نيويورك تايمز: صوت تنظيم “الدولة” الإنكليزي كندي ولد في السعودية وليس نادما على ما فعل

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن – “القدس العربي”:
قبل أربعة أعوام دعا مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) الرأي العام لتقديم أية معلومات عن شخص ظهر صوته في شريط يظهر أسرى لتنظيم “الدولة” يحفرون قبورهم ويطلق النار عليهم بعد ذلك.
ويتحدث الشخص بصوت إنكليزي صاف وبلهجة شمال أمريكا وصوته ندي. وقد ظهر صوته في عدد من أشرطة تنظيم “الدولة” الدعائية.
وفي تقرير أعدته روكميني كاليماتشي لصحيفة “نيويورك تايمز” إن الصوت كان بمثابة الرسالة التي وجهها تنظيم “الدولة” للمتحدثين بالإنكليزية حول العالم. ويقول المواطن الكندي البالغ من العمر 35 عاما أنه هو الرجل صاحب الصوت الرخيم. ودرس في كلية بتورنتو وعمل مرة في مجال تكنولوجيا المعلومات بشركة كانت لها علاقات مع شركة “أي بي أم”. واسمه محمد خليفة واعتقل في الشهر الماضي في سوريا على يد الجماعات التي تدعمها الولايات المتحدة وقد تحدث في أول مقابلة له بعدما كان الصوت الذي سجل أول اشرطة التنظيم عام 2014 في فيديو “لهيب المعركة”. ووصف نفسه بأنه موظف في وزارة إعلام تنظيم “الدولة” وهي الوحدة التي كانت مسؤولة عن نشر اللقطات الفظيعة لقطع رؤوس رهائن أجانب وصحافيين مثل الأمريكي جيمس فولي والطيار الأردني معاذ الكساسبة.
وقال خليفة “لست نادما على ما فعلت” و”سألني المحققون نفس السؤال وأجبت بنفس الطريقة”. وقال محمد، القصير القامة والذي كان تعلو وجهه ابتسامة اثناء المقابلة التي استمرت لساعة إن عائلته هاجرت في صغره من السعودية ودرس أنظمة الكمبيوتر وعمل مع شركة تعهدات قبل أن يسافر إلى سوريا والتي أنجذب إليها من خلال مراقبته أشرطة الفيديو.

يقول خبراء الإرهاب إنه من الصعب التقليل من تسجيلات تنظيم “الدولة” الصوتية التي تبدو سهلة ودورها في جذب الإرهابيين الناطقين بالإنكليزية لدعاية التنظيم وإغراء العديدين منهم للسفر والقتال مع التنظيم.

ويقول خبراء الإرهاب إنه من الصعب التقليل من تسجيلاته الصوتية التي تبدو سهلة ودورها في جذب الإرهابيين الناطقين بالإنكليزية لدعاية التنظيم وإغراء العديدين منهم للسفر والقتال مع التنظيم. ونقلت الصحيفة عن تشارلي وينتر الباحث في المركز الدولي لدراسة التشدد في جامعة كينغز بلندن ” كان صوته هو الصوت الذي أصبح معروفا في دعاية تنظيم الدولة”. ومن أجل التأكد من صحة ما يقول طلبت صحيفة “نيويورك تايمز” من ثلاثة خبراء في الصوت أن يقارنوا الصوت الذي ظهر في شريط “لهيب المعركة” مع الشهادة التي قدمها في سوريا بعد اعتقاله بفترة قصيرة. ورغم أن التحليل لم يكن سهلا إلا أن الثلاثة أكدوا أن الصوت في الشريط هو لخليفة. وقال كاتلين غريغوراي وجيف سميث في تقرير كتباه للصحيفة “أنه بدرجة 134 يشبه الصوت الذي ورد في الشريط”. وقال روبرت سي ماهر خبير الصوت في جامعة ولاية مونتانا إن الخطاب والنغمة والإيقاع والنطق متشابهان”.

نشر فيلم “لهيب المعركة” في إيلول (سبتمبر) 2014 كان نقطة تحول بالنسبة لتنظيم “الدولة” لأنه جاء بعد ثلاثة أشهر من إعلان التنظيم عن إنشاء الخلافة.

وبعد ذلك قدم مسؤول أمريكي بيانا للصحيفة أكد فيه أن خليفة هو بالفعل من قرأ التعليقات في أشرطة تنظيم “الدولة”. وتقول الصحيفة إن نشر فيلم “لهيب المعركة” في إيلول (سبتمبر) 2014 كان نقطة تحول بالنسبة لتنظيم “الدولة” لأنه جاء بعد ثلاثة أشهر من إعلان التنظيم عن إنشاء الخلافة. وحتى ذلك الوقت لم ينشر التنظيم سوى أفلام قصيرة وبيانات. وتم تصويره بكاميرا “غوبرو” وجاء في 55 دقيقة، وكان أول فيلم طويل جذب إليه الكثير من المشاهدين حيث صور الجهاديين وهم يحفرون الخنادق قبل المعركة، وكذا وهم يقومون بعمليات استطلاعية ويقاتلون أو يهزمون العدو. ونظرا للغة التي نشر فيها فقد كان نقطة تجنيد للراغبين بالانضمام إلى تنظيم “الدولة” من أمريكا واستراليا وأوروبا. وكان بالنسبة لخليفة بداية حياة عملية حافلة. وقدم الصوت لعشرات من أفلام الفيديو القصيرة واللقطات بشكل تعطي صورة عن التأثير الواسع للتنظيم. ويقول أمارناث اماراسنيغام، الباحث في شؤون التطرف بتورنتو “كان رمزا، صوت خرج من تنظيم “الدولة” ليتحدث للعالم الناطق بالإنكليزية طوال الخمسة أعوام الماضية”. وأصبح خليفة اليوم بين مئات المقاتلين الذي ألقى القبض عليهم في المعارك الأخيرة وهو في سجن شمال سوريا. أما زوجات المقاتلين وأبنائهم فهم محبوسون في الخيام وغير قارين على التحرك. وتعد كندا من الدول الكثيرة المترددة في جلب المقاتلين إلى كندا حيث تخشى من عدم توفر الأدلة لتقديمهم للمحاكمة وإدانتهم. وبعد شهر من اعتقاله يبدو مصير خليفة غير واضح، وقال إنه لم يتلق زيارة او اتصالا من مسؤول كندي. ورفضت الشرطة والخارجية الكندية التعليق على اعتقاله وكذا “أف بي آي”. وتقول الصحيفة أنا اماراسنيغام كان من الباحثين الأوائل الذي اهتموا بخليفة بعد ملاحظته اللهجة المميزة والتي تشير إلى كندا. ويقول “اعتقدت أن هذا الرجل يشبه الأشخاص الذي نشأت معهم”. وفي رحلة بحث مع الصحافي ستيورات بيل قابل فيها الكنديين المعتقلين منذ تسعة أشهر التقى شخصا اسمه محمد علي قال إنه التقى وصادق الشخص المعلق ووصفه بالكندي من أصل أفريقي ولقبه أبو رضوان. وفي مقابلة مع الصحيفة وافق على الاستماع لشريط بصوت المعلق وكان رده “هذا هو” قائلة إن هويته وشخصيته معروفة في داخل الخلافة. وفي بيان قصير بعد اعتقاله تحدث في بيان مسجل على الفيديو وعرف بنفسه على أنه مقاتل من تنظيم “الدولة” اسمه محمد عبدالله محمد وأنه شارك في الهجوم على ميليشيا كردية محلية دون ذكر دوره كمعلق. وكان البيان القصير كافيا لربط الخبراء الصوت بتعليقاته السابقة مع أن المحققين الأكراد قالوا إنه أنكر في البداية أي دور. وفي المقابلة مع الصحيفة بحضور مسؤولين أكراد، أكد اسمه ووضعه حيث تم التأكد من صحة نسبه عبر اماراسينغام الذي اتصل مع أحد اصدقاء طفولته في كندا. وقلل خليفة من دوره وقال إنه لم يظهر في أي من أشرطة الإعدام وانه قدم صوتا للأشرطة الدعائية. وقال إنه ولد في جدة السعودية لأبوين من إثيوبيا وحصل على دبلوما في أنظمة الكمبيوتر من كلية سنيكا في تورنتو وكانت حياته عادية حيث عمل بشركة حصلت على تعهدات من “أي بي أم”. وأكدت شركته القديمة “كيلي سيرفس” أن خليفة عمل معها ما بين 2009-2010 في منطقة مارخام بتورنتو. ويقول خليفة أنه تأثر بمحاضرات الناشط في القاعدة أنور العولقي التي أكدت له على أهمية الجهاد. وقال إنه دخل سوريا عام 2013 بهدف الانضمام لمجموعة المهاجرين والأنصار التي كان يقودها أبو عمر الشيشاني الذي أصبح أميرا للحرب في التنظيم. وقال إنه بدأ يعمل كمترجم بعد انضمامه للتنظيم بفترة قصيرة قبل أن يطلب منه التعليق. وعندما سئل أن يحدد الأشرطة التي عمل عليها أجاب “مثل لهيب المعركة”.
وكان مسؤول الوحدة أبو محمد الفرقان، عراقي مقرب لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي. وقال إن مدير الوحدة أكد على أهمية التنوع في الأصوات والتأكد من “عدم تحويل المشاركين إلى نجوم”. وكانت فرق التصوير تقوم بالتقاط مشاهد التعذيب ثم نقل اللقطات إلى فيلا خارج الرقة حيث كان يتم انتاجها وإضافة التعليق والمؤثرات الصوتية. ويقول خليفة إنه لم يلعب دورا في التصوير أو نقل اللقطات بل تقديم الصوت. وقال خليفة “كنت مجرد صوت”. وقال إن من اختاره لقراءة التعليق هو مشرفه الأسترالي ولقبه أبو عبدالله. و “كان يعطيني النص وأرجعه وأصحح أي خطأ فيه ثم أسجله” و “يقوم بعد ذلك بمراجعته وما يجب أن أركز عليه”. وتم تسجيل النص في استديو خاص ولكن الأمر تغير بعد القصف الأمريكي عام 2014 حيث اضطروا للانتقال إلى المناطق المدنية في الرقة والتحرك من بيت إلى بيت. وانتقلوا كلما تقلصت مناطق التنظيم، حيث لم حملوا معهم صحنا فضائيا وواصلوا البث رغم مخاوفهم من العثور عليهم. واضاف “أعرف أشخاصا وافقوا على العمل من بيوتهم رغم ما في ذلك من مخاطرة”. وعند هذه النقطة توقف عن العمل في الإعلام وحمل كلاشينكوف للقتال حيث ألقى القبض عليه وهو يحاول الهجوم على فيلا تمركزت فيها قوات سوريا الديمقراطية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية