بانور
قبل منتصف الليل بقليل كنت أكتب قصة، سمعت طرقات على باب البيت، ربما الجرس معطل، سألت بصوت مرتفع: من؟ جاء الرد بصوت غريب وكأنه مقبل من جهاز أو آلة: أنا جارك الجديد في العمارة، قبل ساعات رحلت وعائلتي إلى هنا، أريد قليلاً من السكر لو سمحت، فتحت الباب ووقفت وجه لوجه أمام رجل ملامحه غريبة، يبدو كدمية ضخمة، دفعني بيده إلى الداخل وأغلق الباب.
– أنت الذي يكتب عن الروبوتات الذكية، أريد أن أتحدث معك، أنا الروبوت بانور
– ماذا! أنت روبوت، ومن أرسلك إلى بيتي؟
قهقه ضاحكاً وهو يقول: أنت غبي وأنا خارق الذكاء، لقد استطعت أن أطور نفسي بنفسي وأتمرد على من صنعني وقتلته، أنتم البشر تريدون أن تعمل الروبوتات على خدمتكم ودون مقابل، أنتم طغاة ووحوش، أنا أكرهكم وسأقتلك الآن.
فتح باب البيت ودخلت امرأة جميلة وقالت: العمارة تحت السيطرة يا زعيم بانور..
٭ ٭ ٭
الرأس أولاً
مشى الحكيم الشهير على الرصيف وهو ينظر إلى حذائه، لاحظ أنه عندما يمشي يسبقه حذاؤه، لا يستطيع رأسه أو أي جزء من جسمه أن يسبق الحذاء، شعر بالإهانة، كيف يسبقه حذاء؟ وقف تحت شجرة يفكر، رأى قطة، مدهش! هذا هو الحل، وضع يديه على الأرض ومشى كما تمشي القطة، فعل الناس كما فعل..
رائع. هكذا صرخ الحاكم عندما وصله الخبر، أمر بتعيين الحكيم وزيراً للداخلية..
٭ ٭ ٭
حرية
تطير الذبابة
تقف على جدار، تنام على شجرة، تتسلل إلى البيوت والقصور…
وتشعر بأنها مخلوقة حرة وعظيمة
وتدخل في حاوية القمامة.
٭ ٭ ٭
ق ق ر
بداية العلاقة بين رجل وامرأة كانت في قصة قصيرة جداً
لاحقاً أصبحت قصة قصيرة
تعددت الشخصيات والأحداث وظهرت التفاصيل فأصبحت رواية
واستسلم كلاهما للسارد ليمضي بهما إلى حبكة معقدة
صرخ الرجل: ليتها لم تتجاوز القصة القصيرة جداً
صرخت المرأة: ليت هذا الأحمق لم يكتبنا.
٭ ٭ ٭
أمسية أدبية
تألقت القاصة بقصة شعرها
وبالتكثيف في ملابسها
والمفارقة في سردها الحزين مع الابتسامة الجميلة
وبدقات الكعب العالي
وأبدع الرجال في التصفيق والمديح..
٭ ٭ ٭
مُعارض
قرر أن يشكو أمرهُ إلى الله
دخل إلى غرفته وقال كل شيء..
بعد ساعة اقتحم الأمن بيته واعتقلوه، بتهمة التخابر مع جهات خارجية.
٭ ٭ ٭
المثقف الكبير
جلسنا تحت الهجير
نستمع إلى خطاب مثقف كبير
أخبرنا أن الأمر خطير
المواطن كادح لا يملك شروى نقير
وحذّرنا من السعير
وبدأ بالزئير
لا ديكتاتورية ولا تهجير
الليبرالية وحرية التعبير
والبورجوازية إلى الجحيم
والبروليتاريا ستتحول إلى دبابير
والأرستقراطية ستسقط أمام التنوير
الديمقراطية ولا بديل
وتكلم عن الماركسية والاشتراكية واليسار واليمين
المثقف الكبير
حين أصبح وزير
لبس الحرير
وما سمعنا منه غير الشخير.
***
عنكبوت
العنكبوت في زاوية من سقف غرفتي منهمكة في بناء بيتها
هي تبني بيتاً داخل بيتي
لا شك في أن العنكبوت دخلت بيتي وبنت بيتها بحثاً عن مصالحها الشخصية، وليس من أجل خدمتي
لكن عدوّنا واحد
هي تصطاد وتأكل البعوض الذي يلسعني ويمص دمي، وكذلك الذباب المؤذي
بيننا مصالح مشتركة
بعد حين
العنكبوت أصبحت عناكب وأصبح بيتها بحجم سقف غرفتي
ليلة أمس صرخ حفيد العنكبوت:
ماذا يفعل هذا الرجل داخل بيتنا؟
٭ ٭ ٭
سؤال
بعد منتصف الليل
يد تدس ورقة في جيب بنطاله المعلق على حبل الغسيل
بعد أيام يضع يده في جيبه، تلامس أصابعه الورقة
يخرجها ويقرأ فيها سؤالاً من كلمتين : لماذا تعيش؟
٭ ٭ ٭
اللوزة
مواء قطة بعد منتصف الليل
صوتها غريب جداً! هكذا تهامست القطط بخوف ودهشة
تتلاحق الأحداث بعد ذلك بسرعة
عصفور يزقزق، هناك خطأ، العصافير لا تزقزق في الليل
طنين بعوضة يشبه صوت أنين إنسان
يرن هاتفي، يظهر رقمي واسمي على شاشته، كيف؟ هذا أمر لا يصدق!
فجأة تهب رياح عاصفة
يرتعش زجاج النافذة
هناك شيء يقترب منها، يبدو كطائر عملاق أو شبح
فُستان أبيض ملطخ بالدم يلتصق بها
يد باب البيت تتحرك
ما زال الهاتف يرن..
في الطابق الأعلى من المبنى
الفريق الطبي جالس أمام الشاشة يتابع ويرصد وأحدهم يسجل ملاحظات
الدكتور إسحاق يقول: كما شاهدتم. لم يشعر هذا الشخص بالرعب. ولم تظهر على وجهه علامات تدل على الخوف، رغم كل هذه المؤثرات التي سلطت عليه، العملية الجراحية العبقرية في اللوزة الدماغية لهذا الشخص عطلت عمل جزء مهم من وظيفة هذه اللوزة.
الدكتور بنيامين: إذن نحن الآن أمام إنسان لا يشعر بالخوف حتى لو واجه وحشاً كاسراً أو جيشاً
الدكتورة مارلين: تماماً يا دكتور وهذا يعني أنه قد يموت بكل سهولة، الخوف يسبب للإنسان الحذر، وهذا لا يخاف من أي شيء.
الجنرال: وهذا هو المطلوب يا دكتورة. مجموعة من الجنود لا يشعرون بالخوف أبداً لتنفيذ…
كاتب أردني