ميرال أكشينار.. سياسة صاعدة باتت كلمة السر في تغيير تركيبة ونتائج الانتخابات المقبلة في تركيا 

إسماعيل جمال 
حجم الخط
1

إسطنبول- “القدس العربي”:

قبل نحو 7 أشهر على موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في تركيا، لا تزال التركيبة النهائية للتحالفات التي ستخوض الانتخابات التي توصف بـ”التاريخية والمصيرية” غير واضحة حتى اليوم، وسط تكهنات بسيناريوهات مختلفة يلعب فيها حزب الجيد وزعيمته السياسية القومية الصاعدة ميرال أكشينار، دوراً محورياً التي يعتقد أنها من سيكون لها الكلمة الفصل في رسم الشكل النهائي للتحالفات وبالتالي سيناريوهات الفوز والخسارة. 

ويجري الحديث عن ثلاثة سيناريوهات أساسية: الأول يتمحور حول البقاء في تحالف المعارضة الرئيسي وتعزيز فرص فوزه بالانتخابات، والثاني الانشقاق وتشكيل تحالف ثالث يقلب الحسابات رأساً على عقب، والثالث هو تشكيل تحالف مع الرئيس رجب طيب أردوغان وهو سيناريو يبدو مستبعداً منطقياً، لكن سياسيين يقولون إن الحياة السياسية التركية لا تعرف المستحيل، وأن كل شيء وارد في السياسة ولا يمكن استبعاد أي سيناريو من الآن. 

وحتى الآن، يعتبر الحزب جزءا من “تحالف الأمة” وهو تحالف المعارضة الرئيسي الذي يجمع حزب الجيد مع حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية، ونجح عام 2019 وبدعم غير معلن من حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، في الفوز بعدد من البلديات الكبرى في تركيا، وهو نفس التحالف الذي تعول عليه المعارضة لحسم الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة على غرار ما جرى في بلديات إسطنبول وأنقرة وأنطاليا وغيرها. 

ومؤخراً، توسع هذا التحاف ليشمل أحزابا أخرى ضمن ما بات يعرف “تحالف الطاولة السداسية” الذي يضم 6 أحزاب مختلفة تقول إنها تهدف إلى إنهاء حكم أردوغان وتحويل البلاد إلى النظام البرلماني، وبالتالي فإن مستقبل حزب الجيد لا يزال يتمحور بدرجة أساسية حول الاستمرار والبقاء في “تحالف الطاولة السداسية” والاتفاق على مرشح موحد للانتخابات الرئاسية من الأحزاب الستة ومنها “الجيد”. 

إلا إن هذا السيناريو لا يبدو وحيداً في الحياة السياسية التركية التي تشهد تغيرات سريعة وكبيرة وغير تقليدية، لا سيما وأن تحالف المعارضة الموسع “الطاولة السداسية” والتحالف الأساسي “تحالف الأمة” لم يتوافقا بعد على خطة لخوض الانتخابات المقبلة، وخاصة ما يتعلق بالمرشح المتوقع للانتخابات الرئاسية، وما إن كانت هذه الأحزاب ستخوض الانتخابات بمرشح توافقي منذ الجولة الأولى، أم أنها ستدعم المرشح الأقوى في الجولة الثانية بعد خوض كافة زعماء الأحزاب الجولة الأولى، وسط شكوك كبيرة بقدرة هذه الأحزاب على دعم مرشح توافقي. 

يضاف إلى ذلك حجم الخلافات والاختلافات السياسية والأيديولوجية بين الأحزاب الأساسية بالتحالف، وخاصة بين حزب الجيد ذي التوجهات القومية، وحزب “الشعوب الديمقراطي” الكردي، وهو ما يدفع كثيرين للاعتقاد بإمكانية أن تتجه أكشينار نحو خطوة مفاجئة تتمثل في الخروج من تحالف الأمة، وبالتالي “تحالف الطاولة السداسية” وهو ما يعني فعلياً قلب حسابات التحالفات والانتخابات المقبلة رأساً على عقب. 

هذا الخيار يقود إلى السيناريو الثاني والذي يتمثل في توجه أكشينار لتشكيل تحالف سياسي ثالث بعيداً عن تحالفي الموالاة والمعارضة، على أن يضم هذا التحالف بدرجة أساسية أحزابا وشخصيات سياسية مهمة انشقت عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، ومنها علي باباجان وزير الاقتصاد السابق، وأحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء السابق وأحزابا أخرى صغيرة. 

ومن شأن حصول هذا السيناريو، أن يضعف معسكر المعارضة الأساسي ويوزع أصواته بين تحالفين، وهو ما يعني تسهيل مهمة أردوغان في الفوز بالانتخابات الرئاسية، ومهمة “تحالف الجمهور” الذي يضم حزبي العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية في الفوز بأوسع كتلة في البرلمان المقبل.

في المقابل يُتوقع أن يعطي التحالف الثالث وزنا أكبر لأكشينار في الحياة السياسية التركية، يؤسس لأن يكون البديل الأبرز في الانتخابات بعد المقبلة. 

وعلى الرغم من أن السيناريوهين السابقين هما الأكثر ترجيحاً، إلا أن سيناريو ثالثا لا يمكن استبعاده على الإطلاق على الرغم من ضعف فرصه، حيث لا يستبعد سياسيون أتراك أن يحصل تغيير جوهري في تركيبة التحالفات عبر استبدال أردوغان تحالفه الأساسي مع حزب الحركة القومية، بتحالف جديد مع حزب الجيد الذي تقول استطلاعات الرأي إنه سيحصل على نسبة أصوات أعلى من الحركة القومية في الانتخابات المقبلة. 

وفي ظل الحديث عن خلافات بين العدالة والتنمية والحركة القومية، ورغبة أردوغان في ضمان الفوز بالانتخابات الرئاسية والحصول على أغلية مريحة في البرلمان، فإن حزب الجيد سيكون خياراً أهم للعدالة والتنمية في ظل التراجع في أصوات الحركة القومية، حيث تشير استطلاعات إلى تراجعه إلى متوسط 7 بالمئة. 

في المقابل، تُجمع العديد من استطلاعات الرأي المنشورة في تركيا خلال الأشهر الأخيرة، على أن شعبية أكشينار وحزبها هي الأكثر صعوداً بين الشخصيات والأحزاب السياسية الأخرى.

وعلى الرغم من أن حزب “الجيد” تأسس قبل نحو 5 سنوات، إلا أنه بات يلعب دوراً محورياً في التركيبة السياسية بالبلاد، بعدما نجح في اجتذاب شريحة مهمة من الناخبين تشير الاستطلاعات إلى أنها تقترب من 15 بالمئة، وبينما تشير الاستطلاعات “المتشائمة” إلى نسبة أقل بقليل عند 12 بالمئة، تشير استطلاعات لمراكز “متفائلة” محسوبة على الحزب بأن شعبيته تقترب من 18 بالمئة، ويتوقع أن تصل إلى قرابة 20 بالمئة مع اقتراب موعد الانتخابات.  

وتقول تقديرات مختلفة إلى أن حزب الجيد وزعيمته أكشينار، أكبر المستفيدين من نزيف الأصوات الذي شهدته عدد من الأحزاب التركية في السنوات الأخيرة، حيث يتوقع أنها نجحت في اجتذاب شريحة مهمة من “يمين الوسط” من حزبي العدالة والتنمية الحاكم، والشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، بالإضافة إلى قاعدتها الأساسية التي حصلت عليها أكشينار من حزب الحركة القومية عند انشقاقها عنه وتشكيلها “حزب الجيد” نهاية عام 2017.  

وما خدم الحزب وعزز من مكانته في الحياة السياسية التركية، التحولات الكبيرة التي شهدتها التركيبة السياسية لاسيما التحالفات التي باتت إجبارية مع تراجع شعبية الأحزاب الكبرى وانعدام قدرتها على حسم الانتخابات بمفردها، وهو ما أضاف أهمية محورية للأحزاب المتوسطة والصغيرة والتي باتت قادرة على المساعدة في حسم الانتخابات لصالح تحالف ما على حساب الآخر.  

وبالفعل، يعتبر حالياً حزب الجيد من أكثر الأحزاب أهمية في تركيبة التحالفات السياسية، حيث يمتلك ثالث أعلى نسبة من الأصوات، ليكون بذلك أكبر حزب بعد العدالة والتنمية، العمود الفقري لـ”تحالف الجمهور”، وحزب الشعب الجمهوري، العمود الفقري لـ”تحالف الأمة” المعارض، في ظل الضبابية التي تحوم حول معدل أصوات حزب الشعوب الديمقراطي ومكانته الفعلية في التحالفات المتوقعة، حيث يلعب هو الآخر دوراً محورياً في حسم الانتخابات المقبلة. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول رضوان ابوعيسى:

    هناك تغيرات سياسية مقبلة في تركيا بعد تراجع الحزبين الحاكمين، فالرئاسة ليست مهددة لكن الاغلبية البرلمانية مهددة فعليا وعلى حزب العدالة والتنمية التحالف مع حزب او احزاب اخرى لتكوين اغلبية برلمانية قبل او بعد الانتخابات، فهل تكون اكشينار بيضة القبان؟

إشترك في قائمتنا البريدية