ميديابارت: مستقبل جامعة غلطة سراي التركية التي تقدم تعليمها بالفرنسية على المحك

آدم جابر
حجم الخط
7

باريس “القدس العربي”: قال موقع “ميديابارت” الاستقصائي الفرنسي إن السلطات التركية ورداً منها على مشروع قانون الحكومة الفرنسية ضد “الانفصالية”، قامت بوضع معايير جديدة لإتقان اللغة التركية للمعلمين الفرنسيين في جامعة “غلطة سراي” بإسطنبول، قرار يثير قلقا كبيرا بشأن مستقبل التعاون الفرنسي التركي.

وأشار الموقع إلى أن جامعة “غلطة سراي” تعد جوهرة التعاون الفرنسي التركي على ضفاف مضيق البوسفور، وهي نتيجة إرادة الرئيسين الأسبقين فرانسوا ميتران وتوركوت أوزال في تأكيد الروابط القوية بين البلدين في عام 1992، والتي تمثل في نفس الوقت روح المعاصرة للدولة العثمانية.

وتستقبل هذه الجامعة نحو خمسة آلاف طالب وطالبة موجهين لتبوء مناصب سامية في تركيا. ويوجد بها حوالي ثلاثين أستاذا فرنسيا يدرسون مواد تعليمية مختلفة ضمن ما يسمى بـ”بعثة التعاون التربوي واللغوي” والتي تشرف عليها السفارة الفرنسية في تركيا. وتخصص كل عام ميزانية تبلغ قيمتها نحو 2.5 مليون يورو لهؤلاء المعلمين في الجامعة والثانوية الفرنسيتين.

وقد استمر هذا التعاون لنحو ثلاثة عقود، رغم مشاكل الميزانية المتكررة والتي أدت إلى بعض التقليص في الوظائف. لكن الوضع تغير بشكل كبير منذ الخريف الماضي، فيما يتعلق بإجراءات الحصول على تراخيص العمل أو تجديدها لمعلمي اللغة الفرنسية الذين تأخروا في مباشرة إجراءاتهم الإدارية. وأيضا منذ شهر بداية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي طلبت الإدارة التركية للجامعة من المعلمين الفرنسيين إجراء اختبار في اللغة التركية، دون تحديد الهدف من هذا الاختبار. ثم بعد ذلك أعطت عدداً محدوداً من تصاريح العمل، ولكن لفصل دراسي واحد فقط، غير قابلة للتجديد، يوضح “ميديابارت”.

وأشار الموقع الفرنسي إلى أنه وفي شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي طالب المجلس الأعلى للتعليم التابع لرئاسة الجمهورية التركية، من جميع المعلمين الفرنسيين إثبات إتقانهم للغة التركية وحصولهم على الأقل على مستوى B2 . في الأثناء منعت معلمين فرنسيين في مادة العلوم من مزاولة عملهما لأنه ليس بحوزتهما شهادة الدكتوراه. وبالنسبة إلى نائب عميد الجامعة الفرنسية فإن هذا القرار هو قرار سياسي بامتياز، ومثله عشرات من الأشخاص الذين رفضوا الكشف عن هويتهم بسبب التزامهم المهني الذي يصب في نفس التزامات العاملين في السلك الدبلوماسي.

ويمكن تفسير هذه القرارات الجديدة من عدة نواحي: أولا وجود حملة داخل بعض الجامعات التي تريد استعادة السيطرة على تسييرها من الداخل، على غرار جامعة بوغازجي في إسطنبول التي تقدم تعليمها باللغة الإنكليزية، هذه الأخيرة يندد طلابها ومعلموها بتعرضهم للضرب من طرف الشرطة التركية ومتبعتهم قانونيا، بسبب رفضهم للطريقة التي انتهك بها الرئيس التركي الإسلامي المحافظ رجب طيب أردوغان قواعد انتخاب العمداء بفرض رجل مناصر له على رأس مؤسستهم.

من جهة أخرى، تدخل الشروط الجديدة المفروضة على المعلمين الفرنسيين في سياق قانون النزعات الانفصالية الذي يناقشه البرلمان الفرنسي حاليا والذي دعى إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بهدف محاربة “النزعة الإسلاموية المتطرفة”، والذي ينص في أحد بنوده على وضع نهاية لنظام تعليم اللغات والثقافة الأم في إطار ما يعرف بنظام “إيلكو”. هذا النظام الذي يقدم تعليما للغة وثقافة البلد الأم لتسع دول من بينها تركيا، يشتبه أساتذته بتعزيز النزعة الجهوية والتشجيع على الابتعاد عن قيم الجمهورية، يتابع “ميديابارت”.

من هنا، أعدت باريس التفاوض مع شركائها حول شروط قبول جديدة لتوظيف المعلمين من بينها إتقان اللغة الفرنسية بما يعادل مستوى B2 على الأقل، وبالتالي إقدام ماكرون على هذه الخطوة جعلته يفتح الباب أمام الأحقاد مع أنقرة، حسب تعبير إحدى الأستاذات في الجامعة الفرنسية بإسطنبول. والدليل على ذلك أن السفير الفرنسي في أنقرة أجرى اجتماعا مع عميد جامعة يوك ياكتا ساراك الفرنسية، ندد فيه بالضرر الذي تسببه الشروط التركية بحق المعلمين الفرنسيين، لكن المسؤول التركي أكد أن القرار الأخير يعود للسلطات التركية التي تحددها وحدها قوانين العمل داخل مؤسساتها، يشير الموقع الفرنسي.

وأمام صعوبة إيفاء الشروط الجديدة من قبل الفرنسيين من أجل الحصول على تراخيص بالعمل وبالتالي بالإقامة في تركيا، وجدد عدد لا يستهان به من الأساتذة الفرنسيين أنفسهم في وضعية غير قانونية، وهذا يمنعهم من مغادرة البلاد خشية عدم الرجوع إليها مجددا. فالوضع معقد بشكل خاص للوافدين الجدد، الذين ليس لديهم تصريح إقامة لتسهيل إجراءاتهم الإدارية، ولا يملكون حق امتلاك اشتراك هاتفي، حسب ما أفاد أحد هؤلاء المعلمين في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى زملائه، وحصلت ميديابارت على نسخة منها، وتساءل المعلم عم مستقبله في حال تم أيضًا تعليق اشتراكه عبر الإنترنت ولم يعد بإمكانه العمل.

من جانب آخر زادت إجراءات مكافحة تفشي وباء كورونا من تعقيد الحياة اليومية لهذا المعلم، فلا يمكنه الوصول إلى مراكز التسوق أو استخدام وسائل النقل العام، نظرا لعدم حصوله على رمز يتم الحصول عليه برقم ترخيص الإقامة الخاص بكل فرد.

وينقل “ميديا بارت” عن مصدر لم يذكر اسمه قوله إن المكالمة الهاتفية بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره التركي رجب طيب أردوغان رتبت قريبا من أجل إيجاد حل لهذه المعضلة، مضيفا بأن خلف هذه الحالات الفردية، فإن الأمر يتعلق بمستقبل الشراكة الفرنسية – التركية. علما أن ثمانية معاهد فرنسية خاصة في إسطنبول وإيزمير وأنقرة كلها تستعد لاعتماد الشروط الجديدة المعتمدة من طرف السلطات التركية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد حتاحت /مانشستر:

    لا يفل الحديد الا لحديد

    1. يقول Shikh Ahmad:

      كلام سليم.نعم

  2. يقول بن تاشفين:

    فرنسا ترى القزعة في عين الآخرين ولا ترى الخشبة في عينها.

  3. يقول عبدالله الشراقعة:

    هكذا تتجسد السيادة في أفضل تجلياتها، نزولا عند إعمال مبدأ المعاملة بالمثل، الذي يحكم العلاقات الدولية.

  4. يقول نيزك الكردي:

    أنصح الأتراك بأن يستبدلوا المعلمين الفرنسيين بآخرين من شمال افريقيا فهم يتقون الفرنسية الأكاديمية أفضل من الفرنسيين أنفسهم، لكن هذا يجب أن يكون مؤقتا حتى إزالة الفرنسية من البرامج التعليمية في تركيا وتعزيز اللغات الحية الحقيقية كالعربية والصينية والألمانية والأنجليزية ….!

  5. يقول محمد:

    برغم من اني فرنكفوني فإني احي الكرامه التركية ولعنه على الغطرسة الفرنسيه البغيضة

  6. يقول محفوظ- الجزائر:

    …… شكرا على المواقف الشامخة……هذا يُذطر الخزعبلات التي قامت بها الصهيونية العالمية والماسونية لما كانتا تُحارب في السلطان عبد الحميد رحمه الله…..يتحجون بأن هذه المدارس نٌخبوية ومن اللوزوم أن اللغة الفرنسية هي المتداولة.هذا بالضبط ما حدث مع بعثات الطلاب الأتراك التي أرسلت إلى باريس وبعد “تمخيخها” رجعت تُطالب بكسر الخلافة وأسس الصهاينة “جمعية الإتحاد والترقي”, كوسيلة سياسية لتحطيم دولة الخلافة…..وبعد إنجاز المهمة تبخرت هذه الجمعية المشبوهة, ندم بعض أعضاءها ولكن لا ينفع الندم بعدما لعب بهم روتشايلد ومن معه….

إشترك في قائمتنا البريدية