أحمد الطيبي لم يفوت الفرصة. لقد جاء هذا الأسبوع إلى مظاهرة رؤساء السلطات العربية في القدس، وتحدث بانفعال ضد بتسلئيل سموتريتش “العنصري” وضد “فاشية” إسرائيل. في الواقع، يدور الحديث عن حكومة غير مبالية بكل عمليات القتل في المجتمع العربي، التي يرفض وزير ماليتها تحويل 500 مليون شيكل خصصت للسلطات العربية لتشجيع التعليم العالي في أوساط سكان شرقي القدس.
ومثله أيضاً أيمن عودة وميراف ميخائيل اللذين يستشاطان غضباً، وثلاثتهم ينتقدون حكومة الدمار وعيونهم تقدح شرراً. ولكن ما العمل، أجد صعوبة في تجنيد حتى قطرة تعاطف لهؤلاء الثلاثة، لا لأنهم ليسوا على حق، لكني أذكر كيف تدهورنا حتى الحضيض، ووصلنا إلى الحكومة الأسوأ في تاريخ إسرائيل.
كانت لدينا حكومة جيدة، حكومة ثورية من اليهود والعرب، حكومة التغيير. في اللحظة التي شكلت فيها، قام عليها عدد من رجال اليمين الذين انسحبوا من الائتلاف لإنهائها. أرادوا (وحصلوا) على حكومة يمينية خالصة. ولكن كيف يمكن أن ينضم الطيبي وعودة، وبيبي وبن غفير من أجل الهدف نفسه؟ حيث إن حكومة التغيير أوقفت التحريض الفظ ضد العرب وحولت ميزانيات تطوير ضخمة تبلغ 28 مليار شيكل (المبلغ الذي يريد سموتريتش تقليصه) وعينت نائب الوزير يوآف سيغلوفيتش مديراً لهذا المشروع الذي عمل بحماسة لاجتثاث العنف في المجتمع العربي. وفي الواقع، انخفض عدد القتلى في الوسط العربي للمرة الأولى منذ عقد!
ولكن يتضح أن أي شيء موضوعي لا يهم الاثنين. يرى الطيبي وعودة أنها سياسة صغيرة واعتبارات شخصية. هاجما حكومة التغيير بدون رحمة، وصوتا ضدها في كل المواضيع. قالا بأن بينيت ولبيد أسوأ من بيبي، ورفضا أن يعطيا للحكومة دعماً من الخارج لإنقاذها. صوتا مع الليكود (!) ضد حكومة التغيير، إلى أن رفع نفتالي بينيت يديه وقرر حل الكنيست. الآن هما مصدومان من مضاعفة عدد القتلى، يصرخان ضد الاقتطاعات في الميزانية التي خصصتها لهم الحكومة “السيئة”. ليس هذا هو ذروة النفاق والسخرية؟ العداوة مع منصور عباس ربما شوشت تفكيرهم، أو أنهم أرادوا إدخال الدولة في حالة فوضى. وفي كل الأحوال، تعاونهم مع بيبي يلزمهم الاستقالة من ليصعدوا زعماء جدداً، عقلانيين، ليسوا مرضى بمرض الكراهية.
القصة مختلفة قليلاً لدى ميخائيلي، لكن لا تقل خطورة عن ذلك. هي في هذه الأيام تدهشنا بنقدها للتمييز ضد النساء وضد نتنياهو “الخطير على أمن إسرائيل”. لكنها في نهاية المطاف مسؤولة رئيسية عن وضعنا الحالي. لقد طلبوا منها، توسلوا إليها، أن توافق على التنافس بصورة مشتركة مع حزب العمل و”ميرتس” التي تعتبر نفسها أكبر شخص حكيم بين النساء والرجال، رفضت كل الطلبات وتسببت في ضياع 2 – 3 مقاعد لليسار. لم يجتز “ميرتس” نسبة الحسم. تخيلوا حكومة نتنياهو – بن غفير مع 61 – 62 مقعداً فقط: في هذا الوضع، كان يكفي أن يتمرد عضو أو عضوان وسيتم وقف الانقلاب النظامي. عليها الاستقالة في مؤتمر الحزب في تشرين الثاني. فحزب العمل برئاستها لن يجتاز حتى نسبة الحسم.
باستثناء هؤلاء الثلاثة، كان هناك كثيرون في اليسار، من بينهم محللون وصحافيون، الذين ضربوا ولكموا وشوهوا وانتقدوا كل نشاط لحكومة التغيير بصورة سامة. لقد أضروا بها، هزوها وساهموا في سقوطها دون أن يدركوا بأن السياسة هي فن الممكن وليست أحلاماً خيالية. لم يدركوا أنهم أقلية في الحكومة، وتجاهلوا البديل الفظيع الذي تحقق. هم الآن يصرخون بصوت عال ضد نتنياهو والكهانية والمسيحانية وتصفية المحكمة والديمقراطية. أنا غير قادر على سماعهم. هل قتلتم وتريدون أن ترثوا؟
نحاميا شترسلر
هآرتس 15/8/2023