اليوم، يوم كتابة المقال، مر عليّ الفيديو الدموي للشاب الأمريكي الذي فتح النار عشوائياً في «سوبرماركت» في بافالو، نيويورك، متصيّداً السود تحديداً، حيث قاد هذا الشاب سيارته مسافة طويلة مستهدفاً هذا الحي المعروف بالأغلبية الأمريكية الأفريقية، لينفذ فيهم حكم الإعدام بسبب لونهم.
لا أدري ما يفعله هذا الفيديو في اللحظة، داخل رأسي، في تلافيف مخي، حيث تختلط صوره بصور الجنازة المهيبة لشيرين أبو عاقلة، لتصطبغ الدنيا بالأحمر، ولتتعدد الأسباب، وتبقى الجريمة ببشاعتها واحدة.
صورة التابوت المتأرجح لا تفارق ذهني، محمولاً على الأكتاف، دون سقوطه موت الشباب الذين يحملونه، يتمسكون به كأنه قارب نجاة يطفو فوق لجة من الأجساد الفائرة. في التابوت المتماوج تتمدد شيرين، عروس في هودجها، مسافرة على ظهر جَملها، مستقرة هادئة فوق بركان ثائر.
ثم سرعان ما يظهر في الفيديو صور لرجال «آليين» ملتحفين سواداً كالحاً من رؤوسهم لأخمص أقدامهم، مدججين بالسلاح، كأنهم صور من لعبة فيديو عنيفة خلاصتها القتل العشوائي.
تأخذني هذه العشوائية إلى فيديو بافالو، ليبدو لي هذا الشاب الأبيض نسخة عن الجنود الصهاينة، هم يقتلون عشوائياً هنا وهو يقتل عشوائياً هناك، هم يضربون حاملي نعش لمثواه الأخير وهذا يضرب متسوقين في «سوبرماركت»، هم يكرهون الفلسطينيين بسبب عرقهم وانتمائهم وهو يكره السود بـسبب لونهم.
المشي في جنازة أو التسوق في متجر للأطعمة هي أحداث يومية عادية، العرق واللون هي تركيبات بشرية جينية، فما بال الحدث اليومي ينقلب إلى كارثة، ما بال التركيبة الجينية تستدعي كل هذه الكراهية والقتل؟
اختلط الأمر وصرت أرى هذا الفتي الأمريكي في بزة سوداء كالحة يقتل الفلسطينيين، وأرى الصهاينة بكاميرات معلقة على جبهاتهم ينتشرون في المدن الأمريكية ويمعنون القتل في الأبرياء. المبدأ واحد لو فكرنا فيه فعلياً.
سياسات وحسبات وتبعات وعلاقات دولية ومصالح وبترول وسلطة وسطوة وطمع في أرض وصراع ديني، ويصفى الأمر إلى منطق بسيط ومرعب: بشر انتزعت منهم إنسانيتهم يقتلون كما الآلة التي لا تشعر، لا ضمير لها ولا وعي تقرر به، آلات موت في يد أيديولوجيا شرسة.
والتابوت يتراقص على الأيادي، هل تُراه يدبك الدبكة الفلسطينية الأصيلة؟ هل تُراه يهزج مع الجموع «ميلي ميلي.. يا شجرة السريس، ميلي ميلي يا حاملة سريس، ميلي ميلي ع محمد هالعريس، ميلي ميلي ميت اسمالله عليه»؟ هل تُراه يطلق «أويها» مع كل تماوج له فوق الأكتاف؟ وهؤلاء الشباب الحاملون التابوت، هؤلاء المتعلقون به كأنه آخر شيء لهم في الحياة، هؤلاء المتلقون للهراوات على ظهورهم وأقدامهم، فإذا وقع أحدهم قفز آخر في محله في لحظة، هل تُراهم يتلاقون بالأعين مع القتلة حولهم؟ ثم هؤلاء الآليون المدججون بالسلاح، هل تُراهم يقرأون المشهد، يستمعون للصرخة النافرة عن ألم سقوط هراواتهم على الرؤوس والظهور والسواعد، يستوعبون إنسانية الموجة الهادرة المصرة على حمل شيرين بنعشها فوق رؤوسهم؟ قادرون على التواصل الإنساني، أم أن امتداد المئة سنة الماضية أورثهم داء تصلب القلب والمشاعر فما عادوا سوى روبوتات قاتلة؟
الظروف والخلفية السياسية والأسباب واللوم والمجرمون والأبرياء والحكومات والمؤامرات، كلها تعريفات تختلف اختلافاً شاسعاً في القصتين، لكن ذهني يربطهما بشراسة، فأرى الفتى الأمريكي جندياً صهيونياً، وأرى الجنود الصهاينة آلافاً من الفتى الأمريكي، وأرى قتلاً صافياً خالصاً معتداً بنفسه، قتلاً فخوراً ببشاعته، قتل تصفية، قتلاً من أجل القتل، قتلاً بلا حدود.
أرى شيرين ملقاة على أرضية المتجر، وأرى السود الأبرياء مكومين في تابوت شيرين، وأميز الفرق بين عظمة سيرها الإرادي «للمتجر» لتموت فيه، وبراءة سيرهم اللاإرادي لتابوت لم يحسبوا حسابه في هذا اليوم العادي. هي كانت تعلم بارتفاع درجة احتمالية اقتناصها في ذلك اليوم، وهم رغم كل العنصرية التي يواجهونها، قد انخفضت بالنسبة لهم درجة احتمالية اقتناصهم في ذلك اليوم.
شيرين غادرت وغادر معها، من النصف الثاني من الكرة الأرضية، طابور من الأبرياء وكأنهم يذكّرون العالم بأن الموت لا عزيز له حتى في أكثر المناطق أمناً وتحت أقل الظروف احتمالية لوقوعه. أمريكا التي ساهمت في زرع قنبلة الموت في قلب عالمنا العربي موجوعة، ونحن نعزي أهلها الأبرياء من خالص قلوبنا، ونحن بسبب «زرعتهم» موجوعون، من مئة سنة موجوعون، محتلون، مصابون في أهلنا وأرضنا، فهل سيعزينا أحد؟
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]،
والرسولُ صلى الله عليه وسلم يقول: ((ألا لا فضل لعربي على عجميٍّ، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم)) متفق عليه
عندما ارتكب الصهاينة جريمة إحراق المسجد الأقصى قالت رئيسة الوزراء الصهيونية “جولدا مائير”: “لم أنم ليلتها وأنا أتخيل كيف أن العرب سيدخلون إسرائيل أفواجاً أفواجاً من كل حدب وصوب … لكني عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت أن بمقدورنا أن نفعل ما نشاء فهذه أمة نائمة … “!!. وكان تصريحها يعبر عن حقيقة الموقف الرسمي العربي الخاضع للإرادة الغربية،
– منقول –
الصهاينة ليسوا أقوياء , بل نحن الضعفاء !
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السَّيل، ولينزعنَّ الله مِن صدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوَهَن. فقال قائل: يا رسول الله، وما الوَهْن؟ قال: حبُّ الدُّنيا، وكراهية الموت.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . العالم يعيش اسود أيامه ولو نظرنا من الذي سود السنين و الأيام الذين يتشدقون بحقوق الانسان والعالم الغربي والأميركي صاحب نظرية سحق الأجناس طالما ليس من البيض ولا عيون زرقاء ونحن للأسف نضع أيدينا في أيديهم لنحصل على الأمان وهم العن من ابليس الجبان . العالم العربي عالم جميل مهما غدر به الزمان بما نملك من الايمان واغتيال شيرين اوجع قلب شعوب العالم من جميع الأديان ولهذا اهتزت الأرض تحت اقدام العدو الصهيوني الجبان الذي لم يتحمل منظر علم ملفوف به الجسمان ولم اراء في حياتي منظر مقرف مثل جنود الاحتلال وهم يكافحون لتحطيم صندوق شرين التي نزعت عنهم ورقة التوت وهي في الحياة وبعد المأمأة . حسبي الله ونعم الوكيل . وشكرا
تتعدد الأسباب والموت واحد… فعلا مقوله صحيحه.. توفي الشاعر الروسي العظيم ألكسندر بوكشين متأثرا بجراحه في المبارزه المشهوره مع دانتي وهو ضابط فرنسي يتهمه بوكشين بمغازلة زوجته ناتاليا فكان صريع الهوي والدفاع عن كرامته…. يتبع….
هناك سؤال بديهي ياسيدتي يحاول أصحاب الماركوتينغ السياسي الذين يقفزون بكثافة فوق مسرح الأحداث…؛ أن يجعلوه من الطابوهات الممنوع التفكير فيها..فما بالك بطرحها.. ..وهو من اوصلنا الى وضعنا الراهن …ومن جعل قضية مقدسة بكل المقاييس….مجرد وسيلة يستغلها مناضلوا الكافيار…والاجنحة المصنفة في أرقى فنادق أوروبا وأمريكا…؛ وبداهة السؤال تتجلى في قياس ملزم للسياقات التاريخية التي تجعل من له عقل وفهم يستفسر عن سبب نجاح الشعب الفيتنامي على سبيل المثال في كسر فرنسا ومن بعدها أمريكا…دون التفريط في شبر من الأرض…ولماذا تمكن الخطابي بسلاح كان يفتكه من عدوه في تسطير اعظم حرب غير مسبوقة او ملحوقة ضد الإستعمار…وغيرها من الأمثلة والشواهد…. لأنه وببساطة كانت القضية في يد من يمسك بالسلاح ..ويعيش شظف العيش في الغابات….وليس في يد من يستبسل في إطلاق العويل المدفوع….والتخوين المأجور…ويعيش عيشة الأباطرة في بلاد ذات المستعمر….؛ فهل كان هوشي منه…يلبس الحرير…وموضات بيير كاردان… أو كان الخطابي يركب سيارات الشبح المصفحة….؛ ما أحوج قضية فلسطين الى نقد جذري….وما احوجها الى من يضع روحه على كفه…وليس من يغرف بكفه…ثم ينبري لتذكر دروس الجدة البسوس في خلط الأوراق…. وشكراً للجميع.
إذا تمكن وقام كاتب بتغيير نمط حياة مجتمع فقد أفلحت كتاباته.
الهوة بين الأديب ومحيطه كالفرق بين الضائع في بيداء يرمي حجرا في بئر لا تأتي له إلا بارتداد صوت يزيد من ضمإ من لا دلو له يغترف به غرفة ماء تروي عطشه في صحراء كثبانها رمال متحركة حيث تميل الريح السموم ” الشهيلي ” كما يسميه سكان شمال إفريفيا.
لا بد من تحويل الكتابات الأدبية إلى مسرحيات يعيشها المجتمع في المدرسة والشارع وركح مسرح الهواء الطلق.
الكتابة إذا لم تتزامن ومعيشة الناس اليومية فإنها عاج لبرج يسكنه من أهدر وقته وعقله في خيال هو أقرب لسراب.
1- تساءلت اكاديمية امريكية في مقالة لها عما اذا كانت تغطية حدث اغتيال شيرين و الاعتداء على جنازتها من قبل الاعلام الغربي مهنيا ام منحازا. فبدا لي التساؤل عن انحيار منحاز هو انحياز بالتشويش ، فعلقت على نص المقال مقترحا استبدال موقع هذا الطرف بذاك في الحادث ، لنرى كيف كان سيتم تجريد الفلسطيني و معه العربي و المسلم بالتبعية من اي انسيانية و انتماء انساني مع كل الحق الذي يمنحه الاعتداء على تابوت و جنازة و جنازة امرأة.
هل نال المجرم في هذه الواقعة و هو رسمي و جريمته هذه سابقة في همجيتها ما كان ينبغي أن يناله من ادانة و تنديد اعلامي ؟!
هل كان هذا الاستهتار بحرمة ميتة قتيلة و بطقوس جنازتها امام الملأ و العالم ، كان تطبيقا لشعيرة دينية سرية لدى اليهود مثلا؟. .. يتبع فضلا..
2- اذكر هذا ، لاقول أن بعض عربنا لم يتخلف لثانية في تبني اكذوبة داعش و إجرامها و نسبة كل ذلك للاسلام و اهله و نصوصه, مع أن بصمة الاستخبارات الدولية بارزة و واضحة على هذه الصنيعة و أفعالها.
لا احد نسب مجرم بوفالو الى دينه او ثقافته او طائفته او على اي عقيدة نشا و نشأت أفكاره و احقاده ، تماما كما لا تعثر على ذكر اليهودية في صنيع دولة تقرر و تؤكد انها يهودية نشأة و ديانة و عرقا ، و لم تتجثم حتى اعتذارا او تصنع اعتذار على جريمة مخزية كالاعتداء على تابوت، مع انها تطعن في دين المعتدي بل و عقله.
ارجو الا نسارع بادانة انفسنا نحن بالباطل .