نيران مرتضى منصور ودعاوي العمدة!

حجم الخط
0

في خطوة اعتبرتها ‘انتكاسة للحريات التي نالها الشعب، بفضل دماء وتضحيات شباب مصر’ رفضت ست قنوات فضائية مصرية، التهديدات التي وجهها مجلس المنطقة الحرة الإعلامية، وهيئة الاستثمار لتلك القنوات، بالإغلاق بعد مخالفة تلك القنوات ‘حسب تعبير الإنذار’، لمخالفتها الضوابط والمبادئ التي أصدرت لها التراخيص بموجبها.
القنوات الفضائية هي CBC والقاهرة والناس، والنهار ومجموعة دريم، On TV، والحياة. القرار أو الانذار ليس مفاجئا لأحد لا من داخل العمل الإعلامي ولا من خارجه، خاصة ضد تلك القنوات تحديدا والتي تعتبر الجبهة الصحفية المفتوحة، أربع وعشرين ساعة على أربع وعشرين، على الرئيس مرسي و’دولة المرشد’ كما يصر الإعلاميون المصريون على تسميتها. طبعا لم يطل انتظار تلك القنوات وغيرها الكثير مما لم يوجه لها انذارات مماثلة لأسباب معروفة، فاقتراب موعد الثلاثين من يونيو، ثم ولوج فجره قبل ثلاثة أيام، أزاح الستار عن حرب فتاكة وصارخة المعالم، قوية قاسية مغالية في رمي التهم، بل قاسية بكل شيئ، بداية بعناوين برامج ‘التوك شو’ والفيديوهات المصاحبة، وليس نهاية بكم الأوراق والوثائق التي خرجت على السطح، تدين كل وجوه مصر، سواء المناوئة أو المناصرة لحكم الأخوان المسلمين، مرورا بكيل الشهادات المفاجئة والشتائم غير المبررة ، من قبل طرفي النزاع، في انتكاسة للغة النخب المصرية ومفرداتها، والتي كانت معروفة بأدبها الجم، ورشاقتها الظريفة .
ردح على مستوى رفي!
فجأة وبدون سابق انذار، لا أعرف بماذا أصف المشهد، إن كان ارتداء لأقنعة جديدة تناسب المرحلة، أم خلعا للأقنعة التي لم تعد تناسبها، من قبل إعلاميين من كافة المنابت السياسية والفكرية والدينية، كانوا يعتبرون مدارس في تهذيب الكلمة، وأدب الحوار ورفعة في مستوى الجدال، ليقرروا وبعد خطاب الرئيس الأخير، أن يتماهوا مع البسطاء في التحليل، ورمي الشائعات عن جنب وطرف، والتعامل مع وقائع الذم والقدح المباشر، وكأنها منافسة شرعية.
بالطبع وبعد خطاب مرسي الأخير، والذي رعى فيه رسميا حفلة الاتهامات المفتوحة على غاربها، غير المدعمة بالوثائق وغير المفهومة أصلا، ولا تليق بلغة رئيس دولة من حيث الأساس، اعتبر كثير من وجوه الإعلام الخطاب فاتحة شر، تسمح لمن هب ودب بممارسة هذه الهواية الجديدة المستجدة على المشهد المصري، وخصوصا من ضيوف برامجهم، المفترض أنهم فقهاء وخبراء، والذين برعوا في الإساءة لرموز وطنية ‘أو كنا نعتقد ذلك ‘ لدرجة تقترب من ردح الحواري وكيد النسا!
حلقة أستطيع أن أسميها نارية تلك التي ظهر فيها الإعلامي الهادئ و’اللارج’ أسامة كمال على فضائية ‘القاهرة والناس ‘ مساء الأحد الماضي، واستضاف فيها الخبير القانوني المثير للجدل أينما حل أو ارتحل مرتضى منصور، ولمن لا يعرف منصور يتذكر فقط فيديو ‘شوبير’ الذي قام الأول بتسجيله ضده، في إطار الأسلوب الذي يتبعه دائما وأبدا، بتوثيق كلامه بالمستندات والوثائق ‘اللي ما تخرش المية’ على طريقة المحامين في الأعمال الدرامية المصرية، وأشهرهم على الاطلاق ‘المحامي بطاطا’ الذي قام بأداء دوره حسن متولي في مسلسل أرابيسك أواخر القرن الفائت.

مرتضى منصور .. M16 !

حجم الاتهامات التي لم يكن يلقيها جزافا، بل موثقة بالأوراق والأسماء والشهود، إنما بصراحة كانت جبهة مفتوحة على الغارب، لأي اسم يقع تحت سمعه، ولو بالخطأ! فمن محمد مرسي ‘الآفاق المرتجف’ حسب وصفه، وتلاه ولده عمر الذي قال عنه إنه غير مؤدب و’بيشتم في المصريين’ إلى أحمد منصور الذي قال إنه يعمل في قناة ‘الخنزيرة’! ثم أضاف أنه المذيع الذي يلعب بحاجبه، والذي أيضا تزوج على أم أولاده صحفية مغربية. ثم أخذ بطريقه صفوت حجازي القيادي الداعم والمؤازر لمرسي، وحركة الأخوان المسلمين، واتهمه بصناعة رواية مغلوطة تماما وليس لها علاقة بالصحة، والمتعلقة بأم شهيد اسمه محمود، كان حجازي يبكي بمجرد ذكر قصتها. وهدده منصور بكشف أوراق تجارته الغامضة في تركيا ( !!) . طبعا النيران طالت كل من هب ودب من أسماء كانت تذكر أمامه، حتى وائل غنيم الذي مثل دور أيقونة الثورة المصرية ونموذجها الشبابي المضيء، لم يسلم من اتهامات مرتضى منصور المدعمة ‘كما يقول’ بالمستندات اللازمة فوصفه بالعمالة والتجسس. وقبل أن يقوم من كرسيه طلب الإذن بالكلام السريع، وإذ به يظهر صورا لمغن شاب لم أتذكر اسمه، ولكن لفت انتباهي أن منصور أذاع على الهواء أرقام هواتف المغني، شاتما اياه بأقذع الكلام وأقساه لأنه قام بتأليف وغناء أغنية تهاجم قضاة مصر. وطبعا أمر الجمهور بأن من يصادفه في الشارع، يبصق في وجهه!
فتح صدره ودعى!

في الجهة المقابلة قام النائب عن حزب الحرية والعدالة محمد العمدة، صاحب واحد من أشهر البرامج المثيرة للجدل ‘دوار العمدة’ والذي لطالما سخر منه الإعلامي باسم يوسف بسبب تصريحه حول مدة رضاعته التي تجاوزت السنوات الست. قام هذا العمدة برفع كفيه إلى السماء كأي امرأة مكلومة مظلومة، لا تملك حيلة أمام ظالميها، ثم وبأعلى صوته ومن خلفه مناصرو محمد مرسي، في ميدان رابعة العدوية، دعى على عدد من رجال المعارضة!
الدعاء شمل كلا من حمدين صباحي والسيد البدوي وأسامة حرب، وكان محددا في الطلب، حيث كان العمدة يرجو ربه أن لا يبلغ أي واحد منهم شهر رمضان المبارك! وكأنه بموت مجموعة الإنقاذ الوطني، سيتحلحل الوضع المصري، وتنفك عقدة الأخوان إلى الأبد .
وفي مصر 25 جاءت نشرات الأخبار مطابقة لنشرات ماسبيرو قبل 25 يناير، إلى درجة الإضحاك إن لم أقل الإسفاف! فصور ميدان رابعة مليئة بالحشود المليونية، فيما ميدان التحرير، كما أيام الستينات، فارغ وواسع وجميل!
ولأن الإعلام ليس لعبة الأخوان، وباعترافهم، فإن الشرح الجرافيكي جاء هزليا جدا، عندما قاموا برسم صور المعارضين يحملون أسلحة أوتوماتيكية، يحاولون الإطاحة بالرئيس مرسي، فيما الأخير قاموا برسمه جالسا على الكرسي، لا يتهزهز!

كاتبة من الأردن

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية