نظام تعليمي يتجاهل المجتمع وسوق العمل وضرورة مشاركة المؤسسة الدينية الرسمية في الحملة الفكرية لتنظيم النسل

حسنين كروم
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: اهتمت الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 17 يوليو/تموز وكل الفضائيات بإبراز الاحتفال الذي حضره السيسي بتخريج دفعة جديدة من معهد ضباط الصف المعلمين، باسم دفعة الشهيد الرقيب أحمد محمد عبد العظيم، واستقباله لوالده. والتحذيرات الشديدة بعدم التعرض للشمس بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، ووصولها في الظهيرة إلى ثلاث وأربعين درجة، ووصل الأمر إلى أن الرسام أحمد دياب أخبرنا في «روز اليوسف» أنه ذهب لزيارة قريبة له فوجد عندها خاطبة تقترح عليها عريسا قالت عن مميزاته: عريس لقطة عنده تكييف.

الحكومة ترفع أسعار رسوم استخراج الشهادات المدنية والمادة 35 من مشروع قانون المعاشات لا تطبق العدالة الاجتماعية

كما حذرت الصحف طلاب الثانوية العامة من تصديق إعلانات بعض الجهات لتأهيلهم لدخول كليات معينة، وإعلان رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أن المجلس سيعقد الأسبوع المقبل اجتماعه في مدينة العلمين الجديدة. وإعلان شركة مصر للطيران بدء رحلات الجسر الجوي للسعودية للحجاج. وأبرزت الصحف تحقيقات النيابة مع الطفلة أميرة أحمد التي قتلت بالسكين سائق ميكروباص حاول اغتصابها. أما الاهتمام الأكبر فلا يزال منصبا على مباراة منتخبي الجزائر والسنغال غدا الجمعة، إضافة إلى احتمال عودة حسن شحاتة لتدريب المنتخب وكذلك الاستعدادات لعمل مكاتب تنسيق القبول في الجامعات. وإلى ما عندنا..

خروج المنتخب

ونبدأ بأبرز ما نشر عن خروج المنتخب من المنافسة واتحاد الكرة المستقيل، حيث كان الجديد اهتمام الصحف الدينية بها، ففي جريدة «صوت الأزهر» قال الدكتور سيد أبو شنب مشيدا بالمنتخب الجزائري: «مشاهد مؤثرة لا يمكن للمرء إلا أن يتوقف أمامها، ويتأثر بها ويفكر فيها تفكيرا عميقا، من هذه المشاهد رؤية لاعب الجزائر بغداد بونجاح وهو يبكي بكاء حارا والدموع تبلل وجهه، وزملاؤه يحاولون تهدئته والتخفيف عنه، كل ذلك كان لأنه أضاع ركلة جزاء لفريقه على منتخب كوديفوار. ولم يكتف بونجاح بمجرد البكاء المستمر، حتى وهو على دكة الاحتياط، يترقب ويدعو لفريقه حتى كتب له الفوز. ولما اطمأن للفوز راح يشارك سائر اللاعبين تحية جماهيرهم ولم يكتف أيضا بالتحية، بل راح يعلن اعتذاره للجماهير.
إن هذا المشهد يدل دلالة أكيدة على الانتماء المتأصل في نفسه، وفي وجدانه وأنه لا يرضى أن تعلن هزيمة بلده ولو في مباراة كرة قدم. هل نستأذن القارئ في أن ننتقل لمعسكر المنتخب المصري لنرى مدى تحقق هذه العوامل من عدمه، وأنا لست بحاجة إلى أن اقول لك إنه لم يتحقق شيء منها على الإطلاق، فما وجدنا في فريقنا انتماء ولا شعرنا فيهم بروح أو رجولة اللهم إلا عند قليل من اللاعبين».

صدمتنا أخلاقية

وإلى «اللواء الإسلامي» ومحمد الشماع وقوله: «إذا كان إخفاق منتخبنا القومي وأداؤه السيئ شكلا وموضوعا، رغم أن الدولة لم تبخل على الفريق وقدمت له كل ما طلب، بل أكثر وزيادة لكن صدمتنا من الفريق، كانت أخلاقية قبل صدمتنا الرياضية. الأولى كانت قبل البطولة من سوء تصرفات الاتحاد والفريق. والثانية في الأداء الأقل من المتواضع، الذي لا يساوي ملاليم مقابل الملايين من الجنيهات والدولارات التي يحصل عليها اللاعبون «القبضايات»، والأسوأ هو أداء المعلقين الرياضيين والكتاب الرياضيين والإعلاميين، الذين من المفترض أنهم محايدون، خاصة بعد الخروج المؤسف لفريقنا القومي من المنافسة من دور الـ16. هناك أخطاء مهنية قاتلة تمثلت في التميز الشديد للفرق العربية ضد الفرق الافريقية بصورة مكشوفة ومفضوحة، على الهواء مباشرة وعلى صفحات الصحف ووسائل التواصل، كلهم بلا استثناء يتمنون أن يكون النهائي الافريقي عربيا عربيا».

ثورة يوليو وعبد الناصر

وإلى اقتراب ذكرى ثورة يوليو/تموز سنة 1952 حيث خصصت مجلة «المصور» عددها كله لها من جميع جوانبها وإلقاء الضوء على قادة مجلس قيادتها فقال رئيس التحرير أحمد أيوب: «سبعة وستون عاما مرّت على ثورة يوليو وما زالت أفكارها ومبادؤها بيننا، بل تسكن القلوب. كانت حركة وأطلق عليها أعداؤها انقلابا، لكن الشعب وصفها بالثورة التي غيرت ما حولها، ليس في مصر فقط، بل في المنطقة والعالم. لمس المصريون آثارها التي وصلت إلى بيوتهم، تمتعوا بما أنتجته من قرارات وما أفرزته من سياسات، وما انتهت إليه من واقع أعاد مصر لأهلها، وساوى بين أبنائها، وقضى على الفوارق التي عاشوا في ظلها لعقود، وأزاح الغمة التي جثمت على الصدور طويلا».

التنازل السهل عن السلطة

أما وزير الثقافة السابق حلمي النمنم ففي دراسته المنشورة فقد ناقش رد فعل الملك فاروق الهادئ على الثورة في بدايتها، وعدم مقاومتها والخروج بأمان ورضى من مصر إلى إيطاليا فقال: «الضباط الأحرار كانوا يتحسبون رد فعل الملك، لذا لم يكشفوا عن وجههم من اللحظة الأولى، وقدموا أنفسهم باعتبارهم غاضبين من بعض الأوضاع داخل الجيش. وفهم الملك الأمر على هذا النحو، لذا استجاب لمطالبهم، بل استبقهم وقام بترقية اللواء نجيب إلى رتبة فريق، وعينه وزيرا للحربية، وكان أن انطلقوا هم إلى الأمام وطالبوه بالتنازل والرحيل. الغريب أنه لم يقاوم ولم يرفض، وكان جل همه الاطمئنان إلى أن حياته هو لن تمس، أي لن يشنق ولن يقتل، وأن يطمئن إلى مصير بناته وزوجته، ثم بعض أفراد حاشيته، وأن يغادر البلاد معززا مكرما، وكان له ما أراد. واستقر في إيطاليا وقد توقف كثيرون أمام عبارة قالها الملك لمحمد نجيب وهو يودعه نهائيا، إنكم سبقتموني إلى ما كنت أريده، اللواء نجيب شغل بهذه العبارة وراح البعض يفسرونها بأن الملك كان سيقوم بتطهير نظامه، وهذا أمر لا يوجد مؤشر عليه، وذهب آخرون إلى أنه ربما فكر في التنازل عن العرش، وهذا أيضا مستبعد. ويبدو لي أنه قالها من باب المجاملة وربما ترويض النفس على قبول ما جرى والرضا به. قارن موقف الملك فاروق بموقف جده الخديوي إسماعيل حين غادر مصر سنة 1879 وموقف ابن عمه عباس حلمي لما خلع عن العرش سنة 1914 كل منهما راح يحاول العودة وجند الأعوان في العواصم الكبرى لمساعدته، كما جند رجاله من الداخل، لكن فاروق شغل بحياته الشخصية فقط حتى وفاته سنة 1965».

السؤال الصعب

أيضا كتب حمدي رزق في «المصري اليوم» مقالا قال فيه: «قبل أن يداهمني السؤال الصعب، كيف يكتب من لم يعش أيام ثورة يوليو/تموز، عن ثورة لم يرها ولم يعاصر أحداثها ولم ير رؤية العين نظرة قائدها، وكيف يصير من دراويشها ويعيش على ذكراها، ذكريات عبرت أفقاً خيالياً بارقاً يلمع في جنح الليالي، ويكتب كثير من أولاد الطيبين الكادحين الشقيانين العرقانين الذين منحتهم ثورة يوليو أملاً في الحياة، وفتحت الطريق أمامهم سالكاً ليتحصلوا على حقوقهم المهدرة في بلاط السلطان. نحن من قال لهم خالد الذكر أبو خالد: «إرفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستعباد»، فرفعوا الرؤوس ليبصروا حقهم في الحياة. طالما في مصر أجيال شبت على ثورة عنوانها ناصر، وطالما تنبت الأرض الطيبة رجالاً من طينة ناصر، محال ننسى جمال ثورة الضباط الأحرار، ولازم نكتب ونكتب لا نتعب ولا نمل».

حكومة ووزراء

وإلى الحكومة وإجراءاتها الأخيرة برفع أسعار الوقود، ما أشعل أسعار النقل والسلع الغذائية، ولم تكتف بذلك إنما قامت برفع رسوم الأوراق المدنية وهو ما قال عنه في «الأهالي» رضا النصيري: «أثار قرار رفع أسعار رسوم الأوراق المدنية الجديدة، بعد أن تم التصديق عليه واعتماده غضب شريحة كبيرة من المواطنين في هذا التوقيت على وجه التحديد، حيث سبقت هذا القرار قرارات أخرى مشابهة منها، زيادة أسعار فواتير الكهرباء، وبعدها رفع الدعم عن الوقود بشكل كامل، ما تسبب في زيادة أسعار الأجرة في مختلف المواصلات، الأمر الذي اعتبره المواطنون عبئا إضافيا جديدا يفوق قدراتهم وطاقتهم، خاصة أن نسبة العلاوة المقررة إضافتها على مرتبات شهر يوليو/تموز الجاري قليلة جدا، بالمقارنة بكل هذه الزيادات. جدير بالذكر أن هذه الزيادة في رسوم الأوراق المدنية شملت كلا من شهادات الميلاد وشهادات القيد والوفاة، حيث ارتفعت أسعار استمارات البطاقة الشخصية، ليكون سعر الاستمارة العادية 45 جنيها واستمارة البطاقة المستعجلة 120 جنيها والـVIP 170 جنيها، وشهادات الميلاد لأول مرة وصلت 36 جنيها وللمرة الثانية بـ19 جنيها، كما زادت أسعار قسيمة الزواج والطلاق أيضا ليصل سعر القسيمة 34 جنيها، أما القيد العائلي فوصل إلى 29 جنيها».

صحافة ورقابة

وإلى أزمة الصحافة والإعلام والمقالة التي بدأها في «الوطن» الدكتور حسن أبو طالب، بأن أشار في بداية مقاله للأزمة التي اندلعت بين الدكتور محمد الباز، ورئيس تحرير «روز اليوسف» وتدخل لإخمادها بسرعة كرم جبر قال: «تابعت بعض ردود الفعل بشأن تصريح خاص حول ما الذي يمكن أن يحدث إذا احتجبت إحدى المطبوعات الصحافية الشهيرة والمملوكة قانوناً للدولة. بعض التعليقات انطوت على كم هائل من المشاعر الغاضبة بشأن احتمال الاختفاء أو التواري الورقي، والإصرار على استمرار المطبوعة الشهيرة باعتبارها مركز تنوير للعقل يشهد لها التاريخ، والبعض الآخر انطوى على مناشدات للدولة بأن تعمل على حماية تلك المطبوعات ذات البعد التاريخي، باعتبارها إحدى أدوات قوتها الناعمة. والاتجاهان موجودان في مصر بشأن صناعة الصحافة، وموجودان أيضاً في دول عربية عديدة تعاني صحافتها الورقية معاناة شديدة، أدت إلى تقليص أعداد الطبع الورقي، أو الاحتجاب يوماً أو يومين في الأسبوع «معظم الجرائد الكويتية» أو التحول إلى موقع إلكتروني فقط، أو إعلان التوقف لأسباب اقتصادية بحتة «السفير» و«النهار» في لبنان و«الحياة» السعودية في لندن، وأهمها تراجع الإعلانات وقلة الدعم المادي الحكومي، وبعض التعليقات بشّرت بأن هناك هيئات إعلامية وصحافية جديدة قريباً بعد طول انتظار، وسيكون لها أهلها الذين اختيروا بعناية ليقوموا بمهمة إنقاذ الصحافة. ما سبق يجعلنا ندعو إلى التفكير في حالة الصحافة الورقية المصرية بقليل من العواطف، وكثير من التحليل العلمي المستند إلى افتراضات ومشاهد متعددة علينا أن نختار أفضلها، بعد أن نوفر له الشروط الرئيسية وما يُقال عن مستقبل قريب مشمول بانقضاء الأجل لجريدة أو مطبوعة، سواء قومية أو خاصة أو حزبية. يجب أن لا يُنظر إليه باعتباره قضاء لا فكاك منه، السؤال الأهم هنا يتعلق أساساً برؤية الدولة من مؤسساتها الصحافية القومية التي يشغل العاملون فيها ما يقرب من 85٪ من إجمالي العاملين في الصحافة المصرية ككل، والمسألة ليست مجرد البحث عن أشخاص جيدين ولديهم خبرة طيبة إدارياً وصحافياً ومشهود لهم بالمواقف الوطنية، بل يتعلق أساساً بالهدف والدور الذي تحدده الدولة المصرية، ومن ثم بالشخص الذي يناسب هذا الهدف وهذا الدور ويرتبط بهذا البُعد. أمر آخر وهو المدى الذي توفره الدولة لإنجاح كل من الهدف والدور والشخص الذي سيتم اختياره. افتراضنا الأساسي هو أن موقف الدولة لدعم ومساندة المؤسسات الصحافية القومية ليس محل شك، ولكن العاملين في المؤسسات القومية لم تصل إليهم بعد الخطة التي تعكس هذا الافتراض لا تفصيلاً ولا إجمالاً، ومن ثم تحدث حالة عدم يقين مصحوبة بتراجع الموارد المالية، وتكثر الشائعات والمعلومات المضللة ما يؤثر على مجمل الأداء. المؤسسات نفسها وكذلك الهيئة الوطنية للصحافة لم تصدر عنهما رؤية شاملة لإنقاذ الصحف والمجلات الصادرة عن هذه المؤسسات، في بعض المؤسسات يحدث أن يُطلب من بعض مسؤوليها وضع ورقة عمل لتحسين الأوضاع كل في إدارته، ثم لا يؤخذ بأي توصية منها ولا تُناقش أي فكرة، تكرار الموقف أدى عملياً إلى عزوف المسؤولين عن البحث في أي جديد بالنسبة للهيئة الوطنية غالباً توجد أفكار عامة تفسر الأزمة، وأخرى حول المستقبل، بيد أن تلك الرؤية لم تُناقش مع عموم الصحافيين من خلال ورش عمل ومناقشات مفتوحة لدراسة الجيد منها، وما هو غير عملي إبعاد أهل المهنة عن مناقشة مستقبل مهنتهم، يجعل الكثيرين منهم في حالة لا مبالاة يظللهم شعار فليكن ما يكون وهو ما لا يرجى منه أي خير».

المطلوب تدخل الأزهر

«منذ أيام قليلة.. أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تقريراً يفيد بأن عدد السكان في مصر بلغ 98.1 مليون نسمة.. بزيادة قدرها مليونا نسمة عن العام الماضي.. وبمعدل زيادة يمكن اعتباره من المعدلات الأعلى على مستوى العالم.. وهو أمر في رأي محمد صلاح البدري في «الوطن»، ينبغي النظر له بالكثير من الاهتمام.. بل يمكننا اعتباره من الأولويات القصوى للتنمية المستدامة التي نسعى لها ونسير في اتجاهها.. لم لا والدراسات تؤكد أننا نحتاج إلى معدل نمو يبلغ ثلاثة أضعاف معدل الزيادة السنوية في السكان -فقط – لنحافظ على ما نحن عليه من مستوى معيشي.. أي أن زيادة سنوية بمعدل 2٪ فقط تلتهم في وجهها نحو 6٪ من معدل النمو في الدخل القومي، والأمر ليس بعيداً عن ذهن أصحاب القرار في هذا الوادي الطيب.. فقد حذر الرئيس السيسى أكثر من مرة وفي مناسبات مختلفة من خطر الزيادة السكانية.. مؤكداً على أنها خطر مثل الإرهاب، وأنها تضيع كل جهود الدولة في التنمية.. وأصدر توجيهاته في كل مرة منها لاتخاذ الإجراءات المناسبة للحد منها.. ولكنني لا أعتقد أن الجهود المبذولة حتى الآن تكفي.. أكثر من اقتراح تم تقديمه لإصدار تشريعات صارمة للحد من تلك الزيادة، كما هو الحال في بعض الدول مثل الصين.. التي تمنح الدعم والتعليم والتأمين الصحي للطفل الأول فقط.. أو الهند التي تسير على النهج نفسه منذ فترة ليست بالقصيرة.. وهو أمر كما يقول الكاتب، سينجح إلى حد كبير في بلادنا بعد تمصيره.. ولكن الأهم هو ما لم يتم بعد.. المشكلة الرئيسية في قضية السكان هي محاربة الفكر الذي يقضي أن النسل «عزوة».. وأن التناسل هو أمر يتعلق بالدين أكثر من الظروف الاقتصادية.. الأمر الذي يغذيه بعض الذين يطلق عليهم شيوخ بدون تأهيل أو أحقية.. الفكرة أن محاولات الدولة لمواجهة هذا النوع من الفكر لم تخرج حتى الآن عن مرحلة «أنظر حولك».. تلك الحملة الشهيرة في تسعينيات القرن الماضي.. التي حل محلها حملة «اثنين كفاية» التي أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي مؤخراً.. وعلى الرغم من جودة تلك الحملة تحديداً.. ولكنها تدخل تحت نطاق الحملات الموجهة.. التي لا تصمد أمام فكر يحمل صبغة دينية.. أو أمام فتوى أحد الذين لا يحملون أي مؤهل للفتوى سوى أنهم يصلون بالناس في زوايا القرى.. إن مشاركة المؤسسة الدينية الرسمية في الحملة الفكرية لتنظيم النسل، أمر ضروري، فوجود الأزهر بشيوخه الذين يمتلكون من العلم ما يردون به على تلك الفتاوى العجيبة هو أول الطريق.. وأفضل الوسائل لتغيير الفكر ذاته لدى العامة.. أعتقد أن اقتراحاً بمشاركة الأزهر مع وزارة الصحة ووزارة التضامن في مشروع قومي لتغيير الثقافة الإنجابية لدى المواطن قد يكون مفيداً.. وإتاحة مساحة إعلامية جيدة للشيوخ المؤهلين مع خبراء في مجال الاقتصاد وخصائص السكان سيخلق نوعاً من القناعة لدى الناس، بضرورة النظر إلى هذه المشكلة بعين الاهتمام.. فالزيادة السكانية هي المشكلة الأكبر التي لن تجعلنا نشعر بأي تحسن في الأحوال المعيشية.. مهما بذلت الدولة من جهد».

أرض الأعيان وأصحاب النفوذ

«منذ يومين تناول محمد أحمد طنطاوي في «اليوم السابع»، قضية التقليم الجائر للأشجار في حي الدقي، وما حدث من تشويه لعدد من الشوارع في هذا الحي، الذي كان يتميز بالأشجار والمساحات الخضراء بين مبانيه، وقد أجرى الكاتب تحقيقيا ميدانيا على أرض الواقع لاستطلاع آراء المواطنين عن مذبحة الأشجار التي تمت بمعرفة حب الدقب ومباركة محافظة الجيزة. يقول الكاتب: اللواء أحمد راشد، محافظ الجيزة أرسل ردا على ما نشرناه، أكد فيه أن الهدف من تقليم الأشجار كان الحفاظ على حياة المواطنين والممتلكات الخاصة والعامة، وخوفا من سقوط بعض الأشجار التي بدأت جذورها في الجفاف، ما يعرضها للسقوط، فقد تم وضع خطة تطوير شاملة لإعادة تأهيل وتهذيب الأشجار الموجودة في الشوارع الرئيسية والفرعية في حي الدقي، بالإضافة إلى العديد من التفاصيل التي نفندها في السطور التالية في شكل أسئلة لمحافظ الجيزة نأمل أن يوافينا بالرد عليها. أولا: هل التوقيت مناسب لتقليم الأشجار؟ وهل علميا يتم التقليم في هذه التوقيتات من العام، أم أن هناك شهورا معينة للتقليم؟ فالمعلومات الشائعة والمتعارف عليها أن تقليم الأشجار يتم في نهاية فصل الخريف، حتى بداية فصل الشتاء، ولا يمكن أن يكون في أي حال في الربيع أو الصيف كما هو الوضع الآن، بما يؤكد أن العملية تمت بدون إشراف من مهندسين زراعيين، واقتصر الأمر على مجموعة من العمال تستخدم المناشير الكهربائية لقطع الأخضر واليابس بدون فهم أو دراية. ثانيا: كيف يكون تقليم الأشجار سببا في القبح أو المظهر السيئ للشوارع والميادين؟ بالطبع لا يرفض أحد فكرة التقليم ونظافة الأشجار ورعايتها، التي كانت لا تتم منذ سنوات طويلة، ولكن المرفوض هو تحويلها إلى هياكل خشبية في الشوارع بعد القضاء على الجزء الأكبر من مجموعها الخضري، وتشويه المظهر الجمالي الذي كانت تخلقه في شوارع الدقي. ثالثا: المحافظة ذكرت أن ناتج التقليم للأشجار من أخشاب يتم جمعها وإيداعها في مخازن هيئة النظافة والتجميل لطرحها في مزايدة علنية لبيع الأخشاب والاستفادة منها، وهنا نتوقف.. لماذا أخذت المحافظة ما تستفيد منه وتركت الفروع الصغيرة في الشوارع مصدرا للحشرات والزاحفة والطائرة، في الشوارع، بدون أن يجمعها أحد، فهل أخذت المحافظة ما كانت تبحث عنه وتركت « الزبالة « للمواطنين وحملتهم مسؤولية جمعها وتنظيفها، إذن أين الخطة التي تتحدث عنها المحافظة، ولماذا لم يتم رفع المخلفات من الشوارع؟ رابعا: لماذا تغاضى حي الدقي عن تقليم بعض الأشجار أمام عمارات وفلل بعينها، بينما دمّر أشجارا في المنطقة نفسها، وشارع إيران دليل على ذلك، فهل يتم التعامل مع الموضوع بمنطق فيلم «الأرض» والسكة الزراعية التي لم تلتهم سوى أرض الفلاح الفقير «محمد أبو سويلم»، وانحرفت يمينا ويسارا حتى لا تقترب من أرض الأعيان وأصحاب النفوذ. خامسا: رئيس حي الدقي ذكر أن الأهالي عبّروا عن استيائهم من دخول فروع الأشجار إلى شققهم السكنية وانتشار القوارض والحشرات الزاحة والأتربة، وهنا نقول منذ متى تنقل الأشجار القوارض إلى المنازل، هذا أمر لم نسمع به من قبل، وكيف تساهم في دخول الأتربة إلى الشقق وهي في الحقيقة مصدات طبيعية للرياح وتمنع الأتربة أو تقلل منها، والمفاجأة أنه أثناء عملية التقليم تم التخلص من الفرع القوية بينما الموجودة في «بلكونات» الأهالى لم يقترب أحد منها، وفق شهادات من تحدثنا معهم».

نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة

أكرم القصاص في «اليوم السابع» : بينما يفترض أن تكون نتائج الثانوية العامة نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة، فإن العكس هو الذي يجري، فلا تبدو الثانوية العامة نهاية ولا بداية، لكنها تبقى جزءا من منظومة معقدة تقوم على التوتر والقلق، فلا التلميذ الحاصل على مجموع كبير يرتاح، ويبدأ في اكتشاف مستقبله، ولا زميله صاحب المجموع الضعيف يرتاح أو يرى مستقبله بشكل طبيعي. لكنها حالة من الجري واللهاث، وسباق بلا هدف واضح كل الأطراف تعيش قلقا وتوترا و«تلبكا» اجتماعيا وإنسانيا وأسريا. مأساة أن يظل التلميذ وأهله في صراع وحرب، ويختصر الحاضر والمستقبل في ثمانية شهور، آلام في الاختيار بين العلمي والأدبي، ومعاناة في الدروس الخصوصية، ورعب قبل الامتحانات، وقلق في انتظارالنتيجة. ثم مرحلة من الحزن والغضب والارتباك ترافق عملية اختيار الرغبات، حيث يقود المجموع وليس الرغبات أو الهوايات عملية تحديد الاختيارات. قد تكون هناك نسبة تعرف ما تريد، لكن الأغلبية تنساق وراء رغبات الأهل إلى كليات، ربما لا تكون ضمن اختياراتهم، أو هواياتهم، وخلال عقود كان خريجو الكليات المسماة قمة يعانون من بطالة أو ينتهي بهم المطاف في وظائف لا يحبونها ولا ترضي حاجاتهم المادية والمعنوية، فيواصلون حياتهم في القصور الذاتي، إذا حصل التلميذ على مجموع كبير عليه أن يخضع لرغبات أهله في دخول كلية ربما لا يكون راغبا فيها ولا متناغما معها، وتنتهي حياته بالفشل أو التعثر، وقد تكون لديه رغبة أن يكون في مكان آخر ومهنة أخرى. سوق العمل لا علاقة له بأعداد وتخصصات الخريجين، ولعل التقسيم القديم للقمة والقاع في الكليات، أو التفرقة بين الفنيين وأصحاب المؤهلات العليا، هو الذي خلق تقسيما لا علاقة له بالنتيجة وطبيعة العمل، فالمثل الأعلى قد يكون عالما أو لاعب كرة، طبيبا أو مهندسا أو معلما، بينما المكاسب ترتبط أكثر بأهم حاجات الإنسان، الطعام والملابس والفسح والترفيه، فعليا كل مهنة في العالم مهمة، وكل شخص مهيأ للقيام بدور ما، لكن ما نراه بعيدا عن كل هذا. كل هذه التفاصيل نعرفها، ونراها ونتجاهلها ونسير في طريق يرسمه السياق العام، والنتيجة معروفة وواضحة، وندور ونلف حولها، والسبب نظام تعليمي قائم على تراكمات عقود، يتجاهل المجتمع وسوق العمل، وتغيب فيه الاختيارات لصالح الإجبار. ربما يكون إنهاء آلام الثانوية العامة، بداية الخروج من واقع تعليمي شكلي إلى حقيقة تقود إلى مستقبل أفضل، وأن تكون الثانوية العامة مناسبة ليفرح التلاميذ وأهاليهم بنتيجة التعب والسعي والفهم والمذاكرة. ينظرون للمستقبل في تفاؤل، وينتهي شعور الحزن والخوف، كأن التلميذ وأهله في مآتم متواصل وخوف ورعب من حصل على مجموع كبير يريد أكبر، ومن حصل على مجموع ضعيف، أيضا يريد أكبر، لإرضاء آخرين وليس لإرضاء نفسه وطموحه، ويظل طوال الوقت خائفا من «بعبع» لا يعرف له ملامح».

في مواجهة جشع التجار

الذي تفعله وزارة التموين حاليًا من مراقبة لتنفيذ منظومة توزيع الخبز الجديدة، هي في نظر بهاء أبو شقة في «الوفد» بداية حقيقية للدور الذي يجب أن تلعبه الوزارة في ظل هذه المرحلة الفارقة من تاريخ مصر. هناك مراقبة لمنظومة توزيع الخبز، وضمان إنتاج رغيف جيد بالسعر المحدد.. وليس الأمر يختص فقط بالخبز، بل يجب أن يكون دور وزارة التموين في فرض الرقابة المشروعة على الأسواق وكل السلع التي يتعاطاها المواطن بدون استثناء، فلا فرق بين الخبز والخضراوات والفواكه واللحوم. ليس هناك دور للتموين أهم من مراقبة الأسعار والتجار، خاصة الجشعين منهم، الذين يستغلون حاجة الناس ويقومون برفع الأسعار كلما يحلو لهم، وليس فقط القيام بزيارات مفاجئة، قد تتوقف بعد ذلك، وتعود «ريمــا لعادتها القديمة»، بل يجب أن تكون هذه الرقابة مستمرة وعلى مدار الساعة، طالما أن هناك أسواقًا تعرض بضاعتها.. لا بد من إشعار التجار بأن هناك رقابة حاسمة عليهم، حتى لا يقع المواطن فريسة للجشع والطمع الذي يمارسه عدد من التجار، سواء كانوا في أسواق التجزئة أو الأسواق الخاصة بتجارة الجملة.. عملية حساب التاجر بالمراقبة، واتخاذ القرار المناسب ضده في حالة جشعه، ورفع سعر السلعة بشكل خيالي. وإذا كان هناك انفلات في الأسواق بسبب جشع التجار، آن الأوان لوزارة التموين أن تتخذ ما تراه مناسبًا. ضبط السوق هو مهمة أساسية لوزارة التموين، ولا توجد مهمة أخرى لها سوى إشعار الناس بأن الدولة تحمي حقوقهم بضبط الأسعار ومراقبة الأسواق، وهي مهمة بالغة الأهمية في مصر الحديثة الآن، التي تؤسس لها، فمن غير المقبول مثلًا أن المنتج للسلعة يقدمها لتاجر الجملة بسعر مناسب، الذي بدوره يقدمها لتاجر التجزئة بما فيها من ربح قليل، والذي بدوره يعرضها للمستهلك بسعر باهظ، غير مقبول أن تصل السلعة للمواطن وقد حقق تاجر التجزئة ربحًا عاليًا، رغم أن المنتج وتاجر الجملة يحصلان على هامش ربح معقول. لو أن هناك رقابة على هؤلاء التجار لاختلف الأمر، وأعتقد أن أهم دور يمكن أن تقوم به وزارة التموين هو مراقبة الأسواق وضبط الأسعار.. ولذلك من الممكن أن تواجه وزارة التموين هذه الكارثة في الأسواق برد عملي وهي تملكه بإحياء دور المجمعات الاستهلاكية، وهي قائمة بالفعل ويجب تغذيتها بكل السلع التي يحتاجها المواطنون من خضراوات وفواكه ولحوم وخلافه وبسعر معقول، ساعتها ستقدم الجماهير على الشراء منها، ويضطر التجار الجشعون إلى التراجع عن جشعهم، لتصريف بضاعتهم. دور وزارة التموين بالغ الأهمية في هذا الشأن، وليس هناك مهمة أعظم من قيامها بضبط الأسواق وحركتها.. وهي مهمة تشعر المواطنين بأن هناك تغييرًا مهمًا حدث في حياتهم».

العدالة الاجتماعية

«من الواضح أن مشروع المعاشات المقدم من الحكومة سوف يستفيد منه الشباب فقط، وهو جيد بالفعل للشباب، ومن هم في بداية حياتهم الوظيفية، أما من هم على وشك التقاعد خلال 10 و15 سنة لن يستفيدوا سوى عن الشهور التي طبق عليها القانون، وبالنسبة لمن هم خارج الخدمة، وعددهم 9.5 مليون مواطن، بأسرهم 30 مليون مواطن، فلن يستفيدوا شيئاً يذكر من القانون. يقول علاء عريبي في «الوفد»، ظننت لفترة أن المادة 35 من مشروع القانون، الخاصة بصرف علاوة سنوية لأصحاب المعاشات، تحددها نسبة التضخم، بما لا تزيد على 15٪، بحد أدنى 150 جنيهاً في السنة، سوف يتم رفضها، واعتقدت أن أعضاء البرلمان سوف يطالبون برفع الحد الأدنى للمعاشات إلى 3 آلاف جنيه، وزيادته سنوياً بمبلغ موحد لجميع المتقاعدين، وليكن 500 جنيه، بدلاً من النسبة التي تتفاوت من معاش إلى آخر، تبدأ من 150 جنيهاً لمن يصرفون 900 جنيه أو ألف جنيه، وتصل إلى 900 جنيه لمن يصل معاشهم 6 آلاف جنيه. المادة 35 من مشروع قانون المعاشات ليست عادلة، ولا تطبق العدالة الاجتماعية، فعلى سبيل المثال من يتقاضون 900 جنيه شهرياً، لو قررت الحكومة بعد عام صرف 15٪، بحد أدنى 150 جنيهاً، سوف يصل معاشه بعد 5 سنوات، وعمره 66 سنة، حوالى 1836.44 جنيه لا غير، يعني سيعيش هو وأولاده طوال ست سنوات بمبلغ 1800 جنيه، ماذا يفعل بها؟ هل تكفى فواتير الكهرباء، المياه والغاز؟ هذا المواطن الذي خدم بلده 30 سنة، لو ربنا مدّ في عمره حتى سن 71 سنة، عشر سنوات بعد المعاش، تعرفوا كم سيصرف لو كانت الزيادة 15٪ طوال السنوات العشر، فقط لا غير 3693 جنيهاً، 3 آلاف و693 جنيهاً، يصرفها وعمره 71 سنة. من الذي سيعيش 11 سنة بعد وصوله سن الستين، وما قيمة الـ3 آلاف جنيه بعد 11 سنة؟».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية