غبار ماراكانازو 1950 بفوز صريح على الأوروغواي 3-1، فيما ضمد الألماني فرانتس بكنباور اصابة كتفه دون الفوز بمباراة بالغة الروعة أمام إيطاليا (3-4 بعد التمديد)، قبل أن تحسم البرازيل اللقب

4-1.

 (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية