نيويورك تايمز: الظواهري ترك تنظيما قويا وخطيرا يحظى بحماية طالبان

إبراهيم درويش
حجم الخط
1

لندن- “القدس العربي”: لاحظ اسفنديار مير، الباحث في معهد السلام الأمريكي أن الرئيس جو بايدن، تجنب ذكر طالبان في إعلانه عن مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري. وصور عمليته التي تمت عبر طائرة مسيرة في قلب كابول على أنها عملية لمكافحة الإرهاب.
وأشار الكاتب إلى أن بايدن برر سحب القوات الأمريكية من أفغانستان كان واحدا من مبرراته أن تنظيم القاعدة “أضعفت” وأن الولايات المتحدة ليست بحاجة للحفاظ على الوجود العسكري الأمريكي في البلد الذي كان ملجأ للقاعدة. وأقسم بايدن بأنه سيذكر طالبان بتعهداتها عدم السماح للإرهابيين تهديد الولايات المتحدة من التراب الأفغاني.
وبعد عام من عودة طالبان وإكمالها السيطرة على أفغانستان، كان الظواهري مختبئا في وسط العاصمة كابول حيث قتلته طائرة بدون طيار في يوم الأحد. ورغم عشرات الآلاف من القتلى ومئات الساعات من المفاوضات بين الدبلوماسيين الأمريكيين وطالبان بما في ذلك بحث مستقبل القاعدة في أفغانستان، فقد شعرت القاعدة بالجرأة. ويبدو أن الجماعة لم يعد لديها مخاوف من استضافة قائد الحركة الإرهابية، تماما كما فعلت في مرحلة ما قبل 9/11 وفي منزل آمن يملكه أحد قادة الحركة وهو سراج الدين حقاني.
وحاولت إدارة بايدن تصوير العملية التي قتلت الظواهري بأنها عملية مكافحة الإرهاب متجاوزة أي افتراض عن تحول أفغانستان إلى ملجأ للإرهابيين رغم عودة طالبان للسلطة، ولم يذكر بايدن طالبان في بيانه الذين أعلن فيه عن مقتل الظواهري.
ويعتقد الكاتب أن الإدارة الأمريكية أخطأت في تقديرها لمسار القاعدة في أفغانستان وتأثير الولايات المتحدة على طالبان. فقد انتظرت القاعدة بصبر عودة طالبان إلى السلطة والاستفادة من الانسحاب الأمريكي ووضع زعيمها بحماية طالبان في العاصمة. ومن جانبهم خرقت طالبان تعهداتها بعدم التعاون مع الجماعة الإرهابية وذلك ملتزمة على ما يبدو بحماية القاعدة. وكان الظواهري معروفا بالزعيم الذي يفتقد للدهاء الاستراتيجي، والقصة الشخصية والجاذبية التي تمتع بها أسامة بن لادن. ففي عام 2011، وصفه جون برينان، مساعد وزير الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب في إدارة باراك أوباما بأنه “دكتور متقدم في العمر تنقصه كاريزما بن لادن والولاء وربما احترام الكثيرين في القاعدة”.

بعد مقتل بن لادن. نجح الظواهري في زرع فكرة “الطليعة العالمية” في عقول أبناء الجماعة وتأكيده على الوحدة والتماسك السياسي.

إلا أن النظرة الفاحصة والهادئة لوضع القاعدة خلال العقد الماضي تكشف عن الجهود التي قادها الظواهري لإعادة بناء القاعدة بعد مقتل بن لادن. ونجح بزرع فكرة “الطليعة العالمية” في عقول أبناء الجماعة وتأكيده على الوحدة والتماسك السياسي. ولم يكن هذا نهجا مرغوبا به بين الجيل الشاب الذي كان يتطلع لأعمال عنف، إلا أنه عمل على استقرار الحركة وسط الخسائر الفادحة بسبب الغارات الأمريكية. واستطاع الظواهري بعد انشقاق تنظيم “الدولة” في العراق وسوريا عن الحركة الأم تجميع فروع للقاعدة في إفريقيا وجنوب آسيا والشرق الأوسط. واستطاع إدارة العلاقات مع الحكومة الإيرانية وحافظ على العلاقة الاستراتيجية مع طالبان. وبحلول عام 2022، قاد جهود الدعاية والاستفزاز عبر أشرطة الفيديو وقدم من خلالها توجها استراتيجيا لفروع القاعدة. والأهم من هذا، وبحسب الحكومة الأمريكية فقد كان مرشدا من كابول لمنظمته واستهداف الولايات المتحدة. وبالتأكيد ستشعر القاعدة بلسعة خسارة الظواهري. ولن تكون مسألة الخلافة سلسلة، لأن بعض قادتها المرشحون للخلافة هم في إيران. ولأن القاعدة هي حركة جهادية سلفية بموقف معاد للشيعة، فعلاقة هؤلاء القادة مع إيران ستشوههم. ومن المحتمل أن تعبر القاعدة مسألة الخلافة. وستكون قادرة على استخدام “شهادة” الظواهري لكي تعيد بناء قوتها. وسيرث الزعيم الجديد منظمة ضاربة وخطيرة أكثر من تلك التي خلفها بن لادن للظواهري. و”اليوم القاعدة لديها فروعا في شرق إفريقيا ومنطقة الساحل اللتان تتقدمان وتظل طالبان، حامية لعناصر القاعدة الأساسيين، كما بدا من وجود الظواهري في كابول وبقية الجماعات الإرهابية، مثل طالبان باكستان المتحالفة مع القاعدة. وربما واصل الزعيم الجديد التفاخر بأن نصر طالبان في أفغانستان هو نصر للقاعدة، ويضع التنظيم في حالة هجومية، بشكل يقود إلى عنف جديد”.
أين يترك هذا الولايات المتحدة؟
قد تعزي إدارة بايدن نفسها بأن استراتيجية “فوق الأفق” ناجحة لاستخدامها في أفغانستان المعزولة عن البحار بالإضافة لتعاونها مع حلفائها في داخل أفغانستان، وهجمات دقيقة وعلاقات إقليمية لملاحقة وإحباط النشاطات بدون الحاجة لوضع قوات على الأرض. وفي ظل هذا ستظل العلاقة بين طالبان والقاعدة قائمة، مما يعني أن الجهود الأمريكية خلال السنوات الماضية للتواصل مع طالبان فشلت. وقام التواصل بناء على فكرة أن طالبان التي استضافت بن لادن قبل 9/11 قد تغيرت ويحاولون البحث عن علاقات جديدة مع العالم ومنع أفغانستان من التحول مرة ثانية لملجأ آمن. ومجرد وجود الظواهري في كابول يعني أن أمريكا لا يمكنها الثقة بكلام طالبان. واستهداف الظواهري الناجح، لا يعني نهاية خطر القاعدة. وكشف القتل وظهور القاعدة في أفغانستان والعقوبات أن طالبان مرتاحة وتشعر بالأمان وتساعد التهديد ضد المنطقة والعالم الغربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء فلسطين:

    دائما الصحافة الأمريكية تكذب وتلفق التهم جزافا، و المستهدف دائما المسلمين والمسلمات، ألا لعنة الله على أمريكا ناشرة الفتن الفتن والحروب ?????

إشترك في قائمتنا البريدية