ميداس السودان: خط «الدعم السريع» بين الخرطوم ودبي!

حجم الخط
6

كشف تحقيق استقصائي لثلاثة من صحافيي وكالة رويترز كيف أطلق الرئيس السوداني المعزول عمر حسن البشير يد مساعده محمد حمدان دقلو قائد «قوات الدعم السريع» ببيع الذهب، أغلى مورد طبيعي في السودان، عن طريق شركة تملكها أسرته، التي كانت تتجاوز البنك المركزي أو تبيعه أحيانا بسعر تفضيلي، مبينة، عبر وثائق من فواتير الطيران وقسائم الدفع أنه خلال أربعة أسابيع من نهاية العام الماضي أرسلت الشركة ما قيمته نحو 30 مليون دولار من سبائك الذهب إلى دبي وهو ما يزن قرابة طن، وهناك مسؤولون حكوميون يزعمون أنه لا توجد سجلات رسمية تثبت أن هذه الشركة تدفع أموالا للدولة، وأن الأموال استخدمت لشراء أسلحة للقوات، وهو ما يفسر سيارات الدفع الرباعي المزودة بقذائف صاروخية ومدافع رشاشة.
نتج عن هذه «العلاقة الخاصة» بين الرئيس وقائد الميليشيا لقب (حميدتي أي «من يحميني») الذي أطلقه البشير على مساعده، وقد زوّدت (حميدتي) بسلاحين كبيرين أعطياه نوعا من «الاستقلالية» العسكرية والماديّة المتقصدة لإرهاب الأصدقاء (من ضباط الجيش السوداني الكبار) أو الخصوم، من المعارضين للبشير، ولكنّ هذه «الاستقلالية» انقلبت، حين جاءت اللحظة المناسبة، إلى أداة «حميدتي» لمحاولة الصعود إلى قمة السودان بدلا من رئيسه.
تشرح ابتسامة «حميدتي» الدائمة، ربّما، الوضعيّة الساخرة لهذا الصعود الغريب لقائد ميليشيات «الجنجويد» المتهمة بقتل مئات الآلاف من البشر في إقليم دارفور (وهي اتهامات أدّت إلى أحكام لمحكمة الجنايات الدولية ضد البشير بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية)، كما تشرح أيضا موقفه الذي عبّر، خلال الاحتجاجات، عن تعاطفه مع المحتجين، منتقدا المسؤولين الفاسدين «الذين يأخذون ما ليس من حقهم»، في الوقت الذي كان يسيطر على مناجم جبل عامر لاستخراج الذهب، وكانت «مجموعة الجنيد» التي يملكها شقيقه، تبيع ذهب السودان للإمارات، وكانت «قوات الدعم السريع» تقبض أيضا عشرات الملايين من الرياض وأبو ظبي لقاء مشاركة الآلاف من عناصرها في الحرب الدائرة في اليمن، من دون أن ننسى الأنباء الأخرى التي تتحدث عن استخدامهم أيضا في الحرب الدائرة في ليبيا، مع الجنرال خليفة حفتر، مقابل جعالة ماديّة يفترض أن يدفعها رعاة الجنرال الخليجيون.
«قوات الدعم السريع» هي العتلة التي تحافظ على مركز حميدتي داخل السلطة الحاكمة عبر انتشارها في أنحاء السودان لحماية مناجم الذهب والمباني الاستراتيجية، وكذلك على غطائه العربيّ الذي تمثله الإمارات والسعودية، وذلك عبر قتال أفرادها في اليمن ليبيا، وبذلك تجتمع المكاسب المالية والسياسية ولا تنفصل صفقات الذهب عن صفقات توريد الجنود.
يذكّر حميدتي، في وضعه الحالي، بالأسطورة الإغريقية حول الملك ميداس الذي كان يقلب كل ما يلمسه ذهبا لكنّه في النهاية مات من الجوع لأن الذهب لا يؤكل، فدور قوات حميدتي فيما يسمى «مجزرة القيادة العامة» في 3 حزيران/يونيو الماضي معروف، كما أن دورها الشاذ الذي يجعل منها جيشا موازيا ودولة داخل الدولة، وانفضاح الفساد الذي يرافق سيطرتها على مصادر الثروة، كلّها أمور يجب أن تنتهي كي تتمكن الدولة السودانية من الاستقلال والخروج من وطأة تهم الإرهاب والفساد.
أصدرت وزارة العدل السوداني مذكرة بتاريخ 23 تشرين الأول/أكتوبر 2016 تقر بعدم دستورية «قانون قوات الدعم السريع» لكنّ القانون هو آخر ما يؤخذ به في السودان حين يتعلق الأمر بحميدتي وقوّاته، وهو ما يعني وجود جيشين في البلاد، كما يعني أن أي إنجازات تقوم بها الحكومة الانتقالية ستكون قابلة للنقض، من داخل السودان، وربما من دبي!

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول .Dinars. #TUN.:

    يقع قمع الشعب السوداني حتى لا يتمكن من الوصول إلى حيث مصادر إستخراج الذهب والأمر نفسه في العراق والسعودية . . . من قبل الذين يدعمهم يهود الذهب حيث أن هؤلاء تعود إليهم حيازة وتجارة ذهب السودان وكل ما شابهه من بلدان مازال أهلها يعتقدون أنهم من المواطنين.

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    على قادة الجيش السوداني السيطرة على ميليشيات حميدتي قبل أن ينقلبوا عليهم! ألم ينقلبوا على سيدهم البشير؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    حكم الميليشيات المرتزقة أسوأ من حكم العسكر النظامي! يجب حل هذه الميليشيات المنفلتة!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول ساجد:

    شكرا القدس العربي الكبير.
    قبل مغادرة موقعكم، نستودعكم اللَّه،
    قضينا وقتا طويلا ممتعا بموقعكم، موقعكم يساعدنا كثيرا على تنشيط الذاكرة
    خاصة ونحن فى السادسة والستين من العمر، فلبس هناك أمتع من القراءة والكتابة ومتابعة الأحداث، واستخلاص
    العِبر، وتعلّم الصمت، وذكريات الماضى
    البعيد بحلوه ومُره.
    شكرا لكم، نتقابل غدا على خير بمشيئة
    اللَّه تعالى.

  5. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم رأي القدس اليوم عنوانه (ميداس السودان: خط «الدعم السريع» بين الخرطوم ودبي!)
    تقول الأسطورة أن ميداس كان يقلب كل شيئ يمسه إلى ذهب .وهذه هي حال حميدتي الذي يمسك بكل تلابيب مناجم الذهب بالسودان ويحولها الى
    دولارات عند ابن زايد.
    وهو يقبض كذلك من محمدي الخليج لقاء خدمات قواته معهما في اليمن وعند حفتر ليبيا .
    وانا اعجب من اتفاق حراك الشعب السوداني الاخير ، مع المجلس العسكري واهم رموزه الفاعلة هو حميدتي ؛ على تقاسم السلطة. وحميدتي معروف بنفوذه الكبير داخل المجلس العسكري وبتنسيقه وتناغمه مع ثلاثي الانحطاط والانكسار العربي والانبطاح لاسرائيل وامريكا(محمدي الخليج والسيسي)
    حميدتي انقلب على رئيسه البشير وانحنى لعاصفة الحراك الشعبي السوداني لا ليخدم هذا الحراك بل لمحاولة الصعود إلى القمة السودانية بدلا من الجميع.
    الحراك الشعبي السوداني الذي أطاح بالبشير واتفق مع المجلس العسكري على فترة انتقالية لمدة ٣ سنوات ؛هل هذا الحراك ،آمن من غدر حميدتي وطموحه
    حميدتي عنده القانون والقرارات التي تمس سلطته ونفوذه هي مجرد (حبر على ورق).فقد رأينا كيف داس على قرارالمحكمة التي اعتبرت قواته(الدعم السريع) خارجة عن القانون.

  6. يقول سامح//الاردن:

    *يا ظالم لك يوم..؟؟؟
    (حميدتي) إن لم يعتبر بما جرى لسيده
    البشير سوف يندم ولكن بعد فوات الأوان.

إشترك في قائمتنا البريدية