لندن- “القدس العربي”:
قالت المعلقة في مجلة “نيويوركر” روبن رايت، إن مصير الرئيس الأمريكي جو بايدن بات مرتبطا بطريقة لا يمكن فصلها عن حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، فقد ضاعف بايدن من تصريحاته الداعية لخروج بوتين من الحكم.
وأشارت إلى أن هناك ثلاثة خطابات رئاسية أمريكية صنعت الأخبار وبنتائج متباينة.
ففي ذروة أزمة الصواريخ الكوبية عام 1961، أعلن الرئيس جي أف كيندي، أن الولايات المتحدة ستأخذ على عاتقها القيام بمهمة “صعبة وخطيرة” لمواجهة الاتحاد السوفييتي بشأن مزاعم نشر أسلحة نووية قريبا من الشواطئ الأمريكية. وحذر في خطاب متلفز: “لا أحد يعرف بدقة المسار الذي ستأخذه أو الثمن ولا الضحايا التي سنتكبدها” وهذا بحاجة إلى “أشهر من التضحية والانضباط الذاتي” في وقت يقوم فيه السوفييت بفحص أسلحتهم. وبعد ستة أيام، سحب السوفييت صواريخهم.
وبعد عقدين، حذر رونالد ريغان أن السوفييت سيقومون ببناء قوة عسكرية بطريقة “ستتحدى مباشرة مصالحنا الحيوية ومصالح حلفائنا”، وأعلن عن خطط لتطوير تكنولوجيا مضادة للصواريخ عرفت لاحقا بـ”حرب النجوم” من أجل جعل الأسلحة السوفييتية “عقيمة وشيئا من الماضي”. وتوقع ريغان في عام 1983 أن هذه الجهود قد تحتاج إلى عقود. وتم التخلي عن المبادرة بعد عشرة أعوام بسبب فشل التكنولوجيا ونهاية الحرب الباردة.
بايدن رفض التراجع عن تصريحاته بشأن بوتين مؤكدا أنه لن يعتذر عنها
وفي نهاية الأسبوع الماضي، تسبب بايدن بتسونامي دبلوماسي عندما أضاف عبارات ليست في النص إلى خطابه في وارسو، الذي دعا فيه الغرب إلى “معركة جديدة من أجل الحرية” لمنع بوتين من خنق الديمقراطيات، وليس فقط في أوكرانيا والتخريب على النظام الدولي الذي علم التجارة والدبلوماسية والتحكم بالأسلحة وحتى الدول القطرية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. ففي تصريحات مرتجلة، أضاف سطرا إلى خطابه: “بحق السماء هذا الرجل لا يمكن أن يظل في السلطة”.
وأدت زلة اللسان هذه إلى حرف الانتباه عن رحلة مثمرة إلى أوروبا من أجل تعبئة القارة لدعم حكومة الرئيس فولدومير زيلينسكي المحاصرة في أوكرانيا. وأكد فريق الرئيس أولا أنه عنى بكلامه أن بوتين لا يمكنه ممارسة السلطة على جيرانه. لكن الرئيس لم يكن قادرا على التخلص من مفهوم أن تعليقاته أصدرها من قلبه حتى لو لم تكن بجهاز تيليبروميتر (الملقن الخاص).
ثم أخبر بايدن الصحافيين يوم الإثنين: “لن أتراجع عن أي شيء. ولن أعتذر عنها”، وأكد مرة أخرى أن بوتين لا يصلح أن يبقى في السلطة “كما تعرفون، يجب منع الأشخاص السيئين من مواصلة ارتكاب أعمالهم السيئة”.
وقالت المجلة إن كلمات بايدن في وارسو تعبر عن شجاعة أخلاقية ضد وحشية بوتين “الغير مقبولة بشكل كامل”. وأكد أنه لا يؤشر لتغير في السياسة الأمريكية باتجاه تغيير النظام في روسيا. إلا أن بايدن تكهن للصحافيين حول مصير بوتين مع زيادة كلفة الحرب وعزلة روسيا عن العالم. وقال: “لو استمر بهذا المسار، فسيصبح منبوذا عالميا، ومن يدري ماذا سيحصل له في الداخل فيما يتعلق بشعبيته؟”. وتجاهل الرئيس التعليقات حول ما إن تحولت عباراته المستفزة إلى مواجهة بين الغرب وروسيا حول أوكرانيا. وقال بايدن، إنه في ظل تصرف بوتين الأخير “فهو سيعمل ما يجب عليه عمله، نقطة. وهو لم يتأثر بأي شخص آخر، بمن فيهم وللأسف مستشاريه”.
وتقول رايت إن الحلفاء الذي كانوا قبل أيام في حالة انسجام ذهلوا من تصريحاته. وتبرأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي حاول التفاوض مع بوتين، تنصل من كلام بايدن. وقال ماكرون إن هدف الغرب هو التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، ثم دفع روسيا للخروج من أوكرانيا بـ”الطرق الدبلوماسية”، و”لو أردنا تحقيق هذا فعلينا عدم التصعيد في الكلام أو الفعل”. وردّ المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، ساخرا. وقال إن على القادة التحكم بأعصابهم وأن “الإهانات الشخصية تضيق من فرص” العلاقات. مؤكدا: “الرئيس الروسي انتخبه الروس”.
وبعد شهر من الحرب في أوكرانيا، فآثار الحرب ظاهرة. وقال بايدن: “هذه الحرب لا يمكن الانتصار بها في أيام أو أشهر، ويجب أن نقوي أنفسنا ونحضر أنفسنا لحرب طويلة”. وأضاف: “امتحان اللحظة هو امتحان لكل الوقت”. وترى الكاتبة أن هناك خمسة توجهات تشكل ماذا سيحدث في أوكرانيا لاحقا والتداعيات بعيدا عن البلد.
التوجه الأول هو أن روسيا لم تنتصر ولكن لديها المبادرة العسكرية. وقاتل الجيش الأوكراني أكثر مما هو متوقع منه. ويقدر مسؤولو الناتو مقتل حوالي 15 ألف جندي روسي قتلوا في الأسابيع الأولى من الحرب، وهو نفس العدد الذي خسره السوفييت في الحرب التي استمرت عقدا في أفغانستان. إلا أن مكاسب الأوكرانيين تظل متواضعة مقارنة مع تقدم الروس في الجنوب والشرق، حيث تم استهداف المدنيين والمستشفيات ومراكز التسوق.
علاقة واشنطن مع موسكو ربما لن تتحسن أبدا طالما ظل بوتين في السلطة، وهي دينامية قد تقضي على فرص التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في أوكرانيا أو رفع العقوبات عن روسيا
وحذّر مدير المخابرات العسكرية الأوكرانية من مخاطر تقسيم روسيا البلاد إلى قسمين، مثل شبه الجزيرة الكورية. وبعد أسابيع من القصف، بدت مدينة ماريوبول على حافة الانهيار يوم الإثنين. ورغم مزاعم بوتين بأنه يريد تأمين مناطق الشرق الناطقة معظمها بالروسية، إلا أن قواته أطلقت صواريخ باتجاه غرب البلاد وقرب الحدود مع بولندا البلد العضو بالناتو. وهناك مخاطر من التصعيد والدمار بشكل يومي. ففي استطلاع لشبكة “أن بي سي”، ظهرت نتائجه يوم الأحد، قالت نسبة 57% من الأمريكيين، إن الولايات المتحدة في حرب مع روسيا، أو قد تدخل في حرب معها.
اما التوجه الثاني، فكييف بحاجة لدعم دائم كي تمنع التقدم الروسي، وقال زيلينسكي إن بلاده بحاجة إلى 500 صاروخ ستينغر يوميا لمنع الغارات الجوية الروسية و 50 صاروخ جافلين لمنع تقدم الدبابات الروسية. ومع إنهاء بايدن جولته، ضغط على أعضاء الناتو الثلاثين لتقديم بنسبة واحد في المئة من الطائرات والدبابات لدعم أوكرانيا. وفي مقابلة مع مجلة “إيكونوميست” اتهم بعض الدول الغربية بالتردد في تقديم الدعم “لخوفها من روسيا”. وقد يكون هذا صحيحا بطريقة ما، نظرا لامتلاك روسيا السلاح النووي. ومع مرور الزمن، فاستمرار الدعم الغربي لأوكرانيا قد يكون عاملا حاسما في الحرب.
أما التوجه الثالث، فعلاقة واشنطن مع موسكو ربما لن تتحسن أبدا طالما ظل بوتين في السلطة، وهي دينامية قد تقضي على فرص التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في أوكرانيا أو رفع العقوبات عن روسيا وكذا عودة العلاقات الدبلوماسية بين أمريكا وروسيا لوضعها الطبيعي. وفي الشهر الماضي، وصف بايدن الزعيم الروسي بـ”مجرم الحرب” و”البلطجي” وبعد لقاء عاطفي مع اللاجئين الأوكرانيين وصفه “بالديكتاتور القاتل” و”الجزار”. كما أن العلاقة بين القوتين النوويتين دخلت في أدنى مراحلها ، حيث استدعى الروس السفير الأمريكي جون سوليفان وحذروا من “الخرق” المفتوح. ورفض العسكريون الروس تلقي مكالمات من المسؤولين العسكريين الأمريكيين، سواء وزير الدفاع لويد أوستن أو قائد القوات المشتركة مارك ميلي، حسبما أوردت صحيفة واشنطن بوست.
أما البعد الرابع، فقد بدأت آثار الحرب الاقتصادية تظهر على أوروبا الشرقية. وتوقع لاري فينك، المدير التنفيذي لبلاك روك، الخسائر بـ10 تريليون دولار. وقال: “وضع الغزو الروسي حدا للعولمة التي جربناها في العقود الثلاث الماضية، وفاقم الاستقطاب والسلوك المتطرف الذي نراه اليوم في المجتمع”. وأضاف فينك، أن الحرب دفعت الحكومات والقطاع الخاص لإعادة تقييم اعتمادهم وإعادة تحليل أساليب التصنيع والتجميع.
الحرب بدأت تؤثر على شعبية بايدن داخل أمريكا، ولم تتجاوز شعبية الرئيس 40% وهي الأدنى منذ توليه السلطة
وعلقت حوالي 400 شركة متعددة الجنسيات عملياتها أو خرجت من روسيا منذ بدء الغزو. ويخشى الاقتصاديون من نقص المواد الغذائية على مستوى العالم وتعطل إمداداتها والبضائع الضرورية الأخرى. فنسبة 30% من إمدادات الغذاء تأتي من روسيا وأوكرانيا. وهناك عشرات الدول الأفريقية تعتمد على أوكرانيا وروسيا في مواد الطعام، بشكل قاد الخبراء للتكهن بموجة جوع جديدة.
وفي الوقت الذي يحاول فيه بايدن تشديد الخناق على روسيا، ترددت دول مثل الهند والبرازيل بفرض عقوبات على بوتين، نظرا لاعتمادهما على السلاح والبضائع الروسية. وتعتبر روسيا المصدر الرئيسي للسلاح المصدر إلى الهند، أما البرازيل فتعتمد على الأسمدة التي تصدرها روسيا وحليفتها بيلاروسيا.
أما البعد الخامس، فالحرب بدأت تؤثر على شعبية بايدن في داخل أمريكا، وبحسب استطلاع “أن بي سي” فقد عبرت نسبة واحد من سبعة عن توقعات متدنية من قدرة بايدن على الإبحار في أكبر نزاع تشهده أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. ولم تتجاوز شعبية الرئيس 40%، وهي الأدنى منذ توليه السلطة، مع أنه عبّأ الناتو من أجل مواجهة بوتين بعد أربع سنوات من سياسة متقلبة لدونالد ترامب.
ومنحت تصريحات بايدن الأصلية -تسع كلمات- ذخيرة لمنافسيه الجمهوريين، ووصفها السناتور الجمهوري جيم ريستش بـ”الخطأ الشنيع”. وقال مخاطبا الرئيس في مقابلة مع سي إن إن: “من فضلك سيدي الرئيس التزم بالنص”. واتهم السناتور الجمهوري عن واشنطن رون جونسون، بايدن في تصريحات لفوكس نيوز، بأنه لم يعد صالحا “جسديا أو عقليا” للقيادة.
ينبغي لنا كعرب ان نبقى على الحياد في هذه المعركة المحترمة بين روسيا والغرب. ويجب أن لا ننساق للي تهديدات هذا الطرف او ذك. فمصالحنا مرتيطة مه الجانبين
ولا يجب التضحية بصالح شعبنا لإرضاء طرف دون الاخر
فمن ألمؤكد ان روسيا لا يمكنها الا ان تخرج منتصرة من هذه الحرب. فهي حرب وجود بالنسبة لها. ولن تدخر وسعها عن الانتصار فيها والا فالدار سيلحق بكل العالم لأنها سوف تلجأ الي السلاح النووي كملاذ اخير. وستفعل كما فعلت أمريكا في نهاية الحرب الثانيه باستخدام ها للسلاح الذري لانهائها