نتائج لقاء اردوغان ـ ترامب: منع انهيار العلاقات «الاستراتيجية» دون حل أي خلافات «جوهرية»

إسماعيل جمال
حجم الخط
0

إسطنبول ـ «القدس العربي»: كما كان متوقعاً، لم يصل لقاء الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض إلى أي نتائج تتعلق بحل أي من ملفات الخلاف الجوهرية العالقة بين البلدين، واكتفى اللقاء بالتأكيد على العلاقات التاريخية في محاولة لمنع انهيار العلاقات بين البلدين.
ومن ملف الوحدات الكردية في سوريا، وتسليم زعيم تنظيم غولن «فتح الله غولن»، مروراً بملف العقوبات المتصاعدة، ووصولاً إلى الملفات المتعلقة بمنظومة إس 400 الدفاعية الروسية وطائرات إف 35، لم ينجح هذا اللقاء في التوصل لحل أي من هذه المسائل الجوهرية التي أوصلت العلاقات بين البلدين إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة من التراجع والفتور.
وقبل الزيارة، جرى نقاش واسع في تركيا حول جدواها في ظل انعدام التوقعات بإمكانيتها في تحقيق أي نجاح يتعلق بحل أي من ملفات الخلاف الكبرى بين البلدين، وتسربت أنباء متتابعة حول وجود توجه حقيقي داخل الرئاسة التركية لعدم إجراء الزيارة، التي ما لبث اردوغان أن أكد أن طاقم مستشاريه توصل إلى توصية بإجرائها تغليباً لمصلحة البلاد.
وقبيل الزيارة، ضغطت المعارضة التركية بقوة وتمكنت من تشكيل رأي شعبي عام ضد الزيارة، وذلك على خلفية تسرب الأنباء عن إرسال إدارة ترامب مكتوبين بلغة غير دبلوماسية لاردوغان، كان الأول قبيل انطلاق عملية «نبع السلام» واستخدم فيه ترامب تعابير وصفت بـ«المهينة»، ومكتوب آخر كشف عنه حديثاً وهدد فيه ترامب تركيا بعقوبات قاسية في حال لم تتراجع عن صفقة إس 400 مع روسيا.
وظهر حجم الخلافات لا سيمل غضب اردوغان من سياسيات ترامب وتصريحاته بشكل واضح جداً في اللقاء، وخلال استقباله في البيت الأبيض رحب ترامب مطولاً باردوغان وتحدث عن العلاقات والتحالف الاستراتيجي والتاريخي بين تركيا وأمريكا وعن صداقته المتينة باردوغان الذي رفض التحدث بأي عبارات شكر أو ترحيب، واكتفى بالقول بأنه سوف يدلي بالتصريح في المؤتمر الصحافي عقب اللقاء.
كما أكدت وسائل إعلام أن الرئيس التركي أعاد «المكتوب المهين» إلى ترامب، وفي تصريحات للصحافيين الذين رافقوه على متن الطائرة في طريق عودته من واشنطن إلى إسطنبول، أكد اردوغان أنه أعاد المكتوب إلى ترامب وأن الأخير «لم يبد أي رد فعل على ذلك».
وحرص اللقاء على التأكيد بشكل عام على العلاقات التاريخية والتحالف الاستراتيجي الثنائي بين البلدين والتحالف في إطار الناتو، في محاولة للحفاظ على استمرار العلاقات وعدم انزلاق الخلافات لمستويات أخطر يصعب ترميمها ولكن دون حل أي من ملفات الخلاف الرئيسية.

الرئيس التركي أعاد «المكتوب المهين» لترامب وامتنع عن الإشادة به

ففيما يتعلق بملف الخلاف الأبرز بين البلدين، والمتعلق بدعم واشنطن للوحدات الكردية في سوريا والتي تعتبرها أنقرة تنظيماً إرهابياً وامتداداً لتنظيم العمّال الكردستاني، لم تحصل أي تغيرات في الموقف الأمريكي رغم مطالبات اردوغان المتكررة لترامب وأعضاء الكونغرس بضرورة التفريق بين الأكراد وهذه التنظيمات «التي تهدد الأمن القومي التركي».
ولم تؤكد التصريحات الرسمية التركية حتى الآن حصول اردوغان على أي ضمانات تتعلق حسب القوات الأمريكية من سوريا أو من الشريط الحدودي بالحد الأدنى أو وقف إرسال الأسلحة للوحدات الكردية أو سحب الأسلحة التي قدمت لها أو ضمانات قطعية بعدم زيارة مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية، إلى واشنطن.
وفي ملف غولن، لم يحصل اردوغان أيضاً على أي ضمانات بتسليم أو محاكمة فتح الله غولن أو قادة التنظيم الذين تتهمهم تركيا بتنفيذ محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، وذلك رغم تقديم اردوغان خلال الزيارة مزيداً من الملفات التي تثبت ضلوع التنظيم وقادته بالمحاولة الانقلابية.
وقال اردوغان: «قدّمنا لجميع السيناتورات الأمريكيين كتاباً مفصلاً حول ممارسات منظمة غولن الإرهابية وسنرسل لهم سلسلة كاملة»، مضيفاً: «اللقاءات متواصلة بين وزارتي العدل (التركية والأمريكية) وسوف نتابع الموضوع دون كلل أو ملل».
في الإطار ذاته، لم يقدم ترامب أي تعهدات بوقف العقوبات المتسارعة التي يعمل عليها الكونغرس لفرضها على تركيا في ملفات مختلفة والتي تصاعدت بالتزامن مع العملية العسكرية التركية الأخيرة في سوريا، ومنها ما يتعلق بملف إس 400 وإف 35 وملف هالك بنك التركي وقضية حراس اردوغان، إلى جانب قضية اعتبار أحداث 1915 «إبادة جماعية تركية ضد الأرمن».
وإلى أبرز ملفات الخلاف الحديثة بين البلدين، لم تعلن تركيا أي تعهدات فيما يتعلق بوقف استلام أو تفعيل منظومة إس 400 الدفاعية الروسية، كما لم تعلن واشنطن عن توقيع اتفاق لبيع تركيا منظومة باتريوت الأمريكية أو إعادة تركيا إلى برنامج صناعة وتطوير طائرات إف 35.
وعما جرى في اللقاء حول المنظومة الروسية، قال اردوغان: «قلنا (للجانب الأمريكي) إن بإمكاننا شراء منظومات الـ»باتريوت»، ونرى أن مقترح إلغاء منظومة إس 400 بالكامل في هذا الإطار يعد مساساً في حقوقنا السيادية»، مضيفاً: «لا يمكننا التخلي عن منظومة إس 400 والتوجه إلى الباتريوت، وأبلغنا الأمريكان برغبتنا في شراء الأخيرة أيضاً إلى جانب الاحتفاظ بالأولى.. أريد أن تكون الولايات المتحدة وروسيا صديقتين لتركيا، وجهودنا ترمي إلى هذه الغاية».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية