تفاجأ الجميع عند قراءة نبأ يقول بأن صندوقاً تسيطر عليه حكومة أبو ظبي ينوي شراء السيطرة على شركة التأمين الكبيرة في إسرائيل “هابينكس”. هذا أمر لم يحدث مثله من قبل. ومن الواضح أن فحص الطلب من قبل سلطة السوق المالية والتأمين والتوفير، عن طريق القائم بأعمال السلطة عميت غال، سيقتضي استيضاحاً شاملاً للحكومة. لا شك أن غال سيتوجه إلى لجنة فحص الاستثمارات الأجنبية كي تقدم له الاستشارة حول ما سيفعل مع هذا الطلب غير المسبوق.
هذه المفاجأة تعتبر علامة الاستفهام الأولى حول الصفقة. في ثقافة المال داخل إسرائيل، من غير المقبول مفاجأة المراقب بنقل السيطرة، ومن غير المقبول فعل ذلك عندما يكون المشتري حكومة أجنبية. السائد هو أن يتم في البداية عملية تلمس من أجل فهم ما إذا كانت هناك فائدة من مواصلة مثل هذه الصفقة.
أصحاب شركة “هابينكس” الأمريكيين الحاليين، هم الذين يريدون أن يكون أصحابها من أبو ظبي، فوضعوا سلطة رأس المال أمام حقيقة واقعة تدل على سلوك إشكالي للطرفين. شخص ما هنا لم يحسب حساب دولة إسرائيل ولم يخش من إحراجها مع التخبط في إعطاء إذن بالسيطرة لشركة حكومية أجنبية. ربما هذا هو سبب عدم المصادقة على الصفقة.
إن ردود الموظفين التلقائية على نشر النبأ قبل فحص الاعتبارات بشكل معمق، كانت متناقضة في أساسها. كان أحد الردود أن رفضت الدولة سابقاً جميع طلبات الشركات الصينية للسيطرة على هابينكس قبل بضع سنوات، وهكذا أيضاً إزاء حكومة أبو ظبي؛ لا يمكنها أن تسيطر على جسم مالي كبير في إسرائيل. خلافاً لذلك، فإن حكومة أبو ظبي “ليست حياً”، وعند اختيار من هو أسوأ من بين شلومو الياهو أو أبو ظبي، فالإجابة واضحة.
مم الخوف؟ يمكن التفكير بسيناريوهين متطرفين مقلقين حول شراء شركات أجنبية: الأول هو الرشوة. سيحول المالك الجديد أموال شركة التأمين إلى استثمارات فاسدة للمقربين منه، في دول الخليج أو في أماكن أخرى في العالم. لذلك، يمكنه استخدام أموال شركة التأمين نفسها وصناديق رأس المال الخاصة بها، وسيؤثر على لجنة الاستثمارات لأعضاء صناديق التقاعد، من أجل توجيه استثمارات تقاعد الأعضاء إلى القنوات التي يفضلها.
أما السيناريو الثاني فأخطر، وهو خطوة معادية متعمدة؛ أي هو مس متعمد باستقرار شركة التأمين وأرباح صناديق التقاعد بهدف إحداث أزمة مالية في إسرائيل. هذه الخطوة يجب تجاوزها عبر تحويل الاستثمارات، سواء رأس المال نفسه لشركة التأمين أو توفيرات صناديق التقاعد.
هناك أيضاً تخوفات أقل خطورة، منها تسريب معلومات حساسة إلى جهات أجنبية. لدى شركة التأمين معلومات ضخمة عن الأعضاء الذين فيها. وحتى يمكن التفكير بالمعلومات التي لديها من خلال التأمينات الصحية التي تديرها، بالتأكيد إسرائيل لا تريد أن تكون هذه المعلومات قابلة للوصول إلى حكومات أجنبية. والتخوف الثاني هو التأثير الأجنبي على سياسة إسرائيل. مثلاً، تفحص الدولة ما إذا كانت ستجري إصلاحات في فرع التقاعد، وتقسيم شركات التأمين (لجنة بخر 2). وإلى أي درجة ستكون الدولة حرة في فحص مثل هذا الاعتبار الهيكلي المهني، عندما تكون حكومة أبو ظبي هي صاحبة السيطرة على شركة التأمين الكبيرة، وستستخدم الضغط على حكومة إسرائيل للامتناع عن ذلك؟
من غير المؤكد إلى أي درجة هذه التخوفات مبررة. الحديث يدور عن سيناريوهات قصوى، حيث للمراقب، سلطة السوق المالية، أدوات لمواجهتها. المراقب يفحص سلوك الشركات رغم أنه يفتقد لصلاحية التدخل في إدارة الاستثمارات، ويمكنه أن يطلب تغيير تشكيلة لجنة الاستثمارات وأن يعين فيها أعضاء محايدين فقط. في حالات قصوى، المراقب يمكنه أيضاً سحب إذن السيطرة، وبالطبع معلومات شركة التأمين محمية جداً. إضافة إلى ذلك، التقدير السائد هو أن أبو ظبي تستثمر في “هابينكس” لنفس السبب الذي تستثمر من أجل الصناديق الأمريكية، حيث ترى في “هابينكس” استثماراً مالياً جيداً، وليس لها أي سبب للإضرار بالشركة. الخوف من عملية معادية من جانب أبو ظبي، التي لنا معها اتفاق سلام جديد، يبدو أنه مبالغ فيه. هناك اعتبارات أخرى مهدئة، وهو الإذن الذي حصلت عليه أبو ظبي من أجل شراء أجزاء من خزان تمار، وهو بنية تحتية حيوية حساسة، والحديث لا يدور عن شراء بنك. انهيار شركة تأمين حدث شديد، لكنه لا يعرض استقرار الاقتصاد للخطر.
باختصار، وبسبب الأهمية الكبيرة للعلاقات مع أبو ظبي والحفاظ على اتفاقات إبراهيم، فمن المرغوب فيه لجميع الأطراف ألا تتحقق هذه الصفقة. أبو ظبي مدعوة للاستثمار في اقتصاد إسرائيل، لكن ليس في الشركات المالية الكبيرة فيه.
بقلم: ميراف ارلوزوروف
هآرتس/ ذي ماركر 15/12/2022
ههههه. وهم الإبراهيمية و عندما يتحول سلاح الخيال إلى كوابيس