نيويورك تايمز: دول غربية وأمريكا علّقوا دعم الأونروا قبل التأكّد من اتهامات إسرائيل لموظفيها

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: قالت صحيفة “نيويورك تايمز”، في تقرير لباتريك كينغزلي ورونين بيرغمان، إن الولايات المتحدة اطلعت على ملف الاتهامات الذي قدّمته إسرائيل ضد موظفي الأونروا في غزة، وقبلت ما فيه، رغم أنها لم تتأكد من صحة ما وَرَدَ، ورأت أن المعلومات حول الموظفين الذين تزعم إسرائيل أنهم لعبوا دوراً في هجمات “حماس”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، موثوقة لكي تعلق تمويل وكالة تشغيل وإغاثة الفلسطينيين الأونروا.

وقدمت إسرائيل الملف إلى واشنطن في نفس اليوم الذي أصدرت فيه محكمة العدل الدولية قرارات تدعو فيها إسرائيل للحد من إبادة الفلسطينيين والالتزام بميثاق الإبادة الجماعية. وبحسب الملف الإسرائيلي، فإن واحداً من الموظفين متهمٌ باختطاف امرأة، وآخر قدّم ذخيرة، ووُصف ثالثٌ بأنه شارك في عمليات قتل في كيبوتس قتل فيه 97 شخصاً.

ووُصف المتهمون بأنهم عمال في الأونروا التي توفر المدارس والسكن وتطعم مئات الآلاف من أهل غزة.

 ترى إسرائيل أن مجرد وجود الأونروا يمنع اللاجئين من الاندماج في الدول التي لجأوا إليها، وتجعلهم متمسكين بحلم العودة إلى قراهم ومدنهم التي فرّوا منها عام 1948

ويوجّه الملف اتهامات لعدد من العاملين في المنظمة التابعة للأمم المتحدة بأنهم لعبوا دوراً في هجمات “حماس”. وقالت الأمم المتحدة إنها عزلت عدداً منهم بعدما أحيطت بالاتهامات. ولم يعرف إلا القليل عن المزاعم الإسرائيلية، إلا بعدما راجعت “نيويورك تايمز” الملف، يوم الأحد. وقادت الاتهامات ثماني دول، بما فيها الولايات المتحدة، لتعليق دعمها للأونروا.

ويتهم الموظفون بالمشاركة في الهجمات، أو المساعدة في الأيام التي تلتها. وناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش، يوم الأحد، مواصلة دعم الوكالة، وقال إنه تم تسريح 9 من 12 شخصاً، وردت أسماؤهم في الملف. لكن غويتريش حث الدول التي علقت دعمها على التفكير، خاصة أن قطاع غزة يواجه اليوم كارثة إنسانية، وقتل أكثر من 26,000 شخص، وشرد معظم سكانه، ودمرت كامل البنية التحتية فيه.

وتعتبر الأونروا من أكبر الهيئات التي تقدم الدعم الإنساني، وهي أكبر مصدر تشغيل للسكان حيث يعمل فيها أكثر من 13,000 موظف. وعندما سئلت عن الاتهامات، يوم الأحد، قالت الأونروا إن اثنين من الـ12 شخصاً في عداد الأموات، ولكنها لم تقدم معلومات عن البقية، حيث تجري خدمات المراقبة الداخلية تحقيقاً.

وأكد مسؤولون غربيون أنهم أحيطوا بمحتويات التقرير، في الأيام الماضية، إلا أنهم لم يكونوا قادرين على التأكد من صحتها. وهو ما ينطبق على الولايات المتحدة، التي لم تكن قادرة على التحقق من المعلومات، لكنها مضت في قرار تعليق الدعم.

وتحققت “نيويورك تايمز” من هوية أحد الذين اتهمتهم إسرائيل، وهو مدير مخزن، ويظهر حسابه على منصات التواصل الاجتماعي أنه عامل في الوكالة ويرتدي زيها.

وحدد الملف الذي قدمته إسرائيل للولايات المتحدة أسماء ووظائف العاملين في الأونروا، وكذا التهم الموجهة إليهم. ويقول الملف الإسرائيلي إن الاستخبارات الإسرائيلية رصدت حركة ستة رجال في إسرائيل، يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، أما البقية فقد رصدت حركتهم داخل غزة أثناء مكالمات هاتفية، تقول إسرائيل إنهم ناقشوا دورهم في هجمات “حماس”. وتلقى ثلاثة رسائل نصية للحضور إلى أماكن التجمع، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وطلب من واحد إحضار قنابل صاروخية مخزنة في منزله، حسبما ما جاء في الملف.

ووصفت إسرائيل 10 من المتهمين بأنهم عناصر في “حماس”، وواحد ينتمي إلى جماعة مسلحة أخرى، وهي “الجهاد الإسلامي”. ومع أن 7 من الذين ذكرهم الملف هم مدرسون في عدد من مدارس الأونروا، ويعملون في تدريس الرياضيات واللغة العربية، إلا أن اثنين عملوا في مدارس بوظائف أخرى. ووُصف الثلاثة المتبقون بأنهم مسجل، وعامل اجتماعي، ومدير مخزن.

ويقدم الملف معلومات تفصيلية عن مستشار في مدرسة في خان يونس، جنوب غزة، الذي اتهم مع ابنه باختطاف امرأة في إسرائيل. واتهم عامل اجتماعي من النصيرات، وسط غزة بالمساعدة بجلب جثة جندي إسرائيلي ميت إلى القطاع، وكذا توزيع الذخيرة، وتنسيق العربات في يوم الهجوم.

مسؤولون إسرائيليون عبّروا عن قلق من توقف خدمات الوكالة، حيث سيضطرون لتوفير المساعدات للقطاع بأنفسهم، وهو دور لا تريد إسرائيل القيام به

 وتأتي الاتهامات على خلفية التوتر المستمر بين إسرائيل والوكالة الدولية التي تعمل على مساعدة اللاجئين الفلسطينيين، منذ 1949. وتوفر الوكالة مساعدات لخمسة ملايين لاجئ حول الشرق الأوسط، والذين لم يتم حل وضعهم رغم سنوات من المفاوضات.

 وترى إسرائيل أن مجرد وجود الوكالة يمنع اللاجئين من الاندماج في الدول التي لجأوا إليها، وتجعلهم متمسكين بحلم العودة إلى قراهم ومدنهم التي فرّوا منها عام 1948، والتي قامت عليها إسرائيل. وترفض الأخيرة عودتهم. وفي غزة تقول إسرائيل إن الأونروا وقعت تحت تأثير “حماس”.

 وليست هذه هي المرة الأولى التي تعلق فيها الولايات المساعدات للوكالة، ففي عهد إدارة دونالد ترامب أوقفت المساعدات للضغط على الفلسطينيين القبول بالمقترحات الأمريكية للتسوية، والضغط عليهم لكي يتوقفوا الحديث عن حق العودة.

لكن الأزمة الحالية، هي الأخطر في تاريخها، وتحدث وسط الحرب في غزة. ويعتبر عملها مهماً أكثر من أي وقت مضى، وسط انهيار القطاع الصحي، وتشريد جماعي للسكان. وتعمل على تنسيق دخول المساعدات الإنسانية وتوزيعها، وتوفر مدارسها كملاجئ للاجئين. ولهذا فإن تعليق الدعم سيترك أثره بشكل سريع.

وعلى خلاف الوكالات الأخرى، فليس لدى الأونروا احتياط إستراتيجي. وقال غويتريش إن الخدمات قد تخفض بدءاً من شباط/فبراير. وحذر فيليب لازاريني، مفوض الوكالة، من كارثة قادمة: “سيكون قراراً غير مسؤول فرض عقوبات على الوكالة وكامل المجتمع الذي تخدمه، وبسبب اتهامات بقيام بعض الأفراد بأعمال إجرامية، وخاصة في وقت الحرب والتشريد وأزمات سياسية بالمنطقة”. وقال إن “حياة الناس في غزة تعتمد على هذا الدعم، وكذا استقرار المنطقة”.

واعترفت وزارة الخارجية الأمريكية بالدور الذي تلعبه الأونروا، ولكنها علقت المساعدات من أجل تقييم الاتهامات وردّ الوكالة عليها.

وقالت الصحيفة إن المسؤولين الإسرائيليين عبّروا عن قلق من توقف خدمات الوكالة حيث سيضطرون لتوفير المساعدات للقطاع بأنفسهم، وهو دور لا تريد القيام به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية