نيويورك تايمز: رجال الأعمال يتجاهلون دعوات بايدن بتقديم مصلحة بلدهم ويتدفقون على الرياض للمشاركة بمؤتمر استثماري

ابراهيم درويش
حجم الخط
3

لندن- “القدس العربي”: علقت صحيفة “نيويورك تايمز”، في تقرير أعدته كيت كيلي، على مشاركة رواد المال والأعمال الأمريكيين في مؤتمر استثماري في الرياض، بأنهم تجاهلوا رسالة إدارة بايدن إلى الشركات الأمريكية التي كانت واضحة: “ضعوا في اعتباركم سمعة البلدان التي تتعاملون معها”.

وجاء هذا التصريح من السكرتير الصحافي للبيت الأبيض في إحاطة الأسبوع الماضي، في الوقت الذي كان بعض كبار المسؤولين التنفيذيين الأمريكيين يستعدون لحضور مؤتمر أعمال سعودي كبير، إلى جانب الآلاف من المستثمرين ورجال الأعمال والسياسيين الآخرين.

ومن المقرر أن يبدأ مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي يستمر ثلاثة أيام، الثلاثاء. لكن المسؤولين الحكوميين الأمريكيين سيكونون غائبين بشكل ملحوظ، بعد أسابيع من تداول مكثف وعلني للاتهامات بين الحكومتين الأمريكية والسعودية بشأن خفض الإنتاج في 5 تشرين الأول/ أكتوبر من قبل أوبك+، بقيادة السعودية وروسيا.

وقد أثار قرار التخفيض الذي يفيد روسيا ماليا غضب المسؤولين الأمريكيين الذين عانى ناخبوهم من ارتفاع تكاليف الطاقة نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا. واتهم المسؤولون الأمريكيون السعوديين بالوقوف إلى جانب موسكو في الحرب، وحذر الرئيس بايدن المملكة من أنه ستكون هناك “عواقب”.

لكن هذه العواقب لم يتم تفصيلها بعد، ولا يبدو أن التوترات تمنع رواد الأعمال الأمريكيين، وبعضهم لهم مصالح كبيرة في السعودية، من حضور المؤتمر المعروف أيضا بدافوس الصحراء.

وقالت الصحيفة إن الرؤساء التنفيذيين لبنك جي بي مورغان تشيس وغولدمان ساكس وويلز فارغو خططوا ليكونوا هناك، كما يفعل المستثمرون المؤثرون مثل رئيس مجموعة بلاكستون ستيفن إيه شوارزمان ومؤسس بريدجووتر راي داليو. ومن المتوقع أيضا أن يذهب جاريد كوشنر وستيفن منوشين، المسؤولان السابقان في إدارة ترامب اللذان تلقيا التزامات كبيرة من صندوق الثروة السيادي السعودي الرئيسي لتمويل شركاتهما الاستثمارية، إلى جانب كبار المسؤولين الحكوميين من سنغافورة وروسيا ونيجيريا.

لكن وزارة الخزانة والتجارة ووزارة الخارجية قالتا إن كبار المسؤولين الأمريكيين لا يخططون للحضور، فيما رفض البيت الأبيض الكشف عما إذا كان سيرسل أحدا.

وعلق النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا رو خانا وراعي مشروع قانون من شأنه أن يحظر مؤقتا مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى السعودية في مقابلة حديثة: “هذا القرار بخفض الإنتاج كان بمثابة صفعة في وجه الولايات المتحدة، ومثل هذا التوافق مع بوتين، أعتقد أنه سيؤدي مرة أخرى إلى إثارة غضب الحزبين”.

من جانبهم، نفى المسؤولون السعوديون أن يكون خفض الإنتاج يمثل تحالفا مع أي من الطرفين في الصراع الأوكراني، قائلين إنهم يحمون مصالحهم الاقتصادية الخاصة، فضلا عن مصالح المجموعة. وأشاروا إلى علاقاتهم بأوكرانيا، والتي تشمل حزمة مساعدات حديثة بقيمة 400 مليون دولار.

وأشارت الصحيفة إلى نقطة توتر أخرى بين إدارة بايدن والقيادة السعودية وهي مقتل المعارض والصحافي السعودي المولد جمال خاشقجي عام 2018 على يد عملاء سعوديين، وكان مقيما في الولايات المتحدة وقت وفاته.

لكن في النهاية، لم تفعل إدارة بايدن الكثير حتى الآن لثني شركات مثل جي بي مورغان وبلاكستون، اللتين تربطهما علاقات تجارية طويلة الأمد في السعودية، أو الشركات الأصغر التي تأمل في جذب استثمارات من الممولين الأثرياء في المملكة من خلال حضور منتدى هذا الأسبوع.

وتقول الصحيفة إن المؤتمر ليس فقط مكانا لاستعراض الصفقات التجارية، بل ويدرك العديد من المستثمرين مدى أهمية الحضور شخصيا ومصافحة السعوديين بينما تحاول المملكة تحويل نفسها إلى مركز عالمي للأعمال والسياحة.

الاهتمام بمؤتمر هذا العام يؤكد فقط كيف أن صندوق الثروة السيادي في السعودية الذي تبلغ قيمته 620 مليار دولار والأسواق المفتوحة بشكل متزايد أصبح مصدرا قويا للتأثير العالمي

وتستدرك الصحيفة أن رؤساء أمريكا حافظوا ولعقود طويلة على علاقات جيدة مع السعودية على الرغم من الاتهامات واسعة النطاق بانتهاكات حقوق الإنسان، كما أن الثروة النفطية الهائلة للبلاد أبقت الشركات الأمريكية والغربية الأخرى منخرطة.

إن الاهتمام بمؤتمر هذا العام يؤكد فقط كيف أن صندوق الثروة السيادي في السعودية الذي تبلغ قيمته 620 مليار دولار والأسواق المفتوحة بشكل متزايد أصبح مصدرا قويا للتأثير العالمي. يسعد رجال الأعمال والمستثمرون بالاختلاط مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الزعيم السعودي الفعلي، في ضوء الفرص الهائلة التي يمكن أن يقدمها. تجاهل الكثير منهم حملته القمعية المتصاعدة ضد المعارضة المحلية أو قالوا إن تركيزهم ينصب على جهوده لفتح اقتصاد البلاد وتخفيف القيود الاجتماعية.

من المحتمل أن تظل علاقات العمل هذه سليمة ما لم يتم تغييرها جذريا في سياسة الولايات المتحدة مثل قطع العلاقات الدبلوماسية أو فرض عقوبات على السعوديين، وهو ما يراه المحللون أمرا مستبعدا.

وفي الأسبوع الماضي، ذكرت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، الشركات الأمريكية بمراعاة “مخاوف السمعة التي يمكن أن تنشأ من خيارات السياسة العامة التي تتخذها البلدان المضيفة” عند اتخاذ قرارات بشأن مكان الاستثمار.

ومع ذلك، عمد ريتشارد أتياس، منظم المؤتمر السعودي، إلى إخبار المراسلين في العاصمة السعودية الرياض، الأسبوع الماضي، أنه تلقى الكثير من الطلبات من الأمريكيين لحضور اللقاء حتى أن فريقه بدأ في رفضها بسبب النقص في الأماكن.

في الوقت نفسه، ظلت خطة بايدن لتنفيذ تهديده بالعواقب للسعودية غامضة في الأسابيع التي تلت إطلاق التحذير.

وتم تأخير التصويت على تعيين مايكل راتني سفيرا لدى السعودية بسبب معارضة السناتور الديمقراطي عن ولاية أوريغون، رون وايدن، بسبب مخاوف من أن المملكة ساعدت مواطنيها على الفرار من الولايات المتحدة بعد ارتكابهم جرائم عنيفة.

ومنذ قرار أوبك+، ضغط خانا وأعضاء آخرون في الكونغرس من أجل إجراء تغييرات تشريعية لمعاقبة السعودية، بما في ذلك فرض حظر شامل لمدة عام على مبيعات الأسلحة والذخائر والمبادرة المعروفة باسم “نوبك” التي من شأنها أن تسمح لوزارة العدل بمقاضاة الكارتل بشأن الممارسات الاحتكارية المزعومة.

من شبه المؤكد أن المفاوضات التي بدأت خلال إدارة ترامب بشأن السماح للمملكة باستخدام التكنولوجيا الأمريكية لبناء محطات للطاقة النووية ستواجه اعتراضات من بعض أعضاء الكونغرس، الذين يتعين عليهم المصادقة على أي اتفاق من هذا القبيل.

كما دعا بعض المشرعين إلى انسحاب القوات الأمريكية من السعودية حيث يوجد حاليا أقل من 3 آلاف جندي.

وتشير الصحيفة إلى الجوانب السلبية لهذه الإجراءات منها أن السعودية، تظل أكبر مستورد للأسلحة الأمريكية، حسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وقد يؤدي فقدان هذا إلى إلحاق الضرر بالمصنعين الأمريكيين مثل ريثيون تكنولوجيز ولوكهيد مارتن، وربما يؤدي إلى تسريح العمال في وقت تعاني فيه البلاد من هشاشة الاقتصاد.

وحتى لو فقدت أوبك وضعها المحمي الحالي بموجب القانون الأمريكي، فمن غير الواضح كيف سيتم تنفيذ أحكام المحاكم بشأن إنتاج النفط الأجنبي. وتوجد القوات الأمريكية في السعودية جزئيا لحماية المصالح الأمريكية في الخارج، بما في ذلك توفير حصن ضد أي عدوان إيراني مستقبلي والدفاع عن الحلفاء مثل إسرائيل إذا لزم الأمر.

في ظل إدارة ترامب، أقامت الولايات المتحدة تحالفا أوثق مع السعودية، التي استضافت في عام 2017 أول زيارة دولة للرئيس دونالد ترامب. أبرم البلدان صفقات بمليارات الدولارات، بما في ذلك مشتريات السعودية لأسلحة أمريكية متطورة.

بعد فترة وجيزة من توليه منصبه، حظر بايدن أيضا مبيعات الأسلحة الهجومية للمملكة في محاولة لقطع المساعدات عن الحرب التي تقودها السعودية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن المجاور.

بعد فترة وجيزة من توليه منصبه، حظر بايدن مبيعات الأسلحة الهجومية للسعودية في محاولة لقطع المساعدات عن الحرب التي تقودها ضد الحوثيين في اليمن

لكن الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي دفع الولايات المتحدة وحلفاءها إلى فرض عقوبات صارمة على روسيا أعاقت إمدادات الطاقة إلى الغرب، غير المعادلة السياسية.

الآن، مع بقاء أسابيع فقط قبل الانتخابات النصفية المثيرة للجدل في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، يجد بايدن نفسه في مأزق.

وقال كريستيان كوتس أولريشسن، زميل الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس، إن الأمير محمد “يوضح بجلاء أنه سيتصرف وفقا لما يراه في مصلحة السعودية”.

هذا يترك بايدن في موقف صعب بالنظر إلى أن المسؤولين الأمريكيين فسروا زيارته للمملكة في تموز/ يوليو من منظور محاولة الحصول على تعاون سعودي أكبر في سياسة الطاقة. والتقى الرئيس مع بن سلمان وصافحه بالقبضة الودية، سعيا لإصلاح العلاقات على أمل الفوز باتفاق لزيادة إنتاج النفط.

زادت السعودية إنتاجها بشكل متواضع في تموز/ يوليو وآب/ أغسطس، مما ساعد على خفض أسعار البنزين في محطات الوقود. لكن احتمال حدوث ركود عالمي، يمكن أن يخفض الطلب العالمي على النفط ويؤدي إلى انخفاض الأسعار، دفع المملكة إلى إعادة التفكير ومحاولة جني الأرباح بينما تستطيع ذلك، مما يمهد الطريق لخفض حاد في الإنتاج أعلن في 5 تشرين الأول/ أكتوبر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول قلم حر في زمن مر:

    هههههههه حسنا يفعلون وإلا ماتوا جوعا أفلسوا ???

  2. يقول د. ناصر صبره:

    يبدو أن سياسة ابن سلمان في التعامل مع أمريكا ستؤتي ثمارها

  3. يقول Hamzapirlo:

    اللهم أحفظ مملكة التوحيد ووفق حكامها لما فيه خير البلاد والعباد.

إشترك في قائمتنا البريدية