يضغط الرئيس اوباما على اسرائيل لاجل تنازلات حادة لكن ضعف منزلته في الساحة الداخلية يحد من فاعلية الضغط. وفي مقابل ذلك تحظى اسرائيل بشعبية لم يسبق لها مثيل بين الجمهور الامريكي وبين النواب في مجلسي النواب الذين تعادل قوتهم قوة الرئيس. بحسب استطلاع ‘غالوب’ في 18 شباط، تبين أن اسرائيل هي ‘إم.في.بي’ اللاعبة الأنفس قدرا’ في الشرق الاوسط 72 بالمئة قبل مصر والسعودية (45 بالمئة و35 بالمئة على الترتيب). وكانت اسرائيل تحظى بأعلى تقدير منذ 1991 منذ أن بدأت ‘غالوب’ تستطلع نظر الامريكيين الى الدول الاجنبية. إن اسرائيل أكثر شعبية من أكثر الديمقراطيات الغربية، وأما السلطة الفلسطينية فتنتمي الى الكتلة ‘غير ذات الشعبية’ (19 بالمئة) مع كوريا الشمالية (11 بالمئة) وايران (12 بالمئة). ولهذا حظي اوباما برد غير مبال حينما قال في خطبته للأمة أمام مجلس النواب الامريكي: ‘إن الدبلوماسية الامريكية تطمح الى احراز الكرامة ودولة مستقلة للفلسطينيين’، وحظي بتصفيق عاصف حينما قال متابعا: ‘السلام والأمن لاسرائيل الدولة اليهودية التي تعلم أن الولايات المتحدة الى جانبها دائما’. إن الجمهور العام لا اليهودي هو مصدر الدعم المنهجي المرتفع لاسرائيل. وهكذا الحال ايضا بين النواب: فليست المبادرة والدعوة الى سن القوانين المهمة لتعزيز التعاون بين اسرائيل والولايات المتحدة تأتي من مشرعين يهود. إن اكثرية صلبة من الامريكيين تؤيد فكرة الدولة اليهودية منذ القرن السابع عشر، أي قبل أن يثبت اليهود أنفسهم هناك بكثير وقبل انشاء الايباك ومؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية. كلما زاد دعم الجمهور ومجلس النواب لاسرائيل قويت وسائل الصمود للضغط الرئاسي ولا سيما قبيل انتخابات تشرين الثاني 2014 لمجلسي النواب التي ستحسم مصير الرئيس في سنتي رئاسته الاخيرتين: فهل يصبح ‘بطة عرجاء’ ككل رؤساء الولاية الثانية ما عدا الرئيس جيمس مونرو أو يصبح ‘فرس سباق’. إن تصوير اوباما بأنه معاد لاسرائيل سيضر بقدرته على الحفاظ على الاكثرية الديمقراطية في مجلس الشيوخ واعادتها في مجلس النواب. تتحسن صورة اسرائيل بسبب التسونامي العربي الذي يكشف عن خصائص معادية لامريكا في الشرق الاوسط؛ من تصاعد تهديد الارهاب الاسلامي الذي تمثله مئات الخلايا النائمة في الولايات المتحدة نفسها؛ ومن التعاون الاقتصادي والامني المتزايد بين اسرائيل والولايات المتحدة. وصورة اسرائيل تتحسن برغم عدم الاتفاق على الشأن الفلسطيني لأن اكثر الامريكيين لا يؤيدون سياسة الرئيس ولا يرون أن اسرائيل شأن خارجي عادي. فهم يرون أن الدولة اليهودية جزء لا ينفصل عن قيم يهودية مسيحية تقوم في أساس الحضارة والاخلاق طريقة الحكم في الولايات المتحدة. ان استطلاع غالوب في 18 شباط يعبر عن قوة نسيج العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة الذي يمكن من التغلب على الازمات وعلى الضغوط وعلى الشعور الهازل ويمنح الدولة اليهودية الدعم لترتفع فتصبح الحليفة المتقدمة للولايات المتحدة.
جاء في اعلاه : ” تتحسّن صورة اسرائيل بسبب التسونامي العربي الذي يكشف عن خصائص معادية لامريكا …”
هذا برسم الردّاحين ضد امريكا وبالمطلق .