ميدل إيست آي: عشاء بومبيو وكوهين كان سببه “الغرور” وليس ضربات سوريا

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريرا ليوسي ميلمان، اليوم الجمعة، قال فيه إن العشاء الأخير بين وزير الخارجية الأمريكي المنتهي عمله ورئيس الموساد الإسرائيلي الذي سيغادر منصبه أيضا، مساء الإثنين، في مطعم “كافيه ميلاني” الإيطالي المعروف في حي جورج تاون الراقي بالعاصمة واشنطن، لا علاقة له بالغارات الأخيرة على سوريا.

وكانت مراسلة مجلة “بوليتكو” في واشنطن، ميرديث ماكغرو، كشفت عن اللقاء في تغريدة لها على تويتر.

ويعلق ميلمان أن من عادة كوهين ترتيب لقاءات “بالصدفة” أمام الكاميرات والصحافيين لكي يتمتع بصورة الرجل العام وفي الوقت نفسه الظهور بمظهر الرجل الذي أقسم على العمل بالظل ضمن “أخوية” تجمع بينها السرية. وبعد يوم واحد من العشاء قام الطيران الإسرائيلي بشن أشد غاراته تدميرا في شرق سوريا وقريبا من الحدود مع العراق والتي قتل فيها حسب التقارير الأولية 23 شخصا معظمهم من أفراد قوة القدس الإيرانية. ولكن المرصد السوري لحقوق الإنسان في بريطانيا ذكر أن عدد القتلى وصل إلى 57 قتيلا. وقالت مصادر استخباراتية أمريكية أن عددا من المباني دمرت حيث زعم استخدامها لتخزين معدات حساسة لها علاقة بالبرنامج النووي الإيراني وقطع لتحسين دقة الصواريخ والتي كانت ستنقل إلى حزب الله اللبناني.

ومن المحتمل عدم ارتباط الغارات هذه بعشاء المطعم في واشنطن، لأن الغارات الجوية تقوم على معلومات استخباراتية ودراسة جدوى العملية والتي يتم الحصول على معلوماتها من المهنيين والمحللين العسكريين والاستخبارات وصور الأقمار الاصطناعية وليس عبر تبادل الحديث بين مدير مخابرات وعضو في الحكومة على عشاء في مكان عام. والحقيقة أن كوهين كان في واشنطن لوداع مديرة المخابرات الأمريكية جينا هاسبل والتي سيحل محلها ويليام بيرنز، الدبلوماسي المخضرم الذي رشحه الرئيس المنتخب جوزيف بايدن.

كل من كوهين وبومبيو سياسيان طامحان فبعض التبجح والدعاية تظهرهما كمعارضين شرسين لإيران كما أن إحراج فريق بايدن الانتقالي يخدم طموحات الرجلين

وكل من كوهين وبومبيو سياسيان طامحان فبعض التبجح والدعاية تظهرهما كمعارضين شرسين لإيران كما أن إحراج فريق بايدن الانتقالي يخدم طموحات الرجلين. ويأمل كوهين أن يكون رئيس الوزراء المقبل لو تقاعد بنيامين نتنياهو أو خسر الانتخابات مع الفرص ضئيلة لهذا. أما بومبيو فيخطط لترشيح نفسه لاحتلال مقعد ولايته كنساس بمجلس الشيوخ. إلا أن اللقاء الدافئ في كافيه ميلانون ليس التلميح الوحيد عن التطورات في المستقبل، فالغارات الجوية تكشف عن طموح ونية. فهجوم الثلاثاء هو الرابع من نوعه منذ الشهر الماضي ودليل على حملة إسرائيلية مكثفة لتخفيف الوجود الإيراني وحلفائها في سوريا. ومنذ عام 2013 شنت إسرائيل ألاف الغارات ضد أهداف عسكرية مرتبطة بإيران في سوريا لكنها من النادر ما أعلنت مسؤوليتها أو ناقشت العمليات. وتقول المصادر الأمنية الإسرائيلية إن الوجود العسكري الإيراني في سوريا دعما لنظام بشار الأسد قد انخفض خلال العامين الماضيين لعدة أسباب منها انخفاض وتيرة الحرب الأهلية والانخراط الروسي العميق في الشؤون السورية وانتشار كوفيد- 19 والغارات الإسرائيلية التي أضرت بالمواقع الإيرانية وتلك التابعة لحزب الله في سوريا.

تشير تقديرات إسرائيلية إلى أن الوجود العسكري الإيراني في سوريا انخفض خلال العامين الماضيين لعدة أسباب منها انخفاض وتيرة الحرب الأهلية والانخراط الروسي العميق في الشؤون السورية وانتشار كوفيد- 19 والغارات الإسرائيلية التي أضرت بالمواقع الإيرانية

وبحسب المصادر الإسرائيلية فقد تمت غارات الثلاثاء على خلفية التخندق الإيراني على الحدود السورية- العراقية والتوتر المتزايد في المنطقة قبل وصول بايدن إلى البيت الأبيض. وقدر مسؤول استخباراتي إسرائيلي أن هناك مصاعب إيرانية في الحفاظ على نشر قواتها حول دمشق بسبب استمرار الغارات الإسرائيلية. وردا على هذا فقد نقلت معداتها مثل الصواريخ والطائرات بدون طيار إلى الحدود السورية- العراقية والتي تخضع لسيطرة إيرانية كاملة وبعيدة عن إسرائيل. وقامت حسابات الإيرانيين على قدرة الصواريخ ضرب إسرائيل من قواعدها الجديدة في محافظة دير الزور. وتخشى إسرائيل من أمرين: الأول، تراجع الاهتمام الأمريكي بالعراق بعد تولي بايدن الحكم مما يعني سيطرة إيران الكاملة عليه. الثاني، إمكانية عودة واشنطن إلى الاتفاقية النووية وتخفيف العقوبات التي فرضتها إدارة دونالد ترامب على طهران مما يعني تخفيف المصاعب الاقتصادية ومنحها مساحة للمناورة. وتأمل إيران بعودة إدارة بايدن للاتفاق وإلغاء العقوبات سريعا. لكن طهران تعرف أنها ليست مهمة سهلة، فبايدن سيكون منشغلا بقضايا أكثر أهمية مثل مكافحة الوباء والإقتصاد بالإضافة للصين وروسيا على الساحة الدولية.

وتواجه إيران التي تنتظر الانتخابات في حزيران/يونيو تحديات الانقسام بين المعسكر المتشدد والمعتدل. فحكومة حسن روحاني المعتدلة سترضي برفع جزئي للعقوبات. إلا أن المعسكر المتشدد الذي لا يريد منح المعتدلين انتصارا فسيحاول تخريب المحادثات مع واشنطن وتأجيلها لما بعد الانتخابات. ويعرف المعسكران أن من الأفضل تجنب عمليات عسكرية وعدم إغضاب الإدارة المقبلة. مع أن هناك اتفاقا على ضرورة الانتقام لمحسن فخري زادة عالم الذرة وأنه يجب عدم الركوع أمام الغارات الإسرائيلية وعدم مغادرة سوريا. وفي المجمل فهناك اتفاق بين أمريكا وإيران يلوح في الافق، أما بين إيران وإسرائيل فالمواجهة مستمرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية