“نيويورك تايمز”: شيلدون أديلسون الملياردير خلف قرارات ترامب بخصوص معاقبة الفلسطينيين ونقل السفارة إلى القدس

حجم الخط
0

لندن-“القدس العربي”-من إبراهيم درويش:

قد لا تكون عائدات الكثير من المتبرعين الكبار للحزب الجمهوري جيدة هذا العام لكن ليس شيلدون أديلسون، الملياردير ملك الكازينو وزوجته الطبيبة مريام وهما اللذان برزا من أهم المتبرعين للحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية هذا الخريف.

فرغم الشكوك الأولى من دونالد ترامب إلا أن الملياردير وزوجته لديهما الكثير لحبه في واشنطن التي يدير حكومتها الحزب الجمهوري التي ترضي طموحاتهما من ناحية السياسة التي تقف مع إسرائيل بدون تردد وعدم التسامح مع أعداء أمريكا في الشرق الأوسط بالإضافة لالتزامها بإزالة القيود على التعاملات التجارية وتخفيض الضرائب.

وتقول صحيفة “نيويورك تايمز” إن أديلسون يتصل مباشرة مع الرئيس ترامب ودفع من خلال لقاءاته الخاصة ومكالماته التي يجريها مع الرئيس مرة في الشهر باتجاه نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وقطع الدعم عن الفلسطينيين حيث استجاب الرئيس للمطلبين رغم ردود الأفعال من حلفاء الولايات المتحدة.

 واستطاع أديلسون تحقيق ما يريد من خلال سيطرة الجمهوريين على الكونغرس: مجلس الشيوخ والنواب. ويعتقد أنه دفع وزوجته في الأشهر القليلة الماضية 55 مليون دولار للجماعات التي تعمل من أجل الحفاظ على الوضع في الكونغرس كما هو. وتضع هذه التبرعات أديلسون كأكبر منفق على حملة انتخابية جمهورية وطنية وكأكبر متبرع على انتخابات فيدرالية في مجمل السياسة الأمريكية حسب الأرقام المتوفرة.

أسئلة أديلسون

ويقول الذين زاروا مكتبه في لاس فيغاس ستريب على أمل الحصول على دعم لحملاتهم الانتخابية إن  أديلسون وزوجته طرحا عليهم أسئلة واضحة حول كيفية إنفاق الأموال وإن كانت ستذهب للقضايا التي يدعمانها وطالباهم بتقديم خطط لحملاتهم الانتخابية مكتوبة في الغالب.

وتقول الصحيفة إن شيلدون ومريام لا يحبذان الحملات الدعائية التلفازية ويفضلان الاستثمار في شبكات ذات حضور واسع من ناحية المراسلين والمكاتب على الأرض. ولو وافقا على الحملة الدعائية فإنهما يسألان عن موعد المواقيت التي ستخصص وكلفتها والدفعة الأولى. وتقول الصحيفة إن الكثير من الذين عرفوا أديلسون شخصياً أو عملوا معه ومنهم أصدقاء لترامب يعترفون بأن علاقته مع الرئيس لا تعتمد على التقارب الشخصي بقدر ما تقوم على المنفعة المتبادلة والتي بنى كل منهما مسيرته التجارية عليها الا وهي “التعاقدية”.

ونقلت الصحيفة عن آري فليتشرـ المتحدث الإعلامي للبيت الأبيض في عهد جورج دبليو بوش والعضو في إئتلاف الجمهوريين اليهود الذي يساهم فيه أديلسون:” أعتقد أن هناك الكثيرين في المؤسسة والمجتمع اليهودي يعتقدون أن دونالد ترامب ليس الرجل الذي يفضلون تناول الطعام معه ولكنهم مع ذلك معجبون بسياساته”. وقال إن ترامب حقق الكثير من التقدم خارج القاعدة الشعبية التي تهتف “دائما ترامب” خاصة الذين لا يكنون له محبة شخصية ولكنهم يحبونه من الناحية المهنية.

… وتأثيره

ويأتي تأثير أديلسون وزوجته في وقت خفف فيه المتبرعون الكبار للحزب الجمهوري مثل الصناعيين الثريين تشارلس وديفيد كوتش، روربرت ميرسر وابنته ريبيكا اللذين يعدان من أهم داعمي ترامب وفوستر فريس، الداعم الكبير للقضايا المحافظة وديك وليز يولين، اللذين كتبا الشيكات للمرشحين المعادين للمؤسسة.

وفي هذا العام وجه أديلسون وزوجته مالهما نحو مجموعتين لهما سجل جيد في الدفاع عن المقاعد الجمهورية وهما صندوق القيادة في الكونغرس المرتبط برئيس الكونغرس بول ريان وصندوق القيادة في مجلس الشيوخ المرتبط برئيس الجمهوريين ميتش ماكونل. ويقول أشخاص مطلعون إن أديلسون لا يتدخل بعد ذلك في توجيه تبرعاته نحو مقاعد أو سباقات انتخابية معينة رغم مطالبه وزوجته تقديم خطط للحملة الانتخابية قبل الموافقة على التبرع.

وتشير الصحيفة الى أن تبرعها للانتخابات النصفية هذا العام 55 مليون دولار يتفوق بدرجات على تبرعاتهما في عام 2014 عندما كان الجمهوريون في وضع أقوى وركزوا على مشاريع في نيفادا، ولم يزد تبرعهما عن 382.000 دولار في  آب (أغسطس) وبلغ مجمل ما قدموه 5.5 مليون دولار. وقدما في انتخابات عام 2016 الرئاسية 46.5 مليون دولار. ولم يقدما بعد تبرعات لحملة إعادة ترامب حيث يعتقدان أنه يجب إنفاق الأموال في الوقت الحالي للحفاظ على سيطرة الجمهوريين في الكونغرس.

وتضيف الصحيفة أن ممثلين عن “سياسات أمريكا أولاً” “ولجنة العمل السياسي لأمريكا عظيمة” زاروا في الفترة الأخيرة مكتب أديلسون في لاس فيغاس لتقديم عروض للدعم حسب أشخاص اطلعوا على مجرى اللقاء. وقال أحدهم إن أديلسون أخبر المقربين منه أنه ليس مقتنعاً بالخطط التي قدمت له ووصفها بالغموض والخلو من التفاصيل ولكنه لم يستبعد التبرع لهما في المستقبل.

وتشير الصحيفة إلى أن العلاقة بين ترامب وأديلسون بدأت بانتقادات من ترامب عندما انتشرت شائعات أنه سيدعم منافسه على ترشيحات الحزب ماركو روبيو. وكتب تغريدة يهاجم فيها الملياردير  “يعتقد أنه قادر على تشكيل نفسه من خلال دميته التامة، أتفق معه”.

وبعد انتخاب ترامب عام 2016 بكت مريام أديلسون من الفرحة، حسب أشخاص شاهدوها وهي تقول “لا أصدق ما حدث”. وعانقت ترامب في كانون الثاني (يناير) 2017 في لقاء تم في برج ترامب بعدما وعد بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وكان هذا الوعد بداية لقرارات وتغيرات شخصية من ترامب. فمع أن قرار نقل السفارة لم يكن أولوية لإدارته إلا أنه قدم انتصاراً طالما سعى إليه المحافظون اليهود مثل أديلسون. وحضر هذا وزوجته حفل الافتتاح حيث جلسا في الصف الأول. ووصفت مريام التي تحمل الجنسية الإسرائيلية ترامب على الصفحة الأولى من الصحيفة التي تملكها  “لاس فيغاس ريفيو جورنال” ” بـ “ترومان العصر”. ويلعب أديلسون دوراً كبيراً في السياسة الإسرائيلية وإن من وراء الستار. فهو من المؤيدين الكبار لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومنذ عام 2007 يمول صحيفة تدعم سياسات اليمين المتطرف “إسرائيل اليوم” التي يراها البعض ناطقة باسم نتنياهو وأصبحت من أكثر الصحف الإسرائيلية توزيعاً. وتعهد أديلسون وزوجته بدفع الملايين لتوسيع جامعة آرييل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك كلية طب تحمل اسميهما ويعتبران من الداعمين الكبار للاستيطان على أراضي الفلسطينيين.

… ورؤيته

وترى الصحيفة أن نقل السفارة والتحركات الأخرى هي جزء من رؤية أديلسون الذي يعتقد أن إسرائيل تعيش وضعاً وجودياً غير واضح. وكان ترامب قد قطع الشهر الماضي مساعدات للفلسطينيين بـ 200 مليون دولار وعين حليف أديلسون والمتشدد ضد إيران جون بولتون مستشاراً للأمن القومي. وحل بولتون محل أتش ار ماكمستر  بعدما دعم أديلسون متردداً حملة تتهم المستشار السابق بتقويض الأمن الإسرائيلي. وقوض ترامب كذلك الإتفاقية النووية مع إيران التي عارضها عدد من الجمهوريين والمحافظين الإسرائيليين. ولم تصل تبرعات أديلسون إلى حملة ترامب الانتخابية إلا بعد ما تأكد من أنه سيكون المرشح للحزب الجمهوري. وهي أموال كانت حملة ترامب بحاجة ماسة إليها خاصة أن بقية المرشحين تفوقوا على ترامب. وتؤكد الصحيفة أن دعم أديلسون لا يزال مهماً للإدارة مع أنه وترامب ليسا قريبين على المستوى الشخصي. فأديلسون وزوجته يعتقدان أن التبرعات الضخمة تؤتي ثمارها وأن ترامب قادر على اتخاذ القرارات طالما كان الكونغرس يدعمه. وتشير الصحيفة إلى أن ترامب يحترم نجاح أديلسون كمالك نوادي كازينو وصاحب فنادق وهو ما فعله الرئيس قبل انتخابه وإن على قاعدة صغيرة. وكمالك لحصة كبيرة من لاس فيغاس ساندز كورب، فقد خاض معركة قضائية ضد موظف سابق فيما يتعلق بعمليات بماكاو  والتي أدت لتحقيقات قامت بها مفوضية الأمنيات والتبادل ووزارة العدل.

دعاوى قضائية

 وقدم أديلسون دعاوى قضائية ضد عدد من الصحافيين الذين كتبوا منهم صحافي دفع للإفلاس في وقت كانت ابنته تعاني من سرطان الدماغ. ونظرا لثروة أديلسون الهائلة والتي تضعه من بين كبار الأثرياء في العالم فإن ترامب يستمع لنصائحه. وتنقل الصحيفة عن مورتون كلاين، صديق الملياردير والمؤيد لإسرائيل  قوله إن أديلسون السعيد جداً اتصل به من سيارته بعد لقائه مع الرئيس المنتخب الذي وعد بنقل السفارة. وقال له: “مورت لقد جئت من برج ترامب ووعدني دونالد ترامب بنقل السفارة إلى القدس في ولايته الأولى”. ودعم الخطة المخطط الاستراتيجي السابق ستيفن بانون حيث كانت الخطة الإعلان عنها في  يوم تنصيب ترامب. وذهبوا بعيداً في التخطيط حيث ناقشوا وقت غروب الشمس بداية السبت اليهودي حتى يكون أشخاص مثل أديلسون حاضرين الإعلان. ولكن المسؤولين في الخارجية والوزارات الأخرى حذروا الرئيس من أن الخطوة ستؤدي لتظاهرات في العالم العربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية