بقي أسبوعان على الانتخابات. ويبدو أن ضباب غموض نفتالي بينيت، وغبار الخوف في الوسط – يسار، يخفيان الحقيقة التي تظهرها استطلاعات الانتخابات: نتنياهو في مشكلة، وحملة الليكود لا تنجح في انطلاقها خلافاً لتوقعات الحزب، وكل السيناريوهات التي كان يمكن أن تؤدي إلى ذلك حدثت، فنسبة الإصابة انخفضت بفضل عملية التطعيم، وتم فتح الاقتصاد، وها هو يئير لبيد يصعد في الاستطلاعات، وميرتس يهبط إلى تحت نسبة الحسم، وتأييد الليكود ضعف، لكن هناك شخصاً يخفي هذه الحقيقة في هذه الأثناء.
عملية التطعيم كانت نجاحاً كبيراً، لكن استطلاع “أخبار 12” كشف في الأسبوع الماضي عن سبب عدم تحقيق الليكود أي مكاسب من ذلك. والجمهور يحب أن يتطعم، لكنه يعرف أن نتنياهو ليس السبب في ذلك؛ 52 في المئة من الجمهور اختلفوا مع الادعاء القائل إن نتنياهو هو الوحيد الذي يمكنه إحضار التطعيمات إلى إسرائيل، مقابل 37 في المئة وافقوا على ذلك. وهناك زيادة قوة لبيد، الذي قفز في استطلاعات هذا الأسبوع، للمرة الأولى إلى 20 مقعداً، وهي زيادة قد تزيد قوة الليكود حسب رؤية الحملة؛ حيث اعتقدوا أن تكرار اسمه سيحث اليمينيين الذين يعارضون نتنياهو على العودة إلى أحضان الحزب الأم، حتى الآن هذا لم يحدث.
صحيح أنه الليكود، حسب استطلاع “أخبار 12” أمس، ارتفع بمقعد واحد، ولكنه حصل في استطلاعات “أخبار 13” على 27 مقعداً، وهو الرقم الأقل الذي قرأته استطلاعات هذه القناة منذ أشهر. وهكذا أيضاً في استطلاع “معاريف” الذي أجري في نهاية الأسبوع. حسب أسئلة أخرى في الاستطلاعات، يبدو أن ارتباط نتنياهو (أو خنوعه) بالأصوليين هو المسؤول عن المراوحة في المكان، وله ثمن، حتى لو جاء متأخراً، يأخذه من حزبه. وتشهد على ذلك الأرقام التي حققها لبيد وافيغدور ليبرمان في الاستطلاعات، الاثنان المتماهيان مع النضال ضد الأصوليين. هذا هو أيضاً سبب رسالة جدعون ساعر القاطعة ضد الأصوليين في الأيام الأخيرة: يحاول ساعر وقف تسرب المقاعد منه إلى لبيد، وربما أخذ المقعدين أو الثلاثة مقاعد (المقرمشة)، التي يؤمن من هم حوله أن بإمكانه أخذها من الليكود.
السبب الوحيد في عدم ظهور ضعف تأييد الليكود في الاستطلاعات هو هبوط “ميرتس” إلى تحت خط نسبة الحسم في معظم استطلاعات الأسبوع الماضي، وذلك بسبب حسابات الانتخابات الإسرائيلية. وإذا تحققت الاستطلاعات الأخيرة، فإن المقاعد 2 – 3 التي سيرميها “ميرتس” خارج الكعكة ستوزع بصورة نسبية بين الكتل والأحزاب، بأفضلية معينة للأحزاب الكبيرة. بكلمات أخرى، في اللحظة التي سيبقى فيها “ميرتس” في الخارج ويبدد الأصوات، سيزداد الليكود مقعداً بصورة تلقائية. المقعد الذي سيحصل عليه الليكود كهدية في الاستطلاعات يساوي الضعف في تأييده. المعنى هو أن وضع “ميرتس” سيقود الوسط – يسار إلى وضع خطير: ففي استطلاع “أخبار 12” تصل كتلة نتنياهو مع حزب “يمينا” إلى 60 مقعداً، على بعد خطوة من حكومة يمينية – أصولية أخرى، بالأرقام التي بينيت بها أيضاً أصبح يعترف بأنه سينضم إليها.
وضع “ميرتس” خطير، لم يستمع رؤساؤه للتحذيرات التي وجهت إليهم في الأشهر الأخيرة، مثل لا لمطالب الاتحاد مع حزب العمل (رغم وجود شخصين مسؤولين عن هذا الخطأ، وقد لا يكون هوروفيتس الرئيسي منهما)، وهو الاتحاد الذي أنقذ الحزبين في الجولة السابقة. ولا لحملة مكثفة ذات مغزى أكبر في الجمهور العربي. حسب الاستطلاعات، يبدو أن الخطأ الثاني هو الذي قد يقضي على “ميرتس”: في انتخابات 2019 التي هي آخر انتخابات، تنافس فيها ميرتس وحده، حصل الحزب على مقعد – مقعد ونصف من المصوتين العرب. وحسب استطلاعات محدثة، سيحصل الحزب على 0.2 – 0.3 مقعد من هذا الجمهور. هذا المقعد هو كل ما يحتاج إليه “ميرتس” الآن.
من أجل منع الفناء، يجب على “ميرتس” أن يستيقظ ويعثر على الخطوة الدراماتيكية التي ستمكنه من البقاء، وليحدث ما يحدث. وهو في هذه الأثناء يركز في حملته على صرخة الاستغاثة التي أطلقها مؤخراً، التي ربما يكون لها احتمالية بالنجاح، مع الأخذ في الحسبان بأن الحزب ما زال يسكن في قلوب مصوتين كثيرين في الكتلة، خلافاً لأحزاب صغيرة أخرى. ولكن الإحصاء التاريخي يصعب الأمور على الحزب. كلما فشل أي حزب في اجتياز نسبة الحسم في أكثر من استطلاع، يبدأ الجمهور بالهرب منه والمهمة تصبح أكثر صعوبة.
اسألوا اورلي ليفي أبكاسيس، ففي اللحظة التي فقد فيها غيشر امتلاكه لنسبة الحسم مرة واحدة، فإنه لم يشاهدها مرة أخرى في انتخابات نيسان 2019. هناك أيضاً سابقات معاكسة، سواء “راعم” أو “إسرائيل بيتنا” في تلك الانتخابات، لم تستطع اجتياز نسبة الحسم أحياناً، لكنها نجحت في البقاء فوق نسبة الحسم في لحظة الحقيقة.
حسب صورة الوضع الحالية، نتنياهو في ورطة. و”ميرتس” وحده الذي سينقذه منها. وثمة سيناريوهان سيمنعانه من تشكيل حكومة: إذا اجتاز “ميرتس” نسبة الحسم، أو العكس- إذا انسحب ولن يهدد سلامة الكتلة. فقط سيناريو واحد سينقذ نتنياهو: إذا صمم “ميرتس” على التنافس ولم يجتز نسبة الحسم. الأسبوع المقبل سيكون مصيرياً. إذا لم يظهر “ميرتس” في الاستطلاعات التي ستنشر في الأيام القريبة لتشير إلى احتمال بقائه، فستزداد عليه الضغوط للانسحاب، وهو ضغط كما يبدو سيكون مبرراً.
بقلم: أمنون هراري
هآرتس 8/3/2021