ناشونال إنترست: علاقة ترامب مع السعوديين خرق لوعده الانتخابي.. وقتل خاشقجي القشة الأخيرة

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن – “القدس العربي”:

قال الباحث في شؤون السياسة الخارجية والأمن كارلو خوسيه فينسيت كارو إن علاقة الرئيس دونالد ترامب تتناقض مع أهم مبادئ حملته الانتخابية، التشدد في مجال مكافحة الإرهاب.
وتحت عنوان “قتال التشدد الإرهابي الإسلامي تبدأ بالسعودية” قال الكاتب في مقال نشره “ناشونال إنترست”: “كان لدي انطباع ولبعض الوقت أن خسارة هيلاري كلينتون السباق الرئاسي عنت استعادة الولايات المتحدة استقلاليتها كقوة محصنة من الضغوط الخارجية عندما تحاول إملاء السياسة على الشرق الأوسط. إلا أن اعتماد ترامب الشديد على السعودية وعدم استعداده للتحرك في الجريمة البشعة التي تعرض لها الصحافي جمال خاشقجي أدت لتقويض افتراضي هذا”.
وأكثر من هذا فموقف ترامب من السعوديين يتناقض مع واحد من أهم وعوده الانتخابية والتي وعد فيها بممارسة التشدد ضد “الراديكالية الإسلامية الإرهابية”. وبدلا من ذلك وضع ترامب ثقته بالسعوديين وردد خطابها مصنفا إيران كأكبر داعم للإرهاب في العالم. وفي الوقت الذي تمثل فيه خطرا على إسرائيل من خلال دعمها لحزب الله إلا أن أيا من الجماعات المتطرفة في سوريا مثل القاعدة أو تنظيم “الدولة” أو هيئة تحرير الشام. فهذه الجماعات التي نفذت أعمالا إرهابية في الغرب متأثرة بالسلفية والتطرف السني وشيوخ السعودية.
ويشير الكاتب إلى أن تعاليم ابن تيمية، الذي عاش في القرن الرابع عشر أثرت على الوهابية وحركات الإسلام السياسي ومن تنظيم الدولة إلى القاعدة. فمجلة “دابق” بررت الكثير من أعمال تنظيم “الدولة” بناء على فهم ابن تيمية والذي اعتقد أن الجهاد هو سنام الدين وثوابه أكبر من الصلاة أو الحج. ونشر إبن قيم الجوزية افكار استاذه ابن تيمية وبعد قرون جاء شاب اسمه محمد بن عبد الوهاب وأحيا تعاليمه ونشرها عبر حركة دينية- سياسية تركت تأثيرها حول العالم.
ويرى الكاتب أن السلفية تعتبر جسرا للعنف من خلال طبيعتها المتشددة وتفسيرها الضيق للدين الرافض للبدعة والمدارس الإسلامية الأخرى. ويقول إن السعودية صدرت الأيديولوجية هذه معتمدة على مال النفط وأنشأت المدارس في محاولة لاقتلاع كل ألوان الإعتدال الإسلامي الذي يتقبل نوع الحياة والحقوق التي تمارس في الغرب. وتهدف السعودية إلى السيادة على العالم الإسلامي، ولا تهدف فقط إلى مواجهة الشيعة بل أي نسخة سنية منافسة لها. ويشير الكاتب إلى أن ابن تيمية دعا إلى ضرورة الإلتزام بالحاكمية، والخنوع لله والإلتزام بالقرآن وأهمية دور العلماء واتباع ما يقولونه. وفي حالة لم يلتزم قادة المجتمع المسلم بالشريعة أو يقوموا بتطبيقها فيجب على المؤمنين إجبارهم على عمل هذا. ويرى الكاتب أن فكرة ابن تيمية عن الإسلام جاءت نتاجا لحصار وتدمير المغول لبغداد. ومن هنا بدت رؤيته للإسلام منغلقة ومتشددة وتوسعية. وبالنسبة له فالإسلام يتعرض لتهديد دائم وهناك حاجة للدفاع عنه من أجل إقامة الخلافة. وقد ألهمت هذه الأفكار السلفية المعاصرة في المجتمعات التي تلتزم بالدين وترفض مطلقا التأثيرات الدينية والسياسية الأجنبية. وقاتل ابن تيمية في حياته الممارسات الوثنية والعادات. أما السلفية المعاصرة فهي تحارب أي نوع من الإصلاح الديني. وهذا هو الخطر الأكبر. ويقول الكاتب إن فتاوى ابن تيمية ضد الغزاة المغول تخدم كمبرر وإلهام للجهاد ضد القوى الأجنبية. ودعا ابن تيمية لاستخدام الجهاد كوسيلة لفرض مرجعية الإسلام. وتأثر محمد بن عبد الوهاب بأفكار ابن تيمية واستعار الكثير من أرائه بشأن التكفير.
ويرى الكاتب أن السعودية هي قوة توسعية تهدف إلى مواجهة أي منافسة لأيديولوجيتها، سواء كانت محلية أو غربية. ففي باكستان التي تعد القوة النووية دعمت السعودية المدارس الدينية وأثرت على الخطاب الديني في البلاد ومنذ ثمانينات القرن الماضي. وفي اندونيسيا أكبر دولة مسلمة تعدادا للسكان، مولت السعودية مساجد أدت لخلق مشكلة طائفية لم تكن معروفة في البلاد من قبل. وباختصار يقول الكاتب إن السعودية تريد أن تكون قادرة على وتلقين ملايين الناس لجعل الشعوب والقيادات المسلمة تابعة ومنع أي تأثير من أي قوة عظمى بما فيها الحليفة المفترضة وهي الولايات المتحدة.
ويقول الكاتب إنه سمع عندما كان في الأردن من فلسطينيين درسوا وعاشوا في السعودية إن المدارس التي تعلموا فيها هناك تقدم صورة مشوهة للشيعة ولليهود والمسيحيين. وأنك لو صافحت مسيحيا لأصبحت واحدا منهم. فيما دعا المفتي السعودي إلى تدمير الكنائس في الجزيرة العربية. ولكن المشكلة لا تتوقف عند العالم الإسلامي لأن السعودية مولت مساجد ومدارس في الغرب. ففي عام 2017 وجد تقرير لوزارة الداخلية البريطانية أن السعودية هي المصدر الأول للتشدد في المملكة المتحدة. وفي أعقاب نشر التقرير، قال سير ويليام باتي، السفير البريطاني السابق في السعودية إن السعودية التي تقوم بتمويل المساجد التي تحولت لمراكز للتشدد فإنهم لم يكونوا واعين لآثار أيديولوجيتهم. ويعلق الكاتب أن هذا دفاع ومحاولة لتبييض صفحة السعوديين. مع أن إمام الحرم المكي الشيخ عادل الكلباني أن تنظيم الدولة هو نتاج للسلفية. ويرى الكاتب ان العالم الغربي ليس بحاجة إلى دبلوماسيين مثل سير ويليام باتي وغيره فما يحتاجه قادة جادين لا يخافون من الدفاع عن المصالح القومية. ولسنا بحاجة إلى جارد كوشنر الذي لا تتجاوز أهليته للتعامل مع الشرق الأوسط أهلية نيكولاس مادورو لحكم فنزويلا. ولا يوجد هناك طريق لقتال الراديكالية بدون مواجهة الدور السعودي. ولو عنى ترامب ما قاله في رسالته عن “أمريكا أولا” لكانت الولايات المتحدة أكثر وعيا استراتيجيا في التعامل مع قضية خاشقجي. وكانت ستعرف كيفية معاقبة السعودية بدون تأثر العلاقات الثنائية. ولا تحتاج واشنطن لقطع علاقاتها مع السعودية بل كان عليها اتخاذ الخطوات للضغط على الملك لعزل الأمير محمد من ولاية العهد وإلغاء صفقات السلاح ومعاقبة السعوديين على نشر أيديولوجيات الكراهية. وكان عليها أن تقول للسعوديين أن خاشقجي كانت القشة الأخيرة ويجب عليهم الإصلاح أو مواجهة العزلة تماما مثلما جربتها إيران.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية