ندين بكداش: «غاليري جنين ربيز» تتبع الشباب ولن تحول بينهم وبين التحديث

زهرة مرعي
حجم الخط
0

بيروت – «القدس العربي»: ثلاثون سنة مرّت على تأسيس «غاليري جنين ربيز» في منطقة الروشة – بيروت، كانت خلالها رائدة في تقديم معارض ذات أفكار حداثية جديدة، والاحتفاء بالرواد والمخضرمين. كما كانت رائدة في ابتكارات تجذب جيل الشباب، وخاصة المعرض الذي عبّر عن تفاعلهم مع انتفاضة 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019. وحين وصل الغاليري عمره الثلاثين أطلق دعوة للشباب للمشاركة في معرض «أونلاين كول»، والذي افتتح في 7 حزيران/يونيو، في الصالتين الأرضية وفي الطابق الثاني. المشاركة كانت كثيفة، والرغبة بإجابة فنية عن اشكالية طرحها عمل لفنان مخضرم أو راحل جاءت مثيرة للإعجاب.

المعارض الفردية

والشرط الوحيد الذي وضعه الغاليري للمشاركة في هذا الجواب أن تكون للفنان سيرة خالية من المعارض الفردية. المشاركة شملت فنانين من لبنان وكافة الدول العربية. وبرزت بين موضوعاتها اشكالية الهوية. صممت هذه المسابقة وأطلقتها القيمة منار علي حسن، ووافقت لجنة التحكيم على 25 عملاً من بين 115 تقدموا للمشاركة.
تميز النداء المفتوح للمشاركة في معرض «أونلاين كول» بطرح إشكالية فلسفية ومن خلال عمل لفنان مخضرم أو راحل من الذين عُرضت أعمالهم في الغاليري. وكان التوقع أن تُشكّل الإجابة حواراً بين الأجيال، وهذا ما أكدته الأعمال المعروضة للجمهور.
الأعمال القديمة تمثلت بصورة وجاورت الجديدة. فقد استوحت لمى صفير من هيكات كالان حذاء نسائياً زينته بخيوط وخطوط تشبه المتاهات. لمى صفير أفرغت في عملها هذا كماً متراكماً من التنمُّر منذ الطفولة نتيجة طبيعة شعرها الأجعد والكبير الحجم.
وتركت ملك السهلي لمشاعرها أن تتجسد عبر صور تظهر غرفة نوم محترقة. صورة جسّدتها من خلال الكمبيوتر وتركت من غادر هذه الغرف هائماً فيها لا يغادرها ولا يغادرنا. فتلك الروح الشبيهة بالشبح تستدعي الذكريات، وعنها كتبت بالفرنسية: «احب الرقص فارغ». ملهم السهلي لعملها هذا عارف الريس.

كتابة الشعر

زياد جريج، ممرض يهوى الفن فاز بالمشاركة في هذا المعرض حين ابتكر كتابة الشعر على لوح للطاقة الشمسية. أما نور البقّار، التي درست في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية وسافرت في العام الماضي إلى فرنسا لدراسة الماستير، حيث عانت من مصاعب الهجرة، توصلت إلى ابتكار جريء ومميز. استعملت 12 جواز سفر منتهية الصلاحية وأحدها يحمل اسمها. حمّلت صفحات الجوازات صوراً لكافة الأسماء المتداولة في السياسة والإعلام، راحلين كانوا أم على قيد الحياة. كذلك حمل أحدها صورة لامرأة عارية وجدت فيها بقّار رمزاً للحياة.
وآخر حمل صورة هرتها، التي تركتها للدراسة في فرنسا. ترى بقّار وكأن التاريخ يعيد نفسه، فعمتها اضطرت للهجرة إلى كندا سنة 1980، وكذلك سافر والدها للعمل، وهي في عمر الثماني سنوات. وحينها شعرت وكأن والدها تمّ اغتياله، وبأنه غير موجود.
البيئة كانت حاضرة مع فيليب كالان وماريو الخوري والمحرض هو شفيق عبود، صوّرا قعر البحر وما يذخر به من ملوثات بلاستيكية. وللذاكرة حضورها المتكرر وغير المتشابه. وكذلك الهوية اللبنانية، حيث فككت يارا الترك عبر فيديو البصمة اللبنانية. وراح محمد أبو شعير إلى ذاكرة الحاضر محاولاً تفسير الذاكرة والهوية في حاضرنا. ولجأ إلى تقنية «الديجيتال كولاج» للتعبير عن موضوعه.
مع آية أبو هواش كان التعبير عن الهوية مختلفاً. فهي المولودة من أم لبنانية وأب من فلسطين عبّرت عن اشكالية كبرى يعيشها كافة المولودين من أم لبنانية وأب غير لبناني. أسمت مشروعها المتداخل «هوية خاصة». أما رامي شاهين فراح إلى جذع من شجرة أرز ليقول ما يختلج داخله عن الهوية. كان الجزع مقطعاً متباعداً أحده عن الآخر. والقسم الأعلى منه طائراً في الهواء. إنها الهوية اللبنانية المتباعدة.
سألت «القدس العربي» صاحبة الغاليري، ندين بكداش: هل كنت تتوقعين هذا الحجم من الإبداع لدى جيل الشباب؟
ـ في الواقع لم أكن أتوقع أن أتلقى الكثير من الردود على «لقاءات 2023» لكنني كنت أثق أن لدينا طاقات كبيرة لدى الشباب مبنية على الثقافة والعلم. ويجب أن أعترف أنني فوجئت بسرور كبير بالنتائج.
في السنة الـ30 لتأسيس الغاليري نجدها مشرّعة على هموم الشباب في العالم العربي وليس لبنان وحسب. كيف تقرأين في التعبير عن الهوية؟
إنها المشكلة الأهم حالياً في لبنان. نحن نشهد فقدان هويتنا بفضل قادتنا السياسيين، وهذا يقلق بشدة الشباب، الذين لا يجهلون كيف سيكون مستقبلهم. نحاول دعمهم، والفن والثقافة هما عنصران أساسيان لأمة حقيقية.
هل سيكون للغاليري مسار جديد، خاصة وأن جيل الشباب عبّروا بوسائط متنوعة، منها استخدام الكومبيوتر في رسم مسار اللوحة؟
نحرص على تتبع تقنيات الفنانين الشباب ولا يمكننا منعهم من استخدام الوسائل الحديثة ونحن نسعى دائما في اكتشاف هذه المواهب الشابة. ولطالما عملنا مع جيل الشباب منذ العام 1993 وقد أصبحوا اليوم معروفين على الساحة الفنية وكانوا قد قدموا حينها أعمالا بتقنيات مختلفة كالتجهيز والفيديو وغيرها، ونذكر منهم جوزيف حرب – لمياء جريج وآخرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية