هآرتس: غالانت بين مكانة الجيش و”الثلاثي المتطرف”.. وتحذيرات من تمرد “النظامي” بعد “الاحتياط”

حجم الخط
0

الأقوال التالية قد تفرح أجهزة أمن العدو، لكن هذا ليس هو الهدف: مكانة وزارة الدفاع ومن يترأسها تدهورت في الأشهر الأخيرة إلى حضيض غير مسبوق. يملك وزير الدفاع، يوآف غالانت، المؤهلات والمعرفة والحكمة، لكن الظروف السياسية التي قيدته تضعف الجيش الإسرائيلي وتزيد الفوضى في “المناطق” [الضفة الغربية] وتفكك جيش الاحتياط وتضر بأمن الدولة.
الصور المخجلة من الدقائق التي سبقت إلغاء ذريعة المعقولية، تحدثت عن جزء كبير من القصة. يتنقل غالنت في الكنيست بين أعضاء المعارضة، يئير لبيد وبني غانتس وأورنا باربي باي، ويشرح لهم بيأس أنه يخفق في تخفيف القانون. بعد ذلك، توجه إلى وزير العدل، ياريف لفين، وتوسل إليه وطلب تخفيفاً معيناً، حيث كان يجلس بينهما رئيس الحكومة نتنياهو بنظرة غامضة. لفين ربح، والجيش خسر.
منذ إجازة القانون، نفذ رجال الاحتياط تهديدهم بعدم الامتثال، وكثيرون آخرون ينوون ذلك لاحقاً، طبقاً لتطورات التشريع لإضعاف جهاز القضاء. يدعي الجيش أن الكفاءة لم تتضرر بعد، لكن قيماً مهمة مثل التماسك والمعنويات تعرضت لضربة قوية؛ وهذه ليست سوى البداية. حتى وزير الزراعة، آفي ديختر، حذر أمس من أن الرفض لن يتوقف عند رجال الاحتياط، بل سيتسرب إلى رجال الخدمة الدائمة والنظامية أيضاً.
التدهور في قوة وزير الدفاع والجيش الخاضع له بدأ بالتوقيع على الاتفاقات الائتلافية، التي نقلت فيها مسؤولية الإدارة المدنية إلى رئيس حزب “الصهيونية الدينية”، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي حصل أيضاً على منصب جديد وهو وزير في وزارة الدفاع. خلافاً للوزراء الذين يبحثون عن الاحترام، يبدو أن سموتريتش جاء للعمل؛ فقد جند في وزارة الدفاع عشرات الموظفين الخاضعين له بشكل مباشر، ونقل إليه التحكم بإخلاء البؤر الاستيطانية. وبهذا فقد سحب البساط من تحت أقدام الجيش الإسرائيلي بصفته الجهة المسؤولة الرئيسية في “المناطق” [الضفة الغربية].
إن العمل المشترك بين الجيش و”الشاباك” والإدارة المدنية والشرطة تصدع بشكل كبير بسبب نقل صلاحيات الإدارة المدنية وتعيين إيتمار بن غفير في منصب “وزير الأمن القومي”. ائتلاف الجيش و”الشاباك”، الذي يقف أمام معارضة سموتريتش وبن غفير والوحدات الخاضعة لهم، يخلق فوضى أمنية. إحدى النتائج هي أعمال الشغب التي حدثت في قرى حوّارة، وأم صفا، وبُرقة.
ليس لفين وسموتريتش فقط هما اللذان يضعفان وزير الدفاع، بل أيضاً الأحزاب الحريدية التي تتوقع الحصول على قانون تجنيد، الذي سيساوي مكانة طلاب المدارس الدينية مع مكانة جنود الجيش الإسرائيلي، ويعتبرهم كمن يقدمون “خدمة مهمة” للدولة. بضغط من الحريديم، فقد أمرت الحكومة غالانت بأن لا يقوم بإجراءات لتجنيد طلاب المدارس الدينية. يشرف نتنياهو على هذا القصف المدفعي الذي أطلق على وزير الدفاع وعلى الجيش الإسرائيلي، نتنياهو الذي يعمل حسب مبدأ واحد ووحيد، وهو أنه لا يحسب أي حساب لمن لا قاعدة قوة سياسية له. لسموتريتش وبن غفير والحريديم قاعدة كهذه، وأيضاً للفين على اعتبار أنه هو من أدار المفاوضات الائتلافية ورتب لنفسه ائتلافاً يمينياً متطرفاً ومتعصباً داخل الحكومة.
مكانة غالنت ليست الأمر الأساسي، بل هي الرسالة التي يحصل عليها قادة الجيش ومن يخدمون فيه. كثيرون منهم يفقدون الثقة بالقيادة السياسية. عندما تضر الحكومة بالقبة الحديدية القانونية وتشجع المليشيات اليهودية على أعمال الشغب في القرى الفلسطينية وتحاول مساواة مكانة طلاب المدارس الدينية مع مكانة الجنود الذين يعرضون حياتهم للخطر، فإن من يخدمون سيفقدون الثقة بالقيادة وبحكمتها. التهديد الأكبر الذي يواجهه الجيش الإسرائيلي الآن هو التهديد الداخلي. في هذه الظروف، يبدو أن وزير الدفاع بات ملزماً بوقف التدهور والمطالبة بأن يتسلم صلاحيات الإدارة المدنية مرة أخرى ووقف الانقلاب النظامي. هذا الأمر ربما سيكلفه منصبه، لكنه أقل أهمية من أمن الدولة.
سامي بيرتس
هآرتس 9/8/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية