وصل نحو 300 شخص الجمعة الماضي لجولة نظمها نحو 30 منظمة حقوق إنسان، بينها “نحطم الصمت”، و”جمعية حقوق المواطن”، و”السلام الآن” و”بتسيلم”، عقب أحداث العنف الأخيرة تجاه الفلسطينيين ونشطاء اليسار في الخليل. غير أن من سعوا للاحتجاج على العنف ضدهم وضد الفلسطينيين اكتشفوا بأن الجيش الإسرائيلي أعلن عن الخليل منطقة عسكرية مغلقة. “بموجب تقويم الوضع، تقرر إعلان منطقة عسكرية مغلقة في عدة مجالات في مدينة الخليل لمنع الاحتكاكات في المكان. بموجب تعليمات الأمر العسكري، يحظر دخول مدنيين لا يسكنون في المجال”.
إن قرار الجيش الإسرائيلي الإعلان عن الخليل منطقة عسكرية مغلقة لمنع جولة لمنظمات حقوق الإنسان إنما ينقل رسالة سياسية لا تقبل التأويل: نشطاء اليسار هم المذنبون بعنف الجنود تجاههم. من يحتج ضد العنف يعد هو مصدر العنف، وفقاً لعالم مقلوب في المناطق المحتلة. في السطر الأخير، نفذ الجيش الإسرائيلي ما طالبته به يافطات أعضاء “إن شئتم” الذين تظاهروا ضد مشاركي الجولة: شعب إسرائيل يطالب بإبعاد العدميين عن الخليل”. طلبوا ونالوا.
تذكر الجيش الإسرائيلي متأخراً بأنه ولـ “منع الاحتكاك” و”خرق النظام العام” ينبغي تقييد الدخول إلى المدينة على من ليسوا من سكانها. أين كان هذا التفكير المسؤول قبل أسبوعين، حين سمح الجيش بدخول عشرات آلاف الإسرائيليين إلى المدينة في مناسبات “سبت حياة سارة”، الذين شاغبوا وأفسدوا الممتلكات، ورشقوا الحجارة على البيوت، وضربوا وشتموا السكان الفلسطينيين وقوات الأمن، بل وجرحوا مجندة؟ لم يمنع مسبقا دخولهم إلى المدينة بل وحرص الجيش على طرد سكان الخليل الفلسطينيين من سوق المدينة المركزي إلى بيوتهم.
في الأسبوع الماضي، ضرب جندي “جفعاتي” مشاركاً في جولة منظمة “أبناء إبراهيم”، وجندي آخر صوّر وهو يقول لناشط آخر من المجموعة “بن غفير سيفرض هنا النظام” ولناشطة أخرى “أيها اليساريون، سأحطم وجوهكم”. الجندي المهدد وإن حبس بـ 10 أيام حبساً، ولكن تم بعدها تقصير عقابه لأربعة أيام. ومن أبعدوا عن بيته؟ الناشط الفلسطيني من الخليل عيسى عمرو، الذي صور جنود “جفعاتي”. فقد قررت المحكمة العسكرية إبعاده عن حي سكنه، تل الرميدة، على مدى ستة أيام، بعد أن سمع مندوب الشرطة يسميه “مرتكب جريمة” لأنه يرافق جولات لإسرائيليين في الخليل، وقال إنهم “يخلقون احتكاكاً”.
إن قرار الجيش الإسرائيلي إبعاد نشطاء اليسار عن المدينة هو قرار سياسي يضع الجنود والمستوطنين في جهة واليساريين والفلسطينيين بالمقابل. هذا قرار يعطي ريح إسناد للعنف ضد الفلسطينيين واليساريين. إذا كان الجيش الإسرائيلي يتصرف على هذا النحو قبل قيام حكومة نتنياهو – بن غفير، فإن الاتجاه واضح: الشر لا يزال أمامنا.
بقلم: أسرة التحرير
هآرتس 5/12/2022