برلين- أ ف ب- اصرت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل أمام نظيرها التونسي يوسف الشاهد المتحفظ جدا، على تسريع عمليات طرد المهاجرين غير الشرعيين الذين رفضت طلبات لجوئهم، في موضوع بالغ الحساسية منذ اعتداء برلين الذي نفذه مهاجر اسلامي متطرف يحمل الجنسية التونسية.
وقالت ميركل في مؤتمر صحافي مشترك في برلين “العام الماضي وحسب معطياتي، غادر 116 مواطنا تونسيا المانيا” بعدما رفضت طلبات اللجوء التي تقدموا بها. واضافت ان “الامر لا يجري بسرعة كافية ونناقش كيف يمكننا تحسين هذه العملية وكيف نفعل ذلك بلا صعوبة”.
وحتى قبل لقاء ميركل، رفض رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد طلبات المستشارة الالمانية التي اتهمت حكومته بعد اعتداء برلين، بعرقلة عودة طالبي اللجوء — بين الف و1500 ملف — الذين يتقرر ترحيلهم من اوروبا وخصوصا الاشخاص المرتبطين بالتيار السلفي.
وقالت ميركل السبت انها تريد إن تبلغ نظيرها التونسي في برلين انه على تونس الكف عن عرقلة عمليات ابعاد المهاجرين بطريقة غير مشروعة. وتأخذ المانيا على تونس ومعها المغرب والجزائر، عدم التعاون في هذا المجال خصوصا.
وبعد الاعتداء بشاحنة على سوق الميلاد في برلين الذي اوقع 12 قتيلا في كانون الاول/ ديسمبر ونفذه التونسي انيس العامري لحساب تنظيم الدولة الاسلامية، بين ان طلب العامري للجوء كان رفض قبل ستة اشهر من ذلك التاريخ لكن لم يتسن ترحيله عام 2016 بسبب اجراءات بيروقراطية في تونس.
وقال يوسف الشاهد في مقابلة مع صحيفة “بيلد” الشعبية الالمانية الثلاثاء إن “السلطات التونسية لم ترتكب اي خطأ” ملقيا على ما يبدو المسؤولية على السلطات الالمانية.
– قضية سياسية خطيرة
قال الشاهد “ننتظر من السلطات الالمانية ادلة واضحة على ان الشخص (المراد ترحيله) هو تونسي فعلا”، مشيرا الى ان “المهاجرين غير الشرعيين يستخدمون اوراقا مزورة ما يصعب الامر ويؤدي الى ابطاء العملية”.
وبعد محادثاته مع ميركل، اكتفى الشاهد بالدعوة إلى “تنسيق” افضل، بينما كان قد صرح لصحيفة “بيلد” ان عدد المواطنين التونسيين المعنيين بإجراءات طرد “صغير جدا، حوالى الف شخص”.
واضاف “أنيس العامري لم يكن ارهابيا حين غادر تونس في 2011 وليس هناك ادلة على انه اصبح متطرفا”. وتابع “في ما يتعلق بوثائق الهوية، هنا ايضا تصرفت السلطات التونسية بشكل صائب. نحن على اتصال وثيق على الدوام مع المانيا”.
قبل سنة نددت المانيا ببطء عمليات الطرد بعدما خلصت الشرطة الى ان معظم مرتكبي الاعتداءات التي وقعت ليلة رأس السنة في كولونيا والذين تم التعرف على هوياتهم كانوا من مواطني دول شمال افريقيا واوضاعهم غير قانونية في البلاد.
وقالت ميركل في رسالتها الاسبوعية السبت انها تعتزم ان تبحث مع رئيس الوزراء التونسي “كيفية التحرك بسرعة اكبر حول هذه المسألة، وخصوصا في حالات تشمل اشخاصا خطرين” مضيفة ان تونس عبرت عن “موقف ايجابي جدا” في هذه المسألة.
واضافت انها تعتزم ان تبحث مع الشاهد ايضا امكانية اقامة مخيمات في تونس لاستقبال المهاجرين الذين يتم انقاذهم خلال عمليات عبور المتوسط من اجل منع وصولهم إلى أوروبا.
لكن رئيس الوزراء التونسي رفض هذا الاقتراح بحسب بيلد.
وقال الشاهد إن “تونس ديمقراطية ناشئة، ولا اعتقد أن هذا الامر سينجح وليس لدينا القدرات لمخيمات لاجئين. الحل يجب أن يتم التوصل اليه مع ليبيا”، حيث يستفيد المهربون من الفوضى.
واستقبلت المانيا اكثر من مليون مهاجر ولاجئ منذ العام 2015، ما زاد الضغط على المستشارة الالمانية فيما تواجه صعودا لحزب مناهض للهجرة قبل الانتخابات التشريعية المرتقبة في ايلول/ سبتمبر.
واستفاد الحزب الشعبوي “البديل من اجل المانيا” من هذا الوضع لكي يرسخ وضعه على الساحة السياسية الالمانية متهما ميركل بتعريض البلاد للخطر.
واحصائيا لا يشكل التونسيون والجزائريون والمغربيون الذين يحصلون على اوضاع لاجئين الا نسبة 0,8% و 2,7% و 3,5% على التوالي من اجمالي الحالات.
– دعم تونس
يتسم موضوع الترحيل بحساسية كبرى في تونس، البلد الذي يشهد معدلات عالية من البطالة وحيث تؤمن العديد من العائلات معيشتها من تحويلات يرسلها افراد منها يقيمون في اوروبا.
وهناك حوالى 5500 تونسي بحسب الامم المتحدة انضموا إلى صفوف تنظيمات مثل تنظيم الدولة الاسلامية وخصوصا في العراق وسوريا.
وعودتهم الى تونس قد تكون تداعياتها كارثية على دولة نجحت رغم الازمة الاقتصادية والاعتداءات المتكررة، في الحفاظ على استقرارها وتقدمها الديمقراطي مقارنة مع دول “الربيع العربي” الاخرى.
واكدت ميركل انها تريد دعم تونس عبر “شراكة واسعة تسمح للناس بالا يواجهوا بعد الآن الوضع الذي يقولون فيه (يجب ان اجرب حظي في أوروبا)”.
ووعدت بتقديم مساعدة المانية في مجال التأهيل المهني والامن الداخلي والاستثمارات.
واخيرا، اعلنت ميركل انها ستؤدي زيارة لتونس في ربيع 2017.