ناشونال إنترست: علاقات السعودية وإسرائيل مفيدة لردع إيران ولكن يجب حل الأزمة الخليجية

حجم الخط
0

لندن – “القدس العربي”:

تحدث باحثون عن علاقة إسرائيل بدول الخليج وقالوا إن صورة الجبهة الإسرائيلية – السعودية الموحدة لها قيمة ردع مهمة ضد إيران ولكن يجب استخدامها لحل أزمة مجلس التعاون الخليجي.

وكتب كل من يوئيل غزانسكي من جامعة تل أبيب وسيغرد نيبور المحلل السياسي المقيم في واشنطن واليكس فاتنكا من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى عن محاولات الإدارة الأمريكية لدونالد ترامب بناء جبهة موحدة ضد إيران التي حذر وزير خارجيتها محمد جواد ظريف في مؤتمر الأمن الذي عقد الشهر الماضي في ميونيخ عن احتمالات الحرب العالية بين بلاده وإسرائيل. وجاءت تصريحات ظريف بعد أيام من قمة وارسو التي حاولت من خلالها واشنطن بناء تحالف موسع يدعم سياسات ترامب في الشرق الأوسط وإيران منها. وفي الوقت الذي فشلت فيه الولايات المتحدة الحصول على دعم أوروبي “لحملة الضغط القصوى” ضد طهران أو حتى إصدار بيان يحدد أهداف السياسة إلا أن واشنطن حققت كما يقول الباحثون نصرا دبلوماسيا رمزيا. في إشارة لجلوس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى جانب وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء الكويت ولكن اليمن حيث تمت مناقشة أجندة ترامب في المنطقة بما في ذلك خطة السلام القادمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وفي غياب العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وأي من دول مجلس التعاون الخليجي الستة فقد نجح ترامب حيث فشل أسلافه، وفتح منبرا يجلس فيه المسؤولون الإسرائيليون مع العرب ومناقشة الأمور الإقليمية. ويمكن للحوار الإستمرار حتى في حالة استمرار الخلافات الحادة داخل مجلس التعاون الخليجي التي تتراوح من أزمة قطر واليمن وإلى إيران. فهذا هو أول لقاء من نوعه يتم منذ أكثر من عقدين. ويرى الباحثون أن قمة وارسو هي استمرار للسياسة التي أعلن عنها ترامب في الرياض عام 2017 أثناء القمة العربية الإسلامية- الأمريكية التي أتبعها بزيارة إلى إسرائيل ثم خروجه من الإتفاقية النووية والقمة الأخيرة في وارسو والتي تظهر أن إيران لا تزال العدو الرئيسي لأمريكا إلى جانب الصين وروسيا. إلا ان الأهداف الإستراتيجية وبناء علاقات بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي  وتحديدا مع السعودية بهدف عزل إيران والدفع بالعملية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين جاءت بسبب الفشل الأمريكي حل الخلافات الخليجية- الخليجية التي وضعت السعودية والإمارات والبحرين في جبهة ضد قطر، أما عمان والكويت فالتزمتا الحياد. وما تبع ذلك من عجز الولايات المتحدة حشد الدعم لـ “الناتو العربي” الذي أطلق عليه رسميا اسم “التحالف الإستراتيجي الشرق الأوسطي” مما أضاف تعقيدا إلى محاولات ترامب عزل إيران. ففي الوقت الذي تتبنى فيه الإمارات العربية والسعودية والبحرين موقف الرفض عندما يتم الحديث عن إيران رأت الكويت وعمان وقطر أن هناك فائدة من التحاور معها. ويرى الباحثون أن الخلافات الحادة بين دول مجلس التعاون فيما يتعلق بإيران والإعتراف أن أزمة الخليج أصبحت مصدرا لعدم الإستقرار العالمي هي التي كانت وراء قرار سلطان عمان، قابوس بن سعيد استقبال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مسقط في تشرين الأول (أكتوبر) 2018.

 الخلافات الحادة بين دول مجلس التعاون فيما يتعلق بإيران والإعتراف أن أزمة الخليج أصبحت مصدرا لعدم الإستقرار العالمي هي التي كانت وراء قرار سلطان عمان، التي لها علاقات وثيقة مع إيران، استقبال نتنياهو في مسقط

ولأن عُمان هي الدولة الوحيدة في الخليج ذات العلاقة الوثيقة مع إيران فدعوة نتنياهو هي محاولة لموضعة عمان كوسيط مهم بين إيران وأمريكا وبين طهران وإسرائيل. وفي ضوء قرار ترامب إلغاء المعاهدة النووية وفشل واشنطن في دفع إيران التفاوض على اتفاقية جديدة، وجد قابوس أن الطريق لواشنطن يمر عبر حوارات مع إسرائيل تسهم في نزع فتيل الأزمة في منطقة الخليج وربما وقف المواجهة على الأراضي السورية.

ويرى الكتاب أن عمان أظهرت شجاعة دبلوماسية مهمة من خلال التعامل مع قوتين إقليميتين- إيران وإسرائيل والذي لا توافق عليه دول الخليج الأخرى. وتعتقد مسقط أن إسرائيل قوة استقرار في ظل التوتر السعودي- التركي عقب جريمة مقتل جمال خاشقجي وتحاول دعم الإستقرار الإقليمي عبر بناء جسور حوار بين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وتظل عمان هي الدولة الوحيدة التي يمكن لنتنياهو زيارتها بدون تأثير على ميزان القوة الهش وبدون أن تؤدي لردة فعل شعبية نظرا لشعبية قابوس بين أبناء شعبه. ومن وجهة نظر السعودية والإمارات فما يقربهما من إسرائيل هو غياب الإستراتيجية الأمريكية الواضحة.

ولربما أعجب الخطاب الناري الصادر من واشنطن ضد إيران السعودية وإسرائيل لكنهما تريدان مشاهدة تحركات عملية، في ضوء قرار ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا. ولهذا السبب تبنت السعودية والإمارات مواقف حازمة في المنطقة والتي كانت مزعزعة للإستقرار وهدامة. وفي الوقت الذي تشترك فيه دول الخليج وإسرائيل في الكثير من القضايا إلا أن مصالحها تتباين. فدول الخليج لديها المصادر المالية ويمنح القرب من إيران فرصة لبناء علاقات استخباراتية وتسهيل وصول المعلومات والقيام بعمليات وكيلة. ومن المهم الإعتراف بما تفرضه العلاقة بين الطرفين خاصة  شخصية الامير محمد بن سلمان الذي اختار سياسات بدت آثارها في أعقاب مقتل جمال خاشقجي. ورغم تركيز حملة نتيناهو على إنجازاته في فتح العلاقات مع الدول العربية إلا أن إسرائيل لديها خطة طواريء حالة خفتت العلاقات مع السعودية بحيث تجد نفسها أمام عبء مهمة مواجهة إيران. وتواجه السعودية تحديات نابعة من الداخل والخارج وتمثل تهديدا على استقرارها واستقرار من يستفيد منها بمن فيها إسرائيل. ولا تزال هناك فجوة بين الموقف الرسمي من العلاقة مع إسرائيل ومواقف الرأي العام. ومن ناحية أخرى تبنت إيران موقفا يعترف ضمنيا ببحث دول مجلس التعاون الخليجي عن طرق لتغيير مواقفها تجاه إسرائيل. وبالنسبة لطهران فمحاولات دول مجلس التعاون الخليجي ليست امتحانا لعلاقاتها مع الجارات الجنوبية ولن ينظر إليها على انها مجرد تحول علاقات مجلس التعاون الخليجي مع إسرائيل. وتريد  طهران رؤية نهاية للحصار على قطر في وقت قد يزيد فيه الضغط على السعودية بسبب حرب اليمن.  ورغم أن علاقة إيران مع قطر هي علاقة مصلحية،  إلا ان الإيرانيين يتساءلون إن كان قطع العلاقة معها هو الثمن الذي يرضي السعودية والإمارات لفك حصارهما عن الدوحة. ولا يبدو أن هذه تريد التضحية بعلاقتها مع طهران. ولم يظهر أي شجب إيراني من دعوة عمان لنتنياهو والتي رتبها مدير الموساد. والسبب هو أن طهران لا تريد خسارة علاقة مهمة مع دولة في الخليج.  كما أن الإيرانيين ليسوا في موقع للهجوم في ضوء ما يتعرضون له من امتحان دولي، وأي هجوم على إسرائيل قد يكشف عن هشاشة الموقف الدبلوماسي الإيراني خاصة بين الأوروبيين وربما الصين وروسيا. ولهذا تبنى الإيرانيون موقفا يشكك فيه مصداقية التعاون مع  إسرائيل. ويعتقد الباحثون أن التوافق في العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج تدفعها المصالح وهي مؤقتة ومرتبطة بالتهديد الإيراني والجماعات الوكيلة لها في المنطقة. وبالنسبة للسعودية والإمارات وإسرائيل فثمار العلاقات الهادئة ربما كان كاف في الوقت الحالي ومن المشكوك فيه أن تكون دول الخليج مستعدة لاتخاذ خطوات أخرى وإقامة علاقات مفتوحة مع إسرائيل. وتتوقع بالضرورة منها عوائد. وفي النهاية فعلاقة إسرائيل مع السعودية والعلاقة بشكل أوسع مع دول أخرى في الخليج لم تحقق بعد إمكانياتها. ويجب استخدامها لجل أزمة مجلس التعاون الخليجي بقدر ما هي مفيدة لردع إيران.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية