لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده ديكلان وولش وعبدي ضاهر قالا فيه إن قادة الجيش كذبوا “خلال الأيام المحمومة التي قادت لانقلاب السودان”. وأشارا فيه إلى أن المبعوث الأمريكي عمل ولأيام للتوسط والتحاور بين قائد الجيش السوداني ورئيس الوزراء من أجل منع انهيار عملية الانتقال الديمقراطي الضعيفة والتي مضى عليها عامان.
وفي سلسلة من اللقاءات المحمومة في العاصمة السودانية الخرطوم نهاية الأسبوع الماضي، حاول جيفري فيلتمان، المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الإفريقي تقريب وجهات النظر بين عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك اللذين يتقاسمان السلطة منذ سقوط نظام عمر البشير.
وفي آخر لقاء عقد بوقت متأخر من ليلة الأحد، طالب البرهان بحل الحكومة واستبدالها بحكومة تكنوقراط، لكنه لم يعط أية أدلة عن نيته السيطرة على السلطة بالقوة، وبهذه النتيجة لملم المبعوث الأمريكي أوراقه وركب أول طائرة إلى قطر حيث رأى إشارة حالة هبوط طائرته في الدوحة على هاتفه: انقلاب يجري في السودان. وقال نور الدين ساتي، السفير السوداني في الولايات المتحدة “لقد كذبوا عليه” و”هذا خطير جدا لأنك عندما تكذب على الولايات المتحدة فيجب أن تتحمل النتائج”.
ولم يظهر أي سبب دفع البرهان لوقف عملية الانتقال الديمقراطي ولا توجد ضمانات عن نجاح حركته. وفي سلسلة من اللقاءات مع المحللين وعدد من المسؤولين الأمريكيين والسودانيين والأوروبيين، فقد ظهرت صورة عن جيش بات محبطا من شركائه المدنيين ويريد الحفاظ على ميزاته بأي ثمن وتجنب التحقيق في شؤون المالية وانتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت خلال عقود من حكم البشير.
وحمل البعض الحكومة المدنية الفشل في تخفيف مخاوف الجنرالات من المحاكمة أثناء عملية التحول الديمقراطي، في وقت قال مسؤول أمريكي إن روسيا شجعت الانقلاب على أمل تأمين عقود تجارية وقاعدة عسكرية على البحر الأحمر.
وأشارت الصحيفة إلى أن القيادة المدنية تعيش في خوف من انقلاب عسكري منذ 18 شهرا. ففي الأسبوع الماضي قام محتجون بالاعتصام أمام القصر الجمهوري وأغلقت ميليشيا مسلحة ميناء بورتسودان، مما منح صورة عن قرب الانقلاب. وفي يوم الإثنين حل البرهان المجلس السيادي واعتقل رئيس الوزراء وحل اللجان التي تدير نقابات العمال، واعتقلت قوات الأمن قادة مدنيين بارزين ضرب أحدهم بشدة، حسب مسؤول غربي. وأدى تحركه إلى موجة من الاحتجاج المميت والتوقف عن العمل وأثار شجبا دوليا وإقليميا ومطالب بعودة القيادة المدنية، لكن هذا لم يخفف من عزيمة البرهان وجماعته.
القيادة المدنية تعيش في خوف من انقلاب عسكري منذ 18 شهرا
وقال جهاد مشمون، الباحث السوداني “عدنا للمربع الأول.. يريد الجنرال البرهان تأكيد سيادة الجيش على الشؤون السودانية وسيخرج الناس لمواجهته”. ويعرف القليل عن البرهان، 61 عاما قبل صعوده للسلطة في الأيام المضطربة التي أعقبت تحرك الجيش ضد البشير. فقد كان المفتش العام للجيش السوداني، ولعب دورا في إرسال الجنود السودانيين بمن فيهم أطفال للمشاركة في حرب اليمن. وعمل قائدا ميدانيا في دارفور عندما قتل 300.000 شخص في الفترة ما بين 2003- 2008، وهو مقرب من البشير ويؤمن بقوة أن الجيش هو أهم مؤسسة في البلد، إن لم يكن الدولة نفسها، حسبما يقول كاميرون هدسون، الزميل غير المقيم في المعهد الأطلنطي.
وعندما دفع إلى الحياة العامة بعد ثورة شعبية ضد حاكم قوي، فقد أثبت أنه زعيم متردد وغير متعود على المسرح الدولي. وفي ظل العزلة الدولية أثناء حكم البشير فقد كان مجال سفره محدودا في عدد من الدول العربية مثل مصر والإمارات العربية المتحدة.
وبالمقارنة فقد قضى حمدوك، 65 عاما المختص بالاقتصاد معظم حياته المهنية عاملا في المؤسسات المالية الدولية ومستشارا للشركات. واتسمت العلاقة بينهما بالمودة بداية الفترة الانتقالية، حيث أشرف حمدوك على سلسلة من الإصلاحات التي أدت إلى شطب السودان عن قائمة الدولة الراعية للإرهاب ومنع الختان الفرعوني وألغى قانون الردة ووقع اتفاقية سلام مع قادة التمرد. لكن العلاقات توترت حول مسألة إدارة البلد واقتصاده، وتعمقت الخلافات بعد المحاولة الانقلابية.
وتصاعد التوتر أكثر في الأشهر الأخيرة بعد الضغوط التي مارستها الجماعات المدافعة عن الديمقراطية للجيش بتسليم السلطة والحكومة المدنية بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان والفساد في عهد البشير. ورفض الجيش حيث خشي قادته من أن يكشف أي تحقيق عن مصالحهم الشخصية والمالية وجماعاتهم.
وقال هدسون “كان تراجعا تكتيكيا”، مضيفا أن الجنرالات وقعوا على اتفاق تقاسم السلطة عام 2019 للتخفيف عن الجيش وليس لأنهم كانوا يؤمنون بالعملية نفسها و”كان أهم شيء في كل هذا هو نجاة الجيش”.
ومن القضايا الخلافية الأخرى كان موضوع تسليم البشير للجنائية الدولية، حيث يتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم أخرى. ومع أن البرهان والجنرال حميدتي، قائد قوات الدعم السريع المتهمة بالعنف الإبادي في دارفور لم توجه إليهما اتهامات إلا أنها كانا يريدان الحفاظ على الوضع الراهن.
وقال مشمون إن الجنرالين على علاقة قريبة منذ دارفور ولديهما خوف كبير لو سلم البشير للجنائية الدولية. و”يريدان نوعا من الحصانة”. وحاولت القوات العسكرية والأمن منع أي محاولات تطال مصالحهما المالية الواسعة. فهما معا يديران عددا من الشركات المملوكة للدولة، في مجال الإنشاء وبيع المعادن، وبخاصة الذهب والاستيراد والتصدير في مجال المواشي ومواد البناء والأدوية. وهي تعاني من فساد واسع ومن النادر مساهمتها في ميزانية الدولة، كما يقول سليمان بالدو، المستشار البارز في مركز “سينتري” بواشنطن.
ويترأس البرهان مجلس أمناء “أنظمة التصنيع الدفاعية” وهي أكبر الشركات التابعة للجيش، ويزيد ذلك من مصالحه التجارية بالإضافة لقيادته الجيش والزعيم الفعلي للبلاد. لكن القادة المدنيين في العملية الانتقالية يتحملون بعض اللوم في انهيار العلاقة، كما يقول ساتي، السفير السوداني في واشنطن والذي عزله الجيش يوم الخميس مع عدد من السفراء لشجبهم الانقلاب. وأكد ساتي أنه لا يزال على رأس عمله. وقال “هناك شد وجذب بين الطرفين” ولم يفهم المدنيون أهمية تخفيف مخاوف الجيش.
ومع زيادة التضخم ونقص المواد الغذائية لم يكن حمدوك التكنوقراط بالتدريب والمزاج قادرا على إدارة الأمور نظرا لافتقاره للمهارات السياسية. وقال ساتي “كانت هناك الكثير من الخلافات بدون أي فهم لمتطلبات اللحظة” و”دفع بقوة وبسرعة”.
ويقول المحللون إن البرهان لم يكن ليتحرك بدون دعم تكتيكي من مصر والإمارات اللتين لم تشجبا انقلابه، أما السعودية فشجبته.
يهاجر اليهودي لدول الغرب فيدافع عن إسرائيل ويدفع وطنه الجديد لمساعدة إسرائيل سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وإعلامياً وتزويدها بأحدث أنواع أسلحة وتكنولوجيا مجاناً، بينما يهاجر بعض العرب لدول الغرب أو لدول أعداء العرب فيجتهدون بمهاجمة دولهم العربية ويطالبون بقطع مساعدات اقتصادية إن كانت فقيرة ووقف توريد أسلحة إن كانت نفطية، ويطالبون دول الغرب بقلب أنظمة حكم وإشاعة فتن وفوضى وقتل ودمار فيها، ثم يطالبون دول الغرب بتنصيبهم وكلاء لها لنهب ثرواتها تحت حمايتها، لكن دول الغرب تعلمت الدرس ولم تعد تفعل ذلك.