بعد مرور ستة أسابيع على الانتخابات، يبدو أنه لا خلاف حول مسلمة واحدة، وهي أن أمامنا مفاوضات ائتلافية هي الأكثر فشلاً يديرها رئيس الحكومة المخضرم جداً. حتى إن المؤيدين البارزين له، الذين يستصعبون العثور على أي عيب في سلوكه ويفسرون كل خطوة له كتمرين ذكي، يقفون بحرج أمام عرض الضعف والاستسلام والتراجع.
بربكم، من الفائز في الانتخابات؟ يسأل أعضاء الليكود. يبدو وكأن الجميع قد فازوا، جميع الشركاء باستثناء نتنياهو. قالوا لهم إن “حكومة الإخوان المسلمين” تعرض وجود الدولة للخطر. وعلى الفور، وعدوا بتشكيل حكومة جديدة خلال أسبوعين – ثلاثة بعد الانتخابات، لإبعاد حكومة خبيثة من البلاد. وفجأة، أصبحت العجلة من الشيطان. أين ذهب الاستعجال؟
لا يتم انتقاد نتنياهو على طريقه الطويل فحسب، بل على الجوهر أيضاً؛ فحكومته الآخذة في التبلور ببطء نجحت في تبديد أي اعتماد للجمهور. إن فضائح التعيينات، والفساد الذي يحدث في وزارات الحكومة الحساسة، والتنازلات غير الضرورية التي يقوم بها مع شركائه ومن يبتزونه مثل آفي معوز… كلها تذهب عقل الأعضاء الأكثر إخلاصاً. ولا نريد الحديث عما يقوله أعضاء قائمته في الغرف المغلقة. باستثناء دافيد بيتان بدور الصبي في “ملابس الملك الجديدة” لا أحد يتحدى ذلك. أما الآخرون الذين يعتبرون أنفسهم كباراً فيصمتون بخوف. هو يشق لنفسه طريق الهرب من المحكمة بينما يدفع هؤلاء الثمن؟
حقائب الدفاع والمواصلات والتعليم والمساواة الاجتماعية (هذه قائمة جزئية)، التي تم الاحتفاظ بها من أجلهم، تظهر مثل جثث حيوانات في الغابة. وكلما خضع نتنياهو أكثر يعطي أكثر. وهكذا تزداد الشهية. وبن غفير مثال بارز؛ فبعد أن حصل على أكثر مما تجرأ أن يحلم به، يضع الآن شرطاً جديداً لتشكيل الحكومة، وهو منصب القائم بأعمال الرئيس ولجنة وزراء للتشريع (التي هي الآن في يد وزير العدل). في موازاة ذلك، فإن طلبات لـ”يهدوت هتوراه” الهستيرية، تعيد الدولة إلى العصور الوسطى. وفي الوقت الذي يضغط فيه بن غفير، يأتي هؤلاء.
نتنياهو في حالة دفاع دائمة. ففي أعقاب تهديد آفي معوز بالمس بطائفة المثليين، وعد بأن تكون هناك مسيرة الفخار. أمس، اضطر في الكنيست مرة أخرى إلى “تهدئة” الجمهور، وقال: “ستكون هناك كهرباء أيام السبت وستكون شواطئ مختلطة”. بوقاحة، طلب من المعارضة احترام رأي الناخب (أي الصمت) وعدم “التقسيم والتحريض” (أي عدم السير في طريق بطل المحرضين والمقسمين).
سبب ذعره واضح. موضوع الدين والدولة نقطة ضعف قاتلة بالنسبة له. لذلك، ستكون كهرباء، لكن الكثير من المليارات ستحول للمدارس الدينية والمعلمين المتدينين والمؤسسات الدينية وكل أنواع المعاهد الوهمية. سيكون هنا قانون تجنيد مميز بدرجة معينة، وكذلك قانون تهويد شديد، ولن يكون تعليم المواضيع الأساسية رسمياً، وإبعاد النساء عن حائط المبنى واحتقار اليهود الإصلاحيين والمحافظين. سيفرح الأصوليون على حساب “النصف الثاني” الذي يخدم في الجيش، كما قال موشيه غفني، ومن بينهم معظم مصوتي الليكود.
حتى رئيس الكنيست (وهو ليس “تعييناً مؤقتاً” حسب تعبيره) لم ينجح نتنياهو في تعيينه، بسبب خوفه من دودي أمسالم). تم اختيار ياريف لفين لهذا المنصب كي يحرك عجلات التشريع الأكثر قذارة في إسرائيل. قبل تشكيل أي حكومة أو بشكل عام، لا يوجد من هو مناسب أكثر منه لهذه المهمة. سيكون هذا تمريناً جافاً مقابل الخراب الذي يريد التسبب به لجهاز القضاء في إسرائيل من مكتب وزير العدل. 13 سنة وهو يدور ويحمل معه خطة الهدم. إذا لم يكن الآن فمتى؟
بقلم: يوسي فيرتر
هآرتس 14/12/2022