أشعل الجيش الاسرائيلي مرة اخرى الوضع المتوتر حيال سورية، ولكن سلسلة التصريحات الحازمة لا تدل على تغيير استراتيجي او على وضع جديد. فتصريحات قائد سلاح الجو عن امكانية حرب مفاجئة، يوم الاربعاء، فسرت كخطوة واحدة أبعد مما ينبغي، مقارنة بالتهديدات المعتدلة، التي قصدتها في الاصل هيئة الاركان.
رغم التصريحات، فان امكانية أن تنجر اسرائيل الى حرب مع سورية غير واردة الان. ففي الايام الاخيرة ايضا لم يطرأ تغيير دراماتيكي على الوضع في هضبة الجولان. فسياسة اسرائيل القاضية بمنع وصول سلاح استراتيجي جديد الى سورية خشية أن ينتقل الى حزب الله، بدأت قبل اشهر. ومع ذلك، ففي الاسابيع الاخيرة يجري تصعيد تدريجي في الوضع.
وكانت نقطة الانعطافة هي الهجوم على ارسالية صواريخ ‘فاتح 110’، الذي نسب الى اسرائيل في الشهر الماضي. وادخل الهجوم الرئيس السوري في صدمة استمرت اسبوعين الى ثلاثة اسابيع. وفي الاسبوعين الاخيرين بات ظاهرا تغيير في السياسة بالذات من طرفه. فسياسة الاسد حتى الان تضمنت تجاهلا لاسرائيل وتركيزا على القتال ضد الثوار. وقد ابتلع الهجوم على الصواريخ من طراز SA-17، الذي نسب لاسرائيل في شهر كانون الثاني/يناير، ولم يرد حتى عندما أطلقت اسرائيل النار نحو اهداف في سورية ردا على حالات اطلاق النار بالخطأ نحو اسرائيل.
وقد لوحظ التغيير في السياسة لاول مرة يوم السبت قبل اسبوعين، حيث أطلقت قوات سورية قذائف هاون نحو جبل الشيخ، أغلب الظن كاشارة مقصودة. وذات مغزى أكبر كانت حقيقة أن الناطقين السوريين الرسميين بدأوا يهددون اسرائيل بشكل مستمر، بل ان سورية اتهمت اسرائيل بعملية كوماندو جريئة في مناطق القتال الساخنة هذا الاسبوع، قرب قرية القصير شمال الهضبة. وادعى السوريون بانهم لاحظوا في المنطقة سيارة جيب عسكرية، ولكنهم قالوا أغلب الظن ان السيارة الجيب كانت قد استخدمتها قوات جيش لبنان الجنوبي قبل الانسحاب من الحزام الامني، وتدحرجت منذئذ الى اياد اخرى.
من ناحية قيادة المنطقة الشمالية وقع الحدث الدراماتيكي في هذا الاسبوع ليلة الثلاثاء. فقد أطلقت قوة سورية النار ثلاث مرات نحو سيارة جيب دورية للجيش الاسرائيلي في الطرف الاسرائيلي من الحدود. وفي اثناء الهجوم استخدم الجيش الاسرائيلي لاول مرة منظومة جساسات انتشرت في هضبة الجولان، تسمح بتشخيص مصدر النار بشكل فوري والرد عليها في الزمن الحقيقي (منظومة تسمى ‘ترى فتطلق’). وبعد النار الثالثة اقر الرد، فاطلق صاروخا ‘تموز’ نحو موقع مضاد للطائرات للجيش السوري.
وكان رئيس الاركان بيني غانتس قد خطط للوصول الى المنطقة قبل الحدث ظهر يوم الثلاثاء. وعندما وصل، شاهد شريط تسجيل اطلاق النار. وقرر الناطق العسكري الاسرائيلي اصدار الشريط الذي وثق الجساسات للبث العالمي كي يبدد ادعاءات سورية بعدوان اسرائيلي، والاثبات ان الرد جاء فقط بعد النار الثالثة نحو الطرف الاسرائيلي. وبالتوازي مع البث بدأت هجمة التهديدات الاسرائيلية.
أول من تحدث في الموضوع كان وزير الدفاع موشيه يعلون. وبث غانتس بالتوازي تقريبا رسالة لم يرد فيها الاسم الصريح ‘سورية’، جاء فيها: ‘لن نسمح لهضبة الجولان ان تصبح مجالا مريحا للعمل ضدنا’. وفي الغداة القى قائد سلاح الجو اللواء أمير ايشل قنبلة ثقيلة الوزن، حيث قال في ندوة في مقر سلاح الجو في هرتسيليا ان ‘الاستعدادات لحرب مفاجئة مع نظام بشار الاسد ذات صلة بما حدث اليوم تضاعفت’. وتحدث ايشل في الندوة في موضوع 40 سنة على حرب يوم الغفران، وطلب امكانية أن تقع حرب مفاجئة مثلما في حينه، ولكن اقواله احتلت العناوين الرئيسة في كل العالم. وفي اعقاب تصريحات ايشل لن يسمح الجيش الاسرائيلي لاي ضابط كبير الحديث عن مواضيع حساسة بشكل علني على الاقل في الاسابيع القريبة القادمة.
اوروبا على بؤرة الاستهداف
وزير الشؤون الاستراتيجية والاستخبارات، يوفال شتاينتس، هو الاخر قال هذا الاسبوع امورا استثنائية في حزمها في مستهل الندوة الدولية ‘اسرائيل ديفنس’. وعلى حد قول شتاينتس، ففي منشأة التخصيب في نتنياز تعتزم ايران الوصول الى 54 الف جهاز طرد مركزي.
وادعى شتاينتس بان ايران تبني بذلك قدرة ستسمح لها بان تخصب ما يكفي من المادة المشعلة لاعداد 20 حتى 30 قنبلة ذرية في كل سنة. وقال شتاينتس ان ‘ايران ليست كوريا الشمالية او باكستان. صناعة النووي لديها اكبر بعشرات الاضعاف من هاتين الدولتين، واضافة الى القنابل الذرية التي تسعى اليها ايران، منذ اليوم توجد لديها مئات الصواريخ التي تغطي اسرائيل، وبضع عشرات الصواريخ من طراز بي ام 25 تغطي قسما مهما من اوروبا. كما أنهم يعملون على صواريخ باليستية عابرة للقارات تحت غطاء وسائل اطلاق الاقمار الصناعية. ويتحدثون عن أن الصواريخ ستكون تنفيذية في غضون 3 4 سنوات.
سوابق في سيناء
وهذا ايضا حصل هذا الاسبوع: اسرائيل سمحت لمصر بان تدخل دبابات الى سيناء لاول مرة منذ التوقيع على اتفاقات السلام. ومثلما هو الحال دوما، فان تطورات ذات معنى تاريخي تقع لاسباب محلية. فالمصريون تصدوا لاختطاف سبعة جنود احتجزهم كرهائن ملثمون اقتحموا احدى قواعدهم. وقبل نحو سنة، بعد وقت قصير من فوز الاخوان المسلمين في الانتخابات، ادخل المصريون قوة من الدبابات الى سيناء دون تنسيق واضطروا الى سحبها تحت ضغط اسرائيل والولايات المتحدة. اما هذه المرة فقد اتفق بهدوء بين اسرائيل ومصر على ادخال 31 دبابة وبضع مروحيات للتصدي للخاطفين. ومع نهاية الاسبوع بدا أن قضية الاختطاف تنتهي بالشكل الافضل. أما سابقة ادخال الدبابات فقد وقعت.
الاداء تحت النار
يوم الاحد بعد الظهر سيعلن رئيس الوزراء في جلسة خاصة للحكومة عن حالة طوارئ. هذه المرة لا يدور الحديث الا عن مناورة جبهة داخلية وطنية، ولكن الفوارق بين السيناريوهات الحقيقية، على خلفية التوتر مع سورية، ايران وحزب الله، وبين السيناريوهات في المناورة، ستكون طفيفة.
وعلى حد قول مدير عام وزارة حماية الجبهة الداخلية، اللواء احتياط غابي اوفير فستشبه المناورة التصدي لمواد الحرب الكيميائية، ولكن خطط لها منذ زمن بعيد مسبقا من دون صلة بما يحصل في سورية. وقال اوفير ان هدفنا الاعلى هو التدرب على الاداء المتواصل حتى تحت وابل من النار من المتوقع أن يكون ثقيلا، سواء نحو التجمعات السكانية أم نحو أهداف استراتيجية. لا شك أنه توجد تطورات في حجم التسلم وجودة السلاح الموجه الينا. نحن جاهزون لذلك’.
معاريف 24/5/2013