نعم هناك مؤامرة على سورية

حجم الخط
61

إذا اتفقنا على أن ما يحدث في سورية هو تدمير ممنهج لوطن، ولشعب، ولدولة، فربما لن نختلف على أن هذا الذي يحدث له اسم واحد: مؤامرة، ولا شيء آخر.
أضيف: وقد نختلف..فهناك من يتشبثون برأيهم بأن النظام هو السبب في كل ما يحدث، وهم بهذا يبرئون كل المجموعات المسلحة، ولا يشيرون لمن يمولها، ويسلحها، ويدعمها، وفي أي سياق تمارس دورها المرسوم لها!
إذا اتفقنا على أن التحالف الذي دفع، وحرّض، وموّل تسليح معارضات مسلحة متباينة، وفتح لها حدود دول، وعمل سياسيا ودبلوماسيا على حذف الدولة السورية، وتغييبها تماما عن مقعدها في الجامعة العربية البائسة المتهالكة، هي الدولة المؤسسة، تمهيدا لإنهائها عربيا، ودوليا، وبمساعي نفس التحالف، فلا بد أن نسمي هذا الذي يحدث لسورية، باسمه الحقيقي: مؤامرة، ولا شيء آخر.
هذه المؤامرة هدفت قبل أي شيء لقطع الطريق على الحراك الشعبي السوري السلمي، حرمانا له من الانتقال بسورية من حال إلى حال، وبجهود وتوافق أغلب السوريين، من المعارضة والنظام، بحيث تصبح سورية أكثر صلابة، وقوة، ووضوحا في مواقفها، وقدرة على الفعل عربيا، ودوليا، لأن سورية معافاة هي سورية عربية، وليست سورية انفصالية منكفئة تابعة متآمرة (ساداتية) تضع 99′ من أوراق الحل في يد أمريكا، وتتخلى عن دورها الذي يفترض بها أن تقويه، وتعمقه، لأن الجولان لن يعود بالتفاوض، وسورية (المقاومة) جذريا، وهذا ما ينتظرها، سوف لن تتخلى عن الجولان، ولا يمكن أن ترضى بالمساومة على فلسطين، وهي لن تغدر بحزب الله، وستدعم بوضوح الثورة الفلسطينية، وهذا ما لا تريده أمريكا وأتباعها.
الحراكات الشعبية في تونس ومصر قُطع عليها الطريق، واختطفت، وها هما البلدان يغرقان في مشاكل لا تنتهي، ويعانيان من هيمنة قوى لا تعترف بغيرها، تعمل بضراوة على احتكار السلطة، وفرض مشيئتها، وهي تستبدل إقليمية فاسدة بإقليمية (إسلاموية) مغلقة تبشر بدولة إسلامية واحدة لأمة إسلامية واحدة، قافزة من فوق مصالح الأمة العربية نفسها، ومعفية نفسها من الاشتباك مع أعداء الأمة، هربا من القضية الفلسطينية التي ستظل دائما الامتحان لأي نظام حكم عربي، ولأي خطاب حزبي، أو فئوي، حين ينزل إلى الواقع ويمتحن موضوعيا، بحيث لا يتمكن من الهرب، أو التلاعب بالكلام، وادعاء الحفاظ على الحكم الذي أنجزته الثورة المختطفة، وهو ما يستوجب مهادنة أمريكا تحديدا، وعدم استفزاز ولايتها الصهيونية إعرابا عن حسن النوايا، والجنوح للسلم، والتصرف على أن قضية فلسطين هي قضية فلسطينية، مع بعض العواطف التي تحملها تصريحات لا تضيف شيئا، ويمكن تصنيفها بأنها تهرُّب بحلاوة لسان، وببضع قطرات من دموع التماسيح!
وحتى أريح بعض القرّاء، وأنا مستفّز دائما لمن لا يؤمنون بالأمة العربية، ولا بالمقاومة، ولا بمعاداة أمريكا والكيان الصهيوني، فإنني أضع الأمور ببساطة كما يلي: عندما أرى تحالفا ترأسه أمريكا، ويضم بريطانيا وفرنسا، وبعض دول النفط، وفي مقدمتها قطر والسعودية..فإنني فورا، وبدون تريث، ناهيك عن أي تردد، أعلن بعالي الصوت: أنا ضد هذا التحالف، وسأكتب ضده فاضحا منبها، محذرا، لأنه تحالف أعداء فلسطين، والأمة العربية، والمسلمين كافة، وكل القوى الخيّرة في العالم، التي لا تقبل بهيمنة أمريكا قطبا واحدا على العالم.
هذا التحالف ومعه تركيا، بل وفي قلبه، قبل مصالحتها مع الكيان الصهيوني بأوامر أمريكية، يعمل بدأب على جر الأردن للعب دور كله خسارة للشعب الأردني، وللأمة، ولفلسطين، وهو ما يرفضه الشعب العربي الأردني الذي أسقط حلف بغداد، وطرد الجنرال تمبلر الذي أراد جرّ الأردن للحلف الاستعماري الذي كان سيوظف ضد مصر الناصرية، وفي مواجهة حركة التحرر العربية.
من يروجون لكذبة الديمقراطية الأمريكية النفطية تبريرا للعدوان على سورية، والتآمر على شعبها، لا يتوقفون عند تدمير منجزات الشعب السوري الاقتصادية، والعمرانية، والمؤسساتية، فهم يرددون عبارة مملة: النظام هو السبب..
هؤلاء لا يتوقفون عند هيمنة ( النصرة) ومشتقات القاعدة على المشهد في سورية، وتلطي المعارضات بالدور العسكري لها، رغم أن بعضهم كان شيوعيا قحا، أو قوميا هادرا، أو متدينا يبشّر بالإسلام المعتدل الوسطي، أو ليبرالي يتغنى بحرية الرأي وكرامة الإنسان.
هذا التحالف المتآمر سيتضرر أشد الضرر من انتقال سورية إلى مرحلة جديدة تقطع مع الماضي، وتؤسس لمستقبل تصبح فيه سورية بلدا جاذبا بما يتحقق من تضافر جهود السوريين بكافة تياراتهم، وبما يؤسسون له من دستور عادل يضمن المواطنة والكرامة للجميع، ويصون الحريات العامة، وسيادة القانون، وانتهاء زمن الحزب الواحد، وأفول زمن هيمنة الأجهزة، وفتح الأبواب للأحزاب الجديدة بكافة أيديولوجياتها وعقائدها غير المتعصبة دينيا، أو عرقيا.
سورية بلد حر ستعني سورية بلدا معاديا لهذا التحالف، نقيضا له، متصادما معه، وهذا في غير مصلحة أمريكا وأتباعها، والكيان الصهيوني الذي ( فاز) بتدمير العراق، وها هو يتلمظ على تدمير سورية ليضمن أن تكون حوله دويلات هي مزق متصارعة ، وبالضرورة مدارة أمريكيا، ومنهوبة الخيرات، ومحكومة بعملاء أين منهم رؤوس الأنظمة التي سقطت في تونس، ومصر، وليبيا، واليمن!.
لهذا أقول: هناك مؤامرة ما عادت تحتاج للجدل حولها، اللهم سوى مع أناس ينكرون ما يرون، لأنهم يغمضون أعينهم، ويقفلون على ضمائرهم وعقولهم لتحقيق مكاسبهم الخاصة …
من ادعوا أنهم حملوا السلاح لحماية الحراك الشعبي، ها هم يواصلون حمل السلاح للقتل به، ناشرين الموت والخوف والحزن والسواد في المدن والقرى السورية، بينما الحراك الشعبي انتهى تماما، ولم يبق سوى قعقعة السلاح، ودوي الصورايخ، والانفجارات التي تحصد أرواح الناس الذين ما عادوا يجرؤون على المشي في شوارع مدنهم، بعد أن كانوا يتدفقون مطالبين بالتغيير، ومحاربة الفساد، وإنهاء حكم الحزب الواحد( الذي أنهاه الدستور الجديد)، والذي سينتهي بشكل أكثر حسما عندما يصاغ من جديد بالتوافق الوطني السوري النابع من داخل سورية، ومن أوساطها الشعبية، وقواها الوطنية غير المرتشية، وغير المستأجرة.
المؤامرة لا تستهدف سورية وحدها، فقد رأينا فصولها في تونس، ومصر، وليبيا، واليمن…
لقد تمكن أعداء الأمة من سرقة الحراكات الشعبية، وحرموها من تحقيق أهدافها الحقيقية التي تاقت لها شعوب الأمة العربية.
لقد حلّ الإرهاب الأعمى بديلاً عن الحراكات الشعبية، ومع ذلك فهناك من ينظّرون ( لثورات) هي مجرّد أوهام، ولا يقرؤون الواقع كما هو، وما يقود إليه، وما سيتسبب به من يأس في أوساط الشعوب التي تحركت بعد طول انتظار، من اجل فجر بدا يبتعد..إلاّ إذا استأنفت الجماهير حراكها مستفيدة من الأخطاء، وتآمر الأعداء، وهو ما لن يحدث إلاّ إذا تم تحديد العدو ..والتمييز بينه وبين الصديق، وتشكلت جبهات وطنية ببرامج محددة بوضوح لتخاض ( الثورات) وفقا لها…
لقد جاء العدوان الصهيوني على مركز البحوث العلمية قرب دمشق في الوقت الذي اخذت فيه المجموعات المسلحة في التقهقر أمام الجيش العربي السوري حول دمشق، وفي منطقة القصير…
آن الأوان أن تقف القوى القومية بحزم مع سوريا العربية، ضد المؤامرة التي رأينا أحد فصولها التآمرية على فلسطين بالتنازلات الجديدة التي قدمها وفد الجامعة العربية الذي التقى بوزير الخارجية الأمريكي كيري..فلم يعد ثمة مجال لمزيد من التردد…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول قتيبة:

    استمرار النظام هو المؤامرة.
    هناك مؤامرة على سورية منذ اتفاقية سايكس وبيكو وليس منذ اليوم او منذ بدء الاحداث و تقسيم سوريا وتسليم جزء غالي منها والتي هي فلسطين لليهود كان مؤامرة كبرى ولا زالت مستمرة الى اليوم ولكن من بعد التقسيم والتسليم تم تعيين انظمة ديكتاتورية قذرة ومجرمة مهمتها قتل وضرب اي حركة وطنية في بلادنا..هذه هي فعلا المؤامرة على سوريا..وجود نظام طائفي عائلي في سوريا واستبدادي ومدعوم رسميا من اسرائيل وامريكا وروسيا ضد الشعب السوري..نظام الاسد او المافيا في الشام وجوده بحد ذاته مؤامرة على سوريا الوطن والشعب… عدم السماح لشعب اغنى دولة عربية ان يعيش بعز وكرامة يعني مؤامرة شخص واحد يتجكم بمصير ومقدرات امة باكملها هو مؤامرة…. هذه هي المؤامرة الحقيقية على سوريا الشعب والوطن وليس على النظام ومن يقول غير هذا الكلام اما هو منافق او مستفيد من استمرار هذا النظام المجرم او انه لا يجيد القراءة بين السطور…اي شعب في العالم عاني ما عاناه شعبنا في سوريا طيلة اربعون عاما… من من شعوب الارض تحملت ما تحمله الشعب السوري من هذا النظام الفاسد والمستبد ومع ذلك كل دول العالم تساند هذا النظام لانه سبب رئيسي لحفظ الكيان الصهيوني وامنه في فلسطين..نعم استمرار هذا النظام العائلي المافياوي يعني مؤامرة على سوريا ارضا وشعبا.

  2. يقول laith:

    اوافقق الرائ 100% اي تحالف تراءسه ام اسرائيل( امريكا) وبريطانيا وفرنسا وعربانهم وخاصه بعض دول النفط المعروفين جيدا بولائهم لامريكا ووظيفتهم في تدجين دول عربيه اخرى لدخول بيت الطاعه الامريكي وليس لدينا ادنى شك انه لولا امريكا من اعطاهم الضوء الاخضر لما دعمو المعارضه السوريه بفلس واحد او برصاصه واحده قبل ايام فقط راءينا عروبتهم واسلامهم في عرض بخس ودنيئ فحتى ارض 67 يتنازلون عنها لليهود بالقبول بمقترح تبادل اراضي يعني القدس المقدسه المليئه بالموستوطنات تبدل اراضيها باراضي لا تناسب اليهود .لذالك لا يمكن ان نكون الا مع الشعب السوري سواء كان من الموالاه او المعارضه الشريفه التي تريد لسوريا الخير ولا تكون اداه في يد الاعداء لتدمير سوريا

  3. يقول أحمد:

    إن الوضع الحالي في سوريا يدفع أحيانا المؤمنين بوحدة الأمة العربية للدفاع عن أنظمة شمولية إستبدادية وراثية رغم أنها مؤسسة على مبادئ النظام الجمهوري. وكما يوضح الكاتب المحترم في مقالته فإنه بشكل تلقائي ضد الحراك الشعبي (المدعوم من أمريكا وحلفائها)الذي كان سلميا في البداية وتحول نتيجة البطش المفرط والوحشي من قبل النظام لوأد هذا الحراك . هذا الموقف يمثل بكل صدق أزمة المثقفين العرب المؤمنين بوحدة الأمة طيلة العقود الخمسة التي مضت حيث حكمت في هذه المدة أنظمة باسم القومية العربية وتجسدت وتجذرت إستبدادية هذه الأنظمة وحولت بلدانها إلى شبه مزارع خاصة وعومل فيها المواطن كعبد حقير ليس له أية قيمة إنسانية وإذا حاول هذا الموطن الضعيف النهوض لإستعادة كرامته المهدورة تنطلق الأصوات باتهامه بالخيانة والتآمر! إلى هذا الحد نبسط الأمور وندعو إلى بقاء الإستبداد والظلم في وطننا العربي وهنا تكمن مأساتنا.إن العدوان الصهيوني الأخير على مركز البحوث في جمرايا قرب دمشق مستنكر بشدة وهذا أمر لاجدل فيه ولكن المستغرب هو بعض تصريحات الساسة والإعلام السوريين عندما يعلنون أنهم سمحوا للفصائل الفلسطينية بالقيام بعمليات عسكرية ضد العدو الصهيوني من خلال الجولان وهذا يعني ضمنا أن نظام الممانعة والمقاومة كان يمنع في الماضي الفصائل الفلسطينية القيام بأية عمليات عسكرية ضد الإحتلال الصهيوني من خلال الجولان! والبعد الآخر للإعتداء الصهيوني كان فاضحا للقيادة الإيرانية التي مافتئت تقول أن أي إعتداء خارجي على سوريا يعتبر إعتداء على إيران وبالتالي سيؤدي رد إيران على هذا الإعتداء إلى محو إسرائيل وهذا مانتمناه نحن طبعا, ولكن المفاجئة كانت في اليوم التالي للضربة من أحد المسؤولين الإيرانيين بأن الجيش السوري ليس بحاجة إلى مساعدة إيرانية وهكذا بسرعة يتبرأ الشخص من التزام دولته ونشعر أن تلك الشعارات الرنانة الطنانة لم تكن إلا للإستهلاك المحلي والإقليمي ولمزيد من قمع وقهر الشعوب باسم الممانعة والمقاومة.ان الإيمان بقومية القضية ووحدة العرب لايعني ولايلزم أبدا الوقوف إلى جانب جزاري الشعوب ومن جانب آخر فإن اتخاذ موقف ضد نظام الإستبداد في سوريا لايعني مطلقا الإنتماء إلى التحالف الذي ترعاه أمريكا. وإن كان هناك فعلا مؤامرة على سوريا فإن النظام السوري هو المنفذ الأساس في تلك المؤامرة وجنوده كرروها مرارا( إما الأسد أو نحرق البلد ) وهذا مايفعلون بسوريا العزيزة على قلب كل مؤمن بوحدة العرب وقومية القضية.

  4. يقول محمد الخالد:

    نحن نقف بقوة واخلاص مع الكاتب الكريم في دعوته “آن الأوان أن تقف القوى القومية بحزم مع سوريا العربية” اذا كانت دعوته هذه تتضمن أيضا اسقاط اعلان مهدي طائب المقرب من خامنئي والذي أعلن فيه “ان سوريا هي المحافظة الايرانية رقم 35 ” , نقف معه بلا تردد أما اذا كانت الدعوة لاتتضمن ذلك فلا معنى لها.

  5. يقول omar:

    كان يتقصنا تأكيدك حتى نتيقن !

  6. يقول عمرو ناصر:

    لقد أبدعت في وصف ما يحدث، وكل الاحترام و التقدير

  7. يقول Kussai:

    صدقت أيها البطل

  8. يقول Syria:

    بارك الله فيك ………………. حياك الله……….نطقت صدقا

  9. يقول احمد سمارة:

    لأن الجولان لن يعود بالتفاوض، وسورية (المقاومة) جذريا، وهذا ما ينتظرها، سوف لن تتخلى عن الجولان، ولا يمكن أن ترضى بالمساومة على فلسطين، وهي لن تغدر بحزب الله، وستدعم بوضوح الثورة الفلسطينية، وهذا ما لا تريده أمريكا وأتباعها
    كلام جميل ماقدرش اقول حاجة عنه
    فعلا ان لم تستحي فافعل ما شئت
    هل نسيت وديعة رابين
    هل نسيت اربعين سنة من السلام الفعلي والمستقر بين سوريا والكيان الاسرائيلي
    هل نسيت مخيم تل الزعتر

  10. يقول Hana Zeidan:

    نعم أيها الكاتب الفاضل رشاد أبو شاور فهي مؤامرة منذ اللحظة الأولى للقضاء على العرب و الأمة العربية من أجل عيون إسرائيل ولكن العتب على العرب الذين لم يفهموا حتى اللحظة الحقيقة المرة .
    نعم و ألف نعم … تحالفا ترأسه أمريكا، ويضم بريطانيا وفرنسا، وبعض دول النفط، وفي مقدمتها قطر والسعودية و تركيا فهو لخراب كل الدول العربية و للقضاء على قضية فلسطين المحورية.

    أفيقوا أيها الشعوب العربية عدوكم إسرائيل و ليس سورية ، سورية ستبقى الممانعة ضد إسرائيل و ستقودكم للسيادة لتشكلون قوى يحسب لها حساب في المستقبل ، لذلك راجعوا أنفسكم و قفوا مع أنفسكم و مع بلادكم و ليس مع عدوكم .

1 2 3 4 6

إشترك في قائمتنا البريدية