سمدار بيري
في أحيان نادرة يغادر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني، نجيب ميقاتي، مكاتبه في بيروت. عندما يخرج يفضل الصعود إلى طائرة والهبوط في باريس أو في واشنطن. هو وأخوه طه، يسيطران على شبكة تجارية متفرعة، وهما مليارديريان كبيران بنيا جملة مراكز تجارية وشققاً سكنية فاخرة. منذ أن “تطوع” لمنصب رئيس الوزراء، نقل ميقاتي، ابن 68 من مواليد طرابلس، لأخيه إدارة شركة الاتصالات والأعمال التجارية في إفريقيا وفي العالم العربي، وشركة الطيران في سويسرا، وشبكة منتجات استهلاكية فاخرة.
والآن، ينبغي الانتباه لمجريات الأيام الأخيرة. أنهى وزير الدفاع غالنت جولة لقاءات في واشنطن، بحث في أثنائها الوضع في قطاع غزة مع كبار مسؤولي الإدارة، كما بحث استعدادات الجانبين في الساحة اللبنانية. ضمن لقاءاته، التقى بعاموس هوكشتاين، وبوزير الدفاع أوستن، وبوزير الخارجية بلينكن. وهاكم المفاجأة: ما إن انتهت المحادثات، حتى تلقى رئيس وزراء لبنان ميقاتي مكالمة هاتفية أمريكية ناشدته للنزول إلى مدينة صور جنوبي لبنان والتجول لإطلاق رسائل تهدئة. صحيح أنه لا يتخذ القرارات عسكرية ولا يدير منظومات هجومية ضد إسرائيل؛ فهذه محصورة بحزب الله، لكن كان مهماً للإدارة الأمريكية ولكبار رجالات الحكم في فرنسا أن يطلق ميقاتي رسائل سلمية، وألا يدعو إلى حرب ضد إسرائيل.
لم يحلم ميقاتي ولم يخطط للوصول إلى صور، وما كان ليفعل دون توصية – أمر من الولايات المتحدة. “لبنان الآن في حرب مع إسرائيل”، أعلن رئيس الوزراء في سلسلة رسائل متضاربة عن عمد. ثم شرح بأن هذه على الإطلاق “حرب نفسية”، وأضاف بأن لبنان متمسك بقرار الأمم المتحدة 1701 الذي استهدف تصميم علاقات الدولتين ومنع هجمات حزب الله. ووقف أمام كاميرات التلفزيون بكامل قامته، ليعلن بأن “لبنان دولة سلام”. لكنه حرص في الوقت نفسه، على إضافة: “نحن نؤيد حزب الله الذي يدافع عن حدودنا”.
انظروا العجب، إسرائيل تراجعت عن تصريحات الحرب أيضاً.
وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بوحبيب، الذي هو الآن في جولة سياسية بين بروكسل وواشنطن وأوتاوا في كندا، واجه ظاهرة توصيات دول أجنبية لمواطنيها ترك لبنان فوراً. بعد الولايات المتحدة، وبريطانيا، والكويت، وألمانيا وهولندا، حذرت السفارة الروسية في بيروت أيضاً مواطنيها. “بدلاً من مد اليد لنا، اشتكى الوزير، “بتنسيق مع الأمريكيين، أنتم تدعون المواطنين إلى ترك كل شيء والهرب. وأتعهد بعدم حدوث حرب. لبنان، لا يعتزم المبادرة إليها على أي حال.
الحرب ليست في مصلحة حزب الله وإيران أيضاً. فثمة معنيون بإبقاء الوضع غير المريح لإسرائيل على حاله، وعدم التصعيد. لا يزعج حزب الله هروب 40 ألفاً من سكان جنوب لبنان شمالاً وإخلاء بيوتهم ومخازنهم لجمع السلاح والعتاد العسكري. بل إن ما يريح المنظمة أكثر هو الوضع القائم في شمال إسرائيل، حيث 60 ألف نازح. لا أحد في هذه المعادلة معني بحرب ذات نتائج قاسية للطرفين. ولا تنسوا، إيران على أهبة الاستعداد. الرسالة الحازمة نقلها كبار الإدارة في واشنطن لغالنت، بل ولنصر الله أيضاً، بتلقيه رسالة مشابهة أيضاً. ربما يعلن وزير الدفاع حتى الغد أن الجيش الإسرائيلي قد يعيد لبنان إلى العصر الحجري، لكن حرباً واسعة ضد حزب الله، على حساب دولة لبنان، لن تجدي ولن تعمل في صالح إسرائيل.
يديعوت أحرونوت 30/6/2024