لندن- “القدس العربي”:
كشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني عن لقاء تم بين مدير شركة تويتر وولي العهد السعودي عقب اكتشاف خلية التجسس السعودية داخل الشركة.
وفي التقرير الذي أعدته دانيا العقاد قالت إن جاك دورسي، مدير الشركة، التقى مع الأمير محمد بن سلمان بعد ستة أشهر من اكتشاف منصة التواصل الاجتماعي عملية التجسس التي وجهها شخص مقرب من القيادة السعودية.
ومنذ تعيينه وليا للعهد عام 2017 شن بن سلمان حملة ضد ناشطي حقوق الإنسان والناشطين والمعارضين الذي مارسوا معارضتهم عبر الإنترنت. وقال محامون للسعوديين الذين استهدفتهم عملية التجسس إن لقاء مدير تويتر ذات الاستثمارات الكبيرة في السعودية، يطرح أسئلة حول معرفة الشركة بوجود الخلية ومتى. ففي كانون الأول/ ديسمبر 2015، وحسب لائحة الاتهامات التي أعلنت عنها محكمة في نيويورك الأسبوع الماضي، اكتشفت الشركة أن واحدا من مهندسيها واسمه علي الزبارة، سعودي الجنسية، كان يدخل إلى البيانات الشخصية للمستخدمين. وبعد أسبوع حذرت الشركة عددا من مستخدميها من أن حساباتهم “ربما استهدفها لاعبون مرتبطون بدولة”. وفي حزيران/ يونيو 2016 جلس دورسي مع بن سلمان الذي كان نائبا لولي العهد وتباحثا حول كيفية التعاون و”تدريب وتأهيل كوادر سعودية” وتحدثا عن الاستثمار في التكنولوجيا.
ووثق اجتماعهما في مدينة نيويورك من خلال صورة مشتركة وضعها على وسائل التواصل الاجتماعي مدير مكتب بن سلمان الخاص، بدر العساكر، والرجل الذي يعتقد أنه هو الذي أشرف على عملية جمع البيانات من داخل تويتر.
وكما ظهر في تفاصيل دعوى قانونية أخرى قدمتها الحكومة الأمريكية، لم تكن العملية محدودة واستهدف فيها الزبارة بيانات مجموعة من المستخدمين ولم يكن وحيدا.
وقال مارك كيلمان، المحامي الذي يمثل الناشط السعودي عمر عبد العزيز المقيم في كندا: “ما يثير انتباهي هو أنك عندما تنظر إلى لائحة الاتهامات فقد دخل الرجل على بيانات 5.500 شخص في حزيران /يونيو، وهذا عدد ليس صغيرا، مما يثير أسئلة حول ما كانت تويتر تعرفه وما لم تعرفه”. وقال كيلمان إنه ومحاميا آخر هو بن غراغوزلي يمثلان عبد العزيز ويفهمان أن واحدة من مؤسسات الاستخبارات” هي من قامت بإبلاغ تويتر عن الزبارة، قبل أن تصدر الشركة قرارا بتوقيفه إداريا عن العمل بداية عام 2015. و”من الصعب تخيل ألا يعرف دورسي عنها بعد ستة اشهر”.
وقال مارك أوين جونز، المحلل في شؤون منصات التواصل الاجتماعي والأستاذ بجامعة حمد بن خليفة في قطر: “من غير المحتمل ألا يكون دورسي عارفا بتحذيرات المخابرات الأمريكية بوجود عملية اختراق للشركة تشرف عليها دولة أجنبية”.
وقال جونز: “طبيعة الاتهامات الخطيرة والحاجة لمناقشة الخصوصية الأمنية على مستوى عال كان سيجعلها النقطة الأولى في الأجندة”. و”لو لم يكن دورسي عارفا بالموضوع كان سيضع كفاءة الشركة محل تساؤل”.
وتقول العقاد إن موقع “ميدل إيست آي” أرسل مجموعة لتويتر سألت فيها عن الوقت الذي عرفت فيه بنشاطات الزبارة. وفيما إن اعتقدت أن حساباتها أصبحت هدف دولة في كانون الأول/ديسمبر 2015. وإن كانت تعرف أن الزبارة كان يقدم في تلك الفترة معلومات لبدر العساكر المقرب من العائلة المالكة. وسأل الموقع إن كان دورسي يعرف بنشاطات الزبارة وعلاقته بمحاولات دولة أجنبية لاختراق الشركة قبل لقائه مع محمد بن سلمان، وفيما إن كان دورسي قد طرح الموضوع في لقائهما عام 2016.
ولم تجب الشركة على أي من التساؤلات سوى إرسال إجابات عامة مثل: “شركتنا تحدد استخدام الحسابات الحساسة لمجموعة خاصة مدربة وتم التحقق منها. ونفهم الخطورة الكبرى التي يواجهها من يستخدمون تويتر ممن يحاولون مشاركة رؤاهم مع العالم ومحاسبة من هم في السلطة” و”لدينا وسائل لحماية الخصوصية تساعدهم على عملهم الهام. ونحن ملتزمون بحماية من يستخدمون خدمتنا للدعوة إلى المساواة والحرية الفردية والدفاع عن حقوق الإنسان”.
وعلق غراغوزلي أحد محامي عبد العزيز: “لو كانت تويتر واثقة من موقفها، لاتخذت هذه الفرصة لطمأنة الرأي العام ومستخدميها بأنها تطبق المعايير القانونية والأخلاقية”. وبحسب لائحة الاتهامات التي أعلنت عنها الحكومة الأمريكية الأربعاء فقد دخل الزبارة إلى حسابات 6.000 مستخدم قبل وقفه الإداري عن العمل.
وشارك معلوماته التي حصل عليها مع أحمد المطيري، الذي يعمل في مجال تسويق منصات التواصل الاجتماعي، وورد اسمه في لائحة الاتهامات باسم أحمد الجبرين. وقدمت شركة المطيري خدمات للديوان الملكي ويبدو على علاقة مع محمد بن سلمان. وبعد توقيف الزبارة عن العمل انتقل إلى السعودية وأصبح مديرا في مؤسسة مسك التي يترأسها المطيري، وتقول إنها تشجع وتدرب القيادات الشابة في المملكة.
وفي بداية عام 2015 قام متهم آخر، وهو أحمد أبو عمو، بنقل بيانات عن مستخدمين، أحدهما مجتهد والثاني كان يتقمص شخصيات عدد من أفراد العائلة المالكة. وحصل أبو عمو على ساعة ذهبية بقيمة 20.000 دولار ومبلغ مالي 300.000 دولار. وشملت البيانات التي تم التشارك فيها تواريخ ميلاد المستخدمين والرمز السري لحساباتهم وهي تساعد على تحديد هوياتهم وأماكن المستخدمين المجهولين. وفي دعوى منفصلة قدمت في كاليفورنيا يوم 18 تشرين الأول/أكتوبر نيابة عن عبد العزيز واتهمت شركة التواصل الاجتماعي باختراق خصوصيته وتعريض عائلته وأصدقائه والمقربين للسجن.
وكان عبد العزيز صديقا لجمال خاشقجي، الصحافي الذي قتل وقطع في قنصلية السعودية بإسطنبول في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر 2018.
وقال إن عميلين سعوديين جاءا العام الماضي إلى مونتريال للتفاوض معه وأقنعاه بالعودة إلى السعودية والعمل مع الحكومة. وقالا إنهما يعملان مع سعود القحطاني المسؤول في البلاط الملكي عن الحملات الإلكترونية والتي كشفت تحقيقات ضلوعه في تدبير قتل خاشقجي. وعندما رفض حاولا دفعه لزيارة السفارة السعودية في أوتاوا لتجديد جواز سفره ولكنه لم يذهب.
وبحسب الدعوى القضائية التي قدمها المحامون نيابة عنه، فقد اتهم شركة ماكينزي أند كومباني للعلاقات العامة بالكشف عن هويته للسعوديين باعتباره أحد الأصوات المؤثرة في تشكيل الرأي العام. وتم استهداف حسابه على تويتر وهاتفه النقال. وكشفت الدعوى عن الاستثمارات الكبيرة التي قامت بها السعودية في شركات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك حصة للأمير الوليد بن طلال في شركة تويتر.
وقبل شهرين من توقيف الزبارة عن العمل، زادت شركة المملكة القابضة التي يملكها الأمير الوليد من نسبة حصتها من تويتر إلى 5%. وهي حصة أكبر من تلك التي يملكها مديرها دورسي. ويقول كيلمان إن المنفعة متبادلة لأن السعوديين لا يستثمرون فقط في الشركة، ولكن تويتر تنتفع من المستخدمين لها في السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة وغيرها.
وقال غراغوزلي إن تويتر بدلا من حماية مستخدميها سمحت للمملكة العربية السعودية التي تملك حصة كبيرة في تويتر بالحصول على بيانات أدت إلى إلحاق ضرر بالمستخدمين.