العنوان الحقيقي ليوم أمس كان الكشف الدراماتيكي لرئيس وزراء إسرائيل: “كان هناك من اقترح عليّ اتخاذ خطوة تحرق كل الشرق الأوسط كي انتصر في الانتخابات، ولكني رفضت”. واو، المجد لك. شكراً لك، سيدي رئيس الوزراء، لأنك لم تحرقنا (من جهة أخرى، العرب كانوا سيحرقون أيضاً). غير أن نتنياهو في خطابه التاريخي إياه الذي كشف فيه النقاب عن هذا الأمر، حاول أن يحرق شوارعنا. فقد أعلن قائلاً: “رفاقي وأنا لن نقبل محاولة السيد غانتس سرقة الانتخابات، ومعنا ملايين المواطنين”. أقوال نتيناهو في هذا السياق تكاد تكون محاولة الدفع على التمرد والدعوة إلى الفوضى. لقد أزبد على القانون الشخصي وبالأثر الرجعي الذي نشر عنه أمس، القانون الذي يقضي بأن من هو متهم بالجنائي لا يمكنه أن يشكل حكومة في إسرائيل.
ليرتح بالك يا سيد نتنياهو، فهذا قانون لن يسن، والسبب بسيط: رؤساء “أزرق أبيض” لم يأتوا إلى السياسة كي يقلدوك، فهم مصنوعون من مادة أخرى. سياسياً، هذا لا يجديهم نفعاً. ربما العكس. فكلانا يعرف بأنك لو كنت بيني غانتس الآن، لأصبح القانون في القراءة الثالثة.
من أين عرفت؟ من الحقيقة البسيطة بأنك صوتت في العام 2008 إلى جانب مبادرة مشابهة تماماً في كنيست إسرائيل.. كان المتورط بالجنائي في حينه رئيس الوزراء إيهود أولمرت. وعليه، فهذا لا يحسب. عند الحديث عن أولمرت فهذا ليس شخصياً أو بأثر رجعي! وشيء ما آخر: كلانا يعرف بأنه لو كان بوسعك أن تجلب ثلاثة فارين من القائمة المشتركة، لأدت حكومتك اليمين القانونية بعد دقيقة من تلقي التكليف من الرئيس. كنت ستجعل حكومتك تؤدي اليمين القانونية مع أصوات يحيى السنوار وإسماعيل هنية أيضاً. لماذا؟ لأنه يمكنك ذلك، ولأن هذا لا ينطبق عليك، ولأنه مسموح لك. أما حين يصل هذا إلى الآخرين، فهذا محظور.
إن مبادرة التشريع موضع الحديث بدأت كأحبولة إعلامية بريئة وتدحرجت إلى ضجيج كبير. كل شيء بدأ بمقابلة مع النائب أحمد الطيبي لدى آييلا حسون وغولن يوخباز في راديو 103 اف ام. الطيبي، من أكثر النواب إبداعاً، ألمح بإمكانية تشريع مثل هذا القانون. هوب، فإذا بالأحبولة قد ولدت. ننتقل إلى النائب عوفر شيلح الذي أجريت معه مقابلة في “واي نت”، فواجهوه بفكرة الطيبي. شيلح، الذي لم يعرف عن هذه الفكرة، أجاب ما كان كل سياسي سيجيب به في مثل هذا الوضع.. “سنفحص الفكرة”. في تلك اللحظة نشب حريق الهشيم الكبير الذي جعل بلفور منطقة منكوبة. وها هي تأتي أخيراً، مؤامرة القرن. وربط جدعون ساعر أيضاً بها كيفما اتفق.
هذا التشريع ليس طبخة؛ أولاً، بأنه لن ينجح في محكمة العدل العليا. نعم، محكمة العدل العليا المشهر بها. ثانياً، ليس لها أغلبية في قمرة “أزرق أبيض”. فهم لا يريدون أن يكونوا نتنياهو عندما يكونوا عظاماً. فكرة واحدة، منطقية أكثر، هي تشريع هذا القانون من الكنيست القادمة أيضاً، بمعنى، ليس بأثر رجعي. وهذه ليست فكرة سيئة: هذا يعني أنه لا يمكن لنتنياهو أن يتنافس في الانتخابات الرابعة. أمر كلاسيكي. هذا يعني ضغطه الآن لعقد صفقة تناوب سريعة مع غانتس.
كل ما نحتاجه في هذه اللحظة هو وسيط نزيه وشجاع ينهي هذه القضية. وهذا الوسيط يسمى روبين روفي ريفلين. لقد حان الوقت لمقترح من الرئيس جديد وشجاع، محسن ومعدل؛ مقترح ينقذ الدولة من الفوضى التي قاد إليها الدولة رئيس الوزراء، فقد بات محظوراً في النهاية نسيان هذه الحقيقة البسيطة: في المرة السابقة، حين خسر بمقعد ولم تكن له أغلبية لتشكيل حكومة، كان على نتنياهو أن يوافق على التناوب بينما غانتس الأول وهو الثاني، للتفرغ للمحاكمة الجنائية والعودة فوراً، ولكنه لم يوافق – وكل الباقي تاريخ.
بقلم: بن كسبيت
يديعوت 5/3/2020