نقابي مغربي لـ«القدس العربي»: مجلس المنافسة استمع إلى «الجلاد»” وتحاشى «الضحية» وتقريره حول أسعار المحروقات جاء «ناعما»

 ماجدة أيت لكتاوي
حجم الخط
0

الرباط ـ «القدس العربي»: خلف التقرير الذي أصدره “مجلس المنافسة” في المغرب حول الارتفاع الكبير لأسعار المحروقات ردود فعل مختلفة، بعدما أبانت معطياته أن هوامش ربح شركات التوزيع شهدت زيادات حادة خلال الفترات الأخيرة. ففي وقت وصلت فيه أسعار المحروقات في المغرب لأرقام قياسية منذ ما يزيد من ثلاثة أشهر، وسط تذمر وغضب المغاربة جراء الأسعار غير المسبوقة، أصدر المجلس المنافسة رأيه بشأن الارتفاع الكبير في أسعار المواد الخام والمواد الأولية في السوق العالمية، بالنسبة لحالة المحروقات (الغازوال والبنزين)، وتداعياته على السير التنافسي للأسواق المغربية. مجلس المنافسة، وهو مؤسسة مغربية تهُم دراسة أداء الأسواق ومحاربة الممارسات غير الأخلاقية والمُنافِية للمنافسة، اتَّهم شركات توزيع المحروقات في المغرب بـ “إبطال المنافسة في الأسعار ومضاعفة هوامش ربحها”.
تعليقاً على التقرير، قال الحسين اليماني، الكاتب العام “للنقابة المغربية للبترول والغاز” ورئيس “الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة سامير للبترول”، إن رأي المجلس جاء “ناعماً ومُلطَّفاً”، وتحاشى الكلام عن الأسعار الفاحشة التي شهدتها المحروقات عامي 2016 و2017.
وسجَّل اليماني متحدثاً لـ”القدس العربي”، انقلاب التقرير على توصية المجلس السابق، المتعلقة بالتكرير، ذلك أن التقرير السابق الذي تم بطلب من الحكومة حول التسقيف، أوصى بعودة المغرب إلى امتلاك صناعة تكرير البترول، وفق ما يقتضيه الأمن الطاقي للبلاد وتأثير ذلك على الأسعار.
وانتقد النقابي المغربي ما أسماه استماع مجلس المنافسة “للجلاّد” في حين تحاشى “الضحية” متمثلة في جمعيات حماية وحقوق المستهلك والنقابات، متسائلاً عن الأسباب وراء الاستماع لشركات التوزيع في حين يُغفل الاستماع لشركة “سامير”، وهي المؤسسة التي ما تزال قائمة حالياً بالرغم من أنها في طور التصفية القضائية والمؤهلة لتقديم إفادات حول أزمة تكرير البترول، متابعاً: “كان يتوجب على المجلس الاستماع لمختلف الخبراء الذين تتوفر عليهم”.
تفاعلاً مع التقرير المثير للجدل، وصف عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب “العدالة والتنمية” المعارض رأي مجلس المنافسة بـ”القنبلة”، وذلك خلال مداخلته، في اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، المنعقد أول أمس الثلاثاء.
وقال إن رأي مجلس المنافسة المذكور يُقرُّ بانعدام المنافسة في قطاع المحروقات، موضحاً أن انعدام المنافسة أفظع من الاحتكار، وأن كلاهما لا يسمح بالاستثمار في هذا القطاع، مُبرزاً أن التوصيات الواردة في التقرير، سواء المتعلقة بمراجعة بعض القوانين المنظمة للقطاع، أو مراجعة النظام الضريبي، كلها سبقت إثارتها في تقرير المهمة الاستطلاعية الخاصة بالمحروقات، وفي مذكرات وتقارير أخرى.
وفي المداخلة نفسها، أكد بووانو أن القانون الإطار بمثابة ميثاق الاستثمار جاء متأخراً، متسائلاً عما إذا كانت الحكومة ستلتزم بإخراج ستة قوانين على الأقل مرتبطة به، وتتعلق باللاتمركز الإداري، وتبسيط المساطر، والمراكز الجهوية للاستثمار، وقوانين أخرى تتعلق بالعقار.
من جانبه، قال عمر الشرقاوي، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة الحسن الثاني، إن تقرير مجلس المنافسة “حُمِّل أكثر مما يحتمل، واستُغل لتصفية حسابات سياسية ضد فاعل سياسي”، وفق تعبيره.
واعتبر الأستاذ الجامعي، ضمن تدوينة كتبها على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن خيار تحرير المحروقات من طرف حكومة عبد الإله بن كيران دون تدابير مُصاحبة كان خطأ جسيماً يقترب من الجريمة؛ لافتاً إلى أن تحكم لوبيات المحروقات في تقارير مجلس المنافسة مجرد أسطورة ووهم، وأن المجلس قادر على إصدار تقرير موضوعي.
ويرى الخبير نفسه أن الأسعار المرتفعة للمحروقات استثنائية نظراً للسياقات الدولية، فضلاً عن كون هوامش ربح الشركات ينبغي أن تتضاءل لكنها ليست بتلك الأحجام، معتبراً أن الهامش يختلف من مشغّل إلى آخر، الأمر الذي ينفي إمكانية الاتفاق والتواطؤ، وأشار إلى أن هامش الربح محتاج للتخفيض، لكن هامش الربح في حد ذاته يبقى مقارنة بباقي مكونات السعر، موصياً بالحاجة إلى إعادة النظر في المنظومة القانونية والتنظيمية الخاصة بالمحروقات.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية