الآن هي مرحلة التبرير وتبادل الاتهامات، وهي كثيرة. ميراف ميخائيلي، رئيسة حزب العمل، رفضت الاتحاد مع ميرتس. بني غانتس، من المعسكر الرسمي، أعتقد أنه يمكن أن يكون رئيس الحكومة بدلاً من أن يبتلع الاعتزاز بالنفس ويقلص الأنا ويعود ليكون مع “يوجد مستقبل”.
غادي آيزنكوت أخطأ عندما انضم لغانتس بدلاً من الانضمام ليئير لبيد. لبيد امتص أصوات العمل وميرتس. النشطاء في حملات اليسار – الوسط كانوا رماديين وبدون إبداع. العرب يئسوا من الديمقراطية الإسرائيلية ولم يتدفقوا نحو صناديق الاقتراع. القوائم العربية رفضت التوحد في قائمة واحدة وفضلت الانقسام. حتى حداش – تاعل وبلد، لم تكن قادرة على التوصل إلى اتفاق فائض الأصوات. نتنياهو عاد إلى عادته القديمة، التحريض والتفريق بين اليهود والإسرائيليين، كما كتب ألوف بن في “هآرتس” أمس. ايتمار بن غبير ارتدى قناع الدب اللطيف. “يديعوت أحرونوت” تجندت لصالح نتنياهو لإلغاء محاكمته، وسيتم إغلاق ملف الناشر ارنون موزيس. نشرت الصحيفة مؤخراً عناوين مثل “إسرائيل أوقفت هجماتها في سوريا بسبب اتفاق الغاز مع لبنان”. قبل يوم على موعد الانتخابات، صرخ عنوان “رقم قياسي في عدد العمليات وعدد القتلى منذ 2015)، هذه عناوين عرضت لبيد وحكومته كضعفاء. كل شيء صحيح، لكنها ليست سوى مبررات، كزبد الماء، وإذا أردنا أن نكون أكثر لطفاً، هي تفسيرات لحظية. ولكن القائمة لا تكذب.
نتنياهو، وبن غبير، وسموتريتش والحزبان الدينيان سيحصلون في الانتخابات الـ 25 للكنيست على 52 – 53 في المئة من المقاعد. والأحزاب العربية ستحصل على 8 في المئة، وكتلة التغيير ستحصل على 40 في المئة.
باختصار، اليسار والوسط عرق آخذ في الانقراض داخل المجتمع الإسرائيلي. وهذا ليس موضوع أرقام ومقاعد في نتائج الانتخابات، بل يدور الحديث عن شيء أعمق، عملية مستمرة منذ سنوات، وهي تغير وجه المجتمع الإسرائيلي. مظاهر التغيير هي القومية المتطرفة والعنصرية وكراهية الآخر والمسيحانية والتوق إلى زعيم مستبد ومتدين والاستقواء العسكري وتأييد الاحتلال واحتقار سلطة القانون والشرطة والقيم الليبرالية الغربية.
منذ 1992 واليسار – وسط وكل ما يمثله يخوضون معركة مصيرية. في 1992 نجح إسحق رابين في قطع تواصل انتصار اليمين. بعد ذلك، فعل إيهود باراك ذلك في 1999. وقبل سنة ونصف فعل يئير لبيد ذلك (بمساعدة نفتالي بينيت). ولكن حكم هؤلاء الثلاثة (مع بينيت الأربعة) كان بتقطعات قصيرة. لقد استمر فقط أكثر بقليل من خمس سنوات، التي تمثل 16 في المئة من الثلاثين سنة الأخيرة. هذا هو الواقع، وعلينا النظر إليه كما هو. هو ليس في الطريق إلى التغير. ستكون خيبة أمل، وإذا كان هناك سبب للاستيقاظ، فلن يحدث إلا إذا تأثر شعب إسرائيل بكارثة خارجية كبيرة تصدمه مثل حرب الغفران، الأمر الذي لا أتمناه.
رغم التعليم الماركسي الذي حصلت عليه في شبابي واطلاعي على تاريخ البلشفية ولينين، فإنني لست من أتباع هذه النظرية التي تقول بأنه “كلما ساء الأمر فنحن نحو الأفضل”. والأكثر من ذلك، أن سيناريو الكارثة غير موجود في صناديق الاقتراع.
إسرائيل دولة عظمى قوية جداً، إلى درجة أن إيران أو حماس أو انتفاضة في الضفة لا يمكن أن يحدثوا مثل هذه الكارثة. نعم، كل ذلك هو منغصات، لكنه لا يهدد وجود دولة إسرائيل.
الأمل بظهور رئيس في الولايات المتحدة أو رؤساء في دول الاتحاد الأوروبي يضغطون ويؤثرون على حكومة إسرائيل لتغيير سلوكها، أمل مقرون هو حلم مزيف. الآية “يعيش ولا يهتم بالأغيار” صحيحة الآن أكثر من أي وقت مضى. وبمعنى آخر، ليس بسبب عدم وجود آخر. بمعنى، إذا لم أكن أنا لنفسي، فمن سيكون لي. بل بمعنى يوجد خيار يتمثل في “كل الشعب يريد”. الشعب يريد الانغلاق وإدارة ظهره للعالم الغربي والقيم الديمقراطية، وأن يقمع العرب أكثر ويضم “المناطق” [الضفة الغربية].
في تشرين الثاني 1995 قام متطرف قومي متدين بقتل رئيس الحكومة إسحق رابين ومعه عملية السلام أيضاً. في تشرين الثاني 2022 سئم معظم الشعب من الديمقراطية المعروفة للجمهورية الإسرائيلية، الموجودة منذ نحو 75 سنة.
بقلم: يوسي ميلمان
هآرتس 3/11/2022