نائب يشتم الإعلام لتسريبه قائمة «المعاقبين» وزملاؤه يتهمون الرئيس بتوظيف الأمر في حملته الانتخابية

حجم الخط
1

تونس ـ «القدس العربي»: أثار قرار المجلس التأسيسي (البرلمان) التونسي بإقتطاع من أجور النواب المتغيبين عن الحضور جدلا كبيرا في البلاد، حيث اتهم بعض النواب رئيس المجلس بتوظيف الأمر في حملته الانتخابية فيما قام أحدهم بشتم وسائل الإعلام بعد تسريبها لقائمة النواب الذين ستتم معاقبتهم.
وقرر رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر قبل أيام الاقتطاع من أجور النواب الذين تكرر غيابهم عن الجلسات منذ شهر نيسان/أبريل الماضي، وجاء هذا القرار بعد تأخر مناقشة قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال بسبب عدم اكتمال النصاب اللازم للمصادقة على فصوله.
وقال إن المجلس سيطبق النظام الداخلي بشكل عادل على جميع النواب الذين تغيبوا عن الجلسات العامة دون عذر على اختلاف كتلهم ومجموعاتهم النيابية، مشيرا إلى أن الاقتطاع من الأجور متناسبا مع عدد الغيابات.
واعتبر أن الغياب عن مناقشة قوانين هامة كالقانون الانتخابي وقانون المالية التكميلي وقانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال «غير مقبول من نواب الشعب المكلفين برسالة»، مشيرا إلى أن المجلس «كان حريصا على احترام النواب وقد عول على حس المسؤولية لديهم لكن للضرورة أحكام ولا بد الآن من تطبيق النظام الداخلي في ما يتعلق بالغيابات رغم أن هذه المسألة حساسة لكن كان يجب العدل واحترام النواب المواظبين».
وينص الفصل 26 من القانون الداخلي للمجلس التأسيسي على أنه «لا يجوز للنائب التغيب عن أشغال المجلس الوطني التأسيسي دون إعلام و لرئيس المجلس أن يأذن بتغيب العضو لمدة محدودة لا يجوز الإذن لمدة غير معينة إلا في رخصة العمل وإذا تجاوز الغياب دون عذر ثلاث جلسات عامة في نفس الشهر على المكتب أن يقرر الاقتطاع من المنحة بما يتناسب ومدة الغياب وعلى مكتب المجلس أن ينشر على الموقع الإلكتروني للمجلس قائمة الحضور في الجلسة العامة واللجان في أجل أقصاه ثلاثة أيام عمل بعد نهاية الجلسة وتحدد القائمة إذا كان الغياب بعذر أم لا. ولكل نائب الحق في الاعتراض في حدود أسبوع من تاريخ نشر القائمة».
وأثار القرار غضب عدد كبير من النواب، حيث وجه بعضهم نقدا لاذعا لرئيس المجلس واتهموه بـ»الانخراط في حملة انتخابية على حساب النواب».
وقال النائب محمد علي نصري لصحيفة «الصباح» المحلية إن «النظام الداخلي ينص على منح النائب عطلة أسبوع كامل في الشهر للتواصل مع أبناء جهته لكن هذا لم يطبق منذ أكثر من سنة».
وأشار إلى أن النواب طالبوا سابقا بتفعيل هذا الإجراء «لكن مكتب المجلس لم يعر الأمر أهمية وفي المقابل اتخذ قرار الاقتطاع من منحة النواب متناسيا أن أعضاء المكتب أنفسهم يتغيبون وأن رئيس المجلس الذي يقوم بحملة انتخابية عبر وسائل الإعلام هو الأكثر تغيبا».
في حين أشاد النائب حسن الرضواني على الجهد الذي يبذله المجلس التأسيسي، وبين أنه «المؤسسة الوحيدة التي أنهت تقريبا مهامها، لكن عوضا عن مكافئته «يُهرسل» (يتتعرض للضغط) في وسائل الإعلام، و»يُهرسل» نوابه ماديا بحرمانهم من منح السكن، وهم مهددون الآن في أجورهم، واعتبر ما يحدث مؤامرة على النواب خاصة نواب الجهات».
وكانت بعض وسائل الإعلام لجأت إلى نشر قوائم للنواب الذين سيتم اقتطاع أجورهم قالت إنها استقتها من موقع المجلس التأسيسي، فيما نسبتها مصادر أخرى لمنظمة «البوصلة» المتخصصة في مراقبة اعمال المجلس الوطني التأسيسي.
لكن حزب التكتل (حزب بن جعفر) ومنظمة البوصلة أصدرا بيانين منفصلين تلقت «القدس العربي» نسخة منهما، نفيا من خلاله أي علاقة لهما بالقوائم المنشورة، وذكر حزب التكتل في بيانه نقلا عن مصادر داخل البرلمان أن القوائم والمعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام المحلية «لم تصدر عن هياكل المجلس وليس لها بالتالي أي طابع رسمي».
وكان رئيس كتلة حزب التكتل في المجلس التأسيسي المولدي الرياحي اتهم منظمة البوصلة بنشر قائمة بأسماء النواب المتغيبين عن الجلسات، حيث أشار إلى أن وسائل الإعلام نشرت القائمة نقلا عن المنظمة، مطالبا بالتحقيق في مصاداقيتها. وردت المنظمة بنفي هذا الأمر، وأشارت إلى أن وسائل الإعلان حصلت على القائمة من الموقع الإلكتروني للمجلس، مشيرا إلى أن القائمة تحوي أخطاء عديدة، كما طالبت الرياحي بالاعتذار، مشيرة إلى أنها ستلجأ لمقاضاته بتهمة «الثلب» (القدح) بعدما شكك في مصداقيتها، في حال رفض الاعتذار.
وشهدت جلسة الثلاثاء (المخصصة لمناقشة قانون مكافحة الإرهاب) جدلا كبيرا بعد تهجم النائب ابراهيم القصاص على وسائل الإعلام في البلاد وشتمه للصحافيين، متهما إياهم بـ»استباحة أعراض النواب»، على خلفية نشرها لقوائم النواب المتغيبين، فضلا عن معلومات تتعلق بتسلم النواب لمنح مالية جديدة.
وحمل القصاص مسؤولية ما يحصل في البلاد إلى الإعلام الذي وصفه بـ»إعلام العار»، مشيرا إلى أنه ساهم في إيصال البلاد إلى طريق مسدود.
وردت «جمعية الصحافيين البرلمانيين» ببيان أكدت من خلاله أن ما قاله القصاص «في حرم المجلس التأسيسي لا يليق بنائب عن الشعب ويسيء لقطاع الإعلام بجميع هياكله ومؤسساته». وطالبت رئاسة المجلس بـ»إلزام النائب المذكور بتقديم اعتذار رسمي عما بدر منه من إساءة وإهانة للصحافة وللصحافيين»، مشيرا إلى أنها ستقاطع جميع مداخلاته مستقبلا.
يذكر أن تفاقم ظاهر الغياب في المجلس التأسيسي خلال مناقشة مشروع قانون مكافحة الارهاب والخلافات حول مضمونه دفعا عدد كبيرا من النواب للتحذير من سقوط القانون بسبب ضعف الحضور وعدم التزام المجلس بآخر أجل حدده للمصادقة على المشروع والذي ينتهي في الرابع والعشرين من آب/أغسطس الحالي.

حسن سلمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول S.S.Abdullah:

    حصر جميل لأنّه يجمع آراء أكثر من جانب يا حسن سلمان، وأضيف عند العرب حكمة تقول ” من أمن العقاب أساء الأدب” فكيف بمن ضمن التكريم في كل الأحوال كما هو حال النخب الحاكمة في النظام الديمقراطي بالإضافة إلى الديكتاتوري، فأكيد ستكون النخب الحاكمة في تلك الحالة هي أس الفساد، وبالمناسبة نظام الحكم للدول الأعضاء في الأمم المتحدة هو نظام واحد لا يختلف إلاّ بعدد الأقطاب في النخب الحاكمة ففي الديمقراطي عدة أقطاب بينما في الديكتاتوري قطب واحد ولكن النظام دون ذلك واحد.
    وهذا النظام يرفض التعامل بالشفافيّة من خلال الممارسة العمليّة كما هو واضح أعلاه، ناهيك أنَّ النخب الحاكمة في هذا النظام ترفض التعامل بمصداقيّة تحت غطاء الديبلوماسيّة والتي ما هي إلاّ قناع لمعنى النفاق السياسي، أو كما جمعته حكمة العرب في قول “ليس كل ما يُعرف يُقال”.
    النخب الحاكمة في هذا النظام ضد أي أعلام ذو مصداقية لا يتبع لها أو على الأقل تتحكم فيما يتم النشر فيه، ومن هذه الزاوية نستوعب لماذا نجح محمد حسنين هيكل عام 1967 في خداع الشعب من أجل استمرار النخب الحاكمة بعد فضيحة الهزيمة دون أن تثور عليه كما حصل في العراق عام 1991 ضد صدام حسين مثلا، لأنَّ وقت محمد حسنين هيكل لم يكن يتواجد أدوات العولمة من قنوات فضائية مثل السي أن أن أو وسائل الاتصال مثل الشّابكة (الإنترنت).
    الديمقراطية مثلها مثل الديكتاتورية بسبب ثنائية العلمانية والحداثة (والحداثة ليس لها علاقة بالتحديث والتطوير كما يسوقه زورا مثقفينا) تمثل ثقافة الـ أنا والحرية من هذه الزاوية ليس لها حد ببساطة لأنّها لا تعترف إلاّ بالـ أنا، عكس ثقافة الـ نحن والتي مفهوم الحرية فيها يكون عند حدود الطرف الآخر.
    ما رأيكم دام فضلكم؟

إشترك في قائمتنا البريدية