ميدل إيست آي: نظام السيسي يستخدم بلاغات “إنتربول” لملاحقة معارضيه في الخارج

إبراهيم درويش
حجم الخط
2

لندن- “القدس العربي”: كشف موقع “ميدل إيست آي” في لندن في تقرير حصري عن استخدام السلطات المصرية الشرطة الدولية “إنتربول” لملاحقة المعارضين لها في الخارج.

وفي تقرير أعده جان بيتر وستاد وبيتر أوبورن قالا إن مجموعة من عناصر حزب الرئيس المصري الراحل محمد مرسي تم اعتقالهم في الهند وألبانيا وأوكرانيا بناء على اللائحة الحمراء وبلاغات القبض عليهم.

وفي التحقيق الذي أجراه الموقع جاء أن السلطات المصرية تقوم باستهداف المعارضين لها من خلال الشرطة الدولية. وتضمن العملية سلسلة من محاولات ترحيل عدد من المعارضين من خلال اللائحة الحمراء وأنظمة التحذير التي تسمح للدول الأعضاء بتقديم طلب اعتقال من تتهمهم بارتكاب جرائم وهربوا إلى الخارج.

ويدير الرئيس السيسي نظاما قمعيا منذ وصوله إلى السلطة، حيث حاول تقوية سلطته من خلال استفتاء على فترة حكمه قد تبقيه في السلطة حتى عام 2034. وكان آخر أهدافه هي السلطة القضائية التي حافظت على نوع من الاستقلال، حيث بدأت الحكومة بالسيطرة عليها من خلال التعيينات. ويقال إن هناك 21 معتقلا ماتوا خلال هذا العام في السجون، فيما استمرت فيها عمليات التغييب القسري وزادت أحكام الإعدام.

وشهدت الأيام الماضية تظاهرات تطالب برحيل السيسي، بعضها نظم في ميدان التحرير التي كانت مركز الثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك. واستجاب المحتجون إلى دعوات المقاول والممثل محمد علي الذي فر إلى إسبانيا وكشف عن مستويات عالية من الفساد وتبذير المال العام في سلسلة من أشرطة الفيديو التي وضعها على صفحته في “فيسبوك”. واعتقلت الشرطة يوم الجمعة عددا من المتظاهرين بمن فيهم ماهينور المصري، الناشطة والمحامية التي تمثل المحتجين.

اللائحة الحمراء لا تعتبر بلاغا للاعتقال، ولكنها دعوة للتعاون بناء على بلاغ الاعتقال الذي صدر في بلد الشخص”، و”يعود لكل دولة عضو القرار للتحرك وتنفيذ الطلب”.

وتعد الشرطة الدولية التي تقوم بتنسيق التعاون مع وكالات تطبيق النظام الوطنية، وتساعد أعضاءها الـ194 على ملاحقة النشاطات الإجرامية. وقال متحدث باسم “إنتربول” إن “اللائحة الحمراء لا تعتبر بلاغا للاعتقال، ولكنها دعوة للتعاون بناء على بلاغ الاعتقال الذي صدر في بلد الشخص”، و”يعود لكل دولة عضو القرار للتحرك وتنفيذ الطلب”. فاللائحة الحمراء ونظام نشر التحذيرات من الدول الأعضاء يجب أن تلتزم بقواعد الإنتربول وميثاقها قبل نشرها. إلا أن الخبراء يعبرون عن قلقهم من مخاطر الإنذارات على حياة المعارضين الأبرياء. وتم حذف اسم الشيخ المصري الشهير يوسف القرضاوي من اللائحة العام الماضي بعدما اعترفت “إنتربول” أن الاتهامات ذات “طابع سياسي”.

وقال محامي الشيخ القرضاوي، رودني ديكسون، الذي قاد الإجراءات أمام “إنتربول”، في تصريحات للموقع، إن “الدوافع السياسية كانت واضحة من خلال غياب الأدلة الحقيقية والقابلة للتصديق والتي قدمتها السلطات المصرية“. وحذر ديكسون من ترحيل المعارضين إلى مصر لأنهم “يواجهون مخاطر من عدم تقديمهم لمحاكمة نزيهة واعتقالهم حالا”، و”هناك أدلة واضحة بأن الكثير منهم وضعوا في ظروف فقيرة وتعرضوا للتعذيب من أجل الحصول على اعترافات يتم استخدامها في المحاكم”.

ويقول النقاد إن الحد الأدنى للطلب حسب اللائحة الحمراء وبلاغات الإنذار التي يتم نشرها ليست ضمانا كافيا من أنها ليست ذات دوافع سياسية، كما أن النظام الحالي لا يمنح الفرصة للمطلوب كي يجادل في مصداقية الاتهامات الموجهة إليه وقت صدور الأمر. ويقول يور نيمتس، المحامي المقيم في الولايات المتحدة والخبير في شؤون الإنتربول وإساءة استخدام نظامها، إن الشرطة الدولية لا يمكنها الكشف عن محتويات أو حتى وجود اللائحة الحمراء أو بلاغ التحذير قبل حصولها أولا على أمر من الحكومة المعنية. وقال إن “الشرطة الدولية تعترف بأنها لا تستطيع القيام بعملية تحقق شاملة للوائح الحمراء وبلاغات التحذير بناء على المعلومات التي تقدمها الحكومات لها”. إلا أن الشرطة الدولية تسمح حسب نيمتس بنشرها بحيث لا يعرف عن محتويات اللائحة إلا عند اعتقاله”.

وقالت إنتربول للموقع: “المراجعة التي تتم لفحص التزام الدول تقوم بناء على المعلومات المتوفرة في ذلك الوقت، وكلما برزت معلومات متعلقة ووردت للسكرتارية العامة بعد النشرة، تقوم وحدة المهام الخاصة بإعادة فحص الحالة”. وبالنسبة للذين كانوا موضوعا للوائح الحمراء والبلاغات فإنه يتم تعرضهم للاعتقال ومنع السفر أثناء مراجعة إجراءات الترحيل. ويكون لدى الشخص المطلوب ترحيله فرصة لكي يتقدم بشكوى مفوضية التحكم بملفات الإنتربول وطلب حذف اسمه منها.

إلا أن الإجراءات لا تتطابق مع المعايير الديمقراطية الحديثة، حسب نيمتس الذي قال إن الأفراد الذين يتعرضون للائحة الحمراء وأوامر الإنذار لا يحق لهم حضور جلسات استماع أو فحص الأدلة التي تتقدم بها الحكومة ضدهم أو حتى حق الاستئناف على قرار المفوضية. وتحدث الموقع مع ثلاثة ممن كانوا موضوعا للائحة الحمراء، وكلهم كانوا أعضاء في حزب الرئيس السابق مرسي، حزب الحرية والعدالة، وأجبروا على مغادرة البلاد بعد سيطرة الجيش على السلطة عام 2013، وثلاثتهم وجهت لهم الدولة تهما جنائية. وحذفت أسماء الثلاثة من اللائحة الحمراء أو قرارات الملاحقة بعدما فشلت الحكومة المصرية بتقديم أدلة موثوقة عن الاتهامات.

حسام عبد الفتاح، أخصائي مسالك بولية يقيم في قطر، غادر مصر بعد صدور حكم عليه بالإعدام غيابيا مع 528 آخرين بتهمة المشاركة في هجوم على مركز للشرطة، ولم تستغرق المحاكمة في آذار (مارس) 2014 سوى ساعة دون منح محامي الدفاع عنهم فرصة تقديم قضيتهم. وشجبت منظمات حقوق الإنسان المحاكمة بما فيها الأمم المتحدة. ومع ذلك قبلت إنتربول الطلب المصري ضد عبد الفتاح، الذي اكتشفه عند اعتقاله في مومباي بالهند وأثناء مشاركته في مؤتمر طبي عام 2016. واعتقل لمدة شهرين وأجبر على البقاء في الهند لمدة عامين لحين الاعتراض على أمر ترحيله.

وقال عبد الفتاح لميدل إيست آي: “كان علي البقاء في الهند دون جواز أو تأشيرة، ولم أستطع العمل ولم يكن لدى عائلتي راتب، وكان عليها العودة إلى مصر وبقيت وحيدا”. وأضاف: “أنا غاضب من “إنتربول”. كيف تضع هذه الأسماء على قوائمها وهي تعرف أن الحكومة المصرية كاذبة؟”. وتم حذف اسم عبد الفتاح من اللائحة الحمراء في آب (أغسطس) 2017، ولكن هذا لا يعني أن اسمه حذف من قاعدة البيانات المتعلقة بالدول الأعضاء في المنظمة الدولية. وقال عبد الفتاح: “هذا أخطر شيء، فهناك مناطق محدودة أستطيع السفر إليها، ويمكن لبلدي ترحيلي في أي وقت حالة سافرت”.

نظام الـ”إنتربول ” يحتوي على الكثير من الثغرات التي تسمح للحكومات إساءة استخدام قنواته لأهداف سياسية وغير قانونية.

أما السيد العزبي، الذي عمل مهندسا بارزا قبل انقلاب عام 2013، فقد أخبر ميدل إيست آي أن السيسي بعد وصوله إلى السلطة زعم بأنه متورط في عمليات إرهابية بناء على معلومات كاذبة. وعنى هذا تجميد حساباته ومواجهته السجن لحوالي 25 عاما لو عاد إلى مصر. وبسبب البلاغ اعتقل العزبي مدة ستة أشهر في ألبانيا وعاما في أوكرانيا. ورفض البلدان ترحيله بسبب الطبيعة السياسية للاتهامات ومخاوف من تعرضه للتعذيب. وتم حذف اسمه من اللائحة عام 2017، لكنه عالق الآن في تركيا بعد رفض السلطات المصرية إصدار جواز له. وقال العزبي: “يجب على “إنتربول” ألا تدعم النظام الإرهابي في مصر، وعليها أن تفرق بين السياسي والجنائي”. وقال إن قرارات “إنتربول” جعلته عالقا بدون وثيقة ولا يستطيع الحصول على لجوء، “ولا ضوء في نهاية النفق”.

ورفض الثالث الكشف عن هويته: “لا أزال خائفا من النظام المصري”. وكان يعمل كطبيب وحكم عليه غيابيا بالإعدام بنفس التهمة التي وجهت لعبد الفتاح، وعلم باللائحة الحمراء عندما اعتقل لاحقا في قطر، وتم حذف اسمه لاحقا عن القائمة، ولكنه لا يزال يتجنب السفر، خاصة أن السلطات المصرية ترفض منحه جواز سفر.

ورغم حظر ميثاق إنتربول “أي تدخل أو نشاطات سياسية، عسكرية أو عنصرية”، إلا أن هذا لم يمنع صدور بلاغات ذات طبيعة سياسية من الدول الأعضاء. فقد تم اعتقال حكيم العريبي، لاعب الكرة البحريني، في تايلاند بناء على اللائحة الحمراء رغم منحه اللجوء في أستراليا، وتم حذف اسم الناشط الإيغوري دولكان عيسى عن اللائحة العام الماضي.

وتتهم تركيا والإمارات بالاستفادة من نظام اللائحة الحمراء لملاحقة المعارضين السياسيين. ورغم الإصلاحات التي أجرتها الشرطة الدولية على نظام اللائحة الحمراء، إلا أن هناك أدلة عن تعرض المعارضين المصريين للخطر. ففي العام الماضي اعتقلت السلطات الإيطالية محمد محسوب، الوزير السابق في حكومة مرسي، بناء على بلاغ صادر عام 2016، إلا أن السلطات الإيطالية رفضت تسليمه. ولا يعرف عدد المصريين الذين يعانون من نظام الملاحقة.

ويقول محمد جميل مدير الجمعية العربية لحقوق الإنسان في لندن إنه ساعد عددا من المعارضين المصريين. وقال: “هناك قصور في النظام الذي يسمح للأنظمة الديكتاتورية التي يرتكب قادتها جرائم ضد شعوبهم باستخدام النظام بطريقة سيئة”، و”من أجل أن تقوم إنتربول بمهمتها عليها تصنيف الدول حسب سجلها في حقوق الإنسان”.

ويعلق نيمتس أن نظام إنتربول يحتوي على الكثير من الثغرات التي تسمح للحكومات بإساءة استخدام قنواته لأهداف سياسية وغير قانونية، و”هي بحاجة إلى القيام بإصلاحات أخرى، ويجب على أعضائها القيام بواجبات لمعاقبة المسؤولين لإساءة استخدام قوانين إنتربول”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول نورالدين:

    انتيربول ومجلس الأمن والأمم المتحدة ومحكمة جنايات الدولية مصنوعة فقط لحماية اليهود والنصارى لكن عندما يكون المظلوم مسلم أو مجزرة بحق المسلم تكون كل هذه المؤسسات في غيبوبة لكن عندما يكون غير المسلم بوذي هندسي تقوم القيامة سؤال واحد أين كانت كل هذه الأجهزة عندما قتل المئات وسجن الألف وأعدم المئات

  2. يقول محمد على مصرى وافتخر:

    كل واحد اساء الى الدولة المصرية
    سوف يرجع الى مصر ويتحاسب الان او غدا
    الشعب المصرى لن يغفر لاحد

إشترك في قائمتنا البريدية