نتنياهو يصارع على مستقبله السياسي والشخصي

وديع عواودة
حجم الخط
0

الناصرة-“القدس العربي”: بعد غد تشهد إسرائيل الانتخابات الـ 22 لبرلمانها “الكنيست” ويبدو أن رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو يخوض فيها صراعا مصيريا على مستقبله السياسي والشخصي، ويقف في مركز الجدل الدائر حول الحملات الانتخابية المتميزة بسطحية كبيرة وتغييب أكبر للقضية الفلسطينية. ويوما بعد يوم تتزايد الترجيحات والتقديرات بأن نهاية نتنياهو قد اقتربت مما يفسر السلوك الانفعالي بل الهستيري الذي يميزه وهو يحرض تحريضا دمويا على غزة وعلى فلسطينيي الداخل. بشكل منهجي يحاول نتنياهو شيطنة فلسطينيي الداخل (17 في المئة) وتوظيفهم كفزاعة لتهويش اليهود عليهم وحصد أصواتهم. وهذا ليس جديدا فمنذ حملته الانتخابية الأولى في عام 1996 التي جرت عقب اغتيال رئيس حكومة الاحتلال اسحق رابين أطلق نتنياهو حملة عنصرية بعنوان “نتنياهو جيد لليهود”.

بوتين وترامب

 

وهذه المرة لم يكتف بالتحريض والترهيب من الفزاعتين الإيرانية والفلسطينية فسارع مجددا للاستقواء بالخارج واستثمار علاقاته مع الرئيسين الأمريكي والروسي دونالد ترامب وفلاديمير بوتين. فور عودته إلى البلاد من روسيا يوم الجمعة، تطرق نتنياهو، إلى إمكانية إعلان الحرب على قطاع غزة، وقال مهددا إن ذلك “قد يحصل في كل لحظة”. كما تحدث عن لقائه مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وأهمية التنسيق الأمني مع الجيش الروسي في سوريا. ووصف نتنياهو لقاءاته في موسكو بـ”الممتازة” مع وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو، والرئيس فلاديمير بوتين، مضيفا أنه جرى التطرق إلى أدق التفاصيل في الموضوع الأمني. وردا على سؤال حول إمكانية إصدار أمر للجيش بإعلان الحرب على قطاع غزة في الأيام القليلة المتبقية قبل الانتخابات، قال نتنياهو إن ذلك قد يحصل في كل لحظة. وكان نتنياهو قد “تعهد” يوم الخميس الماضي للإذاعة العامة بـ”إسقاط سلطة حركة حماس” مضيفا أنه “على ما يبدو لا خيار سوى الحرب”. إلى ذلك، قال إنه ناقش مع بوتين عمليات سلاح الجو الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط، وأكد أن “إسرائيل تحتفظ لنفسها بحرية هذا النشاط بشكل تام، كما أن التنسيق الأمني مع روسيا الذي يسمح بذلك قد جرى تعزيزه”. وأضاف أن هذه اللقاءات كانت “لقاءات عمل ومعلومات استخباراتية، وتبادل معلومات لمواصلة العمل في الأجواء المزدحمة وقد تم تحقيق هذا الهدف”. وفي حديثه عن الرد الروسي على إعلان نتنياهو رغبته بإحلال السيادة الإسرائيلية على منطقة الأغوار في الضفة الغربية المحتلة، قال إنه لم تكن هناك أي إدانة لذلك، ولم تعرض موسكو أي ادعاءات بشأن الضم. وأضاف أنه شدد أمام بوتين على أهمية التنسيق الأمني بين إسرائيل وروسيا في سوريا، وقال إن “التنسيق الأمني بيننا دائما مهم. وهو مهم بوجه خاص في هذا الوقت لأنه في الشهر الأخير حصل ارتفاع خطير في عدد محاولات إيران استهداف إسرائيل من أرضي سوريا، ونشر صواريخ دقيقة فيها، وهذا تهديد لا يحتمل بالنسبة لنا، ولذلك يجب التأكيد على أن التنسيق الأمني يمنع الاحتكاكات”. من جهته قال الرئيس الروسي إنه “يحافظ على علاقات منتظمة وجيدة مع إسرائيل وإنه سيسر بقبول دعوة الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، بزيارة البلاد بمناسبة “مرور 75 عاما على تحرير المعسكر النازي أوشفيتس”. وقال أيضا إنه “يدرك أن إسرائيل تواجه تحديات تاريخية، وأمامها انتخابات في 17 أيلول/سبتمبر” مضيفا أنه يعيش في إسرائيل نحو مليون ونصف المليون من المهاجرين من الاتحاد السوفييتي سابقا وأن موسكو تتعامل معهم كأنهم مواطنوها، وبالتالي فمن المهم بالنسبة له من ينتخب، وأنه يأمل ممن يدخل الكنيست أن يحافظ على خط الصداقة بين البلدين، بل ويعزز هذه العلاقات.

زيارة انتخابية

في المقابل قال رئيس حزب “يسرائيل بيتينو” أفيغدور ليبرمان إن زيارة نتنياهو، إلى روسيا ولقائه بوتين جاءت على خلفية انتخابات الكنيست، مشددا على أنه “لا توجد لهذه الزيارة أهمية سياسية أو أمنية”. يشار إلى أن وسائل إعلام إسرائيلية أشارت إلى أن بوتين لم يستقبل نتنياهو بحفاوة، مثلما فعل عشية الانتخابات الماضية، وتأخر ثلاث ساعات عن اللقاء، وجعل نتنياهو ينتظره طوال هذه المدة. وأكد ليبرمان أن “كل شيء مخطط في روسيا حتى تفاصيل التفاصيل. وعندما يحتجزون رئيس الحكومة طوال ثلاث ساعات، فإن هذا ليس عفويا”. وتابع “لم يفهم الروس لماذا جاء نتنياهو وما الذي يبحث عنه في روسيا قبل الانتخابات. هذه زيارة انتخابية وحسب ولا أهمية سياسية أو أمنية لها”. لافتا إلى أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قال إن نتنياهو تعهد باحترام السيادة السورية وأن إسرائيل لن تعمل هناك ونتنياهو صرح العكس تماما بأنه تم الحفاظ على حرية العمل”. ولفتت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن استقبال بوتين لنتنياهو، مختلف عن استقباله عشية انتخابات الكنيست الماضية، عندما جرى استقباله بحرس شرف وتم تسليم نتنياهو رفات الجندي الإسرائيلي زخاريا باومل، الذي قُتل في بداية حرب لبنان الأولى، عام 1982 وبقي مكان دفنه مجهولا. من جهة أخرى، أشار موقع “واللا” الإلكتروني إلى أن “شيئا ما في هجوم نتنياهو السياسي الخاطف تعثر فترامب، لم يقم بزيارة مفاجئة لإسرائيل، ولم تتم دعوة نتنياهو إلى البيت الأبيض. وبدلا من حرس شرف في الكرملين، حصل نتنياهو على لقاء عفوي مع بوتين في سوتشي، وعلى تأخير مهين لثلاث ساعات تقريبا”. واعتبر الموقع أن “الهجوم السياسي الخاطف انتهى من دون بشائر كبرى، لا من ترامب ولا من بوتين وان كلا الزعيمين، اللذين انبريا لمساعدة نتنياهو، في نيسان/أبريل الماضي، ابتعدا مسافة واضحة عنه الآن. ويبدو أن لفشله في تشكيل الحكومة في المرة السابقة تأثير، وقد التقطوا هذه الرسالة في البيت الأبيض والكرملين” في إشارة إلى احتمال فشل نتنياهو بتشكيل حكومة بعد الانتخابات، يوم الثلاثاء المقبل.

الاستطلاعات

 

وفعلا أظهر آخر استطلاعين للرأي في إسرائيل تساوي عدد المقاعد التي ستحصل عليها قائمتا الليكود و”أزرق- أبيض” بـ32 مقعدًا لكل منهما، لو أجريت الانتخابات اليوم. جاء ذلك في استطلاعين للرأي نشرتهما القناتان 12 و13 في التلفزيون الإسرائيليّة، مساء الجمعة. وما زال نتنياهو، بحسب الاستطلاعين غير قادر على تشكيل حكومة مقبلة مع ما يسمّيهم “شركاءه الطبيعيين” في إشارة إلى الصهيونيّة الدينيّة والمتزمتين اليهود (الحريدييم). وفي تصريحات اتهمت هي الأخرى بالدعائية كرر نتنياهو، تهديده بشن حرب ضد قطاع غزة معتبرا أن السؤال ليس هل ستنشب حرب كهذه، وإنما متى ستنشب. وتطرق في مقابلتين أجرتهما معه صحيفتا اليمين الإسرائيلي، “يسرائيل هيوم” و”ماكور ريشون” ونشرتهما يوم الجمعة إلى إطلاق قذائف صاروخية من قطاع غزة باتجاه مدينة أشدود، يوم الثلاثاء الماضي، أثناء تواجده في مهرجان انتخابي في المدينة تسبب في إرباكه.

 

فزاعة إيران

 

كما كرر نتنياهو تلويحه بالفزاعة الإيرانية في محاولة لجمع الإسرائيليين كقطيع خلفه وقال إن إيران تسعى إلى تطويق إسرائيل من كافة الاتجاهات، عبر سوريا والعراق ولبنان وغزة واليمن. وتابع دار الصراع حول كيف نجند العالم للصراع ضد إيران، عسكريا واقتصاديا وسياسيا. ماذا كان سيحدث لو وافقنا على الاتفاق النووي للرئيس أوباما؟ من كان سيوافق على السير معنا؟ هل تعتقد أنه ستبقى هناك معارضة في أمريكا؟ كانوا سيقولون “إذا كان اليهود قد تنازلوا، فلماذا علينا أن نحارب هذه الدولة التي تهدد بالقضاء علينا؟”.

إسقاط نتنياهو

 

ويسعى فلسطينيو الداخل من خلال قائمتهم الوحدوية (القائمة المشتركة) لإحداث اختراق أو على الأقل تغيير في السياسة الإسرائيلية من خلال استغلال حالة التعادل بين القطبين المتنافسين “الليكود” و “أزرق- أبيض”. وردا على سؤال حول احتمالات سقوط نتنياهو الذي يقود حكومة الاحتلال بشكل متواصل منذ 2009 يؤكد النائب يوسف جبارين أن نتنياهو يكابد حالة هلع من الارتفاع المتوقع بنسبة التصويت لدى المجتمع العربي، الأمر الّذي دفع بالحكومة الى المصادقة على تشريع قانون وضع الكاميرات في أمكنة التصويت من أجل ردع المصوتين العرب من الذهاب الى الصناديق وممارسة حقهم المدني والسياسي بالتصويت. وأضاف جبارين: “نتنياهو يعرف جيدًا ان نسبة تصويت عالية في مجتمعنا العربي تعني سد الطريق أمامه وأمام باقي أحزاب اليمين الاستيطاني المتطرف لإقامة حكومة حصانة متطرفة جديدة وربما بالتالي يتم إسقاط صفقة القرن أيضا”.

فلسطينيو الداخل

 

ويتابع جبارين “عليه، نتوجه الى أهالينا بصدق واخلاص بان يدعموا القائمة المشتركة، وان يمنحونا الثقة لمواصلة مسيرة العمل والعطاء لخدمة جماهير شعبنا عمومًا”. وخلص للقول “نستطيع الثأر من نتنياهو وإسكاته والحدّ من التحريض علينا وذلك من خلال التصويت للمشتركة واسقاطه”. يشار إلى أن القائمة المشتركة تواجه هذه المرة أيضا مشكلة عزوف الفلسطينيين في الداخل عن صناديق الانتخابات لعدة عوامل منها الاحتجاج على أداء الأحزاب العربية وصراعاتها الداخلية والتي دفعت لتفكيك القائمة المشركة في انتخابات نيسان/ابريل الماضي واتساع الاعتقاد بأنه لا جدوى من العمل البرلماني داخل الكنيست وغيره. غير أن عائد كيال مسؤول الحملة الانتخابية لـ “المشتركة” يؤكد لـ “القدس العربي” أن هناك تحولا كبيرا في الأجواء والتوجهات في الشارع العربي مشددا على احتمال ارتفاع نسبة التصويت لدى المواطنين العرب هذه المرة بعدما بلغت الحضيض وانخفضت عن الـ 50 في المئة بقليل للمرة الأولى منذ الانتخابات العامة الأولى في إسرائيل عام 1949.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية