نقص الأدوية يعمق أزمات الغزيين

إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

تشهد الأشهر الحالية تقلبات جوية مفاجأة تمهيدا لاستقبال فصل الخريف والشتاء، ما يؤثر على صحة المواطنين لاسيما النازحين في مختلف مناطق القطاع، والذين يمكثون داخل خيام مهترئة ويعيشون في ظروف غير صحية، حتى أن الأغطية والملابس الشتوية باتت مفقودة بالنسبة للغالبية، وهذا يزيد من إصابة أعداد كبيرة من المواطنين لاسيما الأطفال بنزلات البرد الحادة.
والأدوية الخاصة بالانفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي من المضادات الحيوية والمسكنات شبه مفقودة من كافة النقاط الطبية والصيدليات، بعد استمرار الاحتلال الاسرائيلي وضع قيود على إدخال أصناف كثيرة من الأدوية مع استمرار الحرب، وفرض حصار خانق على قطاع غزة منذ أكثر من عشرة أشهر على التوالي كعقاب وضغط على المدنيين العزل.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن وجود عجز في أكثر من 70 في المئة من أصناف الأدوية في مستودعاتها، وهي الأدوية الأساسية التي تخص أصحاب الأمراض المزمنة، بالإضافة إلى الأدوية ذات الاستهلاك المرتفع والخاصة بالأمراض الموسمية، وأشارت الوزارة إلى أن هذا النقص الحاد يؤثر على حياة آلاف المرضى الذين يعيشون في ظروف صعبة داخل قطاع غزة، كما يهدد أعداد كبيرة من المرضى لاسيما الأطفال بفقدان حياتهم.
ومع تصاعد الأزمة يتبادل المواطنون الأدوية فيما بينهم، فمن توجد لديه أصناف من الأدوية مخزنة يقدمها للمضطرين إليها، خاصة جرحى الحرب الذين يعانون من إصابات خطيرة ولا يجدون علاجا مناسبا.
ويتردد المواطنون بشكل مستمر على النقاط الطبية المنتشرة بين خيام النازحين، في حرص منهم على تخزين الأدوية اللازمة والخاصة بالأطفال من مسكنات ومضادات حيوية، لذلك باتت أدوية الأطفال مفقودة، وإن وجد بعض منها يكون شحيحا. المواطن زكي شنينو لديه 6 أطفال ويشتكي من فقدان الأدوية من النقاط الطبية وحتى تلك التابعة للأونروا، بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال كميات كبيرة من الأدوية والاكتفاء بإدخال القليل منها على فترات متباعدة.
يقول لـ«القدس العربي»: «بعد أن خرجت من رفح إثر الاجتياح البري، نزحت كباقي السكان إلى شاطئ بحر خانيونس لعدم وجود بديل أفضل، ومنذ ذلك الوقت يعاني أطفالي وزوجتي من أوجاع وظهور التهابات جلدية عليهم، نتيجة رمال البحر وملوحتها واعتمادنا على مياه البحر في الاستخدام اليومي لعدم توفر مياه صالحة».
أما النازح أكرم حجاج فهو يعاني من انفلونزا حادة، بسبب التغيرات الجوية وعدم توفر مسكنات ومضادات حيوية للتعافي، فلجأ إلى الطب العربي باستخدام عصير الليمون للتعافي.
يقول لـ«القدس العربي»: «نواجه ظروفا قاسية في غزة لم يسبق أن تعرضنا لها من قبل، والاحتلال يعاقب المدنيين من خلال سياسة التجويع ومنع إدخال الأدوية، حتى أن المعابر مغلقة ولا يسمح للمرضى بالعلاج خارج قطاع غزة».
ويقول مدير مستودعات الصيادلة في وزارة الصحة كفاح طومان، إن قضية نقص الأدوية من مستودعات الوزارة أمر خطير للغاية ويترافق مع استمرار الحرب ووجود آلاف الحالات المصابة، كما أن الأمر يزداد خطورة مع تفشي الأمراض الموسمية بين النازحين، وظهور أمراض جلدية خطيرة عليهم، إلى جانب تعرض الأطفال للإصابة بشكل أكبر خلال الفترة الحالية، نتيجة سوء التغذية وضعف المناعة التي يتعرضون لها».
وأوضح لـ«القدس العربي»: «منذ احتلال الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح مطلع مايو الماضي، بدأت أزمة نقص الدواء تطفو على السطح، بعد أن أغلق الاحتلال معبر رفح البري الذي كانت تدخل عبره شاحنات المساعدات الطبية بشكل يومي، وبدأ الاحتلال باستخدام سياسة الابتزاز في إدخال المستلزمات الطبية والسلع من على معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي».
وبين أن هناك عجزا كبيرا في أصناف الأدوية ذات الاستهلاك المرتفع، ومنها أدوية الأطفال إضافة إلى المضادات الحيوية، إلى جانب علاجات الأمراض المزمنة كالفشل الكلوي والسكري والقلب والضغط، وجميع هذه الأدوية استمرار منعها يقرب من نهاية حياة المواطنين.
ولفت إلى أن الصيدليات تضررت من إغلاق المعابر، نتيجة توقف شركات الأدوية عن الاستيراد من الخارج، وبالتالي بعض الصيدليات أغلقت أبوابها، وما يتم العمل به داخل المرافق الصحية هو الأدوية التي تدخل من خلال المنظمات الدولية ولكن بكميات محدودة جدا.
ومع تصاعد أزمة نقص الدواء وتفشي الأمراض بين النازحين، شرع مجموعة من الأطباء بإنشاء مجموعات على تطبيق واتسآب وفيسبوك تضم عددا من الصيادلة والأطباء، ويتم من خلال هذا التطبيق نشر مناشدات المواطنين وما يحتاجونه من أصناف أدوية، وبالتالي من يتوفر لديه أي من الأصناف يقوم بتقديمها سواء بشكل مجاني أو مقابل مادي، من خلال أهل الخير الذين يقدمون يد العون لمساعدة الفقراء والمحتاجين في غزة.
يقول مؤسس المجموعة الطبيب أنس أبو كرش إن فكرة إنشاء مجموعة دواء غزة على مواقع التواصل ناتجة عن تصاعد حدة الوضع الإنساني الكارثي بالنسبة لآلاف المرضى داخل غزة من جراء استمرار حرب الإبادة وتراكم الأزمات الصحية لدى المواطنين.
وبين لـ«القدس العربي»: أن فكرة عمل المجموعة تقوم على استقبال مناشدات من المواطنين على حسابه الخاص على واتس وفيسبوك، ومن ثم يقوم بنشرها على المجموعة التي تضم صيادلة وأطباء وجلب ما هو متوفر من أدوية يخدم من خلالها المرضى فى ظل الواقع الصعب.
وأوضح أن المجموعة ساعدت في تقديم بعض الأدوية الخاصة بالعديد من الحالات المرضية، لاسيما مرضى القلب والضغط ممن يعانون من تدهور أوضاعهم الصحية، نتيجة توقفهم عن تناول أدويتهم بشكل منظم، ويحاول أبو كرش الوصول لمتبرعين من الخارج، لتأمين الأدوية ذات الأسعار المرتفعة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية