نصر الله قبل ذكرى حرب 2006: “خيامنا ثابتة مكانها”.. وإسرائيل بين المواجهة و”الاستفزاز اللاحق”

حجم الخط
0

عندما علل مسؤولو شعبة الاستخبارات تقويم الوضع السنوي وازداد بموجبه احتمال الحرب، أحصوا ثلاثة أسباب أساسية: الأول هو ما يعد في نظر إيران و”حزب الله” كضعف أمريكي في المنطقة وفي مستوى التدخل؛ الثاني هو الأزمة بين واشنطن والقدس مع التشديد على العلاقات المهزوزة بين الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. والثالث هو الشرخ الداخلي الخطير في المجتمع الإسرائيلي، الذي أدخل الجيش الإسرائيلي أيضاً إلى الدوامة.
نرى في الأيام الأخيرة كيف تصاعد الوضع في البندين 2 و3 بشكل بدأ يذكر بالمزاج قبل محاولة تنحية وزير الدفاع. في الجانب الأمريكي، ينبغي النظر بقلق إلى المقابلة الشاذة التي منحها الرئيس بايدن لـ “السي.ان.ان” والتي قال فيها إن حكومة إسرائيل الحالية هي الأكثر تطرفاً التي يتذكرها (وكما هو معروف، فهو لم يولد أمس) وتفادى السؤال: هل سيدعو نتنياهو للزيارة قريباً. من المهم أن نفهم: زيارة رئيس وزراء إسرائيل للبيت الأبيض هي مسألة مكانة وفرصة صورة، وليست اطلاعاً لنا على آخر تطورات الإعفاء من التأشيرة.
هناك مواضيع استراتيجية وثقيلة الوزن على جدول الأعمال، والضغينة بين الزعيمين تؤثر مباشرة على الأمن القومي.
في بند الأزمة الداخلية، نرى استيقاظاً متجدداً للاحتجاج، بدءاً من هذا الأسبوع: يتوقع في اليومين القريبين خروج مظاهرات بارزة، وتسمع إلى جانبها الآن نداءات متجددة لعدم الامتثال لخدمة الاحتياط. صحيح أنه لا توجد في الجيش الإسرائيلي حتى هذه اللحظة تقارير عن عدم امتثال حقيقي، بل عن نداءات في وسائل الإعلام فقط، ومع ذلك، وجد رئيس الأركان من الصواب إبراز أقوال حول التوتر الأمني ونداءات الرفض: هذه الأيام، تلزمنا بأن نركز على مهمة الأمن ورص الصفوف الداعم لها، بحيث نكون مستعدين لكل تحد وفي كل ساحة. ليس لنا الحق في الواقع الحالي ألا نمتثل لكل تحد ومهمة”. مشكوك وجود شخص في الشرق الأوسط أكثر سعادة جراء هذه التطورات أكثر من الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصر الله، الذي أصبح الرجل رقم 2 في سلم درجات محور الشر، بعد الزعيم الأعلى لإيران علي خامنئي. الأربعاء، سيلقي نصر الله خطاباً خاصاً بمناسبة الذكرى الـ 17 لبدء حرب لبنان الثانية، وكالمعتاد سيتحدى إسرائيل ويتبجح ضدها. غير أنه لم يعد يكتفي بالخطابات: هذه السنة غير كل انتشاره في خط الاشتباك مع إسرائيل، لدرجة وضع ينظر فيه رؤساء السلطات في الشمال بعيون تعبة لوجود مقاتلي “حزب الله” مرة أخرى على مسافة لمسة عنهم، الأقرب منذ 2006.
زعماء عموميون مثل موشيه دافيدوفتش من مستوطنة “ماتيه اشير”، وأفيحاي شتيرن من “كريات شمونه”، ودافيد ازولاي من “مطلة”، كلهم يصرخون إزاء هذا الموضوع منذ زمن بعيد، لكن لا يوجد من ينصت لهم. في هذه الأثناء، يخرق “حزب الله” التفاهمات الدولية مرة تلو أخرى، بل بات ينغص حياة سكان “مطلة” بضجيج التفجيرات وتزويغ العيون بأشعة الليزر. الأخطر من ذلك، الجرأة المتزايدة في النشاطات المحلية التي تدل على تآكل في الردع الإسرائيلي. من التسلل إلى استحكام غلديولا، عبر إطلاق الصاروخ المضاد للدروع على مركبة عسكرية إسرائيلية قرب “افيفيم” وحتى التسلل إلى مفترق مجدو، وأخيراً نصب الخيام على الأراضي الإسرائيلية.
هذه الحالة تترافق وقراراً إشكالياً جداً بعدم إخلاء الخيمة على الفور. ما كان ينبغي له أن ينتهي بالحد الأقصى في مستوى قائد المنطقة الشمالية، تدحرج إلى القيادة السياسية، أي إلى وزير الدفاع ورئيس الوزراء وامتد أشهراً. لماذا؟ ولماذا لا يصدر نتنياهو وغالانت تعليمات فورية لإخلائها (بما في ذلك توبيخ للجيش أنه لم يفعل هذا حتى الآن) ليس لهذه الأسئلة أجوبة جيدة حتى الآن. بل تعقدت القصة أكثر فأكثر: حتى لو كان من أطلق الصاروخ المضاد للدروع جهة غير “حزب الله” فلا احتمال ألا يكون نصر الله قد أعطى الضوء الأخضر. وقد أوضح “حزب الله” منذ الخميس أنه يطالب إسرائيل بإلغاء “الضم” لقرية الغجر، بما في ذلك إلغاء إمكانية إدخال إسرائيليين بجموعهم إلى القرية التي أصبحت موقع جذب سياحي. تهديد “حزب الله” أنه إذا “خرقت” إسرائيل التفاهمات في الغجر، فيحق لـ “حزب الله” أيضاً أن يفعل هذا في “هار دوف” وجبهات أخرى. إطلاق الصاروخ المضاد للدروع هو إشارة من المنظمة: أنتم تعيدون الحاجز في الغجر، ونحن نسحب الخيام. بشكل طبيعي أن تعارض إسرائيل، لأن هذا سيكون خضوعاً فاخراً إذا تغير هذا الموقف. وعليه، فالمداولات تعنى بمسألة متى وكيف تخلى الخيام: هل نواصل الاتصالات الدبلوماسية، أم نستخدم القوة ونخاطر بالمواجهة. تنطلق في قيادة الجيش المزيد من الأصوات وليس كتلك التي هي مستعدة لاحتواء استفزازات، وتقول إنه لا مفر من مواجهة محدودة في ضوء عموم التطورات على الحدود؛ وإذا لم تتطور المواجهة إياها حول الخيمة فستكون فرصة أخيرة لـ “حزب الله” كي ينفذ عملاً استفزازياً وسينجح.

الاستنتاج، كما تراه تلك المحافل، هو أن المبادرة يجب أن تكون في الجانب الإسرائيلي، ويكون هدفها إعادة الخط إلى أيام 2006 على الأقل وتنظيفه قدر الإمكان من قوات “حزب الله”. كهذه، في زمن الحرب، ستتحدى الدفاع عن البلدات الملاصقة للجدار من نار رشقات ثقيلة تتسلل إليها. مهما يكن من أمر، فعندما يسخن الشمال بهذا القدر، فكل عود ثقاب سيكون ملكاً.
يوسي يهوشع
يديعوت أحرونوت 10/7/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية