ان’الأمن’والكرامة والعزة والامان الحقيقي للمواطنين من بديهيات الحكم، ونتيجة طبيعية لوجود العدالة وتمسك الشعب والسلطة بتطبيق بنود قوانين الدستور كاحترام حقوق الانسان لاقامة الدولة واستمرارها، وبدون ذلك فالحكم يكون معرضا للسقوط مهما كانت قوته الأمنية والقمعية. لقد شاهدنا أنظمة استبدادية شمولية تفرض’الامن’والامان بالحديد، وتتعامل بأن كل ما على وفي الأرض ملك لها، وتسرق الثروات القومية والاراضي وتتحكم بالاعمال التجارية، وتقمع الناس من ممارسة حقوقهم، ‘وتتعامل على أساس ان’الأمن’قوة لها واستمرار لسلطتها وحماية لمصالحها،’وليس لمصلحة المواطنين الذين يشعرون بعدم الأمن والامان نتيجة غياب العدالة وأحترام القوانين ومنها حقوق الانسان. والحقيقة التي ينبغي الاشارة لها ان هذا الأمن عبر الظلم والقمع والترهيب بدون عدالة، فهو أمن سطحي مؤقت لانه غير قائم على القانون وسينهار سريعا، وان الامن’والامان الحقيقي والكرامة والعزة للمواطنين تأتي من خلال تمسك السلطة والشعب بتطبيق قوانين الدستور الذي يمثل إرادة الأمة على أرض الواقع، ومن خلال تعاون الشعوب فهم جنود الوطن الحقيقيين، الذين يحبون’الأمن’والسلام، ويصنعون’الأمن’الحقيقي لانهم بحاجة إليه. واما الانظمة فهي تستخدم’الأمن’والامان كسلاح بيدها لزرع الرعب والخوف بين الناس ليدوم حكمها، واستغلال القبضة الأمنية للقيام باعمال تتنافى مع العدالة والامن’الحقيقي للوطن. وبالتالي فان الادعاء من قبل الانظمة الشمولية الاستبدادية بانها صمام’الامن’في الوطن، وليس تطبيق العدالة الحقيقة وأحترام قوانين الدستور، والتهديد بان خروج الشعب للمطالبة بحقوقه يعني انهيار’الأمن – اي انها تساوم وتهدد الشعوب بذلك (الامن)، مع انها ملزمة بحسب الدستور بحماية ارواح وممتلكات الناس – فتلك مصيبة عظمى ، ودليل على عدم استحقاق هذه السلطة ان تبقى حاكمة. وللاسف بعض الشعوب تصدق تلك الروايات ان’الامن’والامان’مرهون’ببقاء الحكم الموجود ولو كان غير عادل وبلا دستور يمثل الشعب وعدالة، في ظل الإمكانية للمطالبة بالتغيير والاصلاح الشامل!. انها حالة الغرور عند تلك الانظمة التي تدعي هي الضمانة الوحيدة للامن والامان والكرامة، وليس القانون! وهذه مصيبة! والمصيبة الأكبر عندما تقوم بعض النخب والشخصيات بدور العلاقات العامة والدعاية والاعلام والترويج لتلك الفكرة وتكريسها بين المواطنين، بأن الأنظمة ‘القائمة الشمولية والفاسدة هي’صمام الأمن’والامان، وليس تطبيق العدالة واعطاء الناس حقوقهم ليكونوا شركاء في ادارة الوطن، تحت مظلة قوانين الدستور الذي يحدد صلاحيات السلطات، ويساوي بين المواطنين، ويجرم الفاسدين ومستغلي السلطة والمنصب، ومثيري النعرات الطائفية والقبلية والمناطقية، والذين يمنعون المواطنين من حرية التعبير وممارسة حرية المعتقد، ويلعبون على سياسة فرق تسد بين المواطنين! على المواطنين وبالخصوص النخب والشخصيات والرموز، ان تفهم وتتفهم انها تعيش مرحلة الوعي والجرأة والقوة لدى الشعوب المستعدة لتقديم التضحيات للحصول على حقوقها، وبناء دولة القانون المنبثق من إرادة الأمة مباشرة، وفتح المجال لها للعمل عبر مؤسسات المجتمع المدني للمشاركة في بناء الوطن، ولهذا على تلك النخب والشخصيات ان تعمل لانقاذ الوطن والمواطنين، قبل ما يقع الفأس بالرأس، والضغط على السلطة بالتفهم والاستجابة السريعة لنداء المواطنين فالتأخر في الفهم والعمل على عكس ما تطلبه الشعوب هو انتحار، كما حدث للانظمة التي سقطت خلال ربيع الثورات العربية، الذين صرخوا بأعلى أصواتهم اننا الان تفهمنا مطالبكم وما تريدون، واعطونا فرصة جديدة! ولكن متى فهمت تلك الانظمة؟ عندما اصبحت تحت اقدام الشعوب الغاضبة؟ وفي ذلك عبرة لاصحاب العقول. بان’الأمن’والكرامة والحقوق’مرهونة باحترام القانون من قبل السلطة أولا والشعب، لا بفضل قمع النظام والمكرمة، وإن الأمن’يتحقق من خلال إعطاء الناس حقوقهم مثل: اختيار الدستور، والمشاركة الحقيقية في تقرير مصير الدولة، والسكن والعلاج والتعليم والدخل الكافي لحياة كريمة أي الـــتوزيع العادل للثروة. ولهذا على الشخصيات والنخب توعية الناس بتلك الحقوق وتشجيعهم على المطالبة بها كحق وطني، وليس الترويج ومطالبة الشعوب الخضوع للنظام والإيمان بأنه صمام’الأمن’والامان. علي ال غراش