واشنطن – “ القدس العربي ”- من رائد صالحة :
نجت العائلة المالكة السعودية من موجة الاحتجاجات الجماهيرية التى شكلت الربيع العربي، من خلال زيادة القمع ضد مجموعة واسعة من النقاد والنشطاء والاسلاميين وافراد من نفس العائلة، على النقيض من التكهنات التى سادت في تلك الفترة بان الانتفاضات العربية ستصل الى الرياض، ولكن هذا السناريو قد لا يحدث ثانية مع ولى العهد السعودى، محمد بن سلمان ، الذى يقف في قمة الهرم .
والسبب كما قالت الكاتبة مضاوي الرشيد في مقال رأي نشرته مجلة “ نيوزوويك ” إن الرجل فقد الكثير من القواعد التي تسمح له بالحكم دون اللجوء الى القوة المباشرة، وهذا الوضع غير مستدام، بل انه خطير للغاية، لان هناك تأكل خطير في شرعية النظام قد يؤدى الى انفجارمن الداخل.
الرجل فقد الكثير من القواعد التى تسمح له بالحكم دون اللجوء الى القوة المباشرة، وهذا الوضع غير مستدام، بل انه خطير للغاية
وأوضحت المجلة ان أحد التدابير الاولى التى قدمها بن سلمان عندما اصبح وليا للعهد في عام 2016 هو تقويض أيدلوجية الدولة القائمة على الوهابية، على الرغم من انها كانت تقدم الاساس المنطقى لحكم ال سعود على غيرهم من سكان شبه الجزيرة العربية ، واضافت ان بن سلمان نأى بنفسه عن هذا التقليد الدينى وقام بتجاهل الفتاوي،ووضع المدافعين عن النظام الدينى في السجن.
وهكذا، اسفرت اجراءات بن سلمان عن احداث فراغ في الرواية الوطنية ، لا يمكن ان يتم ردمه سوى بالقمع المباشر، ووفقا لما قاله الرشيد، فقد احتجز بن سلمان الاسلاميين المتطرفين والاسلاميين المعتدلين لانه كان يخشى من ردة فعل عنيفة قد تهدد اصلاحاته ، وفي الواقع، لا يعترض العديد من المعتقلين على قيادة النساء للسيارات او تقديم السينما ولكنه كان يخشى من نقدهم العميق الذى يقوض حكمه .
لا يعترض العديد من المعتقلين على قيادة النساء للسيارات او تقديم السينما ولكنه كان يخشى من نقدهم العميق الذى يقوض حكمه
ولاحظت الرشيد أن بن سلمان قد حاول الحصول على شرعية جديدة على أساس إصلاحات اقتصادية، مثل برامج السعودة وخصخصة الأصول والخدمات الحكومية مع وعد بتجربة اقتصادية جديدة يعثر فيها الشباب السعودى على فرص عمل في حقبة ما بعد النفط.
وتأجج خيال الشباب السعودى بالنجاحات مع الوعود بالازدهار والمشاريع الفائقة ليكتشفوا لاحق اان الامر اقرب للوهم ، وان البطالة تنتظرهم بدلا من الوظائف المريحة ، إذ اضطر بن سلمان للعودة عن معظم اصلاحاته الاقتصادية وتراجع عن فكرة الاكتتاب العام لشركة ارامكو ، ولجأ بن سلمان للاقتراض من مصادر خارجية في عملية كانت قريبة من الهوس حيث تم اقتراض 12 مليار دولار من السندات الحكومية.
بن سلمان قد بحث في وسائل جديدة تمنحه الشرعية بعد فشله في تأمين الجبهة الداخلية
وجاء في المقال “ان الاجماع الملكى القديم قد تحطم الى الابد بسبب استبعاد بن سلمان لابناء عموميته، لذلك سارع لتعزيز قبضته على السلطة ووكالات الشرطة التابعة للدولة خشية تهديدات داخلية محتملة ، ولا تزال مسرحية فندق (ريتز كارلتون) التى تم فيها احتجاز أكثر من اثنى عشر من الأمراء ،أفضل مثال على التدابير الوقائية ضد انقلاب محتمل لان قصة مكافحة الفساد غير مقبولة ، وانتج بن سلمان مزيدا من الاعداء بين أقاربه ، وليس من الواضح كيف يمكنه شفاء الصداع دون مزيد من القمع ”.
ولفتت مضاوي الرشيد في مقال“ نيوزوويك ” الى ان بن سلمان قد بحث في وسائل جديدة تمنحه الشرعية بعد فشله في تأمين الجبهة الداخلية، وقد وجد ضالته في السياسة الخارجية العدوانية ضد ايران لكى يظهر على صورة محارب صحرواي، كما قام بمغامرة في اليمن، كان يعتقد بانها ستكون سريعة، ولكن الواقع كان مختلفا تماما .