لندن- “القدس العربي”: تناولت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير أعده نيل فاركور، حلل فيه ملامح التحالف الروسي- الإيراني الذي قال إنه بني على عداء الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن النظامين الديكتاتوريين في موسكو وطهران يشتركان في ملامح العزلة الدولية، ويعانيان من أزمة داخلية ويخوضان حربا مع الغرب.
وأضاف أن المسيرات الإيرانية التي سقطت بقنابلها على العاصمة الأوكرانية كييف، قدمت دليلا واضحا عن تحول طهران إلى حليف نادر للكرملين، تقدم له الدعم الدولي والعسكري الذي تفتقده موسكو بشدة. وتأتي العلاقة رغم غياب الحب العميق بين روسيا “المنبوذ” الدولي الجديد بسبب ضربها دولة أخرى، وإيران التي تعتبر ولعقود “الأمة الأكثر عزلة في العالم”. لكن البلدين اللذين يئنان من وطأة العقوبات الغربية، يشتركان في الرأي أن الولايات المتحدة هي العدو وتمثل تهديدا على السلطة فيهما.
ويقول كريم سجادبور، من وقفية كارنيغي للسلام العالمي: “هذه شراكة مصلحة بين ديكاتوريتين محاصرتين”.
ويعاني البلدان من أزمة خطيرة. فالنظام الإيراني يكافح من أجل قمع تظاهرات شوارع تمثل أكبر تهديد للنظام منذ عقود. أما روسيا، فتحاول إدارة الغضب والمعارضة الناجمة عن ترنح الجهود الحربية وقرار التجنيد الذي لم يحظ بشعبية.
ويعتقد الكاتب أن بروز تحالف روسي- إيراني يترك تداعيات دولية، الأهم منها، خفوت الآمال بشأن حل قريب للملف النووي الإيراني، ويزيد من الضغوط على إسرائيل عدوة طهران للوقوف مه أوكرانيا في الحرب. وشهدت السنوات الماضية نموا مضطردا للعلاقات بين روسيا وإيران. ونشر الرئيس فلاديمير بوتين قواته في سوريا عام 2015 لمنع انهيار نظام بشار الأسد، الحليف المقرب من طهران. وعملت روسيا وإيران جنبا إلى جنب لإنقاذ الأسد، ووفرت المقاتلات الروسية الغطاء للمقاتلين الموالين لإيران.
وكانت سوريا مثالا واضحا عن التعاون بينهما لإضعاف القوة الأمريكية ومكانتها، وتوفر أوكرانيا فرصة مماثلة ولكن على قاعدة واسعة وواضحة. وتبنت الجمهورية الإسلامية بعد ثورة عام 1979 شعار “لا شرقية ولا غربية” حيث كانت متشككة من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق. ويقول المحللون إن طهران اختارت الآن طرفا، وصور المسيرات إيرانية الصنع وهي تضرب بدقة أهدافها، هي بمثابة دعاية ترويجية لها، وأنها قوة إقليمية يجب التعامل معها بجدية.
وفي طهران، أنكر المتحدث باسم الخارجية الأخبار التي تتحدث عن إرسال بلاده مسيرات لروسيا، مع أن منصات التواصل الاجتماعي المرتبطة بالحرس الثوري وهو الجهة المصنعة لها تتباهى بعرضها. وفي منشور على “سباهي سايبري” وهي قناة تيليغرام مرتبطة بالحرس الثوري، ورد: “لا شك أن المسيرات التي استخدمها الجيش الروسي هي إيرانية”. وتفاخر مسؤول جيش السايبر الإيراني علي أكبر رئيفبور، عبر تويتر، أن مسيرات “شاهد” هي الموضوع الأكبر الذي يتحدث عنه العالم الآن.
وتضيف الصحيفة أن المسؤولين الإيرانيين لا يريدون تأكيد مبيعات السلاح لروسيا، لأن أوكرانيا تحظى بشعبية أكثر بين الإيرانيين العاديين. إضافة إلى أن إيران تصور نفسها كطرف ضعيف في الشؤون العالمية، حسبما يقول محمود شوري، نائب مدير معهد الدراسات الإيرانية ويوريشيا في طهران، والخبير في العلاقات الروسية- الإيرانية. لكنه قال إن إيران تريد في نفس الوقت “الاستعراض أمام العالم أن لديها دولة عظمى كحليف وأنها تبيع السلاح لهذه القوة العالمية”. وتكشف أن “سياسات الغرب بممارسة أقصى ضغط ومحاولة عزل إيران لم تنجح” كما قال.
وبعيدا عن السلاح، وجد الطرفان أرضية مشتركة في مجال الطاقة، النفط والغاز. وعملت روسيا لعقود على مفاعل بوشهر النووي، إلا أن التأخيرات المتكررة والنفقات العالية عليه أدت لتوتر العلاقات مع طهران.
ويقول المحللون الغربيون إن روسيا تعاني من نقص في الأسلحة الموجهة بدقة وصواريخ كروز، ونتيجة لذلك، فقد أصبحت الدولة العظمى تشتري السلاح من الدول الصغيرة، كإيران وكوريا الشمالية وانعكست الأدوار. وتحمل المسيرات ذخيرة أقل من الصواريخ، مما يجعل من السهل إسقاطها، ولكنها رخيصة. ويمكن للروس إطلاقها على شكل أسراب بطريقة تجتاح الدفاعات الجوية مما يسمح لبعضها بضرب الأهداف. وقال مايكل كوفمان، مدير الدراسات الروسية بمعهد الدراسات الدفاعية “سي أن إي” في أرلينغتون: “يمكن أن يستخدمها الروس لاستهداف الكهرباء والوقود وغير ذلك، ومحاولة إجهاد أوكرانيا اقتصاديا مع مرور الوقت”.
وبالنسبة لإيران، فاستخدام روسيا لمسيراتها هي رسالة للجمهور المحلي، بمن فيهم الذين يتظاهرون ضد النظام. ويقول علي فائز من مجموعة الأزمات الدولية، إن الحكومة تحاول أن تظهر للإيرانيين أنها “ليست في موقف ضعف، وأنها لم تذعن للضغوط والتهديدات الخارجية”. وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” يوم الأحد، عن خطط إيرانية لبيع صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى روسيا، وهي أسلحة أكثر فتكا من المسيرات.
وكان المحللون يسخرون من الصواريخ الإيرانية بأنها نسخة رخيصة من الصواريخ السوفييتية أو الكورية الشمالية، ولكن لم يعد الأمر كذلك. ويقول أفشون أوستافور، الأستاذ المشارك في مدرسة الدراسات العليا البحرية في مونتيري، كاليفورنيا، إن إيران قامت في السنوات الأخيرة إحراز “الكثير من التقدم وحسّنت قدراتها على اختبارأسلحتها”.
ولا يُعرف كيف سترد السعودية، منافسة طهران، على التقارب الروسي- الإيراني. ففي الفترة الأخيرة تعاونت السعودية مع موسكو في مجال الطاقة، وقررتا خفض مستويات إنتاج النفط بمليوني برميل في اليوم. وفي تغريدة، قال الوزير الإسرائيلي نحمان شيا إن الدعم العسكري الإيراني لروسيا أزال “أي شك حول موقف إسرائيل في هذه الحرب الدموية، وحان الوقت لكي تحصل أوكرانيا على الدعم العسكري، كما تفعل الولايات المتحدة والناتو”.
ومنذ بداية الحرب في شباط/ فبراير لم تقدم إسرائيل دعما عسكريا لأوكرانيا رغم مطالب الأخيرة، وترددت بانتقاد الغزو خشية إغضاب روسيا. وأعطت موسكو إسرائيل اليد الحرة كي تستهدف الجماعات الموالية لإيران في سوريا، وتل أبيب خائفة من تقييد الكرملين هجرة اليهود من أوكرانيا. وفي إشارة على توتر جديد، حذر الرئيس السابق ونائب مدير مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيدف، إسرائيل من أي تحرك إسرائيلي “متهور” لتزويد أوكرانيا بالسلاح، و”سيدمر كل العلاقات المتبادلة بين بلدينا”.
وقال فيندات باتل، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن زيادة العلاقات بين روسيا وإيران “يدعو للنظر إليها كتهديد عميق وشيء يجب على كل دولة النظر إليها باهتمام” و”نحن على اتصال مع حلفائنا وشركائنا ومنهم في الأمم المتحدة لمعالجة الانتشار الخطير للأسلحة إلى روسيا”.
ويراقب الاتحاد الأوروبي استخدام المسيرات الإيرانية، حسب جوزيب بوريل، مسؤول السياسات الخارجية فيها. إضافة لتفكير بمعاقبة إيران نتيجة للعنف والقمع ضد المتظاهرين. وأثارت صفقة المسيرات أسئلة حول مصير الاتفاق النووي، وكون روسيا اليوم الأقل حماسا له، نتيجة لعودة كميات كبيرة من النفط والغاز إلى الأسواق الدولية.
هههههههه إسرائيل هي معادلة الواحد ضد الكل ??