ميركل تدعو الأوروبيين إلى سياسة أكثر صرامة مع الصين بخصوص الإيغور وتريد توريد أسلحة وعتاد لإفريقيا

علاء جمعة
حجم الخط
0

برلين ـ «القدس العربي»: في تطور لافت بخصوص العلاقة بين بكين وبرلين، دعت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، أعضاء الاتحاد الأوروبي، أمس الأربعاء، إلى تنسيق سياساتهم تجاه الصين، محذرةً من «التداعيات الكارثية» للتصرفات الأحادية في ظروف متوترة. وقالت المستشارة في كلمة أمام البرلمان الألماني ( البوندستاغ) في برلين إنّ «واحداً من أكبر المخاطر التي أراها يكمن في أنّ لكل أحد في أوروبا سياسته الخاصة بشأن الصين، ونحن نبعث في نهاية المطاف إشارات متباينة تماماً، وحذّرت من أنّ «ذلك لن يكون كارثياً على الصين، ولكنّه كارثي بالنسبة إلينا في أوروبا».
ومن أبرز القضايا الخلافية موضوع حقوق الإنسان، وخاصة بما يتعلق بالأنباء الواردة عن إقامة الصين لمعسكرات لمسلمي الإيغور وتكنولوجيا الجيل الخامس للاتصالات. وتحدثت ميركل عن أهمية الإشارة إلى انتهاكات حقوق الإنسان، لافتة إلى التوترات في هونغ كونغ خلال الأشهر الأخيرة والمعاملة القاسية جداً لأكثر من مليون مسلم في معسكرات في الصين.
وقالت إنّ الصين نظام مختلف تماماً، «وأنا لا أعرف إذا ما كان الرد على التنافس بين أنظمة، وقد خبرنا ذلك خلال الحرب الباردة، يمكن أن يكون العزل». وأعلنت ميركل: «لا نشك في أننا بحاجة إلى معايير أمنية شديدة في سياق (إنشاء) شبكة الجيل الخامس».
وقالت: «لكن يتعيّن علينا أيضاً مناقشة ذلك مع الدول الأوروبية الأخرى» بغية النجاح في صياغة «حلول أوروبية». كما اقترحت إنشاء وكالة أوروبية لمنح رخص الجيل الخامس على شاكلة الوكالة التي تجيز عرض أدوية جديدة في السوق.
وكانت الحكومة الألمانية قد أبدت «أكبر قدر من القلق» حيال وقائع جديدة كشفت عن اضطهاد مسلمي الإيغور في الصين، وقالت إنها تجري «محادثات جادة» مع القيادة الصينية منذ فترة طويلة حول هذا الموضوع وتطالب بتحسين وضع حقوق الإنسان وإتاحة الفرصة أمام الخبراء الدوليين للوصول إلى المنطقة التي يقطنها الإيغور. كما ناشد وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، الحكومة الصينية في بكين العمل على توضيح الأمر على وجه السرعة. وقال ماس خلال منتدى برلين للسياسة الخارجية بمؤسسة كوربر في العاصمة برلين: «يتعين على الصين الوفاء بالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان».
وأضاف أن الأمر يتعلّق حالياً بصفة خاصة بتحقيق وصول مستقل للمنطقة التي يسكنها الإيغور، لافتاً إلى أن ذلك يعد مهماً أيضاً بالنسبة لمفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة. وأكد ماس قائلاً: «إذا كان هناك آلاف من الإيغور محتجزين بالفعل في مخيمات، فلا يمكن أن يغض المجتمع الدولي الطرف عن ذلك». إلى ذلك، علّقت صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» الألمانية على المعسكرات الصينية لأبناء أقلية الإيغور، مؤكدة أن هذه المعسكرات «تمثل مخاطر كثيرة على القيم الغربية».
ورأت الصحيفة أن الحرية والديمقراطية تتعارضان مع ما تزعمه بكين من حقها في حكم الإقليم، «ولا يمكن أن يكون هناك على المدى البعيد تعايش سلمي بين النظامين». وقالت الصحيفة إن الصين أدركت ذلك منذ وقت طويل، وأضافت: «لا بد أن يوضح الوضع في إقليم شينغيانغ «سنجان»، أنه لن تكون هناك عودة لجدول الأعمال الطبيعي فيما يتعلق بالتعامل مع الصين».
يشار إلى أن هناك تقارير شبه متواترة عن إساءة الصين معاملة مسلمي الإيغور في إقليم شينغيانغ «سنجان» واحتجاز مئات الآلاف منهم في معسكرات الخاصة وإخضاعهم لما يسمى بـ«عملية غسيل الدماغ» التي تهدف لإثنائهم عن ثقافتهم.
ولا تزال ألمانيا، المتهمة بقدر من التساهل مع الصين التي تمثّل أبرز شريك تجاري لها، صامدة أمام الضغوط الأمريكية لاستبعاد العملاق الصيني من مشروع إنشاء شبكة الجيل الخامس، علماً أنّها تشترط امتثاله لمعايير صارمة. وسبق لواشنطن أن حظرت على هواوي التقدّم بطلبات عروض. ومن جانبه، أعرب الاتحاد الأوروبي، في تشرين الأول/أكتوبر، عن القلق إزاء «التهديدات التي تشكلها دول أو أطراف تدعمها» على صعيد شبكات الجيل الخامس، من دون أن يسمي هواوي. من جهة أخرى، أكدت المستشارة الألمانية ضرورة زيادة توريد العتاد الأمني إلى الدول الإفريقية. وقالت ميركل، أمس الأربعاء، في البرلمان الألماني، إنه لا يمكن اقتصار تدريب القوات المسلحة على مكافحة الإرهاب على سبيل المثال، بل يتعين توريد العتاد اللازم لذلك، وأضافت: «إذا كنا نريد تدعيم الأمن والسلام في إفريقيا، أعتقد أنه لا يمكننا أن نرفض تماماً توريد العتاد».
تجدر الإشارة إلى أن الجيش الألماني يدرب منذ سنوات عديدة القوات المسلحة في مالي. وكانت أجزاء كبيرة من الدولة الواقعة غربي إفريقيا قد سقطت قبل أعوام في قبضة ميليشيات إسلامية، وتكافح حتى اليوم ضد الإرهاب. وأكدت ميركل أنه يتعين على الجيش الألماني أن يدرب، وبالتالي يسلح، على نطاق أوسع، موضحة أنه يجب أن لا تحصل الدول الإفريقية على العتاد من الصين وروسيا والسعودية فقط. وأشارت ميركل إلى أن مواصلة تقييد توريد العتاد الألماني يثير لذلك قلقها بعض الشيء.
يُذكر أن الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي أقرت مؤخراً مذكرة تقترح فيها تشديد القواعد الصارمة بالفعل لتصدير الأسلحة الألمانية. وتقيد هذه المقترحات بشدة تصدير الأسلحة لدول خارج الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو).
وقالت ميركل: «لا يمكن أن ندرب على نحو جاد وجدير بالثقة أشخاصاً مضطرين لخوض معارك ضد الإرهاب، ثم نقول لهم بعد ذلك: حسناً، لكن عليكم أن تفكروا من أين ستحصلون على عتادكم».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية