رام الله- «القدس العربي»: فتح فوز المرشح الأمريكي عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب، شهية اليمين الإسرائيلي في الإعلان الصريح عن أطماعه في الضفة الغربية، وقابل ذلك تعاظم مخاوف الفلسطينيين وتعزيزها من سياسات الاحتلال الجديدة، وأثرها على وجودهم في أراضيهم وحياتهم اليومية.
وكشفت الإذاعة الإسرائيلية العامة إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، صرح في جلسات مغلقة، بأنه ومع تولي الرئيس الأمريكي المنتخب منصبه في البيت الأبيض، يجب إعادة طرح إمكانية فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية على جدول الأعمال.
وينضم نتنياهو بذلك إلى أصوات أخرى داخل الائتلاف الحكومي، جاهرت بدورها بالإعلان عن فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة، ومن هؤلاء وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي قال الإثنين، إن «عام 2025 سيكون عام فرض السيادة على الضفة الغربية»، وهو ما دفع خبراء ومحللين في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي للقول إن ضم الضفة الغربية هو فعل حدث بشكل كامل عام 1967 (تاريخ احتلال الضفة الغربية)، وهو ما تعمق خلال السنوات الماضية.
وحسب المحلل السياسي والخبير في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، فإنه «يكفي أن تعيش الأزمة الخانقة على الطرقات كل يوم حتى ترى أن الضم وقع فعلا، هناك فصل في الشوارع بيننا وبين المستوطنين، ومئات البوابات الصفراء، وحواجز، لهم الشوارع الالتفافية الحديثة والسريعة التي تربطهم بمدن ومركز إسرائيل، ولنا الطرق البدائية الوعرة والبنية التحية المتهالكة، التي تفتح فيها البوابات في ساعات محددة فقط وتنتشر فيها الحواجز». وتابع منصور، في حديثه مع «القدس العربي»: «لا تستطيع الوصول للأرض الفلسطينية بعد أن انتشر فيها «شبيبة التلال» (تنظيم استيطاني يميني متطرف)، والاستيطان الرعوي، وموسم الزيتون لم نستطع قطفه، لا حرية حركة داخلية وبين المدن، وغلاف المستوطنات محظور علينا، والمحميات الطبيعية تمت مصادرتها ومناطق (ب) تحولت إلى (س)…الخ».
ولفت منصور الانتباه إلى أن المستوطنين «يتبعون للمحاكم المدنية الإسرائيلية، والمؤسسات التعليمية والأكاديمية تتبع لدولة الاحتلال، وكذلك الصناعة والتجارة، وذلك بمعنى أن البنية التحتية والبنية القانونية والإدارية والتعليمية والاقتصادية مربوطة بإسرائيل».
وسأل: «ماذا تبقى؟» فقط الإعلان وبسط القانون الاسرائيلي على الفلسطينيين، وهذه خطوة سياسية تتوج ما أنجز خلال عقود من الضم الزاحف».
ويرى منصور أن تصريحات سموتريتش يمكن تناولها من خلال التوقيت، «فهي ليست جديدة الطرح بالنسبة إليه، فهو صاحب خطة الحسم، وهو من المنظرين الأساسيين لمشروع ضم الأرض الفلسطينية وما عليها».
وتابع: «هذه المرة يعتبر سموتريتش أنه أمام فرصة ثمينة، فهناك إدارة موالية له في أمريكا، إدارة أيدت في صفقة القرن السابقة ضم 40% من الضفة».
وشدد على «أننا أمام واقع إداري وقانوني ومعيشي لا يمكن التراجع عنه، فالأمور تجري بتسارع رهيب ومخيف ويحتاج وقفة ومشروع مواجهة فلسطيني، «لقد تكرس الضم وتحولت الضفة إلى جيب».
بدوره قال عليان الهندي، الخبير والباحث في الشأن الإسرائيلي، إن «السياسات الإسرائيلية منذ اليوم الأول لاحتلال الضفة الغربية عام 1967 قامت على أساس تفكيك البنية التحتية الفلسطينية المستقلة، وهي التي كانت مرتبطة بالمملكة الأردنية الهاشمية، شمل ذلك الكهرباء والماء وحتى المجاري والطرق، كل ذلك ربط بدولة الاحتلال الإسرائيلي.».
وأضاف: «حتى أن كثيرا من الشوارع العرضية، أقيمت بهدف تسهيل الوصول للضفة الغربية، وهو ما أنجز في الأيام الأولى من احتلالها، ومن ثم بدأت حركة الاستيطان، ولاحقا بدأت مرحلة سن القوانين التي تشرع ذلك، وهنا يجري الحديث عما يقرب من 60 قانونا، وذلك قبل عام تقريبا، وهي كلها تشريعات تدعو لضم الضفة، لكن الأهم من ذلك أنه كلما كان يُسن أي قرار من الكنيست، وتقره الحكومة، كان يجب أن يتحول إلى أمر عسكري يطبق في الضفة».
ويعقب عليان على القوانين وتعاطيها مع المواطن الفلسطيني، بالقول: «مكانة الفلسطينيين حسب هذه القوانين هي المهمة، لقد حددتها القوانين في الضفة والقدس على أن الفلسطيني ساكن وليس مواطنا، أما الهوية التي كانت تمنح للفلسطيني فكانت أقرب لهوية أمنية منها لهوية قومية».
ويرى عليان، أنه إلى جانب سن قوانين كثيرة خلال السنوات الماضية بهدف ضم الضفة ككل، أو ضم مناطق مثل «غوش عتصيون» أو أجزاء من «معالية أدوميم»..الخ كان الجزء الأهم من هذه القوانين يتحدث عن ضم «غور الأردن»، والثابت أن كل القوانين تتعدى على الفلسطينيين بشكل كامل، وتتجاهلهم بشكل مطلق، فالضم للأرض وليس للفلسطينيين».
ويتابع: «إذا فرضت السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، سيجد الفلسطينيين أنفسهم محبوسين ومعتقلين في معازل و»كانتونات» كبيرة وصغيرة، … والسياسة الإسرائيلية كانت تدعو إلى إنشاء معازل للفلسطينيين تقودها قيادات محلية تُشكلها، بطريقة ما، مجموعة من مجلس إداري لكل الضفة الغربية».
ويخلص إلى أن إسرائيل ذهبت باتجاه حل القضية الفلسطينية من طرف واحد، وذلك عبر إنشاء مكون إداري منعزل في كل مناطق الفلسطينيين في الضفة، وهو المنطق السائد اليوم في دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ويتوقع عليان أن تشترط إسرائيل على أمريكا إيقاف الحرب على غزة، مقابل ضم مناطق من الضفة الغربية لدولة إسرائيل.
بدوره اعتبر المحلل السياسي والباحث في الشأن الإسرائيلي ياسر مناع لـ»القدس العربي» أن ما قاله سموتريتش ليس جديدا؛ «فمثل هذه المخططات والمشاريع يجري الحديث عنها منذ سنوات، والخطوات العملية لتنفيذها قد قطعت بالفعل شوطا كبيرا».
وتابع، مخاطبا المحللين والإعلاميين والمتخصصين بالشأن الإسرائيلي، بضرورة توفير الجهد ومساحة الاهتمام، والتركيز على استقراء واستشراف ما قد يحدث في المستقبل.
تنديد فلسطيني وعربي ودولي واسع بتصريحات سموتريتش
القدس – «القدس العربي»ووكالات: رفضت دول وحكومات عربية وإسلامية وغربية أمس تصريحات وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الداعية إلى فرض سيادة إسرائيل على الضفة الغربية المحتلة وبناء وتوسيع المستوطنات فيها.
وأدانت قطر بـ»أشد العبارات، تصريحات وزير المالية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، التي تضمنت تعليمات بإعداد البنية التحتية المطلوبة لضم الضفة الغربية المحتلة»، وفق بيان لوزارة الخارجية.
واعتبرت تلك التصريحات «انتهاكا سافرا للقانون الدولي، وتصعيدا خطيرا من شأنه إعاقة فرص السلام في المنطقة، لا سيما مع استمرار الحرب الوحشية على قطاع غزة، وتداعياتها المروعة».
وشددت على «ضرورة اصطفاف المجتمع الدولي بقوة أمام سياسات الاحتلال الاستيطانية والاستعمارية والعنصرية، واعتداءاته المتكررة على حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، لا سيما جرائمه المستمرة في الضفة الغربية».
وأكدت قطر أن «التصريحات الإسرائيلية المتكررة المخالفة للقوانين والقرارات الدولية، تكشف بوضوح أن الاحتلال هو العقبة أمام أي جهود للسلام والاستقرار» في المنطقة.
من جانبها، أدانت مصر في بيان للخارجية، «بأشد العبارات التصريحات المتطرفة لبتسلئيل سموتريتش، والداعية لفرض السيادة الإسرائيلية والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية».
وأكدت أن تلك التصريحات «انتهاك سافر للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي».
وأشارت مصر إلى أن «التصريحات غير المسؤولة والمتطرفة من عضو في الحكومة الإسرائيلية، تعكس بوضوح التوجه الإسرائيلي الرافض لتبني خيار السلام في المنطقة».
وأدان الأردن في بيان للخارجية، بـ»أشد العبارات التصريحات العنصرية التحريضية المتطرفة التي أطلقها سموتريتش، والداعية إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة وبناء المستوطنات وتوسيعها».
وطالبت الخارجية الأردنية «المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وإلزام إسرائيل وحكومتها المتطرفة بوقف عدوانها على غزة ولبنان وتصعيدها الخطير في الضفة الغربية المحتلة، وتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني». والاثنين، قال سموتريتش، وهو أيضا وزير بوزارة الدفاع، إنه أصدر تعليماته لإدارة الاستيطان والإدارة المدنية (تتبعان وزارة الدفاع) لبدء «عمل أساسي مهني وشامل لإعداد البنية التحتية اللازمة لتطبيق السيادة»، وفق ما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية.
وأعربت وزارة الخارجية التركية عن رفضها الشديد للتصريحات الصادرة عن بعض المسؤولين الإسرائيليين بشأن ضم الضفة الغربية المحتلة.
وقالت في بيان إن «إفلات إسرائيل من العقاب على سياسة الاحتلال والإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين يزيد جرأة (رئيس وزرائها بنيامين) نتنياهو ومناصريه».
كما أدان السفير الألماني لدى إسرائيل، شتيفن زايبرت، تصريحات الوزير المتطرف.
وكتب زايبرت على منصة «إكس» أن التصريحات ذات الصلة التي أدلى بها (..) سموتريش كانت بمثابة «دعوة مفتوحة للضم»، وأضاف: «أي استعدادات لتنفيذ هذا الهدف تمثل انتهاكا واضحا للقانون الدولي. ونحن ندين هذا الإعلان الذي يهدد استقرار المنطقة بأكملها». وذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الاثنين أن سموتريتش أصدر تعليماته لقسم الاستيطان في وزارة الدفاع والإدارة المدنية بإعداد البنية التحتية اللازمة لمثل هذه الخطوة العام المقبل. وكتب سموتريتش أيضا على «إكس»: «2025 – عام السيادة اليهودية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)». وكانت تصريحات سموتريتش أثارت رد فعل فلسطينيا غاضبا، في مختلف أوساط الشعب الفلسطيني وقواه.
وقال متحدث الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية، إن تصريح سموتريتش الذي يتوعد فيه بفرض السيادة على الضفة الغربية، يقود المنطقة «لانفجار شامل (..) وامتداد لحرب الإبادة والتهجير».
وأكدت حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، أن «ما أعلنه وزير المالية الإرهابي سموتريتش عن مضيّه في تنفيذ خطة لبسط السيطرة الصهيونية على الضفة الغربية ومنع إقامة الدولة الفلسطينية، يؤكد بشكل قاطع نوايا الاحتلال الاستعمارية، وإنكاره حقوق شعبنا الوطنية».
وقالت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، إن «تصريحات مجرم الحرب سموتريتش جزء من استراتيجية شاملة ينتهجها الاحتلال للتطهير العرقي في فلسطين».
… والضغوط تجبره على إلغاء زيارته لباريس
باريس – أ ف ب: أعلن الناطق باسم الوزير الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش أمس الثلاثاء أنه لن يسافر إلى فرنسا، بعدما كان متوقعا أن يزور باريس للمشاركة في حدث داعم لإسرائيل هذا الأسبوع.
وقال المتحدث إفرايم ديفيد ل، ردا على سؤال حول زيارة وزير المال الإسرائيلي المحتملة إلى العاصمة الفرنسية «لا زيارة مرتقبة إلى باريس».
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو أشار في وقت سابق إلى أنه لم يتلق تأكيدا بشأن الزيارة.
وأوضح بارو خلال مقابلة مشتركة مع محطة «فرانس 24» التلفزيونية وإذاعة «ار اف إي»، «ليس لدي في الوقت الراهن تأكيد على مجيئه».
ويظهر بتسلئيل سموتريتش على الملصق الخاص بحفل يحمل عنوان «إسرائيل إلى الأبد» من المقرر إقامته في باريس الأربعاء، وهو حدث لدعم إسرائيل تنظمه شخصيات يمينية متطرفة.
ويقام الاحتفال الذي حاولت جمعيات ونقابات وأحزاب يسارية إلغاءه من دون جدوى، عشية مباراة بين منتخبي فرنسا وإسرائيل لكرة القدم في باريس.
وكان من شأن مجيء الوزير اليميني المتطرف رفع منسوب التوتر.
وقال قائد شرطة باريس لوران نونييز عن الزيارة «علمتُ أنه لن يأتي إلى هنا في نهاية المطاف». وقد يستبدل ذلك بمداخلة عبر الفيديو، وفق صحيفة «لو باريزيان».
وقد سئل جان-نويل بارو أيضا بشأن استدعاء وزارة الخارجية الفرنسية الثلاثاء للسفير الإسرائيلي في باريس جوشوا زاركا على خلفية حادث دبلوماسي وقع الأسبوع الماضي خلال رحلة الوزير الفرنسي إلى إسرائيل.
وقال «هذه فرصة لفرنسا لتؤكد مجددا أنها لن تتسامح مع دخول القوات المسلحة الإسرائيلية إلى المــــــناطق التـــــي تتولى (فرنسا) المسؤولية عنها، والتي تضمن حمايتها، وللتأكيد مجددا بقوة على أن هذا الحادث يجب ألا يتكرر أبدا».
وشدد على أن اســــتدعاء سفير هو «الدرجة الأولى» من العقوبات، من دون أن يرد على سؤال بشأن أي عقوبات أخرى محتملة.