نيويورك: «BDS» مرّت من هنا أجهزة التجسس عنوان التطبيع مع إسرائيل

حجم الخط
1

قد تحقق إسرائيل الاختراقات في النظام العربي الرسمي، الذي اختار طوعا التعاون معها والتطبيع المجاني المدان جملة وتفصيلا، تحت غطاء مواجهة الخطر الإيراني، والنظام العربي الرسمي يعلم جيدا أنه يكذب ويعرف أن إسرائيل لن تحميه من أي عدوان إيراني مفترض، ولن تدخل في حرب معها من أجله. الأهم من ذلك أن إيران لا تشكل هذا الخطر المزعوم.
وقد تبدو صور قادة عرب، وهم يستقبلون في قصورهم زعماء اليمين الإسرائيلي المتطرف، مزعجة ومحبطة ومثيرة للغضب، وهي حقا كذلك، ولكن يجب النظر إليها من زاوية أن هؤلاء جلبوا أصلا إلى السلطة لهذا الغرض، إلى جانب خدمات أخرى، وإنهم أسقطوا ورقة التوت التي كانوا يغطون بها عوراتهم. لهذا يجب ألا نسمح لهذه المشاهد أن تحبطنا، حيث الهدف منها، بل يجب أن تزيدنا عزما وإصرارا على مواجهتها، خاصة أن هناك نوافذ إيجابية كثيرة، مثل النجاحات والانتصارات الجديدة التي تحققها حركة مقاطعة إسرائيل BDS في أكثر من بلد لتصل هذه المرة إلى نيويورك نفسها، التي كانت حتى زمن قريب جدا حكرا على اليهود، وخطا أحمر يحرم على الفلسطينيين عبوره، وهذا إنجاز لا يمكن الاستهانة به.
الحقيقة التي بدأت تتكشف أن النظام العربي الرسمي ليس بحاجة إسرائيل لمواجهة «الخطر» الإيراني الوهمي، بل لمساعدته في مواجهة خصومه الداخليين الأكثر خطرا، والمحافظة على هذا النظام أو ذاك، خاصة في منطقة الخليج، عبر بيعه أحدث أنظمة التجسس الإلكترونية، وتشغيلها له وبسط يده على كل مرافق الحياة صغيرها وكبيرها،
وتكشف عن ذلك الدعوى القضائية التي رفعها الطالب السعودي المعارض الشاب عمر بن عبد العزيز، الذي حصل على اللجوء السياسي في كندا، ضد شركة برمجيات إسرائيلية باسم «إن إس أو» ومقرها هرتسليا على البحر المتوسط، اتهمها بمساعدة السلطات السعودية على التجسس على محادثاته الهاتفية مع الصحافي جمال خاشقجي، قبل استدراجه إلى القنصيلة السعودية في إسطنبول وقتله وتقطيع أوصاله. ويطلق على هذا البرنامج «بيغاسوس» ويحول الهواتف الذكية إلى أجهزة تنصت على أصحابها.
وكشفت وسائل إعلامية إسرائيلية وعالمية عديدة أيضا، عن وجود تعاون كبير بين السعودية وإسرائيل في المجالات العسكرية والاستخبارية، وأكدت أن الرياض استخدمت البرنامج الإسرائيلي للتجسس على بن عبد العزيز.
وبرنامج القرصنة هذا هو البرنامج نفسه الذي استخدمته دولة الإمارات للتجسس على مسؤولين خليجيين، من بينهم الأمير متعب بن عبد الله، قائد الحرس الوطني السعودي السابق والعديد من المعارضين في دول مجاورة، على ذمة صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية. وهناك قضيتان مرفوعتان على «إن إس أو». وبينت الصحيفة أن قادة الإمارات، لاسيما إمارة ابو ظبي بقيادة محمد بن زايد يستخدمون برامج التجسس الإسرائيلية منذ أكثر من عام، وحوّلوا الهواتف الذكية للمعارضين في الداخل أو المنافسين في الخارج إلى أجهزة مراقبة. وما يكشف كذبة «الخطر» الإيراني أيضا، ما كشفته صحيفة «لافيغارو» الفرنسية. وهذا ليس دفاعا عن إيران فهي كما قلنا مرارا لها مصالحها وأطماعها في العالم العربي، الذي أصبح مباحا للجميع، وأبوابه مشرعة، امام كل الغزاة من الشرق إلى الغرب.
ووفقا للصحيفة الفرنسية فإن إمارة ابو ظبي تمارس ضغوطا شديدة ـ مستغلة المقاطعة التي تفرضها واشنطن على إيران ـ على إمارة دبي التي كانت لسنوات عديدة قبلة رأس المال الإيراني، لتضييق الخناق على أنشطة المستثمرين ورجال الأعمال الإيرانيين الذين وضعوا أموالهم في دبي وامتلكوا عقارات، رغم حاجتها لرؤوس أموالهم بسبب النقص الكبير في السيولة المالية لديها. يذكر في هذا السياق أن تعاملات دبي التجارية مع إيران بلغت في العام الماضي نحو18 مليار يورو. وحسب «لافيغارو» فإن العقوبات الأمريكية ضد إيران، ما هي إلا ذريعة يستخدمها محمد بن زايد، كي تدير دبي ظهرها لإيران في إطار استراتيجيته لتعزيز العلاقات مع واشنطن وإسرائيل، بهدف تثبيت حكمه على باقي الإمارات، وفق الباحث الاقتصادي مارك مارتينيز.
وتجانسا مع اليمين المتطرف في إسرائيل والإدارة الامريكية وبغرض التشويه، وصف موقع مقرب من العائلة الحاكمة السعودية، الناشطة الأمريكية الفلسطينية الأصل ليندا صرصور وعضوتي الكونغرس المنتخبتين الفلسطينية الأصل رشيدة طليب والصومالية الأصل إلهان عمر بالانتماء للإخوان المسلمين، الذين أعلنوا الجهاد على ترامب حسب زعمهم.

النظام العربي الرسمي ليس بحاجة إسرائيل لمواجهة «الخطر» الإيراني الوهمي، بل لمواجهة خصومه الداخليين الأكثر خطرا عليه

في زمن الحكام المتواطئين، ورغم محاولات إسرائيل رسم صورة سوداء قاتمة عبر تسريباتها الإعلامية، وبعض الانتصارات الوهمية، هناك جانب مضيء وأكثر أهمية من هذه الأنظمة الزائلة، يأتينا هذه المرة من نيويورك التي حققت «BDS» فيها انتصارا كبيرا. فقد صادق مجلس طلبة جامعة نيويورك على قرار يدعو الجامعة إلى سحب الاستثمار من شركات تتعامل مع جيش الاحتلال، أو تلعب دورا نشيطا في تمويل وإطالة أمد الاحتلال غير الشرعي وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، المصادقة على قرار كهذا ليس بالأمر الذي يمكن الاستهانة به، خاصة إذا أدركنا مدى النفوذ اليهودي الصهيوني في المدينة. وحظي مشروع القرار بتأييد نحو 60 منظمة طلابية و30 عضوًا في هيئة التدريس.. ويخص بالذكر ثلاث شركات هي كاتربيلر، وجنرال إلكتريك، ولوكهيد مارتن. والجدير بالذكر أن اتحاد طلاب هذه الجامعة صوتوا في عام 1985، اي خلال حقبة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا لصالح فرض الحظر عليها.
وفي أمريكا أيضا كشف أن مركزين للشرطة الإقليمية في الولايات المتحدة ألغيا، مشاركتهما في أسبوع دراسي أمني مشترك مع الشرطة الإسرائيلية، للمرة الأولى في تاريخ البرنامج، نتيجة ضغوط مارسها ناشطو «BDS» ونتيجة معلومات جمعيات مدنية أمريكية أكدت أن الضباط الأمريكيين يعودون أكثر عنفًا بعد المشاركة في مثل هذا البرنامج. ونتحدث هنا عن برنامج يقام منذ أكثر من عشرين عاما في إسرائيل، يتم خلاله تنظيم برنامج دراسي أمني لضباط يخدمون في مراكز الشرطة الإقليمية في الولايات المتحدة، لمعالجة قضايا أمنية وتبادل الخبرات، بمبادرة الرابطة الأمريكية اليهودية لمكافحة التشهير.
وتعترف صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بأن إلغاء المشاركة في هذه البرنامج تحت تأثير حركات المقاطعة، يُعد سابقة، أدت إلى قلق المنظمات اليهودية الأمريكية الداعمة لإسرائيل، وعززت الشعور بالانتصار لدى قادة حركات المقاطعة، بعد سنة حافلة بالإنجازات. وأوضحت الصحيفة أن»BDS» استهدفت البرنامج المذكور بالتعاون مع منظمات أمريكية مناهضة لاستشراء عنف البوليس الأمريكي.
وأعلن قائد شرطة ولاية فيرمونت الليبرالية، الكولونيل ماثيو برمنغهام، عن الانسحاب من المشاركة، وقوفًا عند رغبة حركة المقاطعة، كما أعلنت قائدة الشرطة في مدينة نورثامبتون، التابعة لولاية ماساشوستس جودي كاسبر، عن سحب مشاركتها في البرنامج. وبعثت كاسبر رسالة إلى ناشطي حركات المقاطعة تؤكد عدم حضورها. وفي كلتا الحالتين كان السبب الرسمي الذي قدمه قادة الشرطة لإلغاء مشاركاتهما، هو تلقيهم طلبات من مواطنين أمريكيين، عبروا من خلالها عن معارضتهم للبرنامج.
واختتم بالقول إنه في زمن الخزي والعار، الذي يعيشه العالم العربي «الكبير» وأنظمته العاجزة حتى عن حماية نفسها من أعداء وهميين، تستجدي الحماية من أعداء الأمة الحقيقيين والاكثر خطرا على العرب أجمعين، لا خير في امة عاجزة عن حماية نفسها، ولا خير في أمة تاريخها مليء بروايات من نسج الخيال وأقوال وأمثال مختلقة، أمة يتفاخر أحد شعرائها بأنه «إذا بلغ الفطام لنا رضيع، تخر له الجبابر ساجدينا»، كلام مناف للواقع وتفاخر أجوف لا طائل من ورائه، ولا يأتي في سياق مواجهة الأعداء، بل الاقتتال العربي العربي. ولا خير في أمة ينطبق عليها قول الشاعر عمران بن حطان للحجاج بن يوسف الثقفي «أسد عليّ وفي الحروب نعامة … رَبْداءُ تجفلُ مِن صَفيرِ الصافِرِ». وحتى حينما نستأسد على بعضنا بعضا نستعين بـ»صديق!» والأمثلة لا حصر لها، وليس آخرها اليمن المكلوم والجائع.
كاتب فلسطيني من اسرة «القدس العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مهاجر فى كندا:

    من يتم فهم البدايه لهؤلاء الشباب وهم الاف وملاين و لكن منهم من فضل السكوت ومنهم من اثر الحديث والانكار وكلا الفريقين
    هم سواء فى مطلبهم وبقدرة قادر يتحقق مطلبهم
    هجرو الاهل والوطن وسافرو ومعهم الوطن وامل العوده اليه بعد زوال الاصنام
    وهل يوجد اصنام ؟ نعم يوجد صنم وبداخله اصنام انه الرق المدرس بنقه دينيه وتحسب دين وهو عن الدين بعيد مثل السراب تحسبه ماء وهو عن الماء بعيد
    رفعها الطالب السعودي المعارض الشاب عمر بن عبد العزيز = خطأ
    وهنا سبب رحيل هؤلاء الفتيه خارج وطنهم
    انها صنم الهويه المزيفه وبداخلها اصنام
    نعم هويه ما انزل الله بها من سلطان ملاين ساكتون رافضون وقليل هجرو واثرو الحديث وربما لايعودون ويستوطنون وطن
    جديد

إشترك في قائمتنا البريدية